عـبدالله علي صبري: في التخادم بين المشروعــين الصهيوني والتكفيري
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
منذ قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع أذان الجهاد في كابول، حسب تعبير عميد الصحافة العربية الراحل محمد حسنين هيكل، والجماعات التكفيرية على الضد دوما من القضية الفلسطينية. وحتى بعد أن أنهت مهمتها في أفغانستان، عاد ما يسمى بالأفغان العرب إلى بلدانهم الأصلية وانخرطوا في التكفير والتهديد بتغيير الأنظمة عبر قوة السلاح وتحت عنوان الجهاد، ثم سرعان ما أعلن أسامة بن لادن عن تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد، وصولا إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011، التي أعلن بن لادن مسؤولية ” القاعدة ” عنها.
ومع أن القاعدة غدا لها تنظيمات فرعية في عدد من الدول العربية والإسلامية، إلا أن أحدا من قادتها لم يفكر في الاقتراب من ” إسرائيل” والدعوة إلى الجهاد من أجل تحرير المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة.
ربما سقطت فلسطين من أجندتهم سهوا، وربما كان لهم سياسة مختلفة من باب التكتيك، هكذا كان يبرر لهم من يحسن الظن فيهم، إلا أن الانعطافة الكبيرة في العراق وسوريا، أبانت عن حجم التخادم الكبير بين القاعدة ثم داعش وبين المشروع الأمريكي في العالم العربي، وإذ كادت دولة الخرافة على مرمى حجر من بغداد، فإنها وجدت المسرح السوري سالكا للعبث بكل ما هو إنساني وأخلاقي، حيث تقاطر إلى الساحة السورية عشرات الآلاف من شذاذ الآفاق بزعم دعم الثورة السورية، والنتيجة أن عشرات التنظيمات التي انسلت وتناسلت عن التنظيم الأم، أطلقت العنان لكل أنواع التوحش والقتل والإجرام، من قطع لرؤوس الأبرياء في مشاهد متلفزة، وذبح وإحراق متعمد للأطفال، واغتصاب للنساء بزعم السبي أو جهاد النكاح، ومن رجم وجلد لمن يتهموهم بالزنا وقطع للأيدي، وإلى كل ما يمكن أن يشوه صورة الإسلام والمسلمين في العالم.
ولما اختلفت أهدافهم وتضاربت مصالحهم – وقد تشابهت نفسياتهم المريضة مع أشكالهم القميئة- عادوا ليكفروا ويضربوا رقاب بعضهم البعض.
وهكذا عاشت الأمة تحت سطوة الجماعات التكفيرية فصلا مأساويا من العشرية السوداء في الجزائر إلى عشرية النار في العراق وسوريا، وتحت نيران الاحتلال والعدوان الأمريكي الذي اتخذ منهم ذريعة لما يسمى بالحرب على الإرهاب.
بيد أن الأسوأ جاء في وقت قاتل، فبينما كان الأحرار من الأمة منخرطون في معركة طوفان الأقصى، وبينما كان أحرار العالم يتداعون للتضامن مع غزة وأهلها في وجه جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني، لزم شيوخ التكفير الصمت في أحسن الأحوال، فيما أطلق البعض تصريحات تنم عن تخاذل غير مسبوق، والبعض منهم راح يذكي نار الطائفية مجددا بالطعن في حزب الله وإيران وحركات الجهاد والمقاومة. وليت الأمر توقف عند هذا الحد.
المفجع أنه بينما كان المجاهدون الحقيقيون يقاتلون نيابة عن الأمة ويضربون أروع صور الصمود والفداء في غزة ولبنان، كان التكفيريون وراعيهم الأمريكي وشقيقهم التركي وصديقهم الصهيوني يشحذون أسلحتهم، ويتربصون بالمقاومة، التي تركت فراغا ملحوظا في سوريا، وما إن وجد الصهيوني نفسه عاجزا أمام أبطال حزب الله، حتى استدار من الخلف، لكن عبر هذه الأدوات التكفيرية، التي سرعان ما تحركت بتوجيه المجرم نتنياهو ونيابة عنه، وأنقضت على حلب الشهباء، في طعنة غادرة وماكرة، بهدف فرض واقع جديد عنوانه عزل سوريا وإيران عن المقاومة اللبنانية.
هكذا تجلت الحقيقة المرة وكشفت في أوضح وأبشع صورة، عن قوم استجمعت فيهم كل عناوين اللؤم والخسة والنفاق والحماقة، قوم لا يشبههم أحد إلا من يعمل مثل عملهم، أو يهلل ويصفق لفتوحاتهم.
4- 12-2024
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: ضعف المؤسسات الرسمية الدولية (1)
شاب المؤسسات الرسمية الدولية والمحلية ضعف شديد، ظهر أثره على القرارات الدولية الصادرة من مؤسسة مثل الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولى، ولعل فى النصف الثانى من الستينات وخاصة بعد حرب 1967، وما تضمنه قرار رقم 242 من تفسيرات مختلفة ضاعت على أثرها حقوق شعب فلسطين والأراضى المحتلة فى الجولان، وجنوب لبنان، وسيناء حتى إشعار أخر سنة 1973 وإسترداد كامل الأراضى المصرية تارة، بحرب خاطفة، وتارة بحركة دبلوماسية أيضًا خاطفة قام بها المرحوم الرئيس "السادات" وإستكملها بالتحكيم الدولى على منطقة "طابا" الرئيس الأسبق مبارك " وفى ظل إخفاق المؤسسات الرسمية الدولية، فى تحقيق أهدافها وقدرتها على تطبيق قراراتها المتتالية "ضد دولة إسرائيل" ونتيجة لتخلف طريقة التصويت، داخل هذه المؤسسة، وإستخدام حق "الفيتو" من أصحاب المصالح العليا فى العالم،ظهرت مؤسسات غير رسمية مثل منتدى "دافوس بسويسرا"، ومنتدى "جران مونتانا "بسويسرا أيضًا.
ومن أشهر القضايا التى خرجت من قاعات المؤسسات الدولية الرسمية إلى قاعات المنتديات الدولية (الموازية) "القضية الفلسطينية "فنجد فى 1992 ثم فى رومانيا، فى منتدى جران مونتانا،لقاءات وإجتماعات مع الفلسطينيين (ياسر عرفات) والإسرائيليين (رابين وبيريز) وخرجوا من هناك إلى " أوسلو" لكى تعقد أول إتفاقية بين الجانبين.
ولعل "منتدى دافوس" بمؤتمراته تحت إسم " مينا سوميت" فى " كازابلانكا" بالمغرب سنة 1994، ومحاولة تزاوج "إسرائيل على العالم العربى "ثم مينا سوميت " عمان" الأردن 1995، ثم مينا سوميت " القاهرة" مصر 1996، ثم فشل هذه السلسلة من المؤتمرات بمجىء "نيتنياهو" إلى حكم إسرائيل وفشل المؤتمر "مينا سوميت " الدوحة قطر" 1997 !!.
وبعد توقف عدة سنوات بدأ المنتدى يعقد ندواته فى عمان، وفى البحر الميت وأخيرًا تقرر عقد ندوته القادمة فى شرم الشيخ، وكل ذلك لكى يعوض المؤسسات الرسمية تقاعسها عن حل المشاكل التى تواجه بلدان العالم سواء إقتصاديًا أو سياسيًا أو حتى عسكريًا.
وإذا لم تصل المؤسسة الرسمية (الأمم المتحدة) إلى ضبط وإصلاح أحوالها، فإن المؤسسات الغير رسمية (الموازية) سوف يكون لها دور بالغ الأهمية فى العالم وفى تقريب وجهات النظر الرسمية والأهلية أيضًا، ولا حسد على العائد لأصحاب هذه المنتديات مثل (شواب كلاوس)، (جان بول كارترون) أصحاب هذه المنتديات.
ولعل الحديث عن ضعف المؤسسات الرسمية، يقودنا من الدولى إلى المحلى ولنــا حديــث فيهــا غــدًا.
[email protected]