الأزمة الاقتصادية.. تشعل الخلافات الزوجية
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
وَمِنْ ءَايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» صدق الله العظيم.. هكذا وصف الله عز وجل العلاقة الزوجية، ولكن الكثير من الأزواج يجهلون معنى المودة والرحمة، وحوّلوا الحياة لحلبة للصراع، بل إن الأطفال أصبحوا جزءا من هذا الصراع.
أسباب كثيرة وراء الخلافات الزوجية وارتفاع حالات الطلاق أولها انعدام الوازع الدينى لدى الكثيرين، وتدخل الأهل فى حياة أبنائهم بعد الزواج، والعناد بين الزوجين، كما أن الأزمة الاقتصادية كانت سببا فى ارتفاع حالات الطلاق فى السنوات الأخيرة، وهو ما يدفع ثمنه الأطفال الذين تحولوا إلى دروع بشرية يستخدمها أحد الزوجين للتغلب على الآخر.
ومع ارتفاع الأسعار بشكل مستمر تزداد الخلافات الزوجية لتدفع الأسر المصرية الثمن من استقرارها وهدوئها، كما دفعته من جيوب عوائلها، وهو ما ينعكس على استقرار المجتمع كله، فالأسرة هى النواة الأساسية للمجتمع والتى إذا انفرط عقدها انفرط عقد المجتمع كله.
بيوت المصريين فوق صفيح ساخن
مشاكل وخلافات على كل شكل ولون، تعيشها معظم الأسر المصرية، يتساوى فيها الأغنياء والفقراء، منها ما يصل إلى ساحات المحاكم، ومنها ما يظل حبيس جدران البيت، وفى النهاية يدفع جميع أفراد الأسرة ثمن هذه الخلافات من حالتهم النفسية واستقرار الأسرة والمجتمع.
التقت «الوفد» عددا من الزوجات على عتبات محاكم الأسرة، وبدأت «أمل» صاحبة الـ30 عامًا حديثها والدموع تملأ عينيها قائلة: «جوزى ابن أمه طلقنى عشان يرضيها»، مضيفة أنه «لم يكتف بهذا بل أخذ منى طفلى، ودبت الخلافات بيننا منذ الليلة الأولى لزواجنا بعدما أصرت حماتى على أن تقيم معنا فى شقتنا بالرغم من أنها تقيم فى الطابق الأول من نفس العقار، ولكنها رفضت أن آخذ منها نجلها على حد قولها، فهى إنسانة مريضة، فكيف لأم أن تقارن نفسها بزوجة ابنها رغم أن الله تعالى وضعها فى مكانة عظيمة!».
وأوضحت «أمل»: فى الثامنة صباحًا من نهار اليوم التالى لزواجنا طرقت حماتى باب غرفتنا بشدة وطالبتنى بتحضير الإفطار لها، وبعد ذلك توالت الأحداث وأصبحت خادمة لها طوال اليوم، وليس ذلك فحسب بل كانت تحرض زوجى عليّ ولا تتركه حتى ينهال علىّ ضربا حتى سئمت حياتى معه وطلبت الطلاق ولكنه رفض، وبعد إنجاب طفلى الأول لم ينتظر زوجى حتى أتعافى، بل طلقنى وأخذ منى الطفل وتشاجر مع أهلى وهددهم عندما حاولوا أخذ الطفل منه، وها أنا الآن فى انتظار عدالة المحكمة ولا أريد منه شيئًا سوى طفلى لأعيش لتربيته ورعايته.
قضية «أمل» وصلت للمحكمة وتنتظر حكم العدالة، ولكن كثيرات غيرها لم تطأ أقدامهن ساحات المحاكم ولكنهن فى انتظار عدالة السماء، منهن «س.م» التى تعمل ببيع الخضراوات فى إحدى قرى محافظة الجيزة والتى حكت لنا مأساتها مع زوجها قائلة: «معى 4 بنات وولد، باشقى وبتعب عشان أصرف عليهم، من أذان الفجر بخرج من البيت لجلب الخضار والعودة لفرشة الشارع لأبيعه حتى أتمكن من الإنفاق عليهم وعلى تعليمهم، فزوجى لا يعمل ينام طول اليوم، وفى المساء يسهر مع صحبة السوء ويتعاطى المواد المخدرة، ويضربنى وينهرنى إذا رفضت إعطاءه الفلوس التى ربحتها من تعبى وشقاى، لم يكتف بعدم الإنفاق على أبنائه بل يأخذ منى ليشترى المخدرات».
وأضافت: سنوات طويلة قضيتها معه وأنا أكرهه بسبب سوء أخلاقه فكان يفرض على كل شىء، ولكنى تحملت وجاهدت حتى يتعلم أبنائى فكان هدفى هو تأمين مستقبلهم «مش عايزاهم يشوفوا اللى أنا شوفته» فالتعليم سلاحهم الوحيد فى هذه الحياة، وبعد سنوات طويلة اشتريت بيتا صغيرا بالتقسيط من أحد معارفى حتى أترك له بيته، وعندما علم أننى اشتريت البيت ودفعت القسط الأول، حاول التودد إلىّ وادعى كذبًا أنه تغير وسوف يعمل وطالبنى بالنقل فى البيت الجديد، رفضت لأنى متأكدة أنه لن يتغير أبدًا، وطلبت الطلاق منه إلا أنه رفض فانتقلت أنا وأبنائى للبيت الجديد، إلا أنه جاء واقتحمه علينا وعاش معنا رغمًا عنى، وأردفت قائلة: «أنا يتيمة مليش حد يدافع عنى بخاف منه وبخاف على عيالى».
لم تنتهِ حكاية «س» عند هذا الحد بل أضافت: بعدما اقتربت من انتهاء تسديد أقساط البيت بصّمنى على بيعه مستغلا أننى أمُية لا أقرأ ولا أكتب، بعدما أوهمنى أنها ورقة لتبرئته من كل مستحقاتى ليضمن عدم رفع قضايا عليه بعد طلاقنا، وبعد ذلك تزوج من أخرى وجاء بها لتعيش معنا، وهددنى بالطرد من البيت بعدما أخبرنى أنه نقل ملكية البيت له، ومع الغلاء الشديد لم أقدر على مصاريف أبنائى، فاضطررت إلى تحمل هذه الحياة بكل قسوتها إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.
أما «منى» ذات الـ25 ربيعًا، فتقول: أنا متزوجة من موظف منذ 3 سنوات طلب منى ترك العمل للاهتمام بالبيت والأبناء بعد أن رزقنا الله بطفلين، تحلمت عصبيته للحفاظ على بيتى ولكن مع ارتفاع الأسعار أصبح غير قادر على توفير احتياجاتنا الأساسية، وكان يتشاجر معى كل يوم بسبب الغلاء ويتهمنى بعدم القدرة على التوفير، وبعد ذلك بدأ يردد عبارة «أنا زهقت منكم امشى انتى وعيالك» كنت آخذ كلامه على أنه لحظة انفعال بسبب الظروف المادية ولا يقصد ما يقوله، حتى جاء يوم وفوجئت أنه نفذ تهديداته وطلقنى وطردنى أنا وأبنائى لتوفير ما ينفقه علينا، ذهبت لأهلى وأنا فى حيرة من أمرى لا أدرى ماذا أفعل.
أما «ماجدة» فقد سردت لنا تفاصيل قصة طلاقها قائلة: حماتى فرضت علىّ خدمتها هى وأبنائها بعد زواجى بأسبوع واحد، وكانت تعاملنى وكأنى جارية اشتراها نجلها لها، وإذا شكوت لزوجى ينهرنى، قائلًا: «أنا اتجوزت عشان أجيب واحدة تخدم أمى»، مع العلم أنها تتمتع بصحة جيدة وليست مريضة، بل والأكثر من ذلك أنها كانت تتدخل فى كل صغيرة وكبيرة بيننا حتى أمورنا الخاصة، كانت تحكى كل تفاصيل حياتنا لأقاربها وتتباهى بسيطرتها علينا وفرض رأيها ومعرفتها بكل شىء، والأسوأ من ذلك أنى اكتشفت أن زوجى مدمن لمشاهدة الأفلام المنافية للآداب على الانترنت ويطالبنى بتقليدها وهو ما يخالف الدين والشرع، فقررت رفع دعوى طلاق للضرر عليه.
والتقطت أطراف الحديث «مريم» صاحبة الـ23 عامًا، قائلة: كان زوجى يعاملنى احسن معاملة خلال فترة خطبتنا، ولكن بعد أيام قليلة من زفافنا تغيرت معاملته للأسوأ، وأخذ مصوغاتى الذهبية دون علمى وباعها وعندما سألته أخبرنى أنه يمر بضائقة مالية، جن جنونى منه لأنه لم يخبرنى قبل بيعها لو صارحنى كنت أعطيته إياها عن طيب خاطر، إلا أنه تشاجر معى وقال أنا حر أفعل ما أريد.
وأضافت: ساءت معاملته معى أكثر وحاولت كثيرًا معرفة أسباب هذا التغير، إلا أن محاولاتى كانت تنتهى دائما بمشاجرة، وبعد فترة بدأ يأخذ أى أموال معى حتى لو كان والدى هو الذى أعطانى إياها، بل ويطلب منى راتبى كل شهر ولا يترك لى إلا القليل، وإذا رفضت ينهرنى حتى وصل به الأمر للتعدى عليّ بالضرب وأنا حامل فى الأشهر الأولى حتى فقدت الجنين.
وقالت: «تركت له المنزل وذهبت لعائلتى وبعد محاولات الأهل والأصدقاء تم الصلح، وتعهد أمامهم بتغيير معاملته معى، وأكد أنه لا يستطيع الحياة بدونى وأن سوء معاملته بسبب ضغوط العمل ومروره بضائقة مالية، سامحته وعدت إلى منزلى إلا أنه عاد لما كان عليه من عصبية، وامتنع عن الإنفاق على البيت تماما، وكان يسلبنى كل أموالى حتى طلبت منه الطلاق ولكنه رفض وتعدى عليّ بالضرب حتى فقدت وعيى، واستيقظت فى أحد المستشفيات، وبعد أن تعافيت توجهت إلى بيت والدى ورفضت العودة إليه نهائيًا، ولكنى فوجئت بعد فترة بأنه طلبنى فى بيت الطاعة وبدد منقولاتى، فقدمت طلب اعتراض على بيت الطاعة ورفعت دعوى طلاق للضرر».
«القوامة» سلاح الرجال.. والتنفيذ للنساء!
كثرة الخلافات الزوجية داخل المنازل كشفت عن كارثة مجتمعية خطيرة، فقد أصبحنا فى زمن كثر فيه أشباه الرجال، الذين يجهلون معنى القوامة ولا يعرفون سوى الصوت العالى والتحكم فى زوجاتهم، يكتفون من الحياة بالحقوق فقط دون النظر إلى واجباتهم، فنجد منهم من يرفض الإنفاق على بيته ويطالب زوجته بتحمل نفقات الأبناء، ومنهم من شردوا أبناءهم وأساءوا معاملة زوجاتهم، غير عابئين بمفهوم القوامة التى ميزهم الله بها.
حكاية «منى»
كانت «منى» تستند برأسها إلى الحائط بمحكمة الأسرة تنتظر بدء جلسة دعوى الطلاق للضرر التى رفعتها ضد زوجها الذى خدعها وظهر عندما تقدم لخطبتها فى صورة مثالية، قالت «منى»: بعد الزواج كان يتعدى علىّ بالضرب بسبب وبدون سبب، وإذا طلبت منه شيئًا فكان يرفض الإنفاق عليّ ولا يعطينى سوى القليل وكان يطالبنى بجلب أموال من أهلى مبررا ذلك بأنه غير مسئول عن الإنفاق علىّ قائلا: «لم أتزوجك لأصرف عليك» بالرغم من أنه يتقاضى أجرا كبيرا من عمله، ولكن نفسه المريضة أقنعته بأنه غير ملزم بالإنفاق عليّ، والقوامة فى مفهومه الخاطئ أنه يتحكم بى وينهرنى ويضربى، ودائما ما يردد «الستات ماتجيش إلا بالعين الحمرا» بعد 5 أشهر عذاب تركت له البيت وذهبت لأهلى ورفعت دعوى طلاق للضرر.
وقالت «أسماء» زوجة ثلاثينية إنها تزوجت زميلها فى نفس المؤسسة التى تعمل بها، وبعد انتهاء إجازة الزفاف والعودة للعمل طالبنى بالإنفاق على البيت «مش قبضتى اصرفى» وكان يتحكم فى كل صغيرة وكبيرة فى حياتنا ولا يسمح لى أن أشترى شيئا دون علمه، فهو من يحدد احتياجاتنا ويتحكم فى راتبى أيضًا، وعندما أتحدث معه أنه هو الملزم بالإنفاق على البيت وعليّ، وأن الدين والشرع والقانون أوجبوا عليه الإنفاق يرد قائلًا «أنا اتجوزتك بتشتغلى يبقى لازم تصرفى» وأضافت: الإهانة والصوت العالى والتحكم هذا هو معنى القوامة عنده.
وفى هذا الصدد، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: «للأسف معظم المسلمين على تنوع مفاهيمهم لا يعلمون شيئا عن فقه الأسرة فى الإسلام، وهذا له بواعث عديدة منها أن هناك غيبوبة فكرية، بالإضافة لدور الجماعات والفرق والتنظيمات فى تسطيح الدين، وتغييب العقول».
وأوضح العالم بالأزهر أن القوامة فى الدين هى القيام بأعباء الأسرة إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» فالرجل فى أهله راع وهو مسئول عن رعيته، ولكن ليس معنى القوامة التسلط فى الحياة الزوجية ولا الجبروت، بل هى القيام بأعباء الأسرة ورعايتها لإسعادها وتأمينها والقيام على شئونها، هذا هو المفهوم الإسلامى الصحيح للقوامة، وليس معناها أن الرجل رقم 1 والمرأة رقم 2 بعده، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «النساء شقائق الرجال» فالقوامة ليست رئاسة ولكنها أعباء، مهام يقوم بها رب الأسرة أما بالنسبة للإنفاق فى القرآن فقال تعالى: «لينفق ذو سعة من سعته» وقال تعالى «وأسكنوهن من حيث سكنتم»، والرسول بيّن حقوق الزوجة بعقد الزواج الصحيح بأن تطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا كسوت، فعقد الزواج الصحيح يوجب للمرأة النفقة من مأكل ومسكن ومشرب وملبس وعلاج، بالإضافة إلى حسن العشرة، أما أن تنقلب الأمور والمفاهيم والعُرف الفاسد الذى يئد الرجولة، ويهدد القوامة بأن المرأة تنفق على الأسرة فهذا ممنوع إلا إذا كانت هى تريد الإنفاق من وسع وعن طيب خاطر وتطوع، وإن كان زوجها فقيرا أو مسكينا فتصدقت كما فعلت زينب زوجة عبدالله ابن مسعود حينما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم «إن عبدالله يزعم أنه أولى بصدقة مالى»، فقال «نعم ولكِ أجر»، فإنفاق الزوجة إذا كان تطوعًا لا بأس به وتؤجر على ذلك أما أن يكون بمثابة الواجب أو الفرض فلا يجوز لأنه ضد الأحكام والشرع، والأزمة سببها أن الأزواج لا يعرفون شيئا عن فقه الأسرة.
وأضاف «كريمة» أن الرجل الحر لا يتدنى لمثل هذه الأمور فهو المسئول عن الإنفاق أما إنفاق الزوجة فيكون بالطواعية والتفاهم دون إجبار أو فرض عليها
وأوضح أن الأزهر الشريف طرح حلولا كثيرة وهى موجودة بالفعل ولكنها لم تنفذ، فقد قدم الأزهر مشروعًا للأحوال الشخصية بما فيها فقه المُسلم، ولكن لم يُنظر إليه، ورفضه المجلس القومى للمرأة، ونحن دورنا الكلمة والوعظ والأعمال البحثية ولسنا قوة تنفيذية.
وأكد «كريمة» أن كلية الشريعة قدمت العديد من الأبحاث والمساهمات إلا أنه لم يتم تنفيذها أيضا.
الرؤية والحضانة والنفقة.. مشاكل ما بعد الطلاق
دمر الطلاق كيان العديد من الأسر المصرية وهدم مفاهيم الدين وتقاليد المجتمع، حتى باتت قاعات المحاكم تشهد صراعات لا تنتهى، بل والأمر يتطرق أيضا لما يخص الرؤية، والتى يدفع ثمنها الصغار من حالتهم النفسية التى تسوء بسبب ما يحدث بين أبوين أحدهما أو كلاهما أنانى لا يفكر إلا بنفسه.
فى إحدى قاعات المحكمة جلست «نرمين» الزوجة الثلاثينية تبكى قائلة: «عانيت مع زوجى الكثير من الضغوط النفسية والمادية، بالإضافة إلى المعاملة السيئة، وكل هذا من أجل الحفاظ على أبنائى ولكنه لم يراعِ كل هذه التضحيات، بل كان يزداد فى عناده وفى كل مرة أتحدث إليه يهددنى بالطلاق والطرد من المنزل، بخلاف نزواته التى لا تنتهى».
وأضافت: مع ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمة المادية ساءت الأحوال أكثر وزادت الخلافات بيننا ما دمر من حالتى النفسية وحالة أطفالنا الثلاثة، الذين كانوا يسألوننى دائما «ليه بابا بيعاملك كده وبيكرهنا»، كنت أحاول أن أواسيهم وأواسى نفسى من أجلهم، وفى ليلة عاد للبيت بعد منتصف الليل كعادته وهو يتحدث مع امرأة أخرى فى الهاتف، فاض بى الكيل تشاجرت معه فطلقنى وطردنى أنا وأطفالى، وبدأت مشاكل الحصول على حقوق وحقوق الأطفال.
وفى ركن آخر بالمحكمة جلس رجل أربعينى وبيده حافظة مستندات وبالتحدث معه أخبرنا أنه يعانى لرؤية نجله، فزوجته تمنعه من رؤيته، وسرد تفاصيل قصته قائلًا: تزوجت منذ 3 سنوات من امرأة أقل ما توصف به هو أنها شيطانة، كانت فى بادئ الأمر تبدو هادئة الطباع وهى من طبقة غنية وأنا موظف وحالتى المادية متوسطة، حاولت التقرب منى والتودد إلىّ فرفضت ولكنها أصرت، صارحتها بأحوالى المادية وأننى لا أستطيع أن أوفر لها نفس المستوى الذى تعيش فيه، فقالت إنها أمور عادية لا تهتم بها، وبالفعل تزوجنا وبعد فترة بدأت تتمرد عليّ وتعايرنى بظروفى وبمستواى المادى، قلت لها: «أنت تعلمين ظروفى من البداية، ووافقتِ وتقربتِ منى بمحض إرادتك»، وردت قائلة: «ندمت مكنتش عارفة انى هابقى تعيسة كده»، وطلبت الطلاق فوافقت وطلبت منها ألا تحرمنى من رؤية نجلى، وافقت وبعد الطلاق ظلت تتهرب منى فى كل مرة كنت أطلب فيها رؤية الطفل، هددتها برفع دعوى لرؤيته لكنها لم تهتم، جبروتها وكبرياؤها كانا أكبر من خوفها من المحاكم، وها أنا أدفع ثمن اختيارى لها، وفى انتظار حكم المحكمة حتى أتمكن من رؤية طفلى.
وقال «محمد» 45 عامًا، إن زوجته طلبت الطلاق بعد زواج دام لمدة 15 عاما بسبب ظروفه المادية التى لم تتحملها، وأضاف: «لم تراع أننى أبذل قصارى جهدى لإسعادها وللحفاظ على بيتى وأبنائنا، فمن أول زواجنا كانت متطلباتها أكثر من قدراتى المادية وكنت أحاول أن ألبى احتياجاتها ولكنها كانت ترى دائما أننى مقصر معها، حاولت التحمل من أجل الأولاد على أمل أن ينصلح حالها ولكن جبروتها ونفسها المريضة كانت أكبر من كل محاولاتى».
وأضاف: كانت الغيرة والمقارنة أساس حياتها دايما تبص لغيرها عايزة كل حاجة زيهم، كنت أقول لها احمدى ربنا حرام أن تقارنى حياتك بحياة غيرك حاولت معها كثيرًا ولكن انعدام الوازع الدينى عندها ونفسها المريضة بالغيرة والحقد أفسدت كل شىء، ومع الأزمات المادية مؤخرا وارتفاع الأسعار، تركت لى البيت وأخذت أطفالى وطلبت الطلاق، وبعد ذلك كانت تمنعنى من رؤية أبنائى وتحدثهم عنى بالسوء وتقول ما ليس فىّ، ولم أجد أمامى سوى أبواب المحكمة لأتمكن من رؤية أبنائى.
وعلق على هذا الوضع الخبير القانونى أيمن محفوظ قائلًا: إنه من أجل مجتمع صالح لابد أن نهتم بالنواة الأساسية للمجتمع وهى الأسرة، فهى عماد أى نهضة، لذلك لا بد من البحث فى أسباب انهيار الأسرة والعمل على فحص المشكلات التى تعصف بها من خلال بحث أسباب ارتفاع أعداد حالات الطلاق والخلافات الزوجية.
وأضاف أن من أهم هذه الأسباب: إساءة اختيار الشريك حيث يتم الاختيار فى بعض الأحيان على أساس مادى بحت دون النظر للأخلاق، ودون دراسة طباع هذا الشريك وعدم الوعى الكامل بحقوق الطرفين والتزاماتهم وعدم وجود الحَكم المناسب لحل أى خلاف فالزواج من المفترض أنه تكامل بين عائلتين ولكن الصراع أصبح هو المسيطر على المشهد.
وأوضح «محفوظ» أن الأزمات الاقتصادية تعد أحد أسباب الخلافات الزوجية، ولكن بالتوعية والرجوع إلى تعاليم الأديان والأعراف يمكن لسفينة الأسرة أن تصل إلى شط النجاة حتى مع وجود الأزمات الاقتصادية التى تحيط بالعالم من حولنا، بالإضافة لمشكلة انعدام الوعى وبعض الموروثات الخاطئة التى تسيطر على نفسية بعض أشباه الرجال بتوجيه العنف ضد المرأة، أو التعسف ضدها، والجديد هو اتجاه المرأة إلى العنف ضد الزوج كرد فعل للعنف الموجه ضدها، أو باستضعاف الشريك وكل هذه المشاهد القاسية تكون أمام الأبناء مما يولد رغبة للعنف لدى الأطفال، والذين ينشأون غير أسوياء يمارسون العنف ضد الآباء أو ضد المجتمع عمومًا، بالإضافة إلى ظهور أمراض نفسية تهدد الأبناء والمجتمع كله.
وقال «محفوظ» إن القانون مع الأسف لا يضع عقوبة رادعة خاصة للعنف الأسرى سواء لفظى أو بدنى أو عنف جنسى، إنما هى نصوص عامة بداية من جرائم الضرب وهتك العرض والاغتصاب وتتراوح العقوبات من الغرامة حتى الحبس والسجن حسب جسامة العنف الصادر من الجانى، ولكن العنف الأسرى لا يعاقب عليه.
وأكد «محفوظ» أنه من أخطر المشاكل التى تواجه الأسرة حال وجود خلافات هى مسألة تنظيم القانون الحالى للرؤية والمشاكل والآثار النفسية على الأطفال بسبب تعنت أحد الأبوين فى منح الآخر حق الرؤية، ولا بد من وجود بدائل لنظام الرؤية العقيم فى القانون الحالى وتفعيل الاستضافة ووضع نظم وعقوبات رادعة لمن يستبد فى حرمان الشريك الآخر من أطفاله.
وأوضح أنه يمكن تقليل حالات الطلاق وما ينتج عنها من مشاكل وقضايا بالتوعية باختيار الشريك والالتزام بحقوق الطرف الآخر قبل المطالبة بالحقوق، وتوعية الأهل بعدم تزكية نار الخلاف وبسط سلطان المودة والرحمة بين الأزواج وعائلتهم والبحث عن حلول ودية قبل الحلول القضائية.
وأضاف أن البعض يطالب بتعديل قانون الأسرة ولكننا نرى أنه قانون يحتاج لنسف والبحث عن قانون جديد ومناقشاته من كافة القوى الاجتماعية، ولاسيما فى جلسات الحوار الوطنى وأن يقدم مشروع قانون الأسرة من خلال القانونيين فى البرلمان وبالاستعانة بالمحامين الذين يمكن أن يساعدوا فى خلق قانون متوازن يضمن كل الحقوق ويسد الثغرات القانونية التى يستغلها بعض الأزواج تجاه الآخرين لتعطيل الحقوق أو ضياعها من خلال تنظيم دقيق ووضع عقوبات رادعة على المخالفين.
الأطفال «دروع بشرية» لتصفية الحسابات
الأطفال هم أكثر ضحايا الخلافات الزوجية، فالأمر لا يقتصر على التأثيرات النفسية عليهم فقط، ولكنه يزداد صعوبة بسبب استخدام هؤلاء الأطفال كدروع بشرية، فهناك آباء وأمهات يحاولون الانتقام من الطرف الآخر ويستخدمون الأطفال لتحقيق هذا الغرض بسبب الأنانية والعناد دون مراعاة الحالة النفسية للأطفال، ليدفع الأبرياء ثمن ما يفعله الكبار.
وأوضح الدكتور عبدالله غازى استشارى العلاقات الأسرية، أن الخلافات الزوجية لها أسباب متعددة منها ما هو مُعتاد وتقليدى كاختلاف وجهات النظر والبيئة والتربية، والخلافات المادية، والتنافسية بين الأزواج ايضًا، ومنها ما هو حديث بسبب التكنولوجيا الجديدة والانترنت والعلاقات غير سوية، وهذه الأسباب تنطبق على كل من الزوجين بسبب الانفتاح المستمر بشكل كبير على المواقع المُختلفة، فيما يسمى بإدمان الإنترنت حيث يقضى بعض الأزواج كثيرا من الوقت على الإنترنت، وهو ما يؤثر على علاقة الزوجين بشكل كبير.
وأضاف أن التطلعات غير الواقعية تعد أحد أسباب الخلافات الزوجية، واللهث الدائم وراء منتجات وأشياء تفوق الإمكانيات خاصة التسوق على الانترنت والانبهار التكنولوجى من خلال ما يعرض عليه مما يسبب نوعا من العزوف فى العلاقات الزوجية لأنه خيال غير واقعى، بالإضافة إلى الاتكالية وعدم تحمل المسئولية، وعدم الطموح من بعض الزوجات أو الأزواج والإسراف والتبذير، وإهمال الطرف الآخر، وإهمال المنزل، كل هذه الأسباب أدت إلى زيادة الخلافات الزوجية التى تؤثر بشكل كبير على نفسية الأطفال.
وأكد أن الأسرة هى المنبع الرئيسى لإخراج وتهيئة الأطفال لحياة جديدة، فإذا كانت الأسرة غير سعيدة ومضطربة فسوف يخرج للمجتمع أطفال مضطربون، وغير أسوياء نفسيًا.
وأشار الدكتور عبدالله إلى أن زيادة نسب الطلاق تؤثر سلبيًا على حياة الأطفال وسلوكياتهم حتى فى كبرهم سوف تفشل حياتهم الزوجية نتيجة الآثار النفسية الناتجة عن إهمال التربية والقسوة والتشتت الأسرى الذى عاشوا فيها.
وأوضح أنه لتجنب هذا المصير لابد من اختيار الزوج والزوجة على أساس صحيح، وعليهما أن يكونوا واقعيين دون تصنع والخروج من دائرة الأقنعة والزيف والخيال المرضى، لتأسيس حياتهما الزوجية على الصراحة والصدق من البداية.
مع ضرورة الاهتمام بتأهيل المقبلين على الزواج، عن طريق الدورات والندوات، واستمرارها بعد الزواج، ومع وجود الأطفال لابد من تنظيم تدريبات للزوجين لمساعدتهما فى تربية الأبناء تربية سليمة، وتعليمهم كيفية التعامل معهم ومواجهة المشاكل التى تواجههم، ويمكن أن تتم هذه التدريبات على أرض الواقع أو عن طريق الانترنت، حتى نتمكن من تقليل الظواهر السلبية التى تتسبب فى الخلافات الزوجية، وعلى الإعلام الاهتمام بقيم الأسرة، وعلى جميع مؤسسات الدولة عمل برامج للحماية الأسرية وكيفية التعامل مع الأبناء وحل الخلافات الأسرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حالات الطلاق الخلافات الزوجية الازمة الاقتصادية الخلافات الزوجیة ارتفاع الأسعار حالات الطلاق بالإضافة إلى الإنفاق على وبعد ذلک من رؤیة إلا أنه منها ما من خلال قائل ا وهو ما إلا أن
إقرأ أيضاً:
حياتي الزوجية.. هل هي حلم أم حقيقة مرّة ؟!
تحية للجميع وبعد، صدقيني سيدتي إن قلت لك أن الألم ينخر قلبي والدموع تنهمر من مقلتيّ وأنا أكتب هذه الرسالة، أكتب إليكم ودموعي منهمرة، ألم لم يفارقني منذ عقد من الزمن.
أنا سيدة أبلغ من العمر 38 سنة متزوجة أم لطفل، قصة زواجي غريبة نوعا ما، فحينها تعرفت على أحد عبر المواقع الالكترونية العلمية، جذبني أسلوبه وكنت أتفاعل مع محتواه إلى أن صرنا نتبادل، تطورت العلاقة من المواقع إلى الواقع، لست أدري إن كان ذكاء منه، أو حيلة فقد كان يقطع الاتصال لأيام وأحيانا لشهور، وأنا في كل مرة أتعلق به وكأنه ثمة أمل كنت متمسكة به، لكن سرعان ما كنت أتجاوز الأمر فالرجل لم يبدي لي أي مشاعر، إلى غاب لمدة سنة كاملة، هنا نسيت القصة تماما، ليعود ويظهر مرة أخرى، ليكون ذلك الاتصال منعرجا لمرحلة أخرى في حياتي لم أعرف فيها راحة البال..
أجل سيدتي فلما عاد واختار الاتصال بي ثانية بدأ قلبي يتحرك، جاء اليوم وطلب رؤيتي، وفعلا قد حصل.. لكن ما إن رايته انطفئ شيء بداخلي، شكله لم يعجبني كثيرا، ولا طريقته المقارنة مع المواقع، لكنني بالرغم من ذلك لم أقطع به الاتصال، عرض الزواج ولا أدري كيف قبلت، ومن يومها وأنا تائهة صدقوني، فكل سوم كنت اطرح على نفسي ذات الأسئلة: “هل فعلا أنا أحبه؟” “هل هذا هو الرجل الذي سأسعد بجانبه؟” لكن يبدو أنه هو نصيبي في الحياة، فبالرغم من ذلك التردد وافقت أن يتقدم لأهلي، الذي أبدوا إعجابهم بأخلاقه، وشخصيته، ومن هنا بدأت معاناتي، فبعد الخطبة وعقد القران أحسست بندم شديد لكن كتمته على أهلي، فقد خفت أن يلوموني ويقولون أنت من تعرفت عليه، لم أكن أريد أن أفسد فرحتهم ولا فرحته هو هذه الزيجة، فبالرغم من تصرفاتي إلا أنه كان في غاية اللطف، ويعاملني كالأميرات، ويمكن القول أن حبه لي هو الذي كان يجعلني أعطف عليه وأستمر رغم تأرجح أفكاري، تزوجت وفوضت أمري لله واعتقد أني قد أحبه بعد الزواج، لكن مشاعري لم تتغير حتى بعد إنجابي ابني الأول، وإلى حد اليوم لا أشعر بالارتياح، بالرغم من أني زوجي لم يتغير عليّ وبقي طيلة هذا السنوات يحبني، وأعترف وأقول أنه يستحق أفضل مني، فهو أفضل مني عطاء، لم امنح له الحب، وكل ما أقوم به واجباتي كزوجة فقط، فأنا وبصريح العبارة لم أقتنع بشكله بل بأخلاقه وحسب.
سيدتي فكرت كثيرا، وبحثت عن سبل الراحة أكثر، لكن دوما طريق التفكير يقودني إلى الطلاق، فلربما يعثر على من تمنحه الحب والاهتمام الجميل، فهل انفصل بعد هذه السنوات وأحرم ابني من والده الحنون؟ أم أستمر في زواجي مع هذا الإحساس، أريد النصيحة أفيدوني من فضلكم.
أختكم “م” من الغرب
الرد:
تحية أجمل وأطيب لك ولكل قراء موقع النهار، سيدتي قرأت رسالتك أكثر من مرة، ولم أجد أي تفسير لمشاعر الغضب على نفسك، ولا أي مبررا حتى لتصرفاتك ، ففي كلمة ظلم لنفسك وجلد لها، لا وبل حتى لزوج وابنك، فمنذ متى كانت سعادة القلوب والبيوت تُبنى على الشكل..؟
عزيزتي أظن أنه ولى وقت الندم، ولابد من مجاهدة الأفكار اللعينة من أجل إعطاء الحب ولم الشمل، فأنت زوجة رجل طيب، وأم ومسؤولة عن أسرة، ثم سأسألك: عندما تفكرين بالانفصال من زوج لم تر منه إلا طيبة ومحبة وحسن معاملة ألن تشعرين حينها بالندم؟ وأعلم جيدا أنك ستفهمين كلامي هذا، فأنت أصلا متردد في اتخاذ القرار لأنك تعلمين أن طيبة قلب زوجك لن يعيدها الزمان، حبيبتي سأعود بك إلى فترة الخطوبة، ويمكن القول أن خوفك آنذاك كان سببه مستقبلا مجهولا، لكن بعد كل هذه السنوات تأكدت أن زوجك يحبك ويحسن معاملتك فما الذي ينغص عليك حياتك الآن؟ وما الجدوى من تمسكك بالماضي مادام الحاضر جميل.
سيدتي اعرفي قدر زوجك جيدا قبل أن تهدمي حياتك، فمن حق ابنك عليك أن تبذلي جهدك لإنقاذ هذا الزواج، وتوفير بيئة يلفها الحب لينشأ نشأة سوية، خاصة أنه لا يوجد أي مشكلة فعلية تجعلك تفكرين بالطلاق، فما أكارك إلا أوهام يدسها الشيطان لعنه الله عليه في ذهنك ويضخمها لفرق بينك وبين زوج، عزيزتي ابدئي من جديد، وأحبي هذا الرجل الطيب قبل أن يتعب من العطاء دون مقابل، أنت اليوم أختاه لست بحاجة لتصحيح الماضي، بل ملزمة بجعل حاضرك أكثر سعادة بالتقدير والمتنان لكل ما يفعله زوجك لأجلك، تفطني قبل فوات الأوان، ولا تكوني ناكرة للنعمة التي بين يديك، فكري مليا فيما تفضلنا بقوله، وأتمنى من المولى يجمع بينكما دوما بالمودة والرحمة.