بوابة الوفد:
2025-04-11@01:16:53 GMT

سوريا الوطن الجريح

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

منذ سنوات وتمر سوريا بواحدة من أعنف فصول تاريخها، حيث تحولت من بلد مزدهر يتمتع بتنوع حضارى وثقافى إلى حطام وطن وساحة حرب دامية تتقاذفها الأطماع السياسية، والتدخلات الخارجية، والجماعات المتطرفة التى رفعت راية الإسلام زورًا وبهتانًا، إنها مأساة أمة يتم تدميرها ببطء تحت ستار شعارات مزيفة، والغرب يريد أن يفرض واقعا عنصريا على الأزمة ألا وهى الفصائل الإسلامية هى من دمرت سوريا، بينما الإسلام الحقيقى يبرأ تمامًا مما يُرتكب باسمه.

لم تكن الأزمة السورية وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تضافر عوامل داخلية وخارجية، من مطالب شعبية بالإصلاح فى بدايات الأحداث، إلى دخول قوى دولية وإقليمية جعلت سوريا ميدانًا للصراعات الجيوسياسية، وأصبحت مدن سوريا أشبه بلعبة شطرنج بين القوى الكبرى، حيث تخوض كل دولة حربًا بالوكالة لتحقيق مصالحها على حساب الشعب السورى.

مع دخول الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» إلى الساحة السورية، تغيرت ملامح الأزمة بشكل جذرى، حيث قامت جماعات ارهابية مزيفة نسبت للإسلام زورًا وبهتانًا، بارتكاب أبشع الجرائم من ذبح وقتل وتشريد، وفرض تفسير مشوه للإسلام الذى يدعو للرحمة والعدل، الإسلام بريء من أفعالهم التى شوهت صورته عالميًا، واستخدموا الإرهاب كسلاح مدمر لتشويه الإسلام.

لعبت فيه بعض الدول دورًا خفيًا ومعلنًا فى تمويل وتسليح هذه الجماعات، مستخدمة الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، مما أدى إلى مزيد من الإنهيار والخراب، تحملت فيه الشعب السورى العبء الأكبر من هذه الكارثة، الملايين شُردوا داخل البلاد وخارجها، ومئات الآلاف فقدوا أرواحهم ومدن بأكملها دُمرت، وباتت حياة الكثيرين معلقة بين مخيمات اللجوء والأمل الضئيل بالعودة إلى وطن لم يعد كما كان.

حاولت الجماعات المتطرفة تصوير جرائمها على أنها جزء من الدين الإسلامي، بينما الحقيقة أن الإسلام لا يجيز القتل ولا التدمير، ولا يبرر الاعتداء على الأبرياء، بل إن تعاليمه تدعو إلى التعايش السلمي، وحفظ النفس والمال، وتحقيق العدالة، فى الوقت الذى يفترض أن هناك مجتمعا دوليا عليه أن يتصدى ويقف إلى جانب الشعب السورى لإعادة بناء وطنه، رأينا تقاعسًا واضحًا وتدخلات زادت من تعقيد الوضع، فكثير من الدول استخدمت الأزمة السورية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، بدلًا من العمل على إنهاء الصراع ومساعدة الشعب السورى.

فالواقع يؤكد أن هناك قوى دولية وإقليمية لعبت أدوارًا معقدة ومثيرة للجدل فى تعقيد المشهد السورى، هذه الدول الكبرى استخدموا عددا من الدول المحيطة بسوريا فى تنفيذ مخططهم التدميرى، حيث كان لكل منها أهدافها ومصالحها التى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر فى تفكيك سوريا وإطالة أمد الصراع.

على رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التى لعبت دورًا محوريًا فى الأزمة السورية عبر سياسات متناقضة وتحالفات متعددة، فقد دعمت واشنطن فصائل المعارضة السورية بالسلاح والتمويل تحت ذريعة «إسقاط النظام»، ما أدى إلى تصاعد العنف وتوسيع رقعة الحرب، ورغم إعلانها محاربة الإرهاب ولكنها كانت تعزز الفوضى بكافة أشكالها، ورغم إعلانها الحرب على «داعش»، أثارت التحركات الأمريكية شكوكًا حول نواياها الحقيقية، حيث استغلت الفوضى لتعزيز نفوذها فى مناطق غنية بالنفط مثل شمال شرق سوريا، كما حافظت على وجود عسكرى غير شرعى فى سوريا تحت ذريعة «محاربة الإرهاب»، بينما الهدف الحقيقى كان السيطرة على الموارد الطبيعية ومنع استقرار المنطقة.

عدد من دول أوروبا التى لم تكن بعيدة عن كدر الصراع الدموى، والتى رفعت شعار «الفرضية بين التدخل والتقاعس»، فقد اتخذت عدداً من دول أوروبا موقفًا مزدوجًا تجاه الأزمة السورية، حيث كانت شريكًا فى السياسات الأمريكية وفى الوقت ذاته تدعى السعى للحلول السلمية، وشاركت هذه الدول، مثل بريطانيا وفرنسا، فى تسليح جماعات معارضة، بعضها متطرف، ما ساهم فى تعقيد الأزمة واشتعالها، فبرغم خطورة التدخل العسكري، لم تقم الدول الأوروبية بدورها الإنسانى المناسب، بل اكتفت بإغلاق حدودها أمام اللاجئين السوريين، وتحويل أزمتهم إلى ورقة ضغط سياسية.

الكيان الصهيونى المغتصب والذى هو رأس الحربة فى هذه الأزمة من بدايتها، وتتدخل إسرائيل لتحقيق الأجندة الاستراتيجية، فكان للكيان الصهيونى المغتصب دور مختلف، كان له التأثير الأعظم عن باقى القوى، حيث سعت لتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب وحدة واستقرار سوريا، فقد وجد الكيان الصهيونى فى الحرب السورية فرصة لإضعاف سوريا كقوة إقليمية تهددها، فقد شن الكيان الصهيونى مئات الغارات الجوية على مواقع داخل سوريا تحت ذريعة استهداف «النفوذ الإيرانى»، ما أدى إلى تفاقم الدمار وزعزعة الاستقرار، واستغلت إسرائيل الحرب لتعزيز سيطرتها على الجولان المحتل، بل وحصلت على اعتراف أمريكى بسيادتها عليه، فى خطوة مخالفة للقانون الدولى.

وكان لهذه الدول الدموية على رأسها أمريكا واسرائيل أهداف من تدمير سوريا، منها تقسيمها إلى كيانات ضعيفة ومتناحرة لتقليل نفوذها الإقليمى، والسيطرة على مواردها، فأمريكا ودول غربية هدفها السيطرة على موارد سوريا النفطية والمائية، بينما تسعى إسرائيل لتأمين مصالحها الأمنية والجيوسياسية.

فالتكلفة الإنسانية والاقتصادية التى تسببت فيها تدخل هذه القوى، باهظة للغاية، كتدمير البنية التحتية السورية، مقتل مئات الآلاف من المدنيين، تشريد الملايين داخليًا وخارجيًا، نهب الموارد الطبيعية التى كانت ستسهم فى إعادة إعمار البلاد.

النتيجة المؤلمة والحتمية أصبحت سوريا حطام وطن، وساحة صراع عالمى، تحولت فيه إلى ساحة تصفية حسابات بين القوى الكبرى، والنتيجة شعب مشرد يعانى، وتدمير تاريخها وثقافتها، فتدمير سوريا لم يكن نتيجة الحرب الداخلية فقط، بل بسبب التدخلات الخارجية التى لم تكن تهدف إلى إنهاء الأزمة، بل استغلالها لتحقيق أجندات خاصة.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رادار الأزمة السوریة

إقرأ أيضاً:

أمسية ثقافية لتكريم المؤلف مجدى صابر بـ «آداب عين شمس»

كرمت كلية الأداب بجامعة عين شمس الكاتب مجدى صابر، عن مجمل أعماله الفنية، فى أمسية ثقافية اقيمت خصصت للاحتفاء به، حضرها عدد كبير من طلاب الجامعة وأدار الندوة الدكتورة حنان كامل عميد كليه الآداب.

وتحدث الكاتب مجدي صابر، عن مشواره الفني وبدايته مع الكتابة، ورحلة تقديمه قصص وأعمال للأطفال فقدم لهم أكثر من 350 عملا متنوعا بين الأسطورية والبوليسية، كما قدم العديد من القصص الشبابية التى تنوعت بين الرومانسي والخيال العلمى ليقدم أعمالا أثرت فى تكوين أجيال مختلفة.

وتحدث مجدي صابر، خلال الندوة عن نشأته فى حى شبرا العريق وأثر ذلك فى تكوينه الثقافى والاجتماعى والإنساني والذى ساعد فى تقديمه أعمالا درامية من واقع المجتمع أثرت فى عقول وقلوب جمهوره.

وتطرق «صابر» إلى بداياته في عالم كتابة الأعمال الدرامية، التى بدأها في سن مبكرة بالكتابة للاطفال، قبل أن ينتقل للكتابة للكبار مع المنتج إبراهيم شوقي الذي أعجب ببعض رواياته فقرر أن يحولها إلى مسلسلات.

وتطرق السيناريست مجدى صابر إلى تعاونه مع كبار النجوم، على رأسهم الراحل نور الشريف ويحيى الفخرانى وعبلة كامل، وغيرهم وكواليس كثيرة فى مشواره، التى جمعته بكبار المخرجين أمثال محمد فاضل ومجدى ابو عميرة واحمد صقر ومجدى أحمد على ورباب حسين وسمير سيف وخيرى بشارة.

وكشف أيضا، عن اكتشافه العديد من الوجوه الفنية التى اصبحت نجوما للصف الأول امثال احمد زاهر، ومنه شلبى ومى عز الدين واحمد رزق وريهام عبد الغفور، وخالد سرحان، وغادة عبد الرازق.

واختتم بالاشادة باهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بتطوير الدراما، مؤكدا أن القيادة السياسية تؤكد دائما على تقديم القيم الإيجابية ودعم وعي المواطن، وتستهدف تقديم أعمالا فنية تعبر عن النسيج الوطنى الاصيل.

وقدم مجدى صابر، الشكر لأعضاء هيئة التدريس وطلاب جامعة عين الشمس، ونصح الطلاب بالقراءة والاهتمام بالثقافة والمعرفة والتاريخ المصرى فى الأدب والفنون والهندسة، مؤكدا أن من لا ماضى له، لا يملك حاضر ليصنعه.

يذكر أن السيناريست مجدى صابر قدم العديد من الأعمال لكبار النجوم، من أهمها “الرجل الآخر لنور الشريف، للعدالة وجوه كثيرة ليحيى الفخرانى، أين قلبى ليسرا، يا ورد مين يشتريك لسميرة أحمد وحسين فهمى، وسلسال الدم بأجزائه الخمسة وغيرها من الأعمال الفنية التى اثرت الفن المصرى.

مقالات مشابهة

  • مندوب سوريا بمجلس الأمن: الاحتلال انتهك القرارات الأممية بدخوله الأراضي السورية
  • بن جامع:مستعدون للعمل مع جميع الدول الأعضاء ..و ازدهار سوريا ضروري لاستقرار المنطقة
  • أمسية ثقافية لتكريم المؤلف مجدى صابر بـ «آداب عين شمس»
  • ولي العهد ورئيس فرنسا يبحثان الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار
  • الجمعية الطبية السورية الألمانية تنظم لقاءً علمياً مع طلاب كلية الطب البشري في جامعة إدلب حول النظام الصحي في سوريا، وبعض الحالات الإسعافية والطبية الحرجة، وذلك على مدرج مستشفى إدلب الجامعي
  • ورشة علمية طبية في جامعة حلب للجمعية السورية الألمانية، بهدف تعزيز التعاون بين الكوادر الطبية في الخارج والأطباء داخل سوريا
  • اقتصاد السودان بعد حظر الواردات من كينيا.. الشاي في قلب الأزمة
  • المتحدث باسم الأمم المتحدة: سوريا لا تزال دولة عضواً في المنظمة وقرار تغيير تأشيرات أعضاء البعثة السورية لا يؤثر على ذلك
  • عضو إفريقية النواب: القمة الثلاثية تؤكد رفض التهجير وتدعم مسارًا سياسيًا لحل الأزمة الفلسطينية
  • بعد الأزمة القلبية.. ناني موريتي يغادر المستشفى