حبيب الله حسن: حياة النبي نموذج للفضيلة والرقي الإنساني في أكمل صورهما
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء بالجامع الأزهر، ملتقى السيرة النبوية الأسبوعي تحت عنوان «التربية الربانية لرسول الإنسانية»، بمشاركة الدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، والدكتور نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشؤون الدراسات العليا، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى من رواد الجامع الأزهر.
وفي كلمته، قال الدكتور حبيب الله حسن، إنه قبل أن يشرق نور النبوة على العالم كانت حياة النبي ﷺ، نموذجًا للفضيلة والرقي الإنساني في أكمل صورهما، وهو الأمر الذي مهد للنبي ﷺ قبول دعوته وتصديق رسالته، والعلماء يرون أن هذه المرحلة العمرية للنبي كانت مقدمة لنتيجة وهي البعثة، هذه الطباع النبيلة الذي تميز بها نبينا ﷺ نتيجة لما حباه به الحق سبحانه وتعالى من فضائل كانت حتى وهو في ضمير الغيب عندما اختار الله طيب الأمهات والآباء، تكريما للنبي ﷺ، وفي ذلك يقول عن نفسه ﷺ " إني عند الله لَخاتم النَّبيِّين ، وإن آدم لمنجدل في طينته"، لهذا كانت سماته الخلقية دليل على طيب الأصل وحسن المنبت.
وبين الدكتور حبيب أن علماء العقيدة، عندما يقفون على دراسة حياة النبي ﷺ يفرقون بين الخوارق التي صاحبت النبي ﷺ قبل بعثته كشق الصدر، ويسمونها إرهاصات، والتي حدثت للبشارة والتأكيد على مكانة هذا الشخص، وبين الخوارق التي جرت على يديه بعد البعثة، كانوا يسمونها معجزات، والتي جاءت للتأكيد على صدق نبوته، وهو تأكيد على أن العناية الإلهية كانت مصاحبة للنبي ﷺ منذ النشأة، وأن التربية الربانية التي حظي بها النبي ﷺ مرت بمستويات متعددة وشملت أدق الأشياء في أخلاق وصفات النبي ﷺ، لتشكل شخصية فريدة في الأخلاق والسلوك.
وحث الدكتور الحبيب على ضرورة قراءة آيات القرآن التي ذكر فيها النبي ﷺ بتدبر لفهم المعاني التي جاءت حول هذا النموذج الإنساني الفريد، لنتعلم من الصفات والمعاني الفريدة في شخصيته، كما حمل القرآن الكريم تكليفًا لنا جميعًا نحن معاشر المسلمين، وهو الصلاة على النبي ﷺ " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا"، وكأن استهلال هذا التكليف بدليل تعظيم ومكان هذا النبي الكريم ﷺ، وهو أن الله سبحانه وتعالى أول من يصلي على النبي ﷺ.
من جهته، أكد الدكتور نادي عبد الله، مكانة النبي ﷺ، والتي تظهر في إمامته للأنبياء في بيت المقدس خلال رحلة الإسراء والمعراج، وهو إقرار من الأنبياء على هذه المكانة التي منحها الله سبحانه وتعالى لنبيه ﷺ، كما أن العناية التي صاحبته في كل مراحل حياته، كانت بمثابة التأهيل ليحمل لواء الدعوة إلى الله ويكون رسولا للإنسانية جمعاء، مضيفًا أن فصاحة النبي في اللفظ وبلاغته في القول، ناسبت كلام الله سبحانه وتعالى، لذلك ظهرت لنا السنة النبوية المطهرة باللفظ والمعنى القرآني في صورة تعجز البلغاء والفصحاء على مر التاريخ، وبمجرد أن تسمع كلمة من كلام النبي ﷺ، تدرك تمام الإدراك أنها حديث نبوي شريف، شريطة موافقتها للمعنى القرآني الجليل.
وبين الدكتور نادي عبد الله، أن العلماء والدعاة اليوم في أمس الحاجة إلى أن يقتدوا بأخلاق سيدنا رسول الله ﷺ لتصل دعوتهم بصدق إلى الناس، لأن المجتمعات في أمس الحاجة إلى أن نبث فيها هذه الأخلاق العظمية التي تربى عليها رسولنا الكريم ﷺ، هذه الأخلاق التي تظهر من حديث خديجة رضي الله عنها "والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". هذه المعاني التي في الوصف الجميل لأخلاق وشمائل النبي ﷺ، هي التي نحتاج ان نغرسها في أطفالنا وشبابنا، لأنه لا صلاح لمجتمع ما لم يتخلق بهذه الأخلاق.
وأضاف الدكتور إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية، أن تربية النبي ﷺ كانت تربية ربانية، فقال ﷺ " أدَّبَني ربِّي فأحسنَ تأديبي" فكانت نشأته على هذا النحو فلم يفعل أفعال الجاهلية، وعصمه الله سبحانه وتعالى ونزع منه حظ النفس، فكانت حياة مثالية بكل ما تحمله الكلمة، فبلغ بذلك الكمال البشري في الخلق والشمائل الإنسانية، والناظر في شخصية النبي ﷺ يجد أنه جمع بين صفات شتى، بين الحزم والشجاعة والرأي وبين اللين والرأف والرحمة"، وما لخصته أم معبد في وصفها للنبي ﷺ ، من أجمل الاوصاف التي عبرت بها العرب عن الرسول الكريم، لأنها أوجزت في الوصف باللفظ لكنها أبلغت في المعنى، عندما قالت «رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، مبتلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، أحور أكحل أرج أقرن شديد سواد الشعر، في عنقه سطح، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار, وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر، أجهر الناس وأجملهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، ربعة، لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا له رفقاء يخصون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود لا عابث ولا منفذ.»
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريفة لنستفيد بها في حياتنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حياة النبي صفات النبي الجامع الأزهر المزيد المزيد الله سبحانه وتعالى حیاة النبی النبی ﷺ للنبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
الأنبا توما حبيب يترأس المناولة الاحتفالية بكنيسة السيدة العذراء مريم بكوم غريب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس مساء أمس الإثنين، الأنبا توما حبيب مطران الأقباط الكاثوليك بسوهاج القداس الإلهي والمناولة الاحتفالية بكنيسة السيدة العذراء مريم بكوم غريب، وذلك بمشاركة الآباء الرعاة الأب يوسف فوزي والأب أغسطينوس كميل، والأب إيهاب اليسوعي، والأب ديو والشماس انسلموا من جمعية المرسلين الأفارقة.
وفي عظته تحدث الأب المطران الى الأبناء المحتفى بهم عن أجمل مناسبة في حياتهم تظل عالقة في الأذهان طوال الحياة. ثم تأمل نيافة المطران عن تأسيس سرّ الإفخارستيا "أخذَ خُبزًا وبارَكَ". ويمكننا نتأمَّل في الأبعاد الثّلاثة للسّرّ الذي نحتفل به: الشّكر والذكرى والحضور.
أولًا الشكر، فالشكر ليس مجرد كلمات تخرج من الفم، بل هو أسلوب حياة يعيش به المؤمن الحقيقي، مقتديًا بالمسيح الذي شكر الآب في كل شيء. يقول بولس الرسول: “اشكروا في كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم” (1 تسالونيكي 5: 18). فكيف يمكننا أن نعيش حياة الشكر الحقيقية؟ كما إنّ كلمة "إفخارستيا" تعني "شكر": "أن نشكر" الله على عطاياه، وبهذا المعنى فإنّ علامة الخبز مهمّة. إنّه الطعام اليومي، الذي نحمل به إلى المذبح كلّ ما نحن عليه وما نملكه: الحياة، والأعمال، والنّجاحات، وحتّى الفشل، كما ترمز العادة الجميلة لبعض الثّقافات المتمثّلة في جمع الخبز وتقبيله عندما يقع على الأرض: لكي نتذكّر أنّه أثمن من أن يُرمى، حتّى بعد وقوعه. لذلك تعلِّمنا الإفخارستيا أن نبارك عطايا الله ونقبلها ونُقبِّلها دائمًا، كعلامة شكر، ولكن ليس فقط في الاحتفال، وإنما في الحياة أيضًا.
ثانيًا الذكرى، "تبريك الخبز" يعني أن نتذكّر. ولكن ماذا؟ بالنّسبة لشعب إسرائيل القديم، كان الأمر يتعلّق بأن يتذكّر تحرّره من العبوديّة في مصر وبداية خروجه نحو أرض الميعاد. وبالنّسبة لنا هو أن نعيش مجدّدًا فصح المسيح، وآلامه وقيامته من بين الأموات، التي بها حرّرنا من الخطيئة والموت.
ثالثًا الحضور، الخبز الإفخارستيّ هو حضور المسيح الحقيقيّ. وبهذا هو يحدّثنا عن إله ليس بعيدًا وغيّورًا، بل قريبًا ومتضامنًا مع الإنسان؛ لا يتركنا أبدًا، بل يبحث عنا، وينتظرنا ويرافقنا على الدوام، لدرجة أنّه يضع نفسه أعزلًا بين أيدينا. وحضوره هذا يدعونا أيضًا لكي نقترب من الإخوة حيث تدعونا المحبّة.