قال الدكتور أرمان محموديان، زميل باحث في معهد الأمن العالمي والقومي التابع لجامعة جنوب فلوريدا، إن المكاسب المفاجئة التي حققتها هيئة تحرير الشام في شمال سوريا، بما في ذلك حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، أعادت إحياء الحرب الأهلية الخاملة في البلاد.

تستمر سوريا في مواجهة تحديات اقتصادية شديدة



وأضاف محموديان، وهو أيضاً أستاذ مساعد في كلية جودي جينشافت أونورز، التابعة لجامعة جنوب فلوريدا، في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية: "رغم أن هذه التطورات قد تفاجئ البعض، فإنها ليست غير متوقعة ولا غير مسبوقة.

في الواقع، كانت تلوح في الأفق منذ فترة طويلة".
أولاً، كافح الجيش السوري للسيطرة على حرب أهلية وحشية لأكثر من عقد من الزمان، مما أدى إلى تراجع قدراته العسكرية ومعنوياته. ورغم استقرار الوضع بشكل ملحوظ لصالح الأسد منذ عام 2018، لم يحصل الجيش السوري على فرصة للتعافي. القوى الخارجية وإضعاف النفوذ المحلي

ورجّح الكاتب أن يؤثر وجود ونشاط القوى الخارجية وإنشاء القواعد العسكرية وأساليب فرض السيطرة في جميع أنحاء البلاد على معنويات القوات.

*THREAD on #Syria *
1/In my latest for @TheNatlInterest ,I argued that the recent resurgence of #Syrian rebels is neither entirely unexpected nor final. Here's breakdown of the underlying issues & the prospects for #Assad. https://t.co/JmpyuApjAO

— Arman Mahmoudian (@MahmoudianArman) December 3, 2024


بالإضافة إلى ذلك، تعرضت البنية التحتية للجيش السوري ومراكز القيادة والقواعد لاستهداف مستمر من الغارات الجوية الإسرائيلية على مدى العقد الماضي، مما أضعف قدرته العملياتية بشكل خطير. ووجهت هذه الضغوط الخارجية، إلى جانب تراجع الجيش وإحباطه، ضربة خطيرة للفعالية الإجمالية للجيش السوري.

الإرهاق الأوكراني

العامل الثاني، يضيف الكاتب، وراء التطورات الحالية في سوريا هو ما يسمى "الإرهاق الأوكراني" لروسيا، أو بشكل أكثر دقة، الإجهاد الناجم عن حربها المطولة في أوكرانيا. عندما أعلنت روسيا دعمها للأسد في عام 2015، لعبت دوراً محورياً في استعادة سلامة البلاد. وكانت الضربات الجوية الروسية الضخمة حاسمة في تحويل ميزان الحرب الأهلية، مما سمح للحكومة السورية، بدعم من القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية المتحالفة معها، بامتلاك اليد العليا.
ولكن الوضع اليوم مختلف تماماً. فقد تحول تركيز روسيا بالكامل تقريباً إلى المجهود الحربي في أوكرانيا، مع عدم القدرة على الإمداد إلا بالنذر اليسير. ورغم أن روسيا ما تزال تحتفظ بوجود عسكري في سوريا وشنت المزيد من الضربات الجوية ضد الفصائل الإرهابية، فإن أولوياتها تكمن في الصراع في أوروبا. ويتم توجيه الذخيرة والموارد المحدودة نحو الجبهة الأوكرانية، وتم إعادة نشر الكثير من أفراد النخبة العسكرية الروسية، وخاصة سلاحها الجوي، هناك.

 

The Return of ​​Syria’s Rebels: Neither Unexpected Nor Final https://t.co/bW4LIQgzTQ via @TheNatlInterest

— Nino Brodin (@Orgetorix) December 3, 2024


وأدى هذا التحويل للموارد والانتباه إلى إضعاف قدرة روسيا بشكل كبير على دعم سوريا بنفس الفعالية كما كان الحال من قبل. ونتيجة لهذا، أدى هذا التحول إلى تآكل معنويات القوات المسلحة السورية، وتشجيع الفصائل المسلحة، التي اغتنمت الفرصة لاستغلال تراجع التركيز الروسي على سوريا.

تراجع دعم محور المقاومة ولفت الكاتب النظر إلى أن سوريا عانت أيضاً من تراجع نظام دعمها الأساسي، وهو محور المقاومة الذي يتشكل من شبكة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان واليمن. والسبب الثاني قد يكون أنه خلال معظم الحرب الأهلية السورية، كان هذا المحور ضرورياً لمساعدة الأسد، ودفع تقدمه العسكري. ومع ذلك، في العام الماضي، تغيرت الديناميكيات داخل هذا المحور بشكل كبير.
منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى مستويات غير مسبوقة. ووجهت إسرائيل ضربات شديدة للقدرات العسكرية لحزب الله خلال الحرب الأخيرة بينهما. وقُتل ما يقرب من 4000 من مقاتلي حزب الله النخبة، بالإضافة إلى الأمين العام حسن نصر الله، وشخصيات بارزة أخرى. وتضرر هيكل قيادة الجماعة بشدة، ورغم تعيين قادة جدد، فإن إصلاح القيادة ترك هذه الميليشيات في حالة تشبه الشلل.
علاوة على ذلك، أجبر الصراع المتصاعد مع إسرائيل حزب الله على إعادة توجيه قدر كبير من اهتمامه وموارده نحو لبنان، مما أدى إلى صرف الانتباه بشكل كبير عن تورطه في سوريا. وأدى هذا التحول إلى خلق فجوة في شبكة دعم الأسد. كما أدى انخفاض الدعم من حزب الله وغيره من العناصر المتحالفة مع إيران إلى تقويض قدرة الأسد على الحفاظ على السيطرة، ومعالجة التحديات التي يواجهها بشكل فعال.
وهناك عامل مساهم آخر يتمثل في الحالة الداخلية لسوريا، خاصة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الأسد. فمنذ عام 2018، تمكن الأسد من استعادة السيطرة على ما يقرب من 70% من البلاد. ومع ذلك، كافح للحفاظ على السيطرة على المناطق النائية. وتستمر سوريا في مواجهة تحديات اقتصادية شديدة، ولم تتمكن الحكومة من توفير حتى الخدمات الأساسية مثل إمدادات الطاقة. وعانت العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الأسد من ندرة إمدادات الكهرباء لسنوات، مما أدى إلى زيادة استياء الجمهور. مسارات بقاء الأسد وبرغم كل هذا، لا تعني هذه التطورات أن مصير الأسد محسوم. فلم يزل لديه مسارات للبقاء. وعليه أولاً وقبل كل شيء الحفاظ على سيطرته على المؤسسة السياسية في دمشق. وبالتالي فإن الحفاظ على الوحدة الداخلية أمر بالغ الأهمية، برأي الكاتب.
ثانياً، يجب على الأسد إبطاء تقدم الفصائل الإرهابية في الأمد القريب. من خلال تثبيت الخطوط الأمامية مؤقتاً، يمكن للنظام أن يمنح إيران الوقت لتعبئة ونشر الميليشيات العراقية لدعم القوات السورية. علاوة على ذلك، فإن هذا من شأنه أن يسمح لروسيا بإعادة تقييم موقفها وربما إعادة توجيه المزيد من الموارد إلى سوريا، مؤقتا على الأقل، لمواجهة التهديد الذي يشكله الإرهابيون. وقد تكون مثل هذه التعزيزات حاسمة بالنسبة للأسد للحفاظ على السلطة.
وأخيراً، يتطلب ضمان بقاء الأسد، الآن أكثر من أي وقت مضى، مزيداً من التنسيق والتفاهم المتبادل بين إيران وروسيا وتركيا. وفي حين يفترض البعض أن تركيا ربما تدعم تقدم الإرهابيين، فإن هذا الرأي يتجاهل نفور أنقرة المحتمل من الانهيار التام للحكومة  السورية.
وتشكل عوامل مثل حذر تركيا من هيئة تحرير الشام (التي كانت مرتبطة سابقا بتنظيم القاعدة الإرهابي)، والمخاوف بشأن المسار المستقبلي للجماعة، وإمكانية استغلال الأكراد السوريين لأي فوضى قد تنجم عن ذلك، عناصر قد تدفع أنقرة نحو تفضيل أهداف محدودة ومستوى معين من خفض التصعيد قريباً. وبالتالي، فإن التعاون بين هؤلاء اللاعبين الرئيسين قد يكون بمنزلة شريان حياة لحكومة الأسد، وهو يتنقل عبر المخاطر التي يواجهها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

اللواء التابع لأحمد العودة في سوريا يحل نفسه ويسلم سلاحه لوزارة الدفاع (شاهد)

أعلن ما يعرف باللواء الثامن، وهو من الفصائل المسلحة جنوب سوريا، ويقوده أحمد العودة، حل نفسه، ووضع أسلحته وعناصره تحت تصرف وزارة الدفاع السورية.

وظهر العقيد محمد الحوراني، الناطق باسم اللواء، في مقطع مصور، لإعلان حله، وقال: "نحن أفراد وعناصر وضباط ما يعرف سابقا باللواء الثامن نعلن رسميا حل هذا التشكيل، وتسليم جميع مقدراته العسكرية والبشرية إلى وزارة الدفاع".

وجاء الإعلان بحل الفصيل المسلح، بعد يومين من حالة الاضطراب التي حدثت في منطقة بصرى الشام في ريف درعا، خلال محاولة وزارة الداخلية بسط سيطرتها على المنطقة، وانتهت باتفاق مع وجهاء المنطقة، بدخول مركبات الأمن.


وقال الحوراني: "هذا القرار يأتي انطلاقا من الحرص على الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والاستقرار والالتزام بسيادة الدولة، ونعتبرها بداية جديدة لتعزيز مسيرة الوطن تحت مظلة الدولة السورية".

وكانت ما تعرف بغرفة عمليات الجنوب، التي يقودها العودة، والمشكلة في فصائل في درعا، أول ما دخل العاصمة السورية دمشق، بعد فرار بشار الأسد، وغابت عن الاجتماع الشهير الذي أعلنت فيه كافة التشكيلات العسكرية السورية حل نفسها للانضمام إلى وزارة الدفاع.

ورفض فصيل العودة، حل نفسه، واحتفظ بسلاح قواته، رغم لقاء جمعه مع الشرع، بعد أيام من سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد.

عاجل : البيان الرسمي لحل فصيل اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة في درعا#درعا pic.twitter.com/qupAICA4ih — Omar Alhariri (@omar_alharir) April 13, 2025

مقالات مشابهة

  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا
  • أحمد موسى: الكويت من أولى الدول التي دعمت مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى اليوم
  • سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون
  • اليوم.. رئيس الوزراء اللبناني يزور سوريا
  • اللواء التابع لأحمد العودة في سوريا يحل نفسه ويسلم سلاحه لوزارة الدفاع (شاهد)
  • اللواء الثامن في سوريا يعلن حل نفسه وتسليم سلاحه لـالدفاع (شاهد)
  • أردوغان يزور سوريا لأول مرة منذ سقوط الأسد
  • ساكس: أوباما كان وراء حرب سوريا.. وأمريكا سبب الفوضى بالشرق الأوسط
  • انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بمشاركة أكثر من 30 دولة (صور)
  • عودة أكثر من 1.4 مليون سوري إلى ديارهم منذ سقوط نظام الأسد