عاشت كوريا الجنوبية لساعتين ونصف الساعة مساء أمس الأول أزمة سياسية حادة كادت تعصف باستقرارها، لكن يبدو أن تفاعلاتها لم تنته بعد، وذلك إثر إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية متهماً المعارضة بممارسة «أنشطة مناهضة للدولة وتهديد الاستقرار»، واتهم البرلمان بأنه أصبح «ملاذاً للمجرمين ووكراً للدكتاتورية التشريعية»، وبرر قراره بضرورة «حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثلها القوات الشيوعية»، حيث قامت قوات الأمن بمحاصرة الجمعية الوطنية (البرلمان)، لكن المعارضة المتمثلة في «حزب قوة الشعب» الذي يسيطر على البرلمان (190 نائباً من أصل 300 نائب) تحدت قرار الأحكام العرفية وعقدت اجتماعاً طارئاً ألغت خلاله قرار الرئيس الذي اضطر إلى التراجع، لكن المعارضة رأت في القرار محاولة لتقويض الديمقراطية، وهددت بعزل الرئيس إن لم يقدم استقالته فوراً، وأعلن الحزب أنه سيطلق في الحال «إجراءات عزله تنفيذاً لإرادة الشعب».
كذلك دعا «الاتحاد الكوري لنقابات العمال» الذي يضم أكثر من مليون عضو إلى إضراب مفتوح إلى حين استقالة الرئيس الذي «اتخذ إجراء غير عقلاني مناهضاً للديمقراطية»، وبالتالي «وقّع وثيقة نهاية حكمه».
يذكر أن الرئيس يون سيوك الذي تولى منصبه عام 2022 كان قد تعهد بإجراء «إصلاحات» لمواجهة التحديات الناجمة عن هيمنة المعارضة على البرلمان بعد فوزها بانتخابات إبريل/ نيسان 2024.
الخلافات الأساسية بين الحكومة والمعارضة تدور حول الميزانية وعزل كبار المدعين العامين، إذ رفضت المعارضة مقترح الميزانية الرئاسي لعام 2025، حيث قررت اللجنة البرلمانية تخفيض الميزانية بنحو 4.1 تريليون وون (ما يعادل 2.8 مليار دولار)، وطالت هذه التخفيضات جهات حكومية حساسة شملت مكتب الرئيس، والادعاء، والشرطة، ووكالة التدقيق الحكومية، واعتبر الرئيس هذه التخفيضات تهديداً لوظائف الدولة الحساسة، متهماً المعارضة بمحاولة «شل الحكم»، وتحويل البلاد إلى «ملاذ آمن للمخدرات، وحالة من الفوضى التي تهدد السلامة العامة». كما أن زيادة الميزانية العسكرية 3.6 في المئة للعام المقبل، أي 61.59 تريليون وون (46.3 مليار دولار) بما في ذلك شراء أسلحة من الولايات المتحدة قد ألقت بظلالها على هذه الأزمة.
تعتبر هذه التوترات الأسوأ منذ عقود، حيث عانت كوريا الجنوبية لفترات طويلة من الحكم العسكري والأحكام العرفية منذ تأسيسها عام 1948، وعاشت أربعة عقود تحت حكم العسكر والأحكام العرفية، قبل أن تنتقل إلى النظام الديمقراطي عام 1988 بعد تنصيب روه تاي - وو رئيساً للبلاد.
هناك في الواقع أسباب إضافية لدعوة الرئيس الكوري الجنوبي إلى الاستقالة، إضافة إلى اتهامه بتقويض الديمقراطية بلجوئه إلى إعلان الأحكام العرفية والطوارئ، ما يعني استدعاء الجيش مجدداً إلى الحكم، فهناك أسباب أخرى للأزمة تتمثل في تصاعد الغضب الشعبي جراء قضايا اجتماعية واقتصادية مثل التضخم والفساد وارتفاع الأسعار، وهي قضايا أسهمت في تقليص التأييد الشعبي له.
أمام هذا الواقع، وإزاء الرغبة الواسعة في استعادة الحياة الديمقراطية، يبدو أن الرئيس يون سوك يول قد يتقدم باستقالته، ولا يوجد خيار آخر أمامه لإنقاذ البلاد من الأسوأ، فيما تواجه شبه الجزيرة الكورية الكثير من المخاطر جراء الخلافات المتصاعدة في الكوريتين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية كوريا الجنوبية کوریا الجنوبیة
إقرأ أيضاً:
رئيس كوريا الجنوبية المؤقت يؤكد أهمية اتخاذ موقف أمني شامل ضد التهديدات الكورية الشمالية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دعا الرئيس الكوري الجنوبي المؤقت "تشوي سانغ-موك" / اليوم الاثنين / إلى تنسيق الجهود من جميع الوكالات الحكومية، بما في ذلك الجيش والشرطة، لضمان الأمن ضد التهديدات الكورية الشمالية.
وحث "تشوي" - وفقا لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية " يونهاب " - على بذل جهود مشتركة من قبل القطاعين العام والخاص، مسلطا الضوء على الحاجة إلى الوحدة في الرد على استفزازات كوريا الشمالية.
وأشار "تشوي" إلى التهديدات الأخيرة، بما في ذلك إطلاق الصواريخ الباليستية قصيرة المدى وصواريخ "كروز" والبالونات المحملة بالقمامة، إلى جانب إرسال بيونج يانج جنودها لدعم الحرب الروسية في أوكرانيا.
وفي سياق منفصل.. قالت الحكومة الكورية الجنوبية / اليوم الاثنين / إنها تنسق لإجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الكوري الجنوبي المؤقت "تشوي سانغ-موك "والرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".
وقال المتحدث باسم وزارة الاقتصاد والمالية كانغ يونغ-غيو، خلال إحاطة صحفية، إن الوزارة قدمت عرضا عبر وزارة الخارجية لإجراء المكالمة، وتنتظر حاليا ردا من الجانب الأمريكي.
وحتى الآن، لم يجر تشوي أي مكالمة هاتفية مع ترامب منذ تنصيبه في 20 يناير الماضي، وخلال الفترة الأولى لرئاسة ترامب في عام 2017، أجرى مكالمة مع الرئيس المؤقت آنذاك هوانغ غيو-آن، بعد مرور 10 أيام فقط من توليه منصبه.