إسرائيل تواجه معضلة "أنياب" الأسد وإرهاب الفصائل في سوريا
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن التقدم المفاجئ الذي أحرزته الفصائل الإرهابية المسلحة، في الصراع الدائر في سوريا حالياً، يشكل معضلة لإسرائيل والغرب بشكل عام، مؤكدة أن انتصار أي طرف يمثل خطراً.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس السوري بشار الأسد متحالف مع إيران، التي تعد أبرز عدو لإسرائيل، وتهدد الحرب بتنشيط هذه العلاقة، مما يقوض جهود إسرائيل لإضعاف شبكة إيران والميليشيات التابعة لها في جميع أنحاء المنطقة.
وأشارت إلى أن الفصائل الإرهابية المسلحة، التي تتحدى الأسد الآن، مثل هيئة تحرير الشام، هي منظمة إرهابية صنفتها الولايات المتحدة، وترى إسرائيل أنها تشكل خطراً على مصالحها.
As Iraqi militias enter Syria to reinforce Assad, who should Israel back?
'The enemy of the bad guys are not necessarily good guys... really the best thing for Israel, I hate to say it, is a long, drawn-out conflict,' says political & military analyst Elliot Chodoff pic.twitter.com/l6IN8llOSk
وقال هاريل تشوريف، الباحث البارز في جامعة تل أبيب: "إن الخيار الأفضل لإسرائيل الآن هو إضعاف هذه القوى بشكل متبادل، وليس المساهمة في تحقيق انتصار حاسم لأي منها".
فيما قال إيال زيسر، المتخصص في الشأن السوري في جامعة تل أبيب،: "في السنوات الأخيرة، فضلت إسرائيل بقاء بشار الأسد، على وضع عدم الاستقرار وانعدام الأمن، الذي خلقته الفصائل الإرهابية المسلحة".
ومع مواجهة الأسد الآن لأعظم تحد له منذ سنوات، تخشى إسرائيل أن تكون هذه المكاسب معرضة للخطر. كما أدى التقدم السريع للإرهابيين إلى خلق حالة جديدة من عدم الاستقرار، تهدد بقلب النظام الإقليمي.
كما يخشى المسؤولون الأمريكيون أن تنجر واشنطن، التي لديها ما يقرب من 900 جندي في شرق سوريا، إلى عمق الصراع.
الأمم المتحدة تكشف أعداد النازحين جرّاء الصراع في سوريا - موقع 24قالت الأمم المتحدة إن نحو 150 ألف شخص على الفرار من منازلهم، بسبب تصاعد القتال بين القوات الحكومية السورية وفصائل مسلحة.ماذا فعلت إسرائيل؟
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ عام 2014، بدأت إسرائيل ما أسمته "الحرب بين الحروب" في سوريا، والتي ركزت في الغالب على تعطيل تدفق الأسلحة وغيرها من الإمدادات إلى حزب الله في لبنان.
ومنذ اشتداد القتال بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في الأشهر الأخيرة، كثفت إسرائيل من وتيرة ضرباتها في سوريا، بما في ذلك غارة جريئة للقوات الخاصة لتدمير مصنع صواريخ إيراني مزعوم، ينتج أسلحة لحزب الله.
وقالت الصحيفة: "مولت إسرائيل في الماضي بعض الفصائل الإرهابية المسلحة أثناء استيلائها على أراض قريبة من حدودها، كما عرضت العلاج الطبي في مستشفياتها للمقاتلين المصابين من جبهة النصرة، وهي جماعة إرهابية".
وأكد التقرير أن القتال في سوريا يهدد أيضاً وقف إطلاق النار في لبنان، والذي يعاني بالفعل من التوتر بسبب تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي نجح في تدمير قيادة حزب الله وجزء كبير من قدراته العسكرية في الأشهر الماضية، لكنه لم يقتلع المجموعة بالكامل.
بعد خسائره الفادحة..حزب الله يسعى لإعادة بناء قدراته على المدى البعيد https://t.co/juvblN2vr8
— 24.ae (@20fourMedia) December 4, 2024وشن الجيش الإسرائيلي غارة جوية على دمشق يوم الثلاثاء الماضي، قائلاً إنها كانت تستهدف ممثلي حزب الله في سوريا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا الفصائل الإرهابیة المسلحة فی سوریا حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ومستنقع سوريا
تتعلم السياسة من دورس التاريخ لكنها لا تعيش فيه، فمن يعش في الماضي يتعثر في الحاضر ويخاطر بالمستقبل. وإسرائيل لا تزال تعيش في حقبة سوريا الأسد؛ لا ترى فيما جرى هناك سوى تغيير ثانوي يحدث في أي دولة عربية، ولهذا تتعامل مع الأمر وكأن شيئا لم يكن. والغريب أن معظم ردود الفعل من التحليلات العربية على الخروقات الإسرائيلية منذ تحرير دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024؛ لا يرى في طرفي المعادلة سوى سوريا وإسرائيل، والحقيقة أن هناك طرفا مهما جدا هو تركيا.
الحقيقة السياسية والجغرافية والعسكرية تقول إن المساس بسوريا إسرائيليا الآن هو مساس بتركيا. وهي أمور يصعب أن يبوح بها أحد دبلوماسيا بشكل علني، عدا السياسيين الذين لا يضعون حدودا في السياسة بينما هو عام وما هو خاص مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فهذا الأخير نصح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن يحل مشاكله مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعقلانية. وليس للأمر علاقة بالحديث الطويل عن قصة النفوذ التركي الحالي في سوريا؛ بقدر ما له علاقة بمظلة الحماية التي أعلنت صراحة تركيا أنها توفرها لسوريا في العهد الجديد.
الحقيقة السياسية والجغرافية والعسكرية تقول إن المساس بسوريا إسرائيليا الآن هو مساس بتركيا. وهي أمور يصعب أن يبوح بها أحد دبلوماسيا بشكل علني، عدا السياسيين الذين لا يضعون حدودا في السياسة بينما هو عام وما هو خاص مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
بشكل عام من حق الدول ذات السيادة أن تبرم اتفاقيات دفاع مشترك مع الدول الأخرى. مضمون هذه الاتفاقيات يقتضي أن توفر دولة ما الحماية العسكرية لهذه الدولة أو تلك بسبب مصالح مشتركة أو جوار جغرافي، إلى غير ذلك من الأسباب، لكن التماهي الرسمي والشعبي بين دمشق وأنقرة يقلق تل أبيب بشدة، وهو ما دفعها إلى تكرر الخروقات الإسرائيلية المتكررة في سوريا.
ظاهريا، فإن سوريا وإسرائيل في حالة عداء، وعمليا فإن إسرائيل هي التي كررت الاعتداء على سوريا منذ 1967 وحتى الآن من دون رد عسكري واضح من دمشق، عدا الدعم السابق لحزب الله اللبناني وحركات المقاومة الفلسطينية، وهو الدعم الذي تقلص حتى اختفى تماما. فما وجه العداء الذي تشكله سوريا لإسرائيل حاليا؟ لا يملك نتنياهو إجابة على هذا السؤال، لهذا تبدو حججه في المحافل الدولية وخاصة لدى الولايات المتحدة ضعيفة ومهلهلة.
يحاول نتنياهو أن يفتح جبهة جديدة في سوريا للهروب من واقعه الأليم في قطاع غزة، لكن المحاولات متعثرة. فسوريا فعلا منهكة، نظاما وشعبا، وجروح السنين الماضية أثخنت في البشر والحجر. ورب ضرة نافعة، إذ استفز الأمر الأتراك فبدأوا في الحديث عن إقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا. كان الأمر سيحدث عن عاجلا أو آجلا بحكم ملء تركيا للفراغ الاستراتيجي والعسكري الذي تركته كل من روسيا وإيران، لكن نتنياهو بغبائه المعهود سرع من وتيرة هذا المستوى من التعاون العسكري.
أنقرة تتعامل عسكريا بحساسية بالغة مع الوضع السوري، فلا تملك من الجرأة التي كانت تتعامل بها إيران وروسيا مع هذا الملف. جزء من هذه الحساسية تتعلق بالقرب الجغرافي وجزء آخر يتعلق بالروابط الدينية والتاريخية بين البلدين، فهي ليست مستعدة لتحمل نتيجة قرارات عسكرية حاسمة قد تفضي لتكلفة بشرية تطال السوريين يسقطون من دون قصد. وهي حساسية تشبه تلك التي تتعامل بها روسيا مع الملف الأوكراني مثلا، فلم تمارس روسيا في أوكرانيا البشاعة ذاتها التي مارستها في سوريا؛ لسبب بسيط، أنها تشعر قيادة وشعبا وجيشا أن الأوكرانيين هم أهلهم في نهاية الأمر تربط بينهم أواصر الدين والعرق واللغة والتاريخ المشترك.
ولهذا فإن الفيتو التركي على العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية لن يقف عند الحدود الدبلوماسية، وسيتمخض عن دور دعم عسكري لسوريا في مواجهة إسرائيل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر حين تسمح الظروف بذلك.
x.com/HanyBeshr