ما مدى الألم الذي ستسببه رسوم ترامب للشركات الأميركية؟
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
قالت صحيفة إيكونوميست البريطانية إن الموجة القادمة من التعريفات الجمركية المرتقبة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تكون أكثر إيلامًا للشركات الأميركية من الموجة السابقة.
يأتي ذلك في حين سعت الشركات الأميركية إلى طمأنة المستثمرين بأنها مستعدة تماما لجولة جديدة من الرسوم الجمركية، في الأسابيع التي أعقبت فوزا ساحقا لترامب في الانتخابات.
وذكرت الصحيفة أن بعض الشركات، مثل ستانلي بلاك آند ديكر، لصناعة الأدوات الصناعية والأجهزة المنزلية، ركّزت على جهود تحويل سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدًا عن الصين، في حين أشارت شركات أخرى، مثل لويز، وهي شركة بيع بالتجزئة لاحتياجات المنازل، إلى الإجراءات التي وضعتها للتعامل مع الرسوم الجمركية بعد ولاية ترامب الأولى، والتي فرضت خلالها رسوم على واردات بقيمة 380 مليار دولار تتراوح من الصلب والألمنيوم إلى الغسالات، ومعظمها من الصين.
وقالت الصحيفة إن الاضطراب القادم قد يكون أوسع تأثيرًا وأقل قابلية للتنبؤ مما تتوقعه العديد من الشركات الأميركية؛ ففي 25 نوفمبر/تشرين الثاني، كتب الرئيس المنتخب على موقع تروث سوشيال (Truth Social) للتواصل الاجتماعي أنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات المستوردة من المكسيك وكندا، وسيرفع الرسوم على السلع من الصين 10%، لكن في الوقت نفسه، أثارت تصريحاته الأخيرة حول المكسيك وكندا شكوكا حول نيته في تنفيذ تهديده ضدهما.
إعلانوأضافت الصحيفة أنه إذا فرض ترامب تعريفات جمركية على الجار الشمالي والجنوبي لأميركا، فإن التأثير على الشركات الأميركية سيكون مدمرا، وفق الصحيفة، فالشركات من (ماتيل)، صانعة دمى (باربي)، إلى (ويرلبول)، المصنعة للأجهزة المنزلية، لديها مصانع في المكسيك، ويأتي نحو 3 أخماس الألمنيوم الذي تستورده أميركا وربع الصلب الذي تستورده من كندا، مع تدفق كميات كبيرة من الصلب كذلك من المكسيك.
شركات السيارات المتضرر الأولووفقا لمجموعة سيتي غروب المصرفية، فإن تعريفات ترامب من شأنها أن ترفع سعر الصلب بالنسبة للشركات المصنعة الأميركية بنسبة 15-20%.
ومن بين الأكثر تضررا من التعريفات الجمركية شركات صناعة السيارات الأميركية؛ فعلى سبيل المثال، تستورد جنرال موتورز أكثر من نصف الشاحنات التي تبيعها في أميركا من المكسيك وكندا، كما يأتي حوالي 9% من قيمة قطع غيار السيارات المنتجة في أميركا من البلدين.
ووفقًا لبنك نومورا، فإن التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب في 25 نوفمبر/تشرين الثاني ستمحو 4 أخماس الأرباح التشغيلية لشركة جنرال موتورز العام المقبل، كما ستتضرر شركات صناعة السيارات الأجنبية، مثل تويوتا.
3 طرق للتكيفوحسب الصحيفة، تستطيع الشركات الاستجابة للتعريفات الجمركية بـ3 طرق:
1- الأولى هي تخزين البضائع، وتعد مايكروسوفت وديل وإتش بي من بين شركات التكنولوجيا الأميركية التي تسارع إلى استيراد أكبر عدد ممكن من المكونات الإلكترونية قبل تولي الإدارة الجديدة منصبها في يناير/كانون الثاني، ومع ذلك، ثمة حدود لهذه الإستراتيجية، فقد يتم استنفاد المخزونات قبل وقت طويل من رفع التعريفات الجمركية، كما يتطلب الاحتفاظ بالمخزون مستودعات ويقيد السيولة النقدية (في شكل مكونات مستوردة مخزنة).
وزادت شركات كبرى عديدة مخزوناتها في أعقاب فوضى سلسلة التوريد بسبب الوباء كوفيد- 19، وقد تكون شهيتها لزيادتها محدودة، خاصة وأن الفائدة المرتفعة ترفع تكلفة القيام بذلك.
إعلان2- أما الخيار الثاني للشركات، فهو تمرير التعريفات الجمركية إلى العملاء من خلال رفع الأسعار، وقد أشارت العديد من الشركات، بما في ذلك ستانلي بلاك آند ديكر وول مارت، أكبر بائع تجزئة في أميركا، بالفعل إلى أنها قد تفعل ذلك.
ومع ذلك، فإن ثمة حدودا، إذ تضاءلت المدخرات الزائدة التي تراكمت لدى الأميركيين خلال الوباء بسبب التضخم وثمة علامات على أن سوق العمل في البلاد آخذة في التباطؤ، كما أن معدل التخلف عن سداد مستحقات بطاقات الائتمان في أعلى مستوى له منذ عقد من الزمن.
3- الطريقة الثالثة والأكثر صعوبة هي إعادة توصيل سلاسل التوريد؛ فبمجرد العثور على الموردين الجدد، يجب اختبارهم والتفاوض معهم، وهي عملية قد تستغرق سنوات، وقد عملت العديد من الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدًا عن الصين.
ووفقا لشركة كيريني (Kearney) الاستشارية، انخفضت حصة الصين من واردات السلع الأميركية المصنعة من 24% في عام 2018 إلى 15% في العام الماضي، وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الدول الآسيوية الأخرى المنخفضة التكلفة من 13% إلى 18% وزادت حصة المكسيك من 14% إلى 16%.
يُظهر تحليل أجراه فرناندو ليبوفيتشي وجيسون دان من بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس أن الانخفاض في حصة الصين من الواردات كان الأكبر في الصناعات التي كانت أميركا أكثر اعتمادًا على منافستها فيها، بما في ذلك الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
هل ينهي التحول عن الصين المشكلة؟لكن تحويل الإنتاج بعيدًا عن الصين قد لا يكون كافيًا، فقد فرضت إدارة بايدن -التي أبقت على العديد من التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب وأضافت بعض التعريفات الخاصة بها- قيودًا صارمة على السلع الصينية التي تدخل أميركا عبر طرق ملتوية، ففي يوليو/تموز الماضي، فرضت قاعدة "الصهر والصب" على الصلب المكسيكي، والتي تتطلب إنتاج المعدن في البلاد لتجنب التعريفات الجمركية.
إعلانوقد يصبح من الصعب بشكل متزايد الحصول على المنتجات من الشركات الصينية، بما في ذلك صناع كل شيء من أجهزة التلفاز إلى أحزمة الأمان، التي أنشَأت مصانع في الخارج.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني، فرضت الحكومة الفدرالية رسومًا لمكافحة الإغراق على الألواح الشمسية المنتجة في جنوب شرق آسيا من قبل شركتي جينكو سولار وترينا سولار، وهما شركتان صينيتان، من بين شركات أخرى.
وحسب الصحيفة فإن "غضب ترامب الحمائي" لا يوجه فقط إلى الصين، بل إلى جميع البلدان التي تعاني أميركا من عجز تجاري معها، ونتيجة لذلك، قد تتعرض الشركات التي حولت سلاسل التوريد الخاصة بها إلى المكسيك أو فيتنام أو غيرها من البلدان منخفضة التكلفة لأضرار.
الإنتاج في أميركاوأشارت إيكونوميست إلى أن البعض قد يقرر أن الخيار الآمن الوحيد هو إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة، وهذا ما يحدث بالفعل في عدد قليل من الصناعات، بما في ذلك أشباه الموصلات؛ ففي الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، بلغ الإنفاق على بناء المصانع في أميركا 172 مليار دولار، وهو ضعف ما كان عليه في نفس الفترة من عام 2019.
وكان مؤشر الاكتفاء الذاتي الذي جمعته شركة كيرني، والذي تم حسابه على أنه ناتج التصنيع الأميركي (ناقص الصادرات) كنسبة من الواردات (ناقص إعادة التصدير)، في ارتفاع منذ عام 2021، بعد أن انخفض على مدى السنوات الثماني السابقة، ومع ذلك، سيظل التصنيع بالنسبة للعديد من الشركات في أميركا باهظ التكلفة بشكل لا يطاق.
وخلصت الصحيفة إلى أن الموجة القادمة من التعريفات الجمركية قد تكون أكثر إيلامًا للشركات الأميركية من الموجة السابقة.
ووفقًا لبحث أجراه كارليل بيرد من جامعة ولاية كارولينا الشمالية، شهدت الشركات الأميركية التي تعرضت للتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية خلال فترة ولايته الأولى انكماشا في أرباحها التشغيلية كنسبة من الأصول بنسبة 5.4%، مقارنة بتلك التي كانت بعيدة عن تأثيرها، وفق ما نقلت الصحيفة.
إعلانوفي الشهر الماضي، قال المدير المالي لشركة ستانلي بلاك آند ديكر إن الرسوم الجمركية التي فرضت في الفترة الأولى كلفت الشركة في البداية نحو 300 مليون دولار سنويا، وهو ما يعادل ربع صافي أرباحها في عام 2017، وتستمر في تكبد نحو 100 مليون دولار سنويا.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن رؤساء الشركات سوف يراقبون حساب ترامب على موقع تروث سوشيال عن كثب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من التعریفات الجمرکیة الشرکات الأمیرکیة سلاسل التورید الجمرکیة التی من الشرکات الخاصة بها بما فی ذلک العدید من فی أمیرکا عن الصین
إقرأ أيضاً:
المحكمة العليا الأميركية تنظر في قانون حظر "تيك توك"
من المقرر أن تنظر المحكمة العليا الأميركية، الجمعة، في مصير تطبيق "تيك توك" الشهير، والمهدّد بالحظر الوشيك في الولايات المتحدة إذا رفضت الشركة الصينية الأم بيعه، بموجب قانون صدر مؤخراً.
وفي خضم المواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، أقر الكونغرس الأميركي هذا القانون في أبريل 2024 بأغلبية كبيرة على خلفية منع مخاطر قيام السلطات الصينية بالتجسس والتلاعب على مستخدمي المنصة الذين يناهز عددهم 170 مليونا في الولايات المتحدة.
ويحدد القانون الذي وقعه الرئيس جو بايدن على الفور، موعدا نهائيا في 19 ينايرالحالي لشركة بايت دانس، المالكة للتطبيق، لبيعه.
وتقول تيك توك وبايت دانس وكذلك الجمعيات الحقوقية إن القانون ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يضمن الحق في حرية التعبير.
هذا هو السؤال الذي سيتعين على القضاة التسعة في المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافظة أن يجيبوا عنه بعد أن وافقت المحكمة في ديسمبر على النظر في القانون، ولكن من دون تعليق تنفيذه الذي طلبته تيك توك وبايت دانس.
وقالت إليزابيث بريلوغار، المستشارة القانونية لإدارة بايدن، في مرافعاتها المكتوبة "لا يمكن لأحد أن يعارض بجدية حجة التهديد الخطير للأمن القومي الذي تطرحه سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على تيك توك من خلال بايت دانس".
وأضافت أن "جمع تيك توك كميات هائلة من البيانات الحساسة حول ما يقرب من 170 مليون أميركي وجهات اتصالهم يجعله أداة تجسس قوية ... القانون يستهدف سيطرة عدو أجنبي وليس حرية التعبير".
ونفت شبكة التواصل الاجتماعي مرارا وتكرارا نقل أي معلومات إلى الحكومة الصينية، وأكدت أنها سترفض أي طلب للقيام بذلك إذا وُجه إليها.
ويقول محاموها إن القانون "يخالف الدستور" لأنه يستهدف تيك توك حصريا، ويطلبون من المحكمة على الأقل تعليق دخوله حيز التنفيذ لحين الحكم في القضية.
مشترون محتملون
تعرف الشركة أيضا أن بإمكانها الاعتماد على تعاطف الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي سيتولى منصبه في 20 يناير والذي قال إن لديه "نقطة ضعف" تجاه تيك توك.
وطلب ترامب الذي استضاف في ديسمبر رئيس تيك توك، شو زي تشو في مارالاغو، مقر إقامته في فلوريدا، في خطوة غير عادية، من المحكمة تعليق القانون لمنحه الوقت، بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، للتوصل إلى حل تفاوضي من شأنه تجنب إغلاق تيك توك.
وحاول ترامب نفسه حظر تيك توك في صيف عام 2020، خلال ولايته الأولى، لكنه لم ينجح.
غير أنه غيّر رأيه بعد ذلك، داعيا الناخبين المرتبطين بالتطبيق للتصويت له.
ويرى ترامب الجمهوري في تيك توك بديلا لمنصتي فيسبوك وإنستغرام التابعتين لشركة ميتا واللتين حجبتا حسابه مؤقتا بعد دعمه للمشاركين في الهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2021.
ومن بين الخيارات التي يتم درسها إذا أيدت المحكمة القانون، أن تبيع بايت دانس أسهمها لمستثمرين غير صينيين، وهو احتمال عبرت الشركة عن رفضها له في السابق.
ولكن العديد من المشترين المحتملين عبروا عن استعدادهم لذلك بمن فيهم الملياردير الأميركي فرانك ماكورت، الذي يقود حملة من أجل شبكات اجتماعية أكثر أمانا من خلال مؤسسته "ليبرتي بروجكت".
وقال فرانك ماكورت في بيان صحافي الخميس "قدمنا عرضا لشركة بايت دانس" للاستحواذ على تيك توك في الولايات المتحدة.