من الواضح جدا، أن تداعيات الأوضاع في الشرق الأوسط بدت على نحو يعكس تشبيكًا متعدد الوجهة والمكان بسبب أزماته المتداخلة. هذا ما تفسره الأحداث الدراماتيكية في الشمال السوري عندما نشطت جبهة النصرة والفصائل السورية المسلحة في ذات اليوم الذي تم فيه توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل (الأربعاء قبل الماضي) وعليه يمكن القول إن الأوضاع المعقدة في أكثر من مكان في المنطقة العربية منذ تداعيات الربيع العربي ما بعد عام 2011 هي أوضاع تعكس احتمالات غير متوقعة وقابلة لانفجار التناقضات متى ما كانت هناك ظروف جيوسياسية مواتية لانفجارها.
فمن غزة إلى لبنان إلى سوريا، إلى إيران (في جولة أخرى محتملة) تنتقل الأحداث وتتعقد المصائر؛ لأن التشبيك الذي بدت عليه أزمات هذه المنطقة والتدخلات الإقليمية والدولية التي تحدث فيها جعلها منطقة غير مستقرة.
هكذا سنشهد في الأيام القادمة فصلًا جديدًا من أحداث سورية ساخنة وغير مسبوقة؛ لأن التطورات الجديدة التي طرأت على محركات الصراع في الساحة السورية دخلت فيها عوامل جيوسياسية دولية وإقليمية جديدة لعبت دورًا كبيرًا في تطورها على هذا النحو الدراماتيكي؛ مثل: الضغط الأمريكي الأوروبي على روسيا في أوكرانيا، والضغط الإسرائيلي على إيران، وعودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، كل هذه العوامل كانت كافية لتحريك ملفات كثيرة في المنطقة وكانت الأوضاع في سوريا هي الأكثر ترشيحًا لمجريات فصل الشتاء الساخن هناك في سوريا التي أصبحت بفعل الأزمات الداخلية فيها ساحة متعددة لقوى دولية وإقليمية ومحلية تشتبك فيها التفاعلات على نحو خطير جدًا.
الولايات المتحدة وإسرائيل تدركان تمامًا أن ما يحدث في سوريا للمليشيات الأجنبية وللمصالح الروسية على يد جبهة النصرة والفصائل المسلحة هو أمر يبعث على الراحة والتشفي، فيما تبدو الفصائل السورية تخوض فصلًا جديدًا من معارك تصفية حساب مؤجل مع دمشق، أما تركيا فهي بمثابة رمانة الميزان المحركة للأحداث الدراماتيكية منذ يوم الأربعاء قبل الماضي.
لطالما ظل الوضع السوري ساكنًا في السنوات الأخيرة بعد التدخلات الإقليمية والدولية الكثيرة التي عجت بها الساحة هناك لكي تجعل الوضع في سوريا على ذلك النحو من السكون، وكان من الواضح أن ذلك السكون هو سكون أشبه بسكون ما قبل العاصفة أكثر من كونه سكونًا حقيقيًا.
اليوم بعد تحريك الأحداث المتجددة في الشمال السوري والاختراق غير المسبوق الذي حققته جبهة النصرة والفصائل السورية المسلحة باحتلال مدينة حلب والاقتراب من مداخل مدينة حماة (وسط سوريا) بدا من الواضح جدًا أن هذا الحراك العسكري الكبير ربما تكون له نتائج سياسية غير مسبوقة، ومن أهم هذه النتائج المحتملة اليوم؛ استحالة بقاء الوضع في سوريا مستقبلاً على ما كان عليه قبل سقوط مدينة حلب.
هذا يعني أن ثمة معادلات جديدة ستفرض نفسها في أي محاولة لاحتواء تداعيات الصراع الدائر اليوم بين دمشق والفصائل المسلحة، وأن المعادلات القديمة باتت اليوم خارج أي فاعلية بفعل تغيير جيوسياسي كبير إقليميًا ودوليًا.
تركيا التي تحرك الأحداث في الشمال السوري بضوء أخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل مازالت تراهن على إمكانية لاحتواء الصراع متى ما أبدت دمشق قدرةً على التغيير والقبول بالمعادلات الجديدة.
والمعادلات الجيوسياسية الجديدة في الساحة السورية ستضع دمشق أمام استحقاق دفع أكلاف باهظة لا يبدو أنها في وارد القبول بها، الأمر الذي ربما تنفتح معه أطوار جديدة من الصراع وفصولاً دراماتيكية قد تقلب الطاولة على الجميع في الساحة. ذلك أن المعادلات القديمة لأسرار بقاء الأوضاع على ما كانت عليه في سوريا قبل سقوط حلب بدأت تتهاوى بفعل ضغوط جيوسياسية جديدة جعلت من التشبيك الذي تنطوي عليه أزمات منطقة الشرق الأوسط، يبدو على ذلك النحو من التفاعل والانفجار بين تلك الأزمات.
في كل الأحوال، ما حدث في سوريا اليوم، لن ينتهي إلا بترتيبات جديدة يتم فيها تغيير معادلات الاستقرار القديمة، أو ينفتح الصراع على نحو دموي عنيف وغير مسبوق!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الاثنين يواصل الارتفاع
واصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الاثنين الارتفاع في السوق الموازية غداة زيارة قام بها الرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة السعودية الرياض التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأبقى مصرف سوريا المركزي على الأسعار من دون تغيير.
سعر صرف الليرة السورية اليوم الاثنين في السوق الموازية ارتفع سعر صرف الليرة السورية في دمشق وحلب إلى 9 آلاف ليرة عند الشراء من 9200 ليرة مسجّلة مساء أمس، في حين زاد السعر عند البيع إلى 9100 ليرة للدولار من 9300 مساء أمس. في إدلب ارتفع سعر صرف الليرة السورية إلى 8900 ليرة مقابل الدولار من 9200 ليرة مسجلة مساء أمس عند الشراء في حين زاد سعر البيع إلى 9 آلاف ليرة من 9300 ليرة مقابل الدولار مساء أمس. زاد سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في الحسكة عند الشراء إلى 9250 ليرة مقابل الدولار من 9800 مسجلة في آخر تعاملات أمس في حين زاد سعر البيع إلى 9350 من 9900 ليرة مقابل الدولار مسجلة مساء أمس. سعر صرف الليرة السورية لدى مصرف سوريا المركزيأبقى مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية عند 13 ألف ليرة للشراء و13 ألفا و130 ليرة عند البيع وفق النشرة الرسمية الصادرة اليوم الاثنين.
الليرة السورية واصلت ارتفاعها أمام الدولار الأميركي خلال تعاملات اليوم الاثنين (غيتي) عوامل تأثر سعر صرف الليرة السورية أجرى الرئيس السوري أحمد الشرع زيارة للعاصمة السعودية الرياض التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأبدى رغبة في التعاون الاقتصادي مع المملكة. قالت الرئاسة التركية اليوم الاثنين إن الرئيس السوري أحمد الشرع سيزور أنقرة غدا الثلاثاء بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. قرارات الإدارة السورية الجديدة التي شملت إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وحلّ حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. ناقش وزير المالية السوري محمد أبازيد الأسبوع الماضي احتمالات تخفيف العقوبات المفروضة على بلاده في أول اجتماع له مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي. خففت الولايات المتحدة عقوباتها على سوريا مما فتح المجال أمام التعاملات مع مؤسسات الحكومة ومعاملات الطاقة، وسمح بتحويل الأموال الشخصية إلى البلد بما في ذلك عبر المصرف المركزي. لا تضخ بنوك سوريا الليرة بالسوق، وهو ما يدفع التجار والمصنعين إلى الاستغناء عن الدولار للحصول على الليرة من السوق الموازية لتسيير أعمالهم. يزيد المعروض من الدولار الأميركي، ويمسك المصرف المركزي باحتياطات من الليرة. رفع التعريفة الجمركية للاستيراد سيحفز الإنتاج والاستثمار، ويدعم المنتج المحلي، ويحد من استنزاف الدولار. إعلان