فرضية الحجاب للمرأة المسلمة.. قالت دار الإفتاء المصرية إنه من المقرر شرعًا بإجماع الأولين والآخرين من علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها، وأئمتها وفقهائها ومُحَدِّثيها أنَّ حجاب المرأة المسلمة فرضٌ على كلِّ مَن بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء.

وأوضحت الإفتاء أن المرأة عليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجهَ والكفين، وزاد جماعة من العلماء القدمين في جواز إظهارهما، وزاد بعضهم أيضًا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر مِن الذراعين عند التعامل، وأمَّا وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفًا ولا خلفًا؛ إذْ هو حكمٌ منصوصٌ عليه في صريح الوحْيَيْن الكتاب والسنة، وقد انعقد عليه إجماع الأمة.

الأدلة من القرآن على فرضية الحجاب

وقد استدلوا الفقهاء على فرضية الحجاب بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع:
أولًا: دليل الكتاب:
فقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59]. والمناسبة التي نزلت فيها هذه الآية هي أن النساء كن يُظهِرن شعورهن وأعناقهن وشيئًا من صدورهن فَنَهاهُنَّ الله عز وجل عن ذلك، وأمرهن بإدْناء الجلابيب على تلك المواضع التي يكشِفْنَها؛ حتى ينكف عنهن الفُساق إذا رأوا حشمتهن وتستُّرَهن، وأكد على شمول الحكم فيها لكل أفراد النساء بقوله تعالى: ﴿وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (3/ 508، ط. دار إحياء التراث): [يعنى: أجدر أَنْ يُعْرَفْنَ في زيهن أنهن لسن بمُرِيبَاتٍ وأنهن عفايف فلا يطمع فيهن أحد] اهـ.
وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].

فرضية الحجاب للمرأة المسلمة


فنهت الآية الكريمة المؤمنات عن إبداء زينتهن، واستثنت الزينة الظاهرة، وقد فسَّر السلف الصالح -مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من الأئمة المجتهدين والفقهاء المتبوعين- الزينة الظاهرة التي يجوز للمرأة إبداؤها بالوجه والكفين، وزاد بعض السلف -كالسيدة عائشة رضي الله عنها- القدمين، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة والثوري والمزني من الشافعية واختيار ابن تيمية من الحنابلة، وبعضهم زاد موضع السوار، وفسرها بعض السلف بالثياب، أما غير ذلك فلم يختلف أحد من السلف ولا الخلف في عدِّه من الزينة الواجب سترها، أي إن ما عدا هذه الزينة الظاهرة لا يجوز للمرأة إظهاره باتفاق العلماء وليس هو محلًّا للخلاف أصلًا على اختلاف أقوالهم في تفاصيل الزينة الظاهرة.
الأدلة من السنة على فرضية الحجاب
أخرج أبو داود في "سننه" واللفظ له، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شُعَب الإيمان" عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ.
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن" عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إِحْدَاكُنَّ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ». قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وفي هذا الحديث دليلٌ على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل ما لم يكن مملوكًا لها، وأنها إنما أُمِرت بالاحتجاب منه هنا إذا ملك ما يؤدي به وإن لم يؤده حقيقةً تورعًا، قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم على التورع، وقالوا: لا يعتق المكاتب وإن كان عنده ما يؤدي حتى يؤدي.

فرضية الحجاب للمرأة
وأخرج أبو داود في "السنن" عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحجاب حجاب المرأة فرضية الحجاب رضی الله ی الله ع ى الله

إقرأ أيضاً:

سورة الملك المنجية من عذاب القبر.. كيف تحافظ على تلاوتها يوميًا؟

في زحام الحياة وانشغال الناس بمشاغل الدنيا، يظل القرآن الكريم النور الذي يُضيء الطريق للمؤمن، يرشدنا إلى ما ينفعنا في دنيانا وآخرتنا، ومن بين سور القرآن الكريم التي تحمل فضلًا عظيمًا وتأثيرًا خاصًا على حياة المسلم، تأتي سورة الملك، التي عُرفت بين العلماء والمفسرين بـ"المنجية" و"الحافظة" و"المجادلة"، لفضلها الكبير في حماية قارئها من عذاب القبر وشفاعتها له يوم القيامة.

فضل سورة الملك في السنة النبوية:

سورة الملك، التي تبدأ بآية: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، هي سورة تحمل معاني العظمة والقدرة الإلهية. وقد وردت أحاديث كثيرة تؤكد فضلها، منها قول النبي ﷺ:
"إنَّ سورةً من القرآن ثلاثونَ آيةً شفعت لرجلٍ حتى غُفِرَ له، وهي: تبارك الذي بيده الملك" (رواه الترمذي وحسنه الألباني).

وفي حديث آخر، قال ﷺ:
"سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر" (رواه الترمذي).

تُظهر هذه الأحاديث المكانة الفريدة لهذه السورة، حيث تُعد حرزًا وأمانًا للمؤمن، تشفع له عند الله، وتحميه من أهوال القبر وعذابه.

لماذا سميت بـ"المنجية"؟

سورة الملك تُركز في آياتها على عظمة خلق الله وقدرته المطلقة، وتُعيد الإنسان إلى تأمل ملكوت الله وتذكّر نعمه التي لا تُحصى. هذه المعاني تُربي في قلب المؤمن الخشوع والتسليم لقدرة الله، مما يجعله دائم التعلق بالخالق ويزيد من إيمانه.

تُسمى بـ"المنجية" لأنها تَحول بين قارئها وعذاب القبر، وتشفع له يوم القيامة، كما ورد في أحاديث النبي ﷺ. ومن أسمائها أيضًا "المجادلة"، لأنها تجادل عن صاحبها حتى يُغفر له.

تلاوتها.. عبادة يومية وسكينة للقلب:

لمن أراد أن يحظى ببركات سورة الملك، فإن جعلها وردًا يوميًا يُعد من أسهل وأجمل العبادات. يمكن قراءتها:

قبل النوم: فقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان لا ينام حتى يقرأها.في أوقات التأمل: لأن معانيها تحث على التفكر في خلق الله.بعد الصلاة: لزيادة البركة واستحضار فضلها.أثر سورة الملك على حياة المسلم:

سورة الملك ليست مجرد آيات تُقرأ، بل هي مدرسة إيمانية تُعلمنا:

التوكل على الله: حيث تُبرز قدرة الله الشاملة، مما يزرع في قلب المؤمن يقينًا بأن الله هو المدبر لكل شيء.حسن استغلال الوقت: فآياتها تدعو للتأمل في قيمة الحياة والعمل للآخرة.التفكر في الخلق: تدفع القارئ للتفكر في السماوات والأرض وعظمة خلق الله.تعزيز الأمل: تذكير بأن رحمة الله واسعة وأن القرب منه يمنح المؤمن السكينة.كيف تحافظ على تلاوتها يوميًا؟ضع لنفسك تذكيرًا يوميًا بقراءتها قبل النوم.استمع إليها أثناء القيام بأعمالك اليومية.احفظها مع مرور الوقت لتكون جزءًا دائمًا من قلبك ولسانك.سورة الملك.. شفاء ورحمة:

لا تتوقف فوائد سورة الملك عند الشفاعة أو الحماية من عذاب القبر، بل إن تأثيرها يمتد لتُصبح نورًا يضيء حياة المسلم، تملأ قلبه بالسلام والطمأنينة. في وقتٍ تشتد فيه أزمات الحياة، تظل كلمات الله عز وجل هي الملجأ، وسورة الملك هي باب من أبواب الطمأنينة واليقين.

ابدأ الآن، اجعل سورة الملك رفيقة قلبك، تذكر فضلها، واستشعر بركتها في حياتك اليومية، فليس هناك ما هو أجمل من أن يكون للإنسان حرزٌ من القرآن يُنير له طريقه في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • سورة الملك المنجية من عذاب القبر.. كيف تحافظ على تلاوتها يوميًا؟
  • الإفتاء: اجعل لنفسك وردًا يوميًا من القرآن
  • هل يجوز للخاطب أن يرى شعر خطيبته؟.. علي جمعة يجيب
  • عبادات شهر رجب وأهم الأعمال المستحبة فيه.. تعرف عليها
  • الكذب على النفس
  • دعاء الركوع في الصلاة.. ماذا يقال في هذا الوقت؟
  • ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة والصلاة عليه؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم بيع الأشياء التي تؤدي إلى الإضرار بالآخرين
  • مدى صحة مقولة "العمل عبادة" في الشرع والسنة
  • دعاء ختم القرآن .. تعرف على أفضل وقت والدعاء المستجاب