خبير يوضح لـعربي21 أسباب الأزمة الكورية الجنوبية.. ما مصير الديمقراطية هناك؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
لا تزال أصداء إعلان رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول "الأحكام العرفية" في عموم البلاد متفاعلة، على الرغم من إعلانه إلغائها لاحقا.
وكان الرئيس الكوري الجنوبي لجأ إلى هذا الفعل بعد أن اتهم المعارضة بالمشاركة في أنشطة مناهضة للدولة والعمل لصالح الجارة الخصم كوريا الشمالية.
وأعلن يول الأحكام العرفية بعد أن رفضت المعارضة وعلى رأسها الحزب الديمقراطي المتحد في البرلمان الموازنة، وجاءت هذه الأزمة السياسية والدستورية أيضا بعد بدء التحقيق مع زوجة الرئيس، "كيم كيون هي".
وتم التحقيق مع "هي" بعد اتهامها بقبول حقيبة "كريستيان ديور" بقيمة 2200 دولار كهدية، وهو ما يعتبر انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية.
ولمعرفة ما إذا كان هناك أسباب أخرى لهذه الأزمة وما تأثيرها على الديمقراطية في كوريا الجنوبية ومستقبل الرئيس، التقت "عربي21" بالكاتب المختص في شؤون الصين وشرق آسيا، سامر خير أحمد، الذي "أرجع أسباب الأزمة إلى سلوكيات شخصية للرئيس الكوري الجنوبي، وليس لأسباب سياسية بحتة".
وقال خير لـ"عربي21"، إن "الأزمة شخصية أكثر مما تتصل بدوافع سياسية، علما أن يول أتبع منذ تسلمه مقاليد الحكم خطابا متشددا تجاه الجارة كوريا الشمالية، كما أنه دخل في شراكة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد الصين".
ورجح خير احتمالية عزل الرئيس وإقصائه خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أن الجيش في كوريا الجنوبية اتبع الدستور وعاد إلى ثكناته عقب إلغاء الأحكام العرفية، ولم يتدخل في السياسة.
وتاليا نص الحوار كاملا:
◼ ما سبب الأزمة الحالية في كوريا الجنوبية؟ وما مصير الديمقراطية هناك؟
يمكن القول إن الأزمة في كوريا الجنوبية تقف وراءها سلوكيات شخصية للرئيس يون سوك يول، أكثر مما تتصل بدوافع سياسية قوامها الخلاف السياسي مع المعارضة، عقب رفض البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة المصادقة على مشروع الموازنة، أو حتى بسبب عمل المعارضة مع كوريا الشمالية على حد ادعاء الرئيس، الذي قال إن المعارضة تتعاطف معها عند إعلانه فرض الأحكام العرفية أول الأمر.
وأما ما قيل حول أن التحقيق مع زوجة الرئيس هي من أهم أسباب الأزمة الحالية، فلا أعتقد أنها هي المسألة الحاسمة، لكن هذه الفكرة ترددها المعارضة.
والراجح أن السبب هو التوتر المستمر بين الرئيس والبرلمان، الذي أفضى لتعطيل المشروعات الاقتصادية للرئيس (وهي ليست بالضرورة مشاريع ناجحة ومفيدة) وعمق الأزمة الاقتصادية للبلاد وأظهر الرئيس بمظهر الفاشل في إدارة البلاد ومن ثم انعكس على شكل تراجع كبير في شعبيته.
وأقصد هنا هنا أن الرئيس تصرف برعونة وليس بشخصية السياسي المحنك، وإلا لكان أدار علاقته مع المعارضة بهدوء، ولكنه اختار الصدام مع المعارضة، وكذلك الصدام مع كوريا الشمالية.
ويعود سبب هذه التصرفات إلى أن الرئيس يون جاء إلى المنصب من دون خبرة سياسية، حيث عمل سابقاً كمدعِ عام، أيضا هو ليس ابن الحزب الحاكم الذي ترشح عنه للرئاسة، بل تم ترشيحه بسبب شعبيته الناتجة عن تحقيقاته في ملفات الفساد.
لذلك السلوكيات الشخصية هي الرعونة السياسية وانعدام الحنكة والتسرع، كما ظهر في إعلان الأحكام العرفية من دون تمكنه من تقدير أنه سيضطر للتراجع عنها سريعاً وسيثير أزمة سياسية في البلاد.
وما يجدر أخذه بعين الاعتبار أن الرئيس الحالي منذ توليه منصبه قاد بلاده نحو خطاب أكثر تشدداً وعدائية تجاه كوريا الشمالية، وأقل دبلوماسية بالطبع، فضلاً عن انخراطه في مشروع إدارة الرئيس جو بادين لمواجهة الصين ضمن الاستراتيجية الأمريكية تجاه بكين "الردع المتكامل"، عوضاً عن اتباع سياسة متوازنة تجاه الجار الصيني.
بمعنى ظل الرئيس يون يمارس مهام منصبه بتطرف وربما بتهور، وفي هذا الإطار يندرج إعلانه الأحكام العرفية ثم تراجعه عنها خلال ساعات، من دون تنسيق مع الحزب الذي يمثله في السلطة (حزب سلطة الشعب)، بدليل رفض قيادات وممثلي حزبه ما قام به مباشرة بعد إعلانه الأحكام العرفية.
ويؤشر هذا التوافق بين الحزبين الرئيسيين "سلطة الشعب والديمقراطي المتحد" في البلاد على رفض الأحكام العرفية، والدفع بإلغائها من خلال تصويت البرلمان ضدها، على أن الديمقراطية في كوريا الجنوبية لن تكون مهددة بسبب ما جرى، وكل ما في الأمر أن البلاد ستبحث عما قريب عن رئيس متوازن يقودها في منطقة مشتعلة ومضطربة.
◼ لكن على الرغم من تراجعه سريعا عن الأحكام العرفية، ما هو مستقبل الرئيس السياسي؟
أغلب الظن أن مساعي عزل الرئيس التي يقودها الحزب الديمقراطي (المعارض) الذي يسيطر على البرلمان ستفلح في إقصائه من موقعه خلال الأيام القليلة المقبلة، وهذا سيُفضي -بعد مرحلة انتقالية يتولى فيها رئيس الوزراء منصب الرئيس مؤقتاً- إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة.
وربما سيكون من الصعب على الحزب الحاكم أن يعود من خلال هذه الانتخابات إلى سدة الرئاسة، إلا إذا تمكن من التحلل تماماً من الإجراء الذي قام به الرئيس يون بفرضه الأحكام العرفية، والتي قوبلت برفض شعبي واسع في البلاد، وتقديم شخصية سياسية أكثر توزاناً وقبولاً في الانتخابات.
وهذا يعني أن الرئيس الحالي بات بلا مستقبل سياسي، وربما بات مستقبله الشخصي على المحك أيضاً إذا ما تم المضي في محاكمته -بعد عزله- بتهم تتعلق بعدم مراعاته مصالح الدولة.
◼ ما تأثير هذه الأزمة على الصراع مع كوريا الشمالية، خاصة بعد اتهام الرئيس للمعارضة بالتعامل معها؟
اعتقد أن خروج الرئيس يون من السلطة سيفتح المجال لخفض التوتر مع كوريا الشمالية، والعودة إلى السياسة القديمة الساعية للتهدئة والحوار بين البلدين منعاً للصدام، خصوصاً مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي كان قطع الحدود الكورية نحو كوريا الشمالية في عام 2019، والتقى رئيسها كيم جونغ أون ثلاث مرات خلال فترة رئاسته الأولى، بل إنه خلال حملته الانتخابية صرح بأن رئيس كوريا الشمالية ربما "يفتقده"!
ورغم أن ظروف كوريا الشمالية تغيرت بعد تقاربها العسكري مع روسيا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المسرح يبدو مهيئا نتيجة عودة ترامب وخروج يون من السلطة في سيول، إلى الحوار معها مجدداً ومحاولة إيجاد حلول بديلة لسباق التسلح الدائر في شبه الجزيرة الكورية وفي شرق آسيا عموماً.
◼ أخيرا، لاحظنا أن الجيش استجاب سريعا لقرار فرض الأحكام العرفية وإلغائها لاحقا، ما يثير تساؤل عن دوره والمؤسسة في الأزمة السياسية الحالية؟
من الواضح أن الجيش في كوريا الجنوبية التزم بالدستور حين عاد إلى مواقعه عقب إلغاء الأحكام العرفية، وهذا يؤشر على أن الحياة السياسية في البلاد ليست مهددة، ولا خطر من عودة الجيش إلى الإمساك بالسلطة كما كان الحال قبل عام 1980.
بل أن وزير الدفاع الذي شارك الرئيس يون قرار فرض الأحكام العرفية، قد يواجه هو الآخر إمكانية عزله من منصبه، ما يؤكد أن الجيش بعيد عن محاولة السيطرة على السلطة.
وينطبق الحال ذاته على المؤسسة الأمنية، حيث يواجه وزير الداخلية هو الآخر احتمالية عزله، ما يعني عدم انخراط المؤسسة الأمنية في عملية فرض الأحكام العرفية.
ويؤشر ما يجري في كوريا الجنوبية على أن الإجراء كله اتخذ ضمن حلقة ضيقة ممثلة بالرئيس والمقربين منه، وليس ناتجاً عن مساعٍ لتغيير سياسي جذري في البلاد تقوده المؤسستين العسكرية والأمنية، ولا حتى الأحزاب السياسية المؤثرة بما فيها حزب الرئيس نفسه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات كوريا الجنوبية يول اسيا كوريا الجنوبية يول المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فرض الأحکام العرفیة مع کوریا الشمالیة فی کوریا الجنوبیة الرئیس یون أن الرئیس فی البلاد أن الجیش
إقرأ أيضاً:
الأزمة تتصاعد في كوريا الجنوبية..البرلمان يرفض الأحكام العرفية
قالت وكالة أنباء كوريا الجنوبية الرسمية "يونهاب" اليوم الثلاثاء، إن الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية عقدت جلسة عامة، ومررت فيها تشريعاً يطالب برفع الأحكام العرفية.
وحسب الوكالة، شارك في الجلسة 190 نائباً برلمانياً، بينهم 18 نائباً من حزب سلطة الشعب الحاكم، و172 نائباً من أحزاب المعارضة، في الجلسة العامة؛ وصوتوا جميعاً لصالح الاقتراح الذي يطالب برفع الأحكام العرفية.#SouthKorea ????????: Korean military forces are taking up positions in the National Assembly building in #Seoul, following the declaration of martial law by president Yoon.
Scenes like this would be unthinkable in a healthy democracy like ROK, yet this is what we are watching. pic.twitter.com/GX3Z4MW996
وقال رئيس الجمعية الوطنية وو وون-سيك، إنه بموجب تمرير الاقتراح، على الرئيس إلغاء إعلان الأحكام العرفية، الذي أصبح باطلاً ولاغياً.
ومع ذلك، سينتظر النواب في القاعة الرئيسية بالجمعية الوطنية إلى حين رفع الأحكام العرفية رسمياً.
من جهته، أكد رئيس الحزب الحاكم هان دونغ-هون، أن إعلان الرئيس الأحكام العرفية وحالة الطوارئ هو "تصرف خاطئ"، مؤكداً أنه سيمنع ذلك مع الشعب.
تجميد البرلمان وعمل الأحزاب..رئيس كوريا الجنوبية يُعلن الأحكام العرفية في البلاد - موقع 24أعلن رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول تطبيق الأحكام العرفية في البلاد، رداً على تصعيد بيونغ يانع.كان رئيس كوريا الجنوبية يون سيوك-يول أعلن في وقت سابق الأحكام العرفية في البلاد، من "أجل القضاء على القوى الموالية لكوريا الشمالية والدفاع عن النظام الدستوري الحر".
وبموجب الدستور، يجب على الرئيس رفع الأحكام العرفية عندما تطلب الجمعية الوطنية ذلك بموافقة الأغلبية البرلمانية.