لجريدة عمان:
2025-01-06@11:06:58 GMT

البركة في اللاحركة «1»

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

عند تحليل ديناميكية السلطة والمقاومة، يُفيدنا أن نذكر أنفسنا أن المقاومة عادة ما تتخذ صيغة تتناسب مع نموذج السلطة. وتأتي أشكال المقاومة من جنس السلطة المفروضة.

ينتبه المفكر وعالم الاجتماع الإيراني الأمريكي آصف بيات في كتابه «الحياة سياسة: كيف يغيّر بسطاء الناس الشرق الأوسط»، إلى أن ظروف الشرق الأوسط، والأنظمة السياسية السلطوية الحاكمة، التي لا تتسامح مع الاعتراض أو - وبشكل أشد - مع الانتظام المدني المستقل، تجعل التواصل المنفتح بين الأفراد المعترضين، وتنظيم العمل الحركي أمرا غير ممكن.

لذلك فإن ما يصنع التغيير في هذه المجتمعات ليس الحركات بل ما يسميه «اللاحركات»، والتي تعني بشكل أساسي الحضور في الفضاء العام، على نحو يتحدى السلطة، ويُقيم في الوقت نفسه صلة خفية بين الأفراد «العاديين» الفاعلين، في شبكات سلبية (بمعنى أنها غير فاعلة)، التي تتكون في الأحياء، والشوارع، والمساجد، والجامعات، وأماكن العمل.

فبالنسبة لآصف بيات، فالبائع المتجول الذي يفترش الطرق هو فاعل في اللاحركة، ومثله المرأة التي تتجاوز أعراف اللباس المفروضة، والشباب المتململ في النواصي الذي يجعل قضية البطالة حاضرة ومرئية. وبهذا يكون أي احتلال للأماكن العامة، على نحو يُضيف وظيفة أخرى للمكان، بجانب الغرض الذي أوجد من أجله بالأساس، نوع من النشاط والفعالية في اللاحركة.

يبدو أن حافز آصف بيات لتطوير هذا المشروع قادم من عجز نظرية الحركة الاجتماعية (التي طُورت بشكل أساسي في أمريكا) على فهم الطريقة التي يجري بها التغيير في الشرق الأوسط. فإذا ما أخذنا الحركة الاجتماعية لتعني «شكل من أشكال التحدي المنظم الواعي والمستقل للسلطات القائمة»، يُمكن القول إن كثيرا مما نشهده من منعطفات في مسيرة التغيير الشعبية لا يُمكن أن يُطلق عليها «حركات». درجة التخويف والترهيب في بلدان الشرق الأوسط، وحقيقة أنه لا يُمكن إقامة اتصال حر وحوار مفتوح ضمن الحركة، يجعل الأفراد يلجؤون إلى طرق إبداعية لتأكيد الإرادة العامة، عبر اكتشاف المخارج والثغرات، والاستفادة منها، من خلال ما يُسميه «فن الحضور».

مفهوم اللاحركة يتجاوز الثنائيات محدودة الأفق الفاعل/المفعول به، الفردي/الجمعي، السياسي/المدني؛ لـ «يفتح إمكانيات جديدة لبحث الممارسات الاجتماعية غير المشاهدة، والتي يمكن أن تحدث تغييرا اجتماعيا كبيرا. كما أنه يكشف عن منطق الممارسة بين التجمعات المتفرقة والمتباعدة تحت ظرف الحكم التسلطي الذي يمنع فيه التجمعات الحرة والتواصل النشط.

باستخدام هذه الأداة للنظر لتغيرات المجتمعات، نُعيد للشعب دوره الفاعل في فرض التغيير، ونقوض الفكرة التي تدعي بأن أي تغيير اجتماعي إيجابي قادم من رأس السلطة. ونرى الوسائل العديدة التي تتبناها الشابات والشباب والفئات المهمشة، لجعل قضاياهم مرئية. مهما ضُيق على الحريات، وفُرضت قيود على العمل المنظم.

ثمة نوع من التضامن الذي يُطمئن في أن ترى مثيلاً لك (من تشترك معه في الهوية، الهواجس)، يستخدم الأدوات التي تستخدمها، دون أي تنسيق أو تواصل. وثمة أشواط تُقطع عبر حضور أمثلة سابقة تُوحي بحضور المشكلة على مدى يطول، ويبقى رغم غياب التوثيق، والتحليل، والتتبع.

ورغم أن المدن تمتلك طرقا لإخفاء أكثر جوانبها قتامة، خلف الواجهات التي تحمي الأكثر امتيازا من أن تُجرح بمشهد المهمشين، إلا أنهم يجدون طرقهم دائما في زعزعة هذه الصورة الساكنة، وصنع سياسات جديدة عبر حياتهم العادية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الذی ی

إقرأ أيضاً:

عضو بالحزب الجمهوري: ترامب يسعى لإنهاء الأعمال العدائية في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال إيلي بريمر، عضو الحزب الجمهوري، إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب كان واضحًا في توقعاته للولايات المتحدة، حيث كان يهدف إلى الانتصار في كافة الملفات والمواضيع، ومحاولة تحقيق ذلك بأولوية تامة، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يتناقض مع السياسة الخارجية الحالية للإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن، التي سعت إلى مقاربة مختلفة في تحقيق السلام، من وجهة نظر الجمهوريين، لم يحقق بايدن أي تقدم في عملية السلام.

أوضح بريمر، خلال مداخلة مع الإعلامية داما الكردي، على قناة القاهرة الإخبارية، أن ترامب كان يركز بشكل رئيسي على إنهاء الأعمال العدائية في الشرق الأوسط، كان هذا التوجه واضحًا في تعاملات ترامب مع حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى، مضيفًا أن ترامب أكد مرارًا على ضرورة عدم استمرار القتال في سوريا والمنطقة بشكل عام، وكان هدفه الرئيسي هو استعادة الاستقرار في هذه المناطق.

أشار بريمر إلى وجود تغيير كبير بين سياسات الإدارة الحالية والإدارة السابقة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في المنطقة، مؤكدًا أن ترامب كان يسعى لتحقيق الانتصار من خلال محاربة المنظمات الإرهابية، مما يفتح الطريق لإقامة السلام والاستقرار، هذه السياسة كانت تركز على ضرورة معاقبة الأعمال العدائية بشكل فعال.

ولفت أنه على مدار العامين الماضيين، كانت السياسة الأمريكية واضحة في مواجهة التحديات الإقليمية، سواء من حماس أو حزب الله أو الحوثيين، مشيرًا إلى أن التحالفات الأمريكية تحت إدارة ترامب كانت تهدف إلى تحقيق المصالح الأمريكية من خلال تبني موقف عسكري قوي ضد المنظمات التي تسببت في التحديات.

توقع بريمر أن تؤدي سياسة ترامب إلى بيئة أكثر استقرارًا في المنطقة، خاصة في مواجهة جماعات مثل الحوثيين في منطقة البحر الأحمر، قائلا إن الحوثيين يشعرون بمزيد من الرعب تجاه ترامب أكثر من بايدن، ما قد يساهم في تقليل العمليات العدائية لهذه الجماعات في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • السعودية ترفع أسعار النفط لآسيا في فبراير لأول مرة في 3 أشهر
  • من الشرق الأوسط إلى أوروبا.. ملفات معقدة بانتظار ترامب
  • ترامب الجديد: لا حروب.. بل صفقات تغير وجه الشرق الأوسط
  • عضو بالحزب الجمهوري: ترامب يسعى لإنهاء الأعمال العدائية في الشرق الأوسط
  • ترامب يعين منتقدته مورغان أورتاغوس نائبة مبعوثه إلى الشرق الأوسط
  • لميس الحديدي عن2024: غيّر موازين القوى وربما خارطة الشرق الأوسط
  • فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • ترامب يعين متحدثة باسم الخارجية ونائباً لمبعوثه إلى الشرق الأوسط
  • استشاري صحة نفسية: تعريف الأطفال بالذكاء الاصطناعي يبدأ بسن الـ 7 سنوات
  • 183 مليار دولار حجم إنفاق الشرق الأوسط وشمال افريقيا على تكنولوجيا المعلومات