عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء بالجامع الأزهر، ملتقى السيرة النبوية الأسبوعي تحت عنوان «التربية الربانية لرسول الإنسانية»، بمشاركة الدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر ‏بالقاهرة، والدكتور نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه ‏ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشؤون ‏الدراسات العليا، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى من رواد الجامع الأزهر.

وفي كلمته، قال الدكتور حبيب الله حسن، إنه قبل أن يشرق نور النبوة على العالم كانت حياة النبي ﷺ، نموذجًا للفضيلة والرقي الإنساني في أكمل صورهما، وهو الأمر الذي مهد للنبي ﷺ قبول دعوته وتصديق رسالته، والعلماء يرون أن هذه المرحلة العمرية للنبي كانت مقدمة لنتيجة وهي البعثة، هذه الطباع النبيلة الذي تميز بها نبينا ﷺ نتيجة لما حباه به الحق سبحانه وتعالى من فضائل كانت حتى وهو في ضمير الغيب عندما اختار الله طيب الأمهات والآباء، تكريما للنبي ﷺ، وفي ذلك يقول عن نفسه ﷺ " إني عند الله لَخاتم النَّبيِّين ، وإن آدم لمنجدل في طينته"، لهذا كانت سماته الخلقية دليل على طيب الأصل وحسن المنبت.

وبين الدكتور حبيب أن علماء العقيدة، عندما يقفون على دراسة حياة النبي ﷺ يفرقون بين الخوارق التي صاحبت النبي ﷺ قبل بعثته كشق الصدر، ويسمونها إرهاصات، والتي حدثت للبشارة والتأكيد على مكانة هذا الشخص، وبين الخوارق التي جرت على يديه بعد البعثة، كانوا يسمونها معجزات، والتي جاءت للتأكيد على صدق نبوته، وهو تأكيد على أن العناية الإلهية كانت مصاحبة للنبي ﷺ منذ النشأة، وأن التربية الربانية التي حظي بها النبي ﷺ مرت بمستويات متعددة وشملت أدق الأشياء في أخلاق وصفات النبي ﷺ، لتشكل شخصية فريدة في الأخلاق والسلوك.

وحث الدكتور الحبيب على ضرورة قراءة آيات القرآن التي ذكر فيها النبي ﷺ بتدبر لفهم المعاني التي جاءت حول هذا النموذج الإنساني الفريد، لنتعلم من الصفات والمعاني الفريدة في شخصيته، كما حمل القرآن الكريم تكليفًا لنا جميعًا نحن معاشر المسلمين، وهو الصلاة على النبي ﷺ " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا"، وكأن استهلال هذا التكليف بدليل تعظيم ومكان هذا النبي الكريم ﷺ، وهو أن الله سبحانه وتعالى أول من يصلي على النبي ﷺ. 
من جهته، أكد الدكتور نادي عبد الله، مكانة النبي ﷺ، والتي تظهر في إمامته للأنبياء في بيت المقدس خلال رحلة الإسراء والمعراج، وهو إقرار من الأنبياء على هذه المكانة التي منحها الله سبحانه وتعالى لنبيه ﷺ، كما أن العناية التي صاحبته في كل مراحل حياته، كانت بمثابة التأهيل ليحمل لواء الدعوة إلى الله ويكون رسولا للإنسانية جمعاء، مضيفًا أن فصاحة النبي في اللفظ وبلاغته في القول، ناسبت كلام الله سبحانه وتعالى، لذلك ظهرت لنا السنة النبوية المطهرة باللفظ والمعنى القرآني في صورة تعجز البلغاء والفصحاء على مر التاريخ، وبمجرد أن تسمع كلمة من كلام النبي ﷺ، تدرك تمام الإدراك أنها حديث نبوي شريف، شريطة موافقتها للمعنى القرآني الجليل.

وبين الدكتور نادي عبد الله، أن العلماء والدعاة اليوم في أمس الحاجة إلى أن يقتدوا بأخلاق سيدنا رسول الله ﷺ لتصل دعوتهم بصدق إلى الناس، لأن المجتمعات في أمس الحاجة إلى أن نبث فيها هذه الأخلاق العظمية التي تربى عليها رسولنا الكريم ﷺ، هذه الأخلاق التي تظهر من حديث خديجة رضي الله عنها "والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". هذه المعاني التي في الوصف الجميل لأخلاق وشمائل النبي ﷺ، هي التي نحتاج ان نغرسها في أطفالنا وشبابنا، لأنه لا صلاح لمجتمع ما لم يتخلق بهذه الأخلاق.  
وأضاف الدكتور إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية، أن تربية النبي ﷺ كانت تربية ربانية، فقال ﷺ " أدَّبَني ربِّي فأحسنَ تأديبي" فكانت نشأته على هذا النحو فلم يفعل أفعال الجاهلية، وعصمه الله سبحانه وتعالى ونزع منه حظ النفس، فكانت حياة مثالية بكل ما تحمله الكلمة، فبلغ بذلك الكمال البشري في الخلق والشمائل الإنسانية، والناظر في شخصية النبي ﷺ يجد أنه جمع بين صفات شتى، بين الحزم والشجاعة والرأي وبين اللين والرأف والرحمة"، وما لخصته أم معبد في وصفها للنبي ﷺ ، من أجمل الاوصاف التي عبرت بها العرب عن الرسول الكريم، لأنها أوجزت في الوصف باللفظ لكنها أبلغت في المعنى، عندما قالت «رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، مبتلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل،  أحور أكحل أرج أقرن شديد سواد الشعر، في عنقه سطح، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار, وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر، أجهر الناس وأجملهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، ربعة، لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا له رفقاء يخصون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود لا عابث ولا منفذ.»

يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريفة لنستفيد بها في حياتنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حياة النبي صفات النبي الجامع الأزهر المزيد المزيد الله سبحانه وتعالى حیاة النبی النبی ﷺ للنبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن ميلاد النبي محمد ﷺ لم يكن حدثًا عاديًا، بل كان إيذانًا ببزوغ عهد جديد للإنسانية، عهد العدل والإيمان، وانتهاء عصور الظلم والطغيان.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية اليوم، الأحد، إلى أن هذا الحدث العظيم جاء مصحوبًا بإرهاصات مبهرة تدل على عظمته، فقد اهتز إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف عام، وجفت مياه بحيرة ساوة، كما جاء في الروايات الموثوقة. 

أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراجكادت تشعل نزاعا.. أحمد عمر هاشم يروي كيف عالج الرسول أشد الأزمات بحكمتهأحمد عمر هاشم: شهادة التوحيد لا يُقبل عمل من الأعمال الصالحة بدونهاأحمد عمر هاشم: حسن الظن بالله يورد صاحبه موارد النجاة

وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم أن النبي ﷺ وُلِد يتيم الأب، فقد تُوفي والده وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، فتكفله الله برعايته، كما قال في كتابه الكريم: "ألم يجدك يتيمًا فآوى"، وكانت أمه السيدة آمنة بنت وهب ترى في حملها به ما لم تره أي امرأة، فلم تشعر بثقل الحمل أو تعبه، بل رأت رؤيا بأن هاتفًا يخبرها: "لقد حملتِ بسيد هذه الأمة ونبيها". 

ونوه بأن النبي ﷺ عندما وُلِد، لم تكن هناك مرضعة ترغب في أخذه، لأن المراضع كنّ يفضلن الأطفال الذين لهم آباء قادرون على الإنفاق، إلا أن حليمة السعدية، بعد أن لم تجد غيره، قررت أخذه وقال لها زوجها: "خذيه، لعل الله يجعل فيه البركة"، ومنذ أن حملته معها، ظهرت البركة في حياتها، إذ تحركت دابتها بسرعة لم تعهدها من قبل، وامتلأ ضرع شاتها باللبن، وعاش النبي ﷺ في ديار بني سعد ينعم بالخير. 

وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم إلى أن حادثة شق الصدر التي وقعت للنبي ﷺ أربع مرات كانت تطهيرًا إلهيًا وإعدادًا لحمل الرسالة، حيث نزل الملك، فشق صدره، واستخرج العلقة التي هي حظ الشيطان، وملأ قلبه حكمةً ورحمة، وكانت هذه الحادثة الأولى في صغره أثناء وجوده في بني سعد، ثم تكررت وهو في العاشرة من عمره، ثم عند نزول الوحي عليه، وأخيرًا في رحلة الإسراء والمعراج، ليكون مستعدًا للقاء ربه في السماوات العلى. 

وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل برعاية نبيه ﷺ منذ ولادته وحتى وفاته، وكان في كل لحظة من حياته مشمولًا بعناية الله، كما قال تعالى: "والضحى وما ودعك ربك وما قلى  وللآخرة خير لك من الأولى  ولسوف يعطيك ربك فترضى". 

وأضاف أن هذا اليوم العظيم كان بدايةً للرحمة التي أُرسِل بها النبي ﷺ للعالمين، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وليكون كما وصفه الله في كتابه العزيز: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

مقالات مشابهة

  • أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات
  • كانت 50 وأصبحت 5.. أحمد عمر هاشم يكشف أسرار فرض الصلاة على المسملين
  • أحمد كريمة: من يقول إن النبي سحر يهدم الإسلام
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • هل صلاة الفجر غير صلاة الصبح ؟.. الإفتاء توضح
  • سبب وفاة معز محمد شريف الناشط بالعمل الإنساني في السودان
  • في محاضرته الرمضانية السابعة: قائد الثورة: نحن بحاجة دائمة إلى رعاية الله سبحانه وتعالى وبدونها ينتهي الإنسان
  • المفتي: الابتلاءات لا يعالجها إلا الصبر.. ونبي الله أيوب نموذج يحتذى به
  • محمد الجندي: الأزهر هو حصن الوعي الإنساني في العالم كله
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (6) للسيد القائد 1446