شلل الأطفال يثير القلق في أوروبا
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
ديسمبر 4, 2024آخر تحديث: ديسمبر 4, 2024
المستقلة/-دقت السلطات الصحية الأوروبية ناقوس الخطر بعد رصد فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في ألمانيا، بولندا، وإسبانيا، خلال الخريف الجاري.
ورغم عدم تسجيل أي إصابات فعلية بالمرض في هذه الدول إلا أن اكتشاف الفيروس في مدن مثل وارسو، برشلونة، ميونيخ، بون، كولونيا، وهامبورغ أثار قلق الخبراء، الذين طالبوا بتعزيز برامج التطعيم ومراقبة انتشار الأمراض.
أمر يجب التعامل معه بجدية
تم إعلان أوروبا خالية من شلل الأطفال منذ عام 2002، إلا أن وجود المرض المصابين بالفيروس في بلدان أخرى يشكل خطراً مستمراً بانتقال العدوى إلى القارة وانتشارها بين الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح.
ويصيب المرض بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة، حيث لا تظهر أعراض على معظم المصابين، لكن في الحالات الشديدة قد يهاجم الفيروس الجهاز العصبي مسبباً الشلل خلال ساعات. وتقدر المنظمة أن حالة واحدة من كل 200 حالة تؤدي إلى شلل دائم، غالباً في الساقين.
وأوضح أوليفر روزنباور، المتحدث باسم مبادرة القضاء على شلل الأطفال في منظمة الصحة العالمية، في حديثه مع “يورونيوز هيلث”، أن “أي رصد لفيروس شلل الأطفال في منطقة كانت خالية منه سابقاً يعد أمراً استثنائياً ويجب التعامل معه بجدية”.
مستويات تطعيم متفاوتة
وحذرت السلطات الصحية في بولندا من ضرورة تحصين الأطفال، وتقوم بتحديث مخزونها من لقاحات شلل الأطفال، بينما تقدم وزارة الصحة الألمانية اختبارات مجانية للعيادات الطبية لفحص الإصابات البشرية.
وفي بولندا، بلغت نسبة الأطفال الذين تلقوا تطعيم شلل الأطفال في عامهم الأول 85% فقط العام الماضي، وهي النسبة الأدنى تقريبًا بين دول أوروبا، وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية.
وفي المقابل، سجلت إسبانيا وألمانيا معدلات أعلى، حيث وصلت نسبة التطعيم إلى 93% و91% على التوالي، مما يعكس تفاوتًا في مستويات الحماية بين الدول الأوروبية.
ويشدد خبراء الصحة على ضرورة تلقيح حوالي 80% من السكان على الأقل لتحقيق الحماية المجتمعية ضد شلل الأطفال، بينما ترفع السلطات البولندية هذه النسبة إلى 95% بين الأطفال والمراهقين لضمان مناعة أكثر صلابة.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن المعدلات الوطنية قد تخفي تباينات خطيرة على المستوى المحلي، حيث قد تكون هناك مناطق ذات نسب تطعيم منخفضة تمنح الفيروس فرصة للانتشار.
ووفقًا لتقديرات المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC)، فإن ما يصل إلى 2.4 مليون طفل في الاتحاد الأوروبي ربما لم يتلقوا تطعيم شلل الأطفال بين عامي 2012 و2021.
ولا تقتصر المخاطر على الداخل الأوروبي فقط، حيث قد يصل مسافرون قادمون من مناطق لا يزال شلل الأطفال متوطناً فيها، مثل أفغانستان وباكستان، والذين قد يكونون غير محصنين بشكل كامل، مما يعرضهم لخطر الإصابة إذا كان الفيروس منتشراً محلياً.
وتحذر الدكتورة ثيا كيه فيشر، أستاذة في جامعة كوبنهاغن والمؤسسة المشاركة للشبكة الأوروبية للفيروسات المعوية، قائلة: “لدينا جيوب من الأشخاص غير الملقحين، ليس فقط خارج حدودنا، بل داخل أوروبا أيضاً”، في تصريح ليورونيوز هيلث.
البحث عن فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي
يُكتشف فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي عندما يتم إفرازه في براز الأشخاص، لكن وجوده لا يعني بالضرورة إصابة الأفراد بالمرض. قد يتم أيضًا إفراز الفيروس من قبل الأشخاص الذين تلقوا لقاح شلل الأطفال الفموي، الذي يحتوي على فيروس ضعيف لكنه حي، ويحفز استجابة مناعية توفر الحماية ضد العدوى في المستقبل.
في المناطق ذات أنظمة الصرف الصحي السيئة، يمكن للفيروس أن يستمر في الانتشار بين الأشخاص المعرضين له، وإذا طال انتشاره، قد يتحور إلى سلالة أكثر قوة تسبب الشلل.
وفي هذا السياق، أكد أوليفر روزنباور، المتحدث باسم جهود القضاء على شلل الأطفال في منظمة الصحة العالمية، أن هذا الوضع لا يُعتبر مصدر قلق كبير في دول مثل ألمانيا وإسبانيا وبولندا، التي تتمتع بأنظمة صرف صحي متطورة وبرامج مراقبة صحية فعالة.
وتراقب معظم الدول الأوروبية الأمراض من خلال برامج قد تكشف بين الحين والآخر عن وجود فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي، كما حدث في المملكة المتحدة عام 2022.
ومع ذلك، حتى الدول التي تعتمد أنظمة متطورة لمراقبة مياه الصرف الصحي قد تواجه نقاطًا جغرافية عمياء قد تتيح للفيروس الانتشار دون اكتشافه، وفقًا لما ذكرته فيشر. وأضاف أن السلطات البولندية تعمل حاليًا على توسيع نطاق اختبارات مياه الصرف الصحي.
وأوضحت فيشر: “لقد ساعدت جائحة كوفيد-19 في تطوير وتوسيع أنظمة المراقبة لتشمل شلل الأطفال أيضًا، إلا أن بناء نظام بيئي شامل يتطلب وقتًا طويلاً”.
القضاء على شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم
اكتشفت عينات من فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني في مياه الصرف الصحي الأوروبية هذا الخريف، وهو النوع الذي تم الإعلان عن القضاء عليه عالميًا في عام 2015. ومع ذلك، لا يزال يظهر بين الحين والآخر في مياه الصرف الصحي من الأشخاص الذين تم تحصينهم بلقاح شلل الأطفال الفموي، وفقًا لدراسة حديثة قادها الباحث فيشر ونشرت في مجلة لانسيت الإقليمية للصحة – أوروبا.
وأوضح الباحثون أن ظهور هذا الفيروس مجددًا في السنوات الأخيرة يشير إلى “التهديد المستمر لحالات الإصابة أو تفشي المرض، خصوصًا في المجتمعات ذات المناعة المنخفضة ضد السلالات التي تم القضاء عليها محليًا”.
وقد شكل هذا العام تحديات كبيرة لجهود القضاء على شلل الأطفال عالميًا، مما يسلط الضوء على أهمية تعزيز برامج التحصين والمراقبة في مواجهة المخاطر المحتملة للفيروس.
عودة ظهور حالات شلل الأطفال يثير المخاوف في مناطق متعددة من العالم
في خطوة لمواجهة عودة ظهور حالات شلل الأطفال، أطلقت باكستان وأفغانستان حملات تطعيم واسعة في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام. وقد سجلت باكستان 55 حالة إصابة و23 حالة في أفغانستان في 2024، مقارنةً بست حالات في كل من البلدين في عام 2023.
وفي غزة، تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة منذ 25 عامًا بعد تشخيص طفل رضيع بشلل الأطفال واكتشاف الفيروس في مياه الصرف الصحي في القطاع المنكوب الذي يعاني من آثار الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام.
ونتيجة لذلك، توقفت المعارك بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية لفترتين إنسانيتين قصيرتين، مما أتاح لمنظمة الصحة العالمية تطعيم نحو 557,000 طفل دون سن العاشرة بشكل كامل.
وقد حذرت السلطات الصحية من أن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الحدود إذا لم تُبذل جهود منسقة لاحتوائه. وفي هذا السياق، قال أوليفر روزنباور، المتحدث باسم جهود القضاء على شلل الأطفال في منظمة الصحة العالمية: “شلل الأطفال مرض شديد العدوى وينتشر في الغالب بصمت عبر مسافات طويلة جدًا، ولذا سنستمر في رؤيته في أوروبا حتى يتم القضاء عليه تمامًا”.
المصدر: يورونيوز
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: فیروس شلل الأطفال فی میاه الصرف الصحی منظمة الصحة العالمیة
إقرأ أيضاً:
تعديل يثير الانتقادات.. أوروبا تخفض حماية الذئاب
عرضت فضائية “يورونيوز” تقريرا بعنوان، تعديل يثير الانتقادات.. أوروبا تخفض حماية الذئاب من "محمية بشكل صارم" إلى “محمية”.
ووفقا للتقرير، وافق المجلس الأوروبي على اقتراح الاتحاد الأوروبي بتعديل الوضع القانوني للذئاب، محولاً وضعها من "محمية بشكل صارم" إلى "محمية"، خطوة أثارت انتقادات واسعة من المحافظين على البيئة.