تهويد القدس الشرقية انطلاقاً من القرار 3790
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
يمانيون../
يتصف الاستعمار الاستيطاني بالعنصرية، ويسعى للاستيلاء على الأرض واستغلال سكانها واقتلاعهم من أراضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يحوَّل البلاد التي يستعمرها إلى أرض جديدة ليمارس السيطرة عليها من خلال المستوطنيين.
هذا ما حدث وما زال يحدث في فلسطين على أيدي المستوطنيين الصهاينة الذين يسعون لتنفيذ مشروعهم الاستيطاني الاستعماري لتهويد كامل فلسطين، من خلال عمليات الإبادة الجماعية كما هو قائم الآن في غزة والضفة الغربية، أو من خلال إصدار قوانين أو قرارات تهدف إلى تحقيق مشروعهم التهويدي، وهذا ما يحدث من خلال القرار 3790 الذي اتخذته حكومة الاحتلال الإسرائيلي في أيار/مايو 2018 تحت عنوان تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية، أو ما يسمى الخطة الخمسية، لكن الهدف الحقيقي لهذا القرار هو تهويد مدينة القدس الشرقية من خلال التعليم، وخصوصاً التعليم العالي عبر تحويل جميع المدارس العربية في الشطر الشرقي من القدس إلى تدريس المناهج الإسرائيلية، وتمكين الطلاب الفلسطينيين من إتقان اللغة العبرية عبر بناء 660 فصلاً دراسياً مخصصاً لطلاب الصفوف الابتدائية الأولى، أو من خلال برنامج رواد، الذي يقوم بتنظيم دورات تنظيمية تحضيرية لطلاب المرحلة قبل الأكاديمية الإسرائيلية، بهدف دمجهم في الوظائف المتقدمة والمناصب المهمة في القطاع العام الإسرائيلي.
كما طورت مؤسسات التعليم العالي برنامجاً أُطلق عليه برنامج البشير بهدف دمج الطلاب المتخرجين من المؤسسات الفلسطينية للدراسات العليا في نظام التعليم العالي الإسرائيلي، لدمجهم في سوق العمل الإسرائيلية، كمجموعة مؤثرة تقود التغييرات داخل أماكن العمل.
أما فيما خص الاقتصاد والعمالة فأنشأت وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية مركزاً إرشادياً لطالبي العمل يطلق عليه مركز (ريان)، يعمل على توجيه العمال من الشطر الشرقي من القدس وتنسيبهم، فضلاً عن عدد من المشاريع التي ستتم بلورتها ضمن الخطة الخمسية، والتي أهمها “مخطط وادي السيليكون” التي أعلنت بلدية الإحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2020 موافقتها على المخطط الرئيس لوادي السيليكون في المنطقة الصناعية في حي وادي الجوز الواقع إلى الشمال من البلدة القديمة في القدس. يهدف هذا المخطط إلى تحويل منطقة وادي الجوز إلى منطقة مركزية عالية التقنية (وادي السيليكون) على غرار وادي السيليكون الأميركي، بهدف تحقيق الرخاء لسكان القدس. سينفذ المخطط على مساحة تقدر بـ 250 ألف متر مربع، تخصص لمراكز التوظيف الصناعية عالية التقنية، ومراكز تسوق، وفنادق. وكجزء من المخطط سيتم هدم 200 منشأة فلسطينية، ومصادرة 2000 دونم من أراضي حي وادي الجوز.
كما تنص الخطة الخمسية على تخطيط العقارات وتسجيلها، بحيث أقرت الحكومة الصهيونية 50 مليون شيكل لتسوية الأراضي في الشطر الشرقي لمدينة القدس بهدف تسوية 50 في المئة من الأراضي حتى نهاية عام 2020، واستكمال تسجيل 100 في المئة من الأراضي نهاية عام 2025.
ستتم عملية التسوية، التي بدأت عام 2018 بناءً على قانون الغائب وقانون تسوية الحقوق المتعلقة بالأراضي لعام 1969، الذي يقضي بأن على كل جهة، سواء كانت من الأفراد أو من الجمعيات، أن تثبت أنها تعمل في الأراضي أو تقيم عليها على نحو مستمر، ويسقط حق المدعي إذا مرت مدة خمسة عشر عاماً من دون أن يقوم باستغلال الأرض التي يقيم عليها.
أهداف القرار 3790 ودوافعه
1 _ تعزيز دمج القدس الشرقية في “إسرائيل”: تهدف الحكومة الإسرائيلية من خلال هذا القرار إلى دمج القدس الشرقية بشكل أكبر في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيليين، وهذا يتم عبر تحسين البنية التحتية، بما في ذلك التعليم، الصحة، والمواصلات.
2 _ تقليص الفجوات الاقتصادية: يدعي القرار أنه يهدف إلى تقليص الفجوات الاقتصادية بين القدس الشرقية والقدس الغربية عبر استثمار ملياري شيكل تقريباً في عدة قطاعات. وإن كان الهدف الفعلي هو السيطرة على السكان الفلسطينيين والحد من المطالبات السياسية بحقوقهم.
3 _ تحسين الخدمات لتعزيز الولاء: تحسين خدمات الصحة والتعليم والرفاه الاقتصادي يأتي وسيلةً لدفع الفلسطينيين إلى قبول الوضع القائم، ولتقليل مشاعر المقاومة والرفض للإدارة الإسرائيلية.
4 _ الحد من التأثير، فلسطينياً ودولياً، في القدس: القرار جزء من استراتيجية أوسع للحد من النفوذ، فلسطينياً ودولياً، في القدس الشرقية، وخصوصاً بعد قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في عام 2017.
نتائج تنفيذ الخطة الخمسية على الواقع الفلسطيني
تعمل سلطات الإحتلال الإسرائيلي على إرغام المدارس الفلسطينية على تدريس المناهج الإسرائيلية عن طريق حرمانها من أي امتيازات أو مخصصات من ميزانية الخطة إذا رفضت، إضافة إلى سحب تراخيص بعض المدارس كما حدث في آب/أغسطس 2022، بحيث تم سحب التراخيص الدائمة لمدارس الإيمان ومدرسة الكلية الإبراهيمية وإبدالها برخصة مؤقته بسبب رفض هذه المدارس الإذعان وتدريس المنهاج الإسرائيلي.
يتضح من إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض تدريس المنهج الإسرائيلي وتعليم اللغة العبرية للفلسطينيين في مدينة القدس، والتشديد على ضرورة إشراف وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، ووزارة الخارجية في المدارس التي تدّرس المناهج الإسرائيلية، الحد من التحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي. وبالتالي، ستستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلية الثقافة والأيديولوجيا أداةً للسيطرة على الفلسطينيين لانتهاك وعي الطلاب الفلسطينيين وثقافتهم وهويتهم، وفرض الأيديولوجيا الصهيونية الحاكمة على مؤسسات التعليم.
أما فيما يتعلق ببند تسجيل الأراضي، ففي ظاهر القرار أنه يهدف إلى خلق مستقبل أفضل لسكان شرقي المدينة وتحقيق مصالحهم، وأنه سيكون في إمكانهم ترسيخ حقوقهم في السجل العقاري، إلا أن هذا بعيد عن الواقع، وخصوصاً مع تطبيق “إسرائيل” قانون أملاك الغائب في أثناء النظر في تسلسل ملكية العقارات. لذلك، سيعمل الاحتلال على استغلال قرار تسجيل الأراضي لمصادرة الأراضي الفلسطينية لمصلحة حكومة الاحتلال الاسرائيلي، وهذا سيمثّل هدفاً استراتيجياً لتعزيز عملية الاستيطان في مدينة القدس.
إذا نجح الكيان الإسرائيلي في تحقيق أهداف الخطة الخمسية، سواء بصورة كاملة أو جزئية، فإن ذلك سيؤدي إلى تعرض سكان القدس الفلسطينيين لتطهير عرقي صامت، يتحقق عبر اتجاهين متوازيين: الأول إقصاء السكان الفلسطينيين عن مدينتهم من خلال تجريدهم من ممتلكاتهم ومقوماتهم ومواردهم الاقتصادية وإمعان تبعيتهم للاقتصاد الإسرائيلي. الثاني، التطهير الأيديولوجي للعقل الجمعي الفلسطيني، عن طريق دمج الفلسطيني في المجتمع والاقتصاد والتعليم في “إسرائيل”، وبالتالي تجريده من الهوية الفكرية والانتمائية الفلسطينية، بحيث يصبح منتمياً إلى اللامكان، واللافكر. وتسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلية لتحقيق ذلك من خلال تدريس اللغة العبرية في رياض الأطفال وتدريس التاريخ الإسرائيلي والتراث اليهودي في المدارس العربية، فيدرس الطالب الفلسطيني بلغة المحتل، ويتشبع بثقافته، ويتقبله أمراً واقعاً، وأنه جزء من المجتمع وليس مغتصباً محتلاً.
الميادين نت – علي قاسم مقداد
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی وادی السیلیکون القدس الشرقیة الخطة الخمسیة مدینة القدس فی القدس من خلال
إقرأ أيضاً:
الصحفيين الفلسطينيين: الاحتلال الإسرائيلي لايزال يبيت النية لاستمرار عدوانه وجرائمه بحق شعبنا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل، "إن الاحتلال الإسرائيلي لايزال يبيت النية لاستمرار عدوانه وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني وارتكاب المزيد من حرب الإبادة الجماعية، لذلك يتحجج بمظاهر الأسرى".
وأضاف الأسطل في مداخلة لقناة "النيل" للأخبار، اليوم السبت أن "الوضع الذي ظهر به المحتجزون الإسرائيليون المفرج عنهم طبيعي نتيجة لاعتقال دام ما يقرب من سنة ونصف السنة، ومن يتحمل مسئولية وضع الأسرى الفلسطينيين أو المحتجزين الإسرائيليين هي حكومة اليمين المتطرف التي رفضت كل المحاولات السابقة وعرقلة كل المحاولات التي تبذلها مصر من أجل وقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى وإنهاء معاناتهم".
وأضاف: أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يرفض ويعرقل كل المفاوضات السابقة من أجل الاستمرار في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وتدمير المدن وكل مناحي الحياة في قطاع غزة، ويريد للعالم أن يتقبل تلك الكارثة الإنسانية ويتعامل معها.
وشدد على أن من يتحمل مسئولية الجرائم التي ارتكبت بحق الإنسانية في غزة وجرائم هدم المدن والمستشفيات والبنية التحتية وهدم مئات الآلاف من المنازل وتشريد آلاف الأسر، هي دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية التي وفرت السلاح لارتكاب تلك الجرائم التي نفذت بحق الأبرياء والمدنيين العزل.
وتساءل الأسطل "هل يستطيع رئيس الحكومة الإسرائيلية التحدث عن ما يلقاه أسرانا من جرائم في المعتقلات والسجون الإسرائيلية؟"، موضحا أن هناك أكثر من 15 ألف أسير فلسطيني يعيشون في ظروف غاية في الخطورة والصعوبة ويتعرضون لأقصى أنواع التنكيل التي لا يمكن قبولها.
وتابع: أن "الاحتلال اعتمد منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة على تنفيذ حملة لتضليل الرأي العام عن الجرائم التي ترتكب في غزة، وتبرير ما يحدث من قتل وتهجير قسري وتجويع، بالإضافة إلى تدمير أغلب المؤسسات الصحفية واستهداف الصحفيين في الميدان حتى لا ينقل حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولكن نقابة الصحفيين الفلسطينيين عملت مع الطواقم الصحفية الموجودة في الميدان من أجل مواجهة الدعاية الإسرائيلية المغلوطة وتصحيحها".
وفي تصريح لـ"النيل" أيضا، أكدت عضو هيئة العمل الوطني والأهلي بالقدس رتيبة النتشة أن حجم الضغط على الحكومة الإسرائيلية يدفعها باتجاه الاستمرار في اتفاق وقف إطلاق النار، قائلة: "نحن اعتدنا على بعض التأخير بحجج مختلفة إسرائيلية وانتهاكات خلال الفترة السابقة، سواء كان بإطلاق النار أو تأخير الانسحاب من المحاور أو تفكيك النقاط العسكرية، ولذلك ربما يكون هناك بعض التأخير".
وأضافت: أن "حجم الضغط المتواجدة على الحكومة الإسرائيلية تدفع باتجاه الاستمرار في هذا الاتفاق، وبالأخص مع صورة المحتجزين الإسرائيليين اليوم الذين كانوا نوعا ما يعانون من بعض التعب، وليس كالمحتجزين السابقين الذين كانوا يتمتعون بكامل صحتهم وعافيتهم، وهذا ما أثار الكثير من الجدل في الشارع الإسرائيلي وأعاد القلق لعائلات المحتجزين، الذين خرجوا بمطالب واضحة للحكومة من أجل تسريع إتمام الاتفاق".