لم تفكر هدى أبوصبرة يوماً أن الحرب ستترك في قلبها شعور الفرقة عن فلذات كبدها، بجانب إصابتها الواضحة فى قدميها، لتقف صامدة فى وضع مأساوى تحاول رسم البهجة على أوجه أطفال صغار طالما درست لهم داخل الفصول الدراسية قبل اندلاع الحرب، مرتكزة على سلاحها الوحيد كـ«معلمة» من أجل الاستمرار فى الحياة، تارة تعتمد على أدوات بدائية، وأخرى تبحث عن دفاترها وأقلامها القديمة حتى تعطى لتلاميذها حقهم فى التعليم داخل مخيمات النازحين بمنطقة دير البلح، وسط غزة.

حكاية المعلمة الثلاثينية «هدى» واحدة من ضمن مئات القصص المرتبطة باستمرار العملية التعليمية، سواء بالمخيمات أو مدارس الإيواء، لكن المميز بها أنها جاءت ضمن مبادرة شخصية منها فى وقت كان الشاغل الأساسى فيه هو البحث عن الطعام وحق المعيشة، إذ رأت فى كل طفل قابلته صغارها الذين تفرقوا عنها نتيجة الحرب والانفصال عن زوجها: «معاناتى الحقيقية ليست إصابتى، بل كانت عدم قدرتى على إبقاء أولادى معى فى الحرب، لذلك حاولت أن أسعد الأطفال الآخرين».

مبادرات عدة تطوعت بها «هدى» لمساعدة النازحين، حتى قررت الاعتماد على مهنتها فى أسمى شىء تراه بالنسبة لها وهو التعليم الذى يقترن بأنشطة ترفيهية للأطفال، لتنشئ خيمة بمجهودها الشخصى ومواردها القديمة التى كانت توجد بمركزها التعليمى قبل الحرب، محاولة أن ينعم القليل بحقه بعدما حُرم أكثر من 630 ألف طالب وطالبة من التعليم فى قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

اعتبرت «هدى» نفسها تحارب الاحتلال بعلمها، متسلحة بسبورتها الصغيرة التى دائماً ما تنقلها معها فى كل مكان، تستبدل كل شىء لم تستطع إيجاده فاعتمدت على الطباشير بدلاً من الأقلام للكتابة، والكرتون بدلاً من الدفاتر، حتى يتعلم كل صغير أمامها: «حاولت دائماً أفكر كيف أقدم المعلومة للصغار، بالنسبة للمناهج اعتمدت على الكتب المتاحة لدىَّ، واستبدلت الأقلام بالطباشير حين لم أستطع الحصول عليه».

يوماً تكتب «حروف المد» ويوماً آخر تدوِّن «الأرقام»، تحاول المعلمة الثلاثينية جاهدة أن يحصل كل تلميذ أمامها على قدر معقول من المعلومات التى يفقدها بسبب النزوح والحرب. ولم تتوقف عند هذا الحد، بل عادت إلى مركزها التعليمى مرة أخرى محاولة ترميمه حتى تدرس بشكل موسع لتلاميذها الصغار نظير مقابل مادى زهيد، حتى يجد البعض مكاناً بديلاً للمدارس التى تعرَّض أكثر من 90% منها لأضرار جسيمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

لم تكن المادة التعليمية فقط هى شاغل «هدى»، فهى تدرك أيضاً أهمية الأنشطة الترفيهية لنفسية الأطفال، لتخصص كل خميس مبادرة ترفيهية حتى يستعرض الموهوبون ما يتميزون به، سواء من مواهب الإنشاد أو قراءة القرآن أو الحكى: «كان أفضل نشاط لما سمحت لكل طفل أن يحكى قصة نزوحه من بداية الحرب حتى وصل للخيام بشكل روائى».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة الاحتلال الأوضاع الإنسانية

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يطلب من المحكمة تخفيض عدد أيام مثوله أمامها إلى يومين أسبوعيا

قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلبا إلى المحكمة المركزية لتخفيض أيام شهادته في قضايا فساد إلى يومين غير متتاليين في الأسبوع، وعدد أقل من الساعات الإجمالية، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية يوم الأربعاء.

ويعد نتنياهو متهما محليا في الكيان ومدان بجرائم حرب خارجيًا لكن إلى الآن رفضت الحكومات الغربية أوامر الاعتقال في بعض القضايا الأكثر شهرة التي عرضت على المحكمة الجنائية الدولية ، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نطاق ومصداقية القانون الدولي إلى أدنى مستوى.

على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية، أصدرت المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي أوامر اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.

يعد نتنياهو هو أول مسئول محمي من أمريكا والغرب يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل المحكمة.

وقد استأنفت إسرائيل وطلبت تعليق أوامر الاعتقال. وفي الوقت نفسه، اختارت العديد من الحكومات الكبرى عدم تنفيذ أوامر الاعتقال، في حين رفضتها حكومات أخرى صراحة.

مقالات مشابهة

  • برعاية مصرية.. حماس وفتح تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة شئون غزة
  • انتهاكات الاحتلال ضد الأطفال في غزة عرض مستمر.. الأمم المتحدة: القطاع يسجل أعلى نسبة للصغار مبتوري الأطراف على مستوى العالم
  • نتنياهو يطلب من المحكمة تخفيض عدد أيام مثوله أمامها إلى يومين أسبوعيا
  • بين الأنقاض شابة من غزة تنتزع حق النازحات في التعليم والمرح
  • يبحث عنه الملايين.. تطبيق تفاعلي مذهل لتعليم القراءة والكتابة واللغات للصغار والكبار
  • نصيحتي لأيّ زول داير يستثمر في الميليشيا دي يلم قروشه عليه
  • حنان أبوالضياء تكتب عن: سينما 2024.. مذكرات حقيقية وأفكار إبداعية
  • وزير التعليم العالي: إتاحة المناهج الدراسية بوسائل تساعد الطلاب ذوي الإعاقة على التحصيل الدراسي بسهولة بالجامعات
  • "اقتصادية الشيوخ": أفريقيا أمامها المستقبل وفرصها الاستثمارية هائلة