حكم الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن الدعاء بعد التشهد الأخير سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما رُوي أنَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يدعون في صلاتهم بما لم يتعلموه، فلم يُنْكِرْ عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولهذا لمّا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للرجل: «مَا تَقُولُ فِي صَلَاتِك؟» قَالَ: "أَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّار" -رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه- فصوَّبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه ذلك من غير أن يكون علَّمه إياه.
وورد عن جُبَيْر بن نُفَيْر أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه وهو يقول في آخر صلاته وقد فرغ من التشهد: "أَعُوذُ بِاَللهِ مِنْ النِّفَاقِ".
يقول الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 256، ط. المكتب الإسلامي): [ويُستَحَبُّ الدعاءُ بعد ذلك أي: الصلاة الإبراهيمية، وله أن يدعو بما شاء من أمر الدنيا والآخرة، وأمور الآخرة أفضل، وعن الشيخ أبي محمد: أنه كان يتردد في مثل: اللهم ارزقني جارية صفتها كذا ويميل إلى المنع وأنه يبطل الصلاة، والصواب الذي عليه الجماهير: جوازُ الجميع، لكن ما ورد في الأخبار أحب من غيره] اهـ.
وقال الإمام أبو البركات الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 251، ط. دار الفكر): [ونُدِبَ دعاءٌ بتشهدٍ ثانٍ يعني: تشهد السلام بأيّ صيغةٍ كانت] اهـ.
حكم قراءة التشهد كاملا عند الجلوس للتشهد الأول
قالت دار الإفتاء المصرية إن المشروع في التشهد الأول هو ما علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بقوله: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ للهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» رواه مسلم، وفي رواية: «التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» رواه أحمد.
الصلاة الإبراهيمية
أما الصلاة الإبراهيمية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك تكون في التشهد الأخير وليس الأول.
وورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلِّمنا التشهد فكان يقول: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ للهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله» رواه مسلم، وفي رواية أحمد والنسائي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَلْيَدْعُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ»، وأصله في "الصحيحين".
وأوضحت الإفتاء أنه لا يجب على المصلي ذِكْرُ الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول، بل له أن يكتفي بما علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه، ولم يقل بوجوب الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأوسط أحدٌ من أهل العلم من سلف الأمة، بل على العكس كان هديُهُ صلى الله عليه وآله وسلم فيه التخفيف؛ كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ". أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي. والرَّضْفُ: هو الحجر المُحَمَّى بالنار أو الشمس.
ولهذا التخفيف الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يذكر أهل المذاهب سنية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد الأول، إلا تخريج بعض العلماء ذلك على القول بوجوب الصلاة عليه كلما ذُكِر صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا ما كان من مذهب الشافعي الذي قال بسنِّيَّة ذلك دون الصلاة على الآل، وعلل ذلك الشافعية بقولهم: [لأنه -أي التشهد الأول- يطلب تخفيفه] اهـ. من "حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكم التشهد التشهد التشهد الاخير النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم ف ع ل ی ن ا و ع ل ى ع ب اد الصلاة الإبراهیمیة رضی الله عنه ب ر ک ات ه فی التشهد إ لا الله لا إ ل ه ه ا الن
إقرأ أيضاً:
مفتي الديار المصرية السابق: الاجتهاد يبدأ من زمن النبي ويستمر لتشكيل التراث
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن التراث يمثل الميراث الفكري والثقافي الذي تناقلته الأجيال عبر العصور، موضحًا أنه ليس مجرد نصوص جامدة بل حصيلة اجتهادات العلماء التي تفاعلت مع الواقع المتغير.
وأشار إلى أن التراث يعد من أبرز عناصر تشكيل الهوية الثقافية للمجتمعات، وهو نتاج لتفاعل طويل مع الواقع والزمن.
الاجتهاد منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم: العقل دور أساسي في تطبيق النصوصوخلال مشاركته في برنامج "بيان للناس" على قناة الناس، أشار مفتي الديار المصرية السابق إلى أن حركة الاجتهاد بدأت منذ زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان الصحابة يجتهدون في غيابه ثم يعرضون اجتهاداتهم عليه لتقرّها أو يصوّبها، مما يعكس دور العقل في استيعاب النصوص وتطبيقها في الواقع المتغير.
وأضاف أن هذه المنهجية استمرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وتطورت عبر العصور لتشكّل التراث الذي نعرفه اليوم.
نقد التراث: ضرورة تحديث الفهم الديني بما يتلاءم مع التحديات المعاصرةوشدد الدكتور شوقي علام على ضرورة نقد التراث، موضحًا أن الهدف من هذا النقد ليس هدمه، بل إعادة قراءته وفهمه بما يتناسب مع متطلبات العصر، مع الحفاظ على الثوابت الدينية الأصيلة.
وأضاف أن حركة الاجتهاد يجب أن تظل مستمرة، حيث لا يمكن حصر الفهم الديني في إطار زمني محدد، بل يجب أن يتجدد ليلائم التحديات الراهنة.
التراث ليس ماضياً فحسب: عقلية نقدية منفتحة تضمن تطوره بما يخدم المجتمعوأكد مفتي الديار المصرية السابق أن التراث ليس مجرد ماضٍ ثابت، بل هو حاضر ومستقبل يجب التعامل معه بعقلية نقدية منفتحة تضمن الحفاظ على جوهره، وتطويره بما يخدم المجتمع والإنسانية، ويواكب المستجدات التي تطرأ على العالم.