الصناعة المصرية بين الواقع والأماني
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام المنتدى والمعرض الثالث للصناعة في مصر إلى تعزيز استخدام المكونات المحلية في الصناعة، باعتبار ذلك نجاحا للصناعة المصرية، ويدعم الاقتصاد الوطني ويقلل من الاعتماد على الواردات.
وهذا الكلام في ظاهره يمثل أمرا هاما لأي دولة، فقوة الدولة الاقتصادية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتصنيع لا سيما الصناعة التحويلية، واستخدام الدولة مواردها الطبيعية في تعزيز التصنيع الذي يلبي حاجة الداخل، ويعزز الصادرات للخارج.
إن الاعتماد على المكونات المحلية في التصنيع تتعدد منافعه للدولة، فهو يسهم في الحد من الواردات، ويحفز الصناعة الوطنية، ومن ثم دعم الشركات المحلية، فضلا عن توفيره فرص عمل والحد من مشكلة البطالة، إضافة إلى تنمية الصادرات، وهو ما يصب في نهاية المطاف في أمر مهم ومطلوب وهو الحد من استنزاف العملة الصعبة المستخدمة في استيراد المواد الخام أو المنتجات الوسيطة، وزيادتها من جانب آخر من خلال زيادة الصادرات.
الحكومة نفضت يدها من الصناعات المهمة واتجهت إلى الخصخصة للمشروعات الناجحة، ومع ذلك فإن الصناعة المصرية بصفة عامة تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد العديد من مكوناتها، والتي تختلف من قطاع صناعي لآخر
ومع ذلك، فإن هذا الأمر في عمومه ليس سهلا بل تقابله العديد من التحديات، من حيث توافر هذه المكونات أصلا داخل البلد، وإذا توفرت فإن الأمر يحتاج إلى قياس جودتها وتكلفتها مقارنة مع المستورد منها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتوقف كذلك على طبيعة البنية التحتية الصناعية، وما إذا كانت الصناعة الوطنية تمتلك التكنولوجيا والقدرات الإنتاجية الكافية.
والناظر إلى واقع الصناعة المصرية يجد أن الحكومة نفضت يدها من الصناعات المهمة واتجهت إلى الخصخصة للمشروعات الناجحة، ومع ذلك فإن الصناعة المصرية بصفة عامة تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد العديد من مكوناتها، والتي تختلف من قطاع صناعي لآخر.
وتشير التقديرات إلى أن قطاع الصناعات الهندسية والإلكترونية يستورد مكوناته بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المائة، كما يستورد قطاع الصناعات الدوائية حوالي 90 في المائة من مكوناته، ويستورد قطاع الصناعات الغذائية نسبة 20 إلى 40 في المائة من مكوناته، ويستورد قطاع السيارات نسبة 50 إلى 60 في المائة من مكوناته.
وهذا الواقع نتيجة طبيعية لضعف الإنتاج المحلي للعديد من المكونات الصناعية، وقلة الاستثمار في الصناعات المغذية، وضعف البنية التكنولوجية، والبنية التحتية الصناعية، وتحجيم القطاع الخاص في ظل عسكرة الاقتصاد.
وتشير البيانات الرسمية عن العام المالي 2023-2024م إلى أن الصادرات المصرية بلغت قيمتها حوالي 32.5 مليار دولار، في حين بلغت الواردات المصرية 72.1 مليار دولار، وهو ما يعني تنامي العجز في الميزان التجاري ممثلا في الفجوة بين الواردات والصادرات، ليصل إلى 39.6 مليار دولار مقارنة بـ31.9 مليار دولار في العام المالي 2022-2023م، مما يعكس تحديات في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج.
مصر بسواعد أبنائها قادرة على تلبية حاجتها، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى أمن نفسي ومادي، من خلال الاستقرار المجتمعي والمصالحة المجتمعية، وتقديم أهل الخبرة على أهل الولاء، ووضع الجيش في مكانته العسكرية التي تتلاءم مع مكانته ومع مهامه في حراسة الحدود، وتشجيع رأس المال الوطني قبل الأجنبي، والتعامل مع رأس المال الأجنبي وفقا للمصالح المتبادلة والاستفادة منه في التكنولوجيا المتطورة
إن التوجه إلى تعزيز استخدام المكونات المحلية في الصناعة لا يحتاج إلى كلام بقدر الحاجة إلى العمل ووضع خطة شاملة تتضمن تطوير الصناعات المحلية، وتحسين البنية التحتية الصناعية، وتعزيز الصناعات المكملة والمغذية، ودعم الابتكار لرفع جودة المنتجات، وفتح المجال بقوة لعمل القطاع الخاص، والحد من توغل العسكر في الاقتصاد.
بل إن الفرصة سانحة للجيش المصري لدعم الصناعة، ولا نقصد بذلك الصناعة المدنية بل الصناعة الحربية والتميز فيها، والقدرة على الاستفادة من الموارد المحلية في التصنيع لحماية الداخل والتصدير للخارج، وهو ما سوف يمثل نقلة نوعية في التسليح العسكري، جنبا إلى جنب مع دور القطاع الخاص في تعزيز الصناعة المدنية.
إن مصر بسواعد أبنائها قادرة على تلبية حاجتها، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى أمن نفسي ومادي، من خلال الاستقرار المجتمعي والمصالحة المجتمعية، وتقديم أهل الخبرة على أهل الولاء، ووضع الجيش في مكانته العسكرية التي تتلاءم مع مكانته ومع مهامه في حراسة الحدود، وتشجيع رأس المال الوطني قبل الأجنبي، والتعامل مع رأس المال الأجنبي وفقا للمصالح المتبادلة والاستفادة منه في التكنولوجيا المتطورة، وليس ببيع أصول الدولة لأجانب يتحكمون فيها بالاحتكار، ويمسون سيادة البلاد ومعيشة العباد.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري الصناعة الاقتصاد مصر اقتصاد صناعة انتاج مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصناعة المصریة ملیار دولار المحلیة فی رأس المال یحتاج إلى فی المائة
إقرأ أيضاً:
«وزير النقل»: الشركات المصرية مستعدة لتنفيذ منشآت في المغرب استعدادا لكأس العالم 2030
أكد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، خلال استقباله السفير المغربي بالقاهرة، محمد آيت وعلي، أن الشركات المصرية التي نفذت وتنفذ المشروعات العملاقة في مصر والدول الإفريقية على استعداد تام لتنفيذ المشروعات في المغرب الشقيق ومنها مشروعات البنية التحتية والمنشآت الرياضية الخاصة بكأس العالم 2030 الذي سيقام بالمغرب الشقيق.
واستقبل الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل السفير محمد آيت وعلى سفير المملكة المغربية بالقاهرة لبحث تدعيم التعاون المشترك في مجالي الصناعة والنقل وذلك بحضور اللواء نهاد شاهين نائب وزير النقل للنقل البحري وقيادات وزارتي الصناعة والنقل.
أشار الوزير إلى عمق العلاقات التي تربط بين البلدين الشقيقين مؤكداً حرص الحكومة المصرية على زيادة حجم التعاون المشترك بين الجانبين خاصة مع إطلاق الجانبين خلال العام الماضي إعلان مراكش لانطلاق التعاون الكبير بين مصر والمملكة المغربية في مجالات النقل المختلفة وفي ضوء تطلع الجانبين على التعاون في مجال الصناعة.
وخلال الاجتماع بحث الجانبان سبل التعاون المشترك في مجال الصناعة، حيث أكد الوزير أن مصر تنفذ خطة شاملة للنهوض بقطاع الصناعة بهدف تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن مصر منفتحة على التعاون مع كافة دول العالم وخاصة الدول العربية الشقيقة وأن هناك فرصاً واعدة في هذا المجال من الممكن أن تشكل انطلاقة كبيرة للتعاون المشترك في مجال الصناعة وبما يساهم في زيادة حجم المبادلات التجارية بينهما والوصول الى الأسواق الإفريقية والخارجية المختلفة.
وزير النقل والسفير المغربي بالقاهرةكما تم التباحث حول التعاون في مجالات النقل المختلفة وعلى رأسها قطاع النقل البحري وذلك من خلال التنسيق بين الموانئ المصرية والمغربية خاصة وأن الموانئ المغربية تقع في غرب إفريقيا وتشكل نقطة انطلاقة للصادرات إلى دول غرب أوروبا والأمريكتين كما أن الموانئ المصرية المطلة على البحر الأحمر مثل سفاجا والسخنة تشكل نقطة انطلاق للصادرات إلى الدول الخليجية ودول جنوب وشرق أسيا.
وفي السياق ذاته تم استعراض التجارب الناجحة في البلدين الشقيقين في مختلف المجالات ومنها قطاع النقل، حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل أن الشركات المصرية التي نفذت وتنفذ المشروعات العملاقة في مصر والدول الإفريقية على استعداد تام لتنفيذ المشروعات في المغرب الشقيق ومنها مشروعات البنية التحتية والمنشآت الرياضية الخاصة بكأس العالم 2030 الذي سيقام بالمغرب الشقيق، وهو ما رحب به السفير المغربي الذي أكد أن الشركات المصرية يجب أن تشارك في المناقصات الخاصة بهذه المشروعات بالإضافة إلى ضرورة عقد لقاءات مكثفة بين مسئولي الجانبين خلال الفترة القادمة لبحث تفعيل هذا التعاون.
اقرأ أيضاًوزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع السابع عشر للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية
النقل تدعو اتحاد الصناعات المصرية والغرف التجارية للاستفادة من مميزات الخط الملاحي «الرورو»
«المصرية للاقتصاد السياسي»: تطوير النقل في مصر يغير ملامح الخريطة المرورية «فيديو»