لماذا يكره العرب إسرائيل؟!
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
د. عبدالله الأشعل **
هذا السؤال تردد كثيرًا في إسرائيل وأمريكا: لماذا يكرهوننا؟ وبعد ملحمة غزة وتوحُّش إسرائيل ومُساندة أمريكا لإسرائيل في جرائمها، آن الآوان لكي يعرفوا بالتفصيل أسباب كراهيتنا لهم وهذه الأسباب هي:
أولًا: أن إسرائيل خدعت العالم والعرب طويلاً بأنَّ الصهاينة فيها يهود وطبيعي أن الكتب المقدسة مقدسة عند المُسلمين .
ثانيًا: أن إسرائيل تقوم بإبادة العرب والفلسطينيين بانتقام ولذلك أي عربي يكره إسرائيل وأمريكا حتى أولئك المقيمين في الغرب لأنهم ينتمون إلى نفس العرق ونفس الثقافة وأنهم أمة عربية واحدة.
ثالثًا: أن إسرائيل صهيونية ومرتبكة بين اليهودية والصهيونية وهذا الارتباك أحدث أزمة داخلية وخارجية في إسرائيل.
رابعًا: أن إسرائيل تريد كل فلسطين وتريد الأراضى العربية لإقامة إسرائيل الكبرى كما وعدهم ترامب والصهاينة جاءوا إلى فلسطين وسوقوا مجموعة من الأكاذيب من ناحية هم لصوص تابعين للمشروع الصهيوني ومن ناحية أخرى هم قتلة ولذلك خدعوا المجتمع الدولي وساعدتهم بريطانيا على ذلك من خلال مقالات أوضحنا فيها هذه الحقائق.
خامسًا: أن جوهر العلاقة بين أمريكا وإسرائيل أمران؛ الأمر الأول هو أن الأمريكيين أبادوا سكان البلاد الاصليين في أمريكا الشمالية، وأن الصهاينة تساعدهم أمريكا في إبادة العرب سكان البلاد الأصليين في فلسطين، فإذا كانت أمريكا قضت على سكان البلاد الأصليين، فإن إسرائيل لن تتمكن من ذلك بسبب تطور الوعي العالمي والإقليمي والتطور التكنولوجي. وعلى سبيل المثال فإن الأمريكيين أبادوا سكان البلاد الأصليين سرًا دون أن يعرف أحد، بينما إسرائيل تبيد سكان فلسطين تحت سمع وبصر العالم كله، كما إن الجنود الصهاينة بسبب انحياز الغرب لإسرائيل سجلوا جرائمهم على وسائل التواصل الاجتماعى ويفخرون بجرائمهم ويعتبرونها بطولة فلايمكن للمنطقة أن تقبل الصهاينة بعد اليوم ولا بُد أن يفيق العالم العربى من غفوته وأن الشعوب أدركت أبعاد اللعبة.
سادسًا: أن المصريين بالذات عانوا من جرائم إسرائيل كما إن فلسطين تعد البوابة الأمامية للأمن المصري ولا بُد أن تتصرف حكومات القاهرة مع إسرائيل على هذا الأساس، بقطع النظر عن المزايا الشخصية التي تلوح بها أمريكا لبعض الحكام.
سابعًا: أن إسرائيل والصهيونية العالمية تريد أن تحُل هوية المنطقة الصهيونية محل الهوية العربية الإسلامية، وأن الأمة العربية حقيقة صمدت لكل المؤامرات، ولا بُد أن تنتصر في معركتها ضد الهوية الصهيونية، ويُعبَّر عنها بـ"الشرق الأوسط الجديد" في مواجهة كل ما هو عربي، خاصة مؤسسات العمل العربي المشترك؛ ولذلك فإن قرار الجامعة العربية- في وقت سابق- بوصم بعض أطراف المقاومة ضد إسرائيل بالإرهاب مثّل كبوةً وعدم مناسبتها للروح العربية.
ثامنًا: أن إسرائيل والولايات المتحدة أفسدتا العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المنطقة العربية، كما إن إسرائيل وأمريكا سعيتا إلى إحباط الثورات العربية ضد بعض الحكام.
تاسعًا: لأن إسرائيل تسببت في جميع المآسي العربية وتُخطِّط لإنهاء دور مصر ووجودها على الخريطة، ويُطلقون مزاعم كاذبة للاستيلاء على مصر!
عاشرًا: تعاون إسرائيل وأمريكا على نهب الموارد العربية وخلق عدو وهمي يزعمون أنهم يحمون الخليج منه تارة، كان جمال عبدالناصر وتارة أخرى كان صدام حسين وتارة ثالثة كانت إيران!
حادى عشر: أن إسرائيل تريد ارتكاب أم الجرائم وهي التخلص من المقاومة العربية لإسرائيل؛ لأن هذه المقاومة تعبيرٌ عن رفض العالم العربي للصهاينة، كما إنها أداة مهمة لتقرير مصير العالم العربي، وإسرائيل هي المسؤولة عن عدم تعاون بعض الحكام مع المقاومة والتصرف وفق موجبات العروبة، ولذلك فإن تفكيك إسرائيل والقضاء على الظاهرة الإسرائيلية يُغيِّر قواعد العلاقات الدولية على الأقل في المنطقة العربية.
قد يقول قائل إنَّ المنطقة تتعرض لصراع محتدم بين مشروعات ثلاثة، كل منها يريد أن يحصل على جثة العالم العربي، بعد اضطرار مصر إلى التخلي عن دورها في قيادة المنطقة العربية أيام الرئيس أنور السادات، وهذه بداية ثمار عدوان 1967، الذي أحدث نتائج واسعة؛ أهمها: تحويل الدور المصري من صخرة ضد المشروع الصهيوني إلى مُسالِم أمام تمدُّد هذا المشروع، وهذه السياسة تُناقِض جوهر نظرية الأمن المصري؛ سواء فهم حكام مصر هذه الحقيقة أم غفلوا عنها. وقد يقول قائل إن إزالة إسرائيل سوف تُمكِّن المشروعين الإيراني والتركي من السيطرة على المنطقة، ولكنى أقول إنَّ جوهر المشكلة يكمُن في غياب المشروع العربي، ولا بُد أن يتركَّز الجهد العربي على بناء مشروع عربي يُنافس المشروع التركي أو المشروع الإيراني، أو يتعاون معهما، ولذلك نؤكد أن زوال إسرائيل يفتح الباب أمام ميلاد المشروع العربي.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا تراجعت إسرائيل عن تدمير حزب الله؟
قالت الكاتبة الإسرائيلية، زينا راخاميلوفا، إن إسرائيل قلصت قدرات حزب الله القتالية إلى الحد الذي جعل الكثيرين لا يفهمون لماذا وافقت على وقف النار عندما تحول التنظيم المسلح إلى كومة من الأنقاض.
وتساءلت الكاتبة الإسرائيلية في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بعنوان "التهديد الذي يشكله حزب الله.. ضعيف ولكنه لم ينته بعد" عن السبب الذي منع إسرائيل من إنهاء المهمة في لبنان ووافقت على وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بعد 416 يوماً من القتال عبر الحدود.وأضافت أن الاتفاق الحالي يعمل كإطار لوقف إطلاق نار طويل الأمد يشكل الجيش اللبناني وحكومة لبنان فيه، إلى جانب قوات اليونيفيل، الجهات المسلحة الوحيدة جنوب نهر الليطاني، وهذا من شأنه أن ينشئ فعلياً منطقة عازلة لمنع حزب الله والمجموعات المسلحة الأخرى من مهاجمة إسرائيل.
وأشارت إلى أن أي مراقب عقلاني يعرف أن إسرائيل لا تستطيع أن تثق بحزب الله أو أي هيئة دولية للسيطرة على تصرفات التنظيم، لافتة إلى أن الواقع في لبنان لم ينجح في إرغام حزب الله على الامتثال لإرادته، وتساءلت: "ما المنطق وراء هذا الاتفاق، ولماذا تعتقد إسرائيل أن هذه الخطوة الصحيحة لأمنها؟".
إيران ترسل "جزار داعش" إلى سوريا https://t.co/puOYCIy551 pic.twitter.com/5BUlFzr7ST
— 24.ae (@20fourMedia) December 4, 2024الهدف الأساسي لإسرائيل
وأضافت الكاتبة الإسرائيلية أن الهدف الأساسي لإسرائيل كان تحييد حزب الله باعتباره تهديداً استراتيجياً، وهو ما نجحت فيه إلى حد كبير، لافتة إلى أن مطالبة إسرائيل بـ"إنهاء المهمة" بالقضاء التام على حزب الله يتطلب من إسرائيل الاستيلاء على لبنان، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه إسرائيل.
وبحسب الكاتبة، فإن التهديد الأكثر خطورة الذي واجهته إسرائيل، هو احتمال خرق الحدود والتسلل الجماعي من جانب حزب الله، في وقت كان التنظيم قادراً على حشد ما يصل إلى 15 ألف مقاتل بالقرب من الحدود، استعداداً لتنفيذ هجوم مفاجئ مماثل لما فعلته حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وتحدثت عن خطط حزب الله التي نُشرت في التقارير الأجنبية، والتي كانت تشمل اجتياح المستوطنات الشمالية وخطف رهائن إسرائيليين، وهو ما كان من الممكن أن يؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ووفقاً لإسرائيل، فقد تم القضاء على هذا التهديد تماماً، مع وجود مراقبة مناسبة، ولن تتاح لحزب الله الفرصة لإعادة بناء هذه القدرة.
إضعاف حزب الله
وبحسب الكاتبة، فإن إسرائيل تقدر أنها نجحت في إضعاف حزب الله بنسبة 80%، وحتى لو كانت هذه التقديرات دقيقة، فإنها تعني أن حزب الله لا يزال أقوى بثلاث مرات من حماس، موضحة أن حزب الله يمتلك نحو 100 ألف صاروخ قصير المدى قادر على سحق دفاعات شمال إسرائيل، ومع ذلك، تعتقد إسرائيل أن معظم هذه الصواريخ، والأفراد المدربين على تشغيلها قد تم تحييدهم.
كما تضمنت ترسانة حزب الله نحو 20 ألف صاروخ بعيد المدى وطائرات بدون طيار، وأفادت تقارير أن أغلبها دُمرت. وعلى الرغم من هذه النكسات، لا يزال حزب الله يمتلك آلاف الطائرات بدون طيار وعشرات الآلاف من الصواريخ، بما فيها الصواريخ الموجهة بدقة والقادرة على الوصول إلى أي مكان في إسرائيل، وبالتالي، لا يمكن النظر إلى هذه الاتفاقية باعتبارها نهاية قاطعة لتهديد التنظيم المسلح.
احتلال لبنان
وحسب الكاتبة، فإن الكثيرين يدركون أنه حتى لو سيطرت إسرائيل على لبنان للقضاء على حزب الله، فالأمر يتطلب تدمير قواعد التنظيم ، ورأت أن ذلك لن يعالج المشكلة الحقيقية، وهي تمويل طهران للحزب، موضحة أن الجيش الإسرائيلي يقول إن حزب الله يحاول تهريب الأسلحة إلى لبنان عبر المعابر الحدودية المدنية مع سوريا، ولذلك استهدفت عدة ضربات إسرائيلية في لبنان التهديدات التي تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار.
وتحدثت عن الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من الشمال الإسرائيلي، والذين يصل عددهم إلى حوالي 60 ألف إسرائيلي خسر العديد منهم أعمالهم، لتتضرر المجتمعات بشدة بسبب نيران صواريخ حزب الله، وتحولت مدن كبيرة مثل كريات شمونة إلى "مدن أشباح مهجورة".
ولذلك، كان أحد الأهداف الرئيسية لحرب إسرائيل في الشمال، هو إعادة المستوطنين إلى المستوطنات في الشمال دون خوف مستمر من القصف الصاروخي الذي قتل الكثيرين. وتابعت الكاتبة: "يظل ما إذا كان وقف إطلاق النار هذا يحقق هذا الهدف سؤالاً مهمًا، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يستعيد سكان الشمال ثقتهم في الحكومة وقدرة الجيش على حمايتهم".
#إيران تتحرك لمواجهة خطر فقدان السيطرة على #سورياhttps://t.co/M6fwlCqgX6 pic.twitter.com/1RfZ1wVsCJ
— 24.ae (@20fourMedia) December 3, 2024المشكلة قائمة
وذكرت الكاتبة الإسرائيلية، أن قرار إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق النار مع حزب الله ينبع من توازن معقد بين البراغماتية والضرورة، ورغم نجاحها في تحييد عناصر مهمة للتنظيم وقدراته الاستراتيجية، فإن التهديدات الكامنة وراء ذلك لا تزال دون حل.
واختتمت مقالها قائلةً: "في نهاية المطاف، لا يتلخص السؤال في ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تنهي المهمة مع حزب الله فحسب، بل ما إذا كان المجتمع الدولي سوف يدرك أخيراً الخطر الذي يشكله وكلاء إيران ويتخذ خطوات ذات مغزى لمعالجة العنف والتهديد الذي تشكله طهران، ولا تستطيع إسرائيل أن تتحمل هذا العبء بمفردها".