قال عثمان ميرغني “هذا خيال علمي من عندي” ولم يصدقه أحد (2-2)
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
“لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا “بَابِلَ” لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ”، التكوين 9.
اختبرت كلمة لعثمان ميرغني في الأسبوع الماضي المياه في قول الأعاجم، لنرى منها، وإن لم يقصد إلى هذا، إن كان بوسعنا الاتكال على الإرادة المدنية الوطنية التي نزكيها كمناط الرجاء في إنهاء الحرب في السودان.
تفنيد مبادرة البرهان المختلقة
أما أكثر من جاء إلى البيان الزائف بمظالم معارضة البرهان وذاكرتها، فهو محرر “رأي الغلابة” الإذاعي على النت. وقدم لحديثه بقوله إن “ما سُمي مبادرة البرهان” مما أراد منه لا الطعن في مصداقيتها، بل تبخيساً لها. فاستغرب لصدورها على نحو فطير في قوله ليسأل إن كان للبرهان مستشارون يرتبون له أمره، أو أنه يصحو بها حلماً في الصباح. وقال “حلمه أو حلم أبيه”. وهذه مطاعنة لأنه ذاع عن البرهان أن والده حلم يوماً بأنه سيصير حاكماً على السودان. وعبّر المحرر عن ترحابه بأي جهد يبذل لإحلال السلام ليدخل من بعد هذا مناقشاً نص البرهان المختلق، باباً باباً، كأنه بالفعل صدر عنه. فقال إنه ليقبل بأن يدعو البرهان إلى مؤتمره كل الطوائف السياسية بلا استثناء. ولكنه يسأل أن من أين له أن يضمن أن تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية “تقدم” و”المؤتمر الوطني” سيتواضعان على الجلوس معاً فيه؟. فكيف اقتنع البرهان، في قوله، بإمكان هذا الاجتماع بينما لا يعترف أي منهما بالآخر من حيث المبدأ؟.
وعرج المحرر على ما ورد في المبادرة المصنوعة على إسقاط البلاغات الأخيرة التي فتحها النائب العام ضد رموز “تقدم”. وسأل إذا لم تكُن هي “جزرة” لإغراء “تقدم” بالقبول بالمبادرة ثم لينقلب ويوقعهم تحت طائلتها في وقته المناسب. وسأل “وهل هذه بتلك؟”، ويريد من هذا إن كان طلب إسقاط التهم عن “تقدم” مما أراد به تسويغ إسقاط التهم عن “المؤتمر الوطني” أيضاً، وسمى هذا “لعباً بالسياسيين”. فالعفو العام مطلب حسن، ولكن ليس بطريقة “هذه بتلك”، وأخذ على البرهان المجيء بحلول للأزمة لم يستشِر فيها أحداً، وعرض لما ورد في المبادرة الكذوب عن قيام مجلس تشريعي ليقوم بمهمات التشريع في البلاد. وسأل إن كان هذا الحل مما سيتفق معه عليه السياسيون المدعوون إلى مؤتمره، فجاء اقتراح هذا المجلس من طرف واحد، هو البرهان، من دون الاستئناس برأي من دعاهم إلى المؤتمر، وسماه “عقد إذعان” لأنه مما سيفرض من علٍ على المؤتمر. واشتم الرجل أن من وراء فكرة تمثيل القطاعات التي مر ذكرها في المجلس عودة للاتحاد الاشتراكي لنظام الرئيس السابق جعفر نميري (1969-1985). وتساءل المحرر عن توقيت المبادرة في يومنا هذا، وإن كان البغية أن تقبل بها “تقدم” لتكون جزءاً من هذه العملية السياسية “الإذعانية”، وسأل المحرر عن منزلة المؤتمر الوطني الذي ينفي البرهان أي صلة به، في هذا الترتيب. وسأل “هل يريد البرهان بمبادرته المتوهمة أن يسترد للسودان عضويته في الاتحاد الأفريقي؟ هل يريد بها تفادي قرارات تلوح في المحكمة الجنائية الدولية ضده ومحمد حمدان دقلو في وقت واحد؟ وهل ثمة اتفاقات سرية تعقد بين الجيش و’الدعم السريع‘ يريدون من القوى المدنية استكمالها في المؤتمر الذي دعا إليه البرهان؟”، ووصف كل المراوغات التي أخذها على البيان بـ”الثعلبية”.
تقسيم السودان
وكان بيان البرهان “المفبرك” سانحة لاستعادة “تقدم” موقفها من المؤتمر الوطني المستثنى عندها من أي عودة للميدان السياسي، وهي العودة التي طلبها أخيراً بالحرب في عقيدة “تقدم”. وكان هذا ما انشغل به تسجيل صوتي مار بمجموعات الـ”واتس”، فتجاوز صاحبه البرهان، لا لأن الدعوة لم تصدر عنه بالفعل، بل لأن البرهان ليس بشيء لأنه مجرد “بيدق من بيادق الحركة الإسلامية”. فالدعوة إلى “مؤتمر أركويت” التي لم تقع كما رأينا، هي في الحقيقة دعوة من المؤتمر الوطني بعد فشله الذريع في هزيمة “الدعم السريع”، ومن قَبِل أن يشترك فيه يكون قد كافأ المؤتمر الوطني. وأشار صاحب التسجيل إلى محادثات خفية استبعدت الجيش، تجري بين الكيزان و”الدعم السريع” قد تفضي إلى تقسيم السودان.
ولكنه عاد ليقول إن المبادرة مما أراد بها البرهان التغطية على الهزائم العسكرية التي مُني بها، فصح عنده أن خطاب الإسلاميين الذين أشعلوا الحرب، “الديني التضليلي” باء بالفشل، واستنفدوا كل طاقتهم وسوف لن تلبث دولته، أي البرهان، أن تنهار على البلاد والعباد. ورأى صاحب التسجيل في “دعوة أركويت” مسعىً لتقسيم السودان بين “الدعم السريع” و”المؤتمر الوطني” يرمي بالشمال النيلي والوسط تحت نير الإسلاميين مرة أخرى. والمبادرة، في قوله، “جرثومة خبيثة” لإعادة المؤتمر الوطني للميدان السياسي، وشدد على ألا نفتح هذا الباب لهم، إلا إذا قبلوا بعرض مَن ثبت فساده منهم للمحاكمة، وحلوا تنظيمهم القديم في “المؤتمر الوطني” والحركة الإسلامية، واعتذروا إلى الشعب عن عقود حكمهم الكأداء وما بعدها، وأن يقولوا “تبنا”. فلم يقُم السودانيون بثورة ضدهم ضحى لها شهداء عبثاً. فما معنى الثورة التي قامت ضدهم لو عاد المؤتمر الوطني من حيث أتى؟، بدلاً من ذلك فالمؤتمر الوطني مما يضرب بـ”حذاء من فولاذ” حتى تسيل الدماء من جسده، أو يعتذر من يد ويتوب. فإذا ما قامت انتخابات وصوّت الشعب له فلا تثريب. فهذه الحرب قد تقضي على السودان الذي نعرفه، ولكن كله يهون دون عودة الحركة الإسلامية بغير محاكمة عادلة لها.
وبقدر أقل، لم يسلم طرف الإسلاميين من هذه الوعكة في التواصل، فنشر محمد المسلمي الكباشي كلمة بعنوان “ليست هناك تسوية ولا مؤتمر حوار شكراً القائد البرهان”، واختلف في واحدة جوهرية عن أنصار “تقدم” في أنه عرف أن “مؤتمر أركويت” متوهم، وحمل من بعد ذلك على عثمان الذي عنده كمثل جحا الذي صدّق كذبته عن الوليمة في حيهم التي قالها لأطفال ليصرفهم عنه، ثم عاد ليصدقها حين رأى حماستهم للوصول إليها وسابقهم إليها. فقال إن الدعوة أمان وأحلام، ولكن صدّقها من كتبها واعتبرها واقعاً. وكان من وراء كتابتها، في قوله، غرض واضح هو إصابة المواطن الذي يرفض أي وجود للعملاء من أحزاب “تقدم” بإحباط. واستنكر عبارات للدبلوماسي الأميركي السابق كاميرون هدسون الذي زار السودان أخيراً، عن أن هناك تسوية بين الجيش والتمرد تنتهي بها الحرب لا منتصراً أو مهزوماً. وربط صاحب التسجيل بين “الخواجة” وعثمان بلا ضرورة ملجئة بقوله إن غرضهما واحد وهو تبخيس انتصار الجيش والتفاف المواطن حوله، في محاولة لبث الروح في جثمان التمرد، وشكر القائد البرهان الذي كذب ما نسبه إليه عثمان صريحاً، ودعا بالقطع لألسن الكذب.
اختبرت مقالة عثمان عن غير قصد مسبق بؤس التوقع في نهوض القوى المدنية السودانية بإرادة وطنية لإنهاء الحرب. فإذا اشتكى المجتمع العالمي من انقطاع التفاهم بين الأطراف المتحاربة في حومة الوغى، فلن يسعد بالمجتمع المدني الذي ينعم بحال ما بعد بابلية في قول هيدت، وهي حال التعذر المطلق في التفاهم المتبادلة بين الأطراف. فرأينا تجليات قصوى للفحولة في خطاب انعقد حول أكذوبة عثمان البريئة. وبدا منها أن المعول في هذا الخطاب ليس النص الذي انعقد حوله، بل فحيح تاريخ موغر من سوء الظن والمظالم والثارات. ولم يسلم طرف من الأطراف من تبلبل العبارة:
“لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا “بَابِلَ” لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ”، التكوين 9.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی الدعم السریع فی قوله الأ ر ض إن کان
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة قناة السويس يفتتح المؤتمر الطلابي الثامن بكلية العلوم بمشاركة 62 بحثًا علميًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
افتتح الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، فعاليات المؤتمر الطلابي الثامن للبحوث الطلابية بكلية العلوم، والذي جاء هذا العام تحت عنوان "تطور العلوم في عصر التحول الرقمي"، بمشاركة 62 بحثًا علميًا قدمها طلاب الكلية في مختلف التخصصات، وحضور واسع من القيادات الجامعية وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.
أقيم المؤتمر تحت رعاية الدكتور ناصر مندور، وإشراف عام من الدكتور محمد عبد النعيم، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وبإشراف الدكتورة مها فريد سليمان، عميد كلية العلوم ورئيس المؤتمر، والدكتور الشاذلي عباس، وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب ونائب رئيس المؤتمر، والدكتورة ياسمين محمد حسين، مقررة المؤتمر.
كما شهد المؤتمر حضور الدكتور محمد يس، مدير مركز الدعم الأكاديمي.
وكان في استقبال رئيس الجامعة كل من الدكتورة مها فريد سليمان، والدكتور الشاذلي عباس، والدكتور رأفت عفيفي، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة شيرين البنا، وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث.
استهل المؤتمر فعالياته بعزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية، تلاه تلاوة مباركة لآيات من الذكر الحكيم قدمها الطالب معاذ محمود، ثم عرض فيلم تسجيلي استعرض أبرز إنجازات وحدة الدعم الأكاديمي بالكلية خلال العام الجامعي 2024-2025.
يهدف المؤتمر إلى تنمية المهارات البحثية لدى الطلاب، ورفع مستواهم العلمي والثقافي، وتعزيز ثقافة البحث العلمي والإبداع والابتكار، إلى جانب غرس قيم العمل الجماعي وبناء جسور التواصل العلمي بين طلاب الكلية في مختلف التخصصات، مع التأكيد على الدور الوطني للعلم في خدمة المجتمع.
وشمل المؤتمر عرضًا موسعًا للأبحاث والمشروعات العلمية التي تقدم بها طلاب الكلية في مجالات الكيمياء، الفيزياء، الجيولوجيا، العلوم البيولوجية والبيئية، المنتجات الطبيعية، وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والبرمجة، حيث بلغ عدد الأبحاث هذا العام 62 بحثًا، وهو أكبر عدد مقارنة بالدورات السابقة.
وفي كلمته، أكد الدكتور ناصر مندور أن كلية العلوم تُعد المحرك الأساسي لمنظومة البحث العلمي داخل الجامعة، لما لها من تداخل علمي وبحثي مع مختلف الكليات والتخصصات، مشيدًا بالمستوى المتميز للأبحاث المقدمة، ومؤكدًا أهمية دعم هذا النوع من المؤتمرات الطلابية لما لها من دور كبير في صقل مهارات الطلاب وتنمية قدراتهم البحثية، كما أثنى على حرص الكلية على تكريم الطلاب المتفوقين دراسيًا ورياضيًا، ما يعكس اهتمامها الشامل ببناء شخصية الطالب الجامعي المتكاملة.
من جانبها، أعربت الدكتورة مها فريد سليمان عن سعادتها بتشريف رئيس الجامعة للمؤتمر، مقدمة الشكر له على دعمه الدائم للكلية، سواء في تطوير معامل الكيمياء والفيزياء، أو في دعم قسم الرياضيات والحاسب الآلي بأجهزة كمبيوتر وصيانة شاملة للمرافق، وهو ما أسفر عن حصول القسم على الاعتماد البرامجي، إلى جانب اعتماد المعمل المركزي، في الوقت الذي تنتظر فيه أربعة برامج أخرى الاعتماد بعد زيارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم.
وأكد الدكتور محمد يس أن مركز الدعم الأكاديمي، منذ إنشائه عام 2016، يعمل على دعم الطلاب المتفوقين، والمتعثرين، وذوي الهمم، ويضع المؤتمر الطلابي البحثي على رأس أولوياته لنشر ثقافة البحث العلمي بين الطلاب.
بدوره، رحب الدكتور الشاذلي عباس برئيس الجامعة، مشيرًا إلى أن عنوان المؤتمر يعكس توجه الجامعة واستراتيجيتها في مواكبة التحول الرقمي، خاصة مع قرب الانتهاء من مبنى الاختبارات الإلكترونية الذي تم دعمه بـ3500 جهاز كمبيوتر، بالإضافة إلى 1500 جهاز موجود بالفعل، كما أشار إلى فوز الكلية بتمويل مشروع جديد للاختبارات العلمية والشفوية، والذي يُعد إضافة كبيرة للعملية التعليمية والبحثية داخل الكلية.
واختتمت الدكتورة ياسمين محمد حسين بالتأكيد على أن النسخة الحالية من المؤتمر شهدت تطورًا ملحوظًا، ليس فقط في عدد الأبحاث المشاركة، بل في تنوع الفعاليات، حيث تم تنظيم عرض فني على هامش المؤتمر، إلى جانب تنظيم فقرة لتكريم الطلاب المتفوقين دراسيًا ورياضيًا، مما يعكس حرص الكلية على دمج الجوانب العلمية والثقافية والرياضية في بيئة تعليمية متكاملة تدعم التميز والإبداع.