لم تكن الصحف فى الماضى مجرد مؤسسات إعلامية تنقل الخبر إلى القارئ لحظة بلحظة وتؤدى رسالتها فى محاربة الفساد والرقابه على اداء الحكومة باعتبارها السلطة الرابعة.. ولكنها كانت جامعة يتعلم فيها شباب الصحفيين السياسة والصحافة والثقافة والتاريخ والأخلاق وكل شىء.. وأذكر أن الديسك المركزى فى صحيفة «الوفد» كان منارة للعلم والأدب والثقافة والصحافة والسياسة.
أذكر فى أحد الأيام كنا نجلس مع أستاذى المفكر الكبير جمال بدوى فى الديسك المركزى وكان وقتها رئيسا للتحرير، وبينما يدور الحديث ما بين السياسة وأنظمة الحكم والديمقراطية حتى وجه الأستاذ جمال حديثه إلى الأستاذ سعيد قائلا: شوف يا سعيد أنا شايف أن الديمقراطية التى نتغنى بها ليل نهار ليست الأفضل دائما وأنها –أى الديمقراطية– هى مجرد وسيلة وليست غاية، وأضاف لك أن تعلم أن الديمقراطية لا تأتى دائما بالأفضل لأنها تعتمد على قواعد يسمونها قواعد اللعبة وهذه القواعد يشوبها الكثير من الشبهات فى أحيان كثيرة.. واختتم الأستاذ جمال حديثه قائلا: الكلام ده يا سعيد اتفقنا عليه انا وفؤاد باشا أمس بعد حديث طويل.
اندهشنا نحن شباب الصحفيين من كلام الأستاذ لأننا كنا نتصور وقتها أن الديمقراطية هى الأمل والرجاء وهى الطريق الأمثل إلى المدينة الفاضلة.
تذكرت هذا الحوار بالأمس بعد قيام الرئيس الأمريكى بايدن بإصدار قرار بالعفو عن نجله الذى أدين بتهم حيازة الأسلحة والتهرب الضريبى من قبل المحاكم الفيدرالية فى ولايتى ديلاوير وكاليفورنيا.
تذكرت ما قاله الأستاذ جمال بأن الديمقراطية ليست الأفضل ولا تأتى بالأفضل دائمًا وأن فيها «خيار وفقوس».
حقيقة لا أجد وصفا حقيقيا لهذه الديمقراطية لكن يمكن أن نقول إنها «الديمقراطية العرجاء» أو «ديمقراطية ساكسونيا» أو «الديمقراطية الملاكى».. أو «الديمقراطية الزائفة».. كيف لرئيس منتهية ولايته ويستعد لتسليم السلطة أن يصدر عفوا عن نجله بعد أسابيع من إدانته فى مثل هذه القضايا الخطيرة، وماذا عن الآخرين أمثاله الذين صدرت بحقهم أحكام مماثلة؟ لماذا لم يشملهم العفو؟ وأى ديمقراطية وأى تشريع هذا الذى يمنح الرئيس مثل هذا الحق؟ أين المؤسسات الأمريكية؟ وأين مجلسا الشيوخ والنواب؟ وأين المواطن الأمريكى نفسه من هذا الهزل؟
كان الرئيس ميشيل أوباما وهو واحد من أقوى الرؤساء الأمريكيين يقول إنه يخشى على أمريكا من العنصرية ويرى فيها الخطر الأكبر الذى يهدد أكبر دولة فى العالم.. والسؤال الآن إلى الرئيس أوباما وكل المؤسسات الحاكمة فى الولايات المتحدة ألا ترون فيما فعله بايدن عنصرية؟
إن ما فعله الرئيس بايدن يعد جريمة مكتملة الأركان.. جريمة لا تسقط بالتقادم وتضرب أصول الحكم فى أمريكا والتى تقوم جميعها على الديمقراطية التى أثبتت المواقف والأحداث أنها زائفة.
هذا ما فعله بايدن رئيس أكبر دولة فى العالم.. وعلى دراويش أمريكا والغرب المبشرين بالديمقراطية الزائفة أن يتواروا خجلا مما حدث.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب محاربة الفساد شباب الصحفيين أن الدیمقراطیة
إقرأ أيضاً:
كيف منع بايدن نتانياهو من توجيه ضربة قاضية لحزب الله؟
كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" كواليس هامة من الدوائر السياسية والعسكرية الإسرائيلية في الساعات والأيام الأولى بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي كان على وشك شل تنظيم "حزب الله" اللبناني.
وأضافت جيروزاليم بوست تحت عنوان "كيف كادت إسرائيل أن تقضي على حزب الله بعد أيام قليلة من السابع من أكتوبر"، أنه منذ السابعة صباحاً من السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، انتاب هرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قلق مزدوج، واشتبه في أن حركة "حماس" الفلسطينية وتنظيم "حزب الله" اللبناني ربما كانا يهاجمان أو سيهاجمان في نفس الوقت تقريباً، أو كانا ينسقان لنقل تركيز الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب، لضربه بقوة أكثر خطورة من الشمال.
ولإدارة مثل هذه المعركة على جبهتين، كان عليه أن يفعل ذلك من مقر القيادة العسكرية في تل أبيب مع كل المعلومات الفريدة من نوعها عن الجبهات المتعددة التي كان بوسعه أن يحصل عليها، ولم يتزايد هذا القلق من مواجهة حرب متعددة الجبهات إلا عندما بدأ حزب الله في إطلاق قذائف الهاون على إسرائيل في 8 أكتوبر 2023.
هل يتراجع ترامب عن خطة غزة؟https://t.co/aNc8f8kbBI pic.twitter.com/4dqXFlRuTY
— 24.ae (@20fourMedia) February 6, 2025 التنبؤ بهجوم متعدد الجبهاتوأشارت الصحيفة إلى أن هاليفي عند ترشيحه لرئاسة أركان الجيش الإسرائيلي عام 2022، قدم لبيني غانتس وثيقة تفصل شدة التهديد متعدد الجبهات، ولذلك قد كان أكثر استعداداً ذهنياً لمثل هذا التهديد،. كما أوضحت أن استخبارات الجيش الإسرائيلي، كانت أول من جلب معلومات حول غزو محتمل لحزب الله، وليس جهاز الأمن العام الإسرائيلي شاباك، أو جهاز الموساد. ولذلك كان من الضروري أن يتم توجيه ضربة استباقية كبرى من قبل الجيش الإسرائيلي لإثارة هذه التهديدات على الفور.
وقدم رئيس استخبارات الجيش الإسرائيلي آنذاك، أهارون حاليفا، تحديثاً إلى هاليفي بشأن معلومات التهديد، وبدأ هاليفي في لفت انتباه المستوى السياسي إلى هذه المعلومات مجدداً بعد السابع من أكتوبر ، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت، وبدأ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في عقد مشاورات مكثفة مع قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين، وقائد القوات الجوية تومر بار، ومجموعة متنوعة من مسؤولي الاستخبارات في الجيش، وقائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان، ومع المشاورات، أصبح مقتنعاً بأن هذه هي الخطوة الصحيحة.
وفي مرحلة ما، أرسل هاليفي مسؤولي استخبارات في الجيش لمناقشة القضية مع غالانت، وفهم أن وزير الدفاع أيضاً يؤيد الهجوم على حزب الله، بهدف مفاجأة حزب الله قبل أن يتمكن من فتح جبهة ثانية كبرى ضد إسرائيل، وأراد هاليفي التفكير في الأمر بشكل ديناميكي.
وأدرك هاليفي آنذاك أنه حتى مع تأييد غالبية المؤسسة الدفاعية لضربة كبرى على حزب الله، كان رئيس قسم التحليل والاستخبارات في الجيش الإسرائيلي عميت ساعر معارضاً، وأيد هاليفي حق ساعر في التعبير عن هذا داخل المؤسسة العسكرية وأمام أعضاء مجلس الوزراء الأمني.
موقف نتانياهوبحسب الصحيفة، كان هاليفي قلقاً بشأن ما إذا كان نتانياهو سيؤيد الهجوم، حيث إنه أرسل رئيس قيادة العمليات في الجيش ورئيس القيادة الاستراتيجية من أجل لقاء اليد اليمنى لنتانياهو، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر من أجل إقناعه، كما أن هاليفي في اجتماعه المباشر المُصغر مع نتانياهو، عمل هاليفي بنفسه على إقناع رئيس الوزراء، ولكنه أدرك أيضاً منذ البداية أن المعارضة الأمريكية قد تكون مشكلة.
وقالت إنه حتى اجتماع مجلس الوزراء، لم يكن يعرف هاليفي ما الذي سيقرره نتانياهو، رغم اعتقاده بأن رئيس الوزراء يرسل إشارات خفية بأنه سيعارض مثل هذا الهجوم. وعلى أية حال، أوصى غالانت وهاليفي القيادة العليا بالهجوم في الساعة الثالثة صباحاً من يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول)، وحتى أن هاليفي أمر بإرسال القوات الجوية إلى السماء حتى تكون جاهزة للهجوم في غضون دقائق.
وأوضح غالانت لديرمر أنه يجب إبلاغ نتانياهو بأن الهجوم الكبير على حزب الله يجب أن يتم الآن ولا يمكن تأجيله ، كما أراد أن يخبر نتانياهو أن القرار بعدم التحرك حتى الآن كان يعني مجرد تأجيل الأمر، وعدم المضي قدماً على الفور قد يعني فقدان الخيار لفترة طويلة.
كاتب إسرائيلي: إعلان الانتصار على حماس "وهم خطير"https://t.co/GDQLXDcVTu
— 24.ae (@20fourMedia) February 5, 2025 تدخل أمريكيآنذاك، اتصل ديرمر بمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، فيما اعتبر البعض أن استدعاء سوليفان في هذه المرحلة خطأ في حد ذاته، لأنه لم يكن هناك أي طريقة لتأييد الولايات المتحدة لضربة استباقية. وأجرى ديرمر وسوليفان محادثة أولية، مما أدى إلى قيام الرئيس جو بايدن ونتانياهو بالدخول في خط مباشر، وعندما حاول نتانياهو الضغط على بايدن لدعم ضربة إسرائيلية كبرى على حزب الله، رد بايدن بكل قوته: "لا تفعل هذا، أنت تعرفني، لقد عرفنا بعضنا البعض لفترة طويلة، هذا خطأ، لا تسلك هذا الطريق".
ولاحقاً، تمكن غالانت أخيراً من التحدث إلى نتانياهو نفسه، وحاول الوزير الضغط على رئيس الوزراء لشن هجوم استراتيجي كبير لم يكن يريد القيام به، ووصفت الصحيفة وضع رئيس الوزراء بأنه في موقف محرج، وأنه غير راغب (أو خائف) من القيام بعمل عسكري.