لجريدة عمان:
2025-01-06@20:31:14 GMT

فلسطين في عيون مناضل ُمطارد

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

فلسطين في عيون مناضل ُمطارد

أن يكتب مناضل فلسطيني طورد من قبل المحتلين لتسع سنوات، رواية عن هذه السنوات التسع، (الأقانيم الثلاثة، صدرت عام 1998 عن دار نشر كنعان في فلسطين) فهذا مغوٍ ومثير للفضول وللمخيلة، ويأخذنا إلى أدب جديد تكتبه عيون فلسطينية جديدة بسياق مختلف، وسام رفيدي مناضل من مدينة البيرة، في فلسطين، أمضى جزءا كبيرا من حياته في السجون الاحتلالية، كيف تراه يبدو العالم في عيون مناضل وكاتب، اختبأ في بيت لتسع سنوات، وواصل أثناء اختبائه نضاله العنيد؟ كيف سيتحمل هذا الفلسطيني العاشق لبلاده وجود احتلال بشع يدمر حياة شعبه ويمنع تطوره الطبيعي؟ وهنا يسأل سائل ساذج: ألا يكفي وساما هذا النضال؟ لماذا يزج نفسه في أتون الكتابة؟

وأجيب أنا: لأنه يومن بأن فلسطين قضية مقدسة لكنها أيضا توثيق جمالي و فن وأغان ونصوص ومسرح ورقص؟ في كل حركات التحرر يسير الفن جنبا الى جنب مع البندقية، وسؤال آخر ساذج: ألا يستطيع وسام أن يكتفي بالكتابة كوسيلة مقاومة ويعيش حياته الطبيعية؟ أتخيل وساما يبتسم الآن ويجيب: هل تمزح معي؟ أين هي الحياة الطبيعية التي سأكتفي بها؟ هل هناك حياة طبيعية مع الاحتلال؟

تحتاج المعركة إلى الأدب، ليشرح عمقها، ويفهم أبعادها ويحتاج الأدب إلى المعركة لتعطيه معناه، وشرف الوجود، يتدخل الأدب ويقف خلف جبل مراقبا تفاصيل المعركة، فيصورها ويستكشفها ويختبر صلابتها، لا شيء كالأدب والفن، يوضح لنا سر البلاد، ومغزى حاجتنا للحرية، لا شيء كالمسرح مثلا يخلد قيمنا الوطنية ويرسخ ثوابتنا، ويعكس وهج روحنا الوطنية ويحرض على سطوعنا الدائم أمام عالم ذابل وتافه ومنافق.

خلف شخصية كنعان يختبى وسام كمناضل منتم وثوري، تخلى عن حياته الطبيعية، واندفع في أجمل أنكار للذات، وفي أروع استعداد للتضحية، من أجل بلاده، يا له من قناع هذا الكنعان الذي يذكرنا بالبلاد الأصلية بكنعانييها،!.

في سجن النقب الصحراوي كتب وسام أقانيمه الثلاثة، ونسمعه هنا وهو يشكر رفاقا ثلاثة:

(أخيرا وليس آخرا إنني مدين بشكري للرفاق الثلاثة الرائعين (عمر تايه ويوسف العاطي ويوسف عبد العال) في سجن نفحة الذين تجشموا عناء المهمة المملة وهي نسخ الرواية هذه على 54 كبسولة وتنظيم تهريبها عبر 6 سجون حتى وصلتني سالمة).

ثمة أشخاص آخرون إذن تقاسموا بعض بطولة هذه الرواية المدهشة، هم رفاق مخلصون، لم تكن الرواية لترى النور لولا إيمانهم بضرورة الكتابة، حقا مقدسا للفلسطينيين للتعبير عن حياتهم وحقا آخر لهم لتمجيد بطولتهم وتخليد نضالهم.

يوضح الكاتب وسام رفيدي سياق الرواية ودافعها في رسالة إلى حركة الشباب الفلسطيني في أمريكا التي لاحقا قررت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية: (كُتبت «الأقانيم الثلاثة» في سجن النقب (1991-1994، وهي واحدة من فترات الاعتقال العديدة التي تعرض لها الكاتب)، لتوثيق تجربة «كنعان» الذي أوكل إليه تنظيمه، «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، مهمة التخفّي وعدم السماح للاحتلال بتقييد طاقاته الثورية: «لا تستقبل أحدا ولا تزر أحدا»، ذلك في مرحلة انتقالية مهمة من تاريخ الثورة الفلسطينية تطلّبت بناء أدوات نضالية وتنظيمية جديدة ومختلفة، من ضمنها تجربة الاختفاء عن الأنظار: «للنضال فاتورته التي ينبغي دفعها عن طيب خاطر وللحياة السرية اشتراطات ينبغي مراعاتها، وللثورية طريقها في غسل الذات، وها هي تفعلها بقسوة الوحدة).

لم ُيكتب الكثير مما يعتد به عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1989- 1993) كانت الأقانيم الثلاثة أول عمل أدبي فلسطيني يكتبه مناضل منخرط في الحدث الكبير وأحد صناع مشهد الانتفاضة التي هزت العالم آنذاك، ورغم أن هذا الكتاب هو كتاب يصور تجربة حزبية خاضها المناضل وسام، إلا أنها عكست مجمل النار التي اندلعت في وجه العدو وصورت الحركة الموّارة للشعب كله.

لغة الرواية بسيطة وصفية دقيقة، وحادة تشبه مضمونها الثوري فهي موجودة لتعكس النار لا لترقص أمامها، ولا لتختال بملابسها، فهي جادة وليس لديها وقت للدلال ولا تفكر بقارئ يطرب لها ولرنينها.

قدم الرواية المناضل القومي الشهير المرحوم جورج حبش ونقتبس من تقديمه: (الرواية سيرة ذاتية للبطل الإيجابي، الذي يقتحم لجة المجهول، ويقبل التحدي، ولا غرو أن مراحل وتعقيدات نضالنا تتطلب بطلا نخبويا، باهرا وهذا ما كانه وديع وما كانه كنعان).

الكاتب في سطور

وسام رفيدي هو باحث ومحاضر متفرغ في دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم- فلسطين، عمل سابقا كمحاضر غير متفرغ في جامعة بيرزيت لعلم الاجتماع والدراسات الثقافية. حاصل على شهادتي ماجستير من جامعة بيرزيت، الأولى في علم الاجتماع عن رسالته، التحولات على مكانة المرأة في الرواية الفلسطينية المعاصرة، ما قبل وبعد أوسلو، والثانية في الدراسات العربية المعاصرة.

يحاضر منذ سنوات في مساقات عدة منها النظرية الاجتماعية، والحركات الاجتماعية، والإعلام والاتصال، والسكان، والعائلة، كما يساهم حاليا مع زملائه في الدائرة تطوير مساقات إضافية في التاريخ الاجتماعي الفلسطيني وعلم اجتماع الدين. للباحث رواية منشورة (الأقانيم الثلاثة) بطبعتين في رام الله ودمشق، وكتاب صدر عن الفارابي حول المرأة والرواية الفلسطينية بين زمنين: أوسلو والمقاومة، وكتاب ثاني صدر في رام الله حول صناعة الكتاب في فلسطين قُدِم لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، كما أن له العديد من الدراسات المنشورة في مجلات وكتب، منها دراسات في الهوية الفلسطينية بعد أوسلو، القومية المتخيلة والعنف في النص التوراتي، والخطاب الفكري للمنظمات.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بسبب رفع أسعار التعاقدات.. «الصحفيين والمهندسين والمحامين» ترفض احتكار معامل التحاليل

في سابقة تعد الأفضل في مواجهة الاحتكار أعلنت نقابات الصحفيين والمهندسين والمحامين تعليق تعاقداتها مع معامل تحاليل شهيرة بسبب تعسفها في رفع أسعار التعاقدات للنقابات الثلاثة.

قرار وقف التعامل كما يقول خالد البلشي، نقيب الصحفيين، بعد فترات طويلة من المفاوضات التي استهدفت الوصول إلى حلول عادلة، ومتوازنة تحافظ على حقوق أعضاء تلك النقابات، وتضمن المساواة في الأسعار مع نقابات مهنية أخرى.

وقال البلشي إن قرار وقف التعامل مع سلاسل المعامل لم يتضمن إلغاء للتعاقد، ولكنه إعلان بالرفض لمحاولتهم فرض أسعار مخالفة للتعاقد مع النقابة، لحين تصحيح هذا الخلل.

وأضاف إن النقابة وجهت إنذارات للمعامل الثلاثة برفضها أي زيادة، وإصرارها على استمرار التعامل طبقًا لشروط العقود الموقعة معها والتي لا تزال سارية حتى الآن.

وقال البلشى ردًّا على اعتراض فئة قليلة من الصحفيين بحجة انتشار تلك المعامل حيث أكد أن الإعلان عن القرار جاء متأخرًا.

لماذا تم الإعلان متأخرًا؟.. لأن لائحة نقابة الأطباء بالأسعار الجديدة لم تصدر إلا يوم 26 ديسمبر، وبزيادة 20% عن العام السابق، وفي 30 ديسمبر تلقينا خطابات من المعامل الثلاثة بالأسعار الجديدة والتي تزيد عن أسعار الأطباء بنسب زيادة تقترب من 20% أخرى، وبعد جلسة تفاوض طويلة أصرت المعامل على فرض أسعارها، ورغم محاولة النقابات خلق حل وسط يراعي الفروق السابقة، كخطوة على طريق تطبيق العقود طلبوا مهلة 24 ساعة للرد، ليتم إخطارنا بالرفض يوم 31 ديسمبر، فكان لا بد من إعلان موقفنا برفض ما طرحوه ووقف التعامل حتى لا يتم فرض أسعار مخالفة للعقود في اليوم التالي الموافق 1 يناير موعد تطبيق الزيادات.

احتكار معامل التحاليل

وقال البلشي إن التعاقدات بالزيادات الجديدة ستحمل النقابة ما تتراوح بين 35 لـ40% بقيمة تقترب من 4 ملايين جنيه. علمًا بأن النقابة تسدد للمعامل الثلاثة ما يقرب من 10 ملايين جنيه سنويًا من ميزانية مشروع العلاج.

ولفت إلى أن أسعار النقابة تزيد بنسبة 30% عن باقي النقابات، وكان مطلوبًا منا زيادة جديدة تصل بالفرق إلى 45% فوقفنا ضد ذلك.

وأضاف أن المفاوضات مع المعامل منذ العام الماضى كان هدفها أما تثبيت السعر، في حال أن سعر الأطباء جاء أقل مما وافقت عليه المجالس السابقة، وإما العودة لتطبيق نص العقود، ورغم ذلك وافقنا على خطوة انتقالية أخرى بنسبة زيادة 5% عن سعر الأطباء كخطوة أخيرة، وانتقالية لإنهاء ما خلقته الموافقات السابقة من خلل في نسب الزيادة. وعندما لم يحدث ذلك كان القرار بتعليق التعامل.

فيما أكدت نقابة المهندسين أن وقف التعامل مع المعامل جاء أيضًا بسبب الزيادة غير المبررة فى الأسعار، وقالت النقابة إن نفس المعامل عرضت أسعارًا أقل لبعض النقابات الأخرى مثل نقابة المهن الطبية، وهو ما طالبت به نقابات المهندسين والمحامين والصحفيين.

من جهة أخرى قررت النقابات الثلاثة تقديم شكوى للجهات المعنية للتحقيق في هذه المخالفات، لضمان تقديم خدمات صحية عادلة، ومنصفة لجميع الأعضاء.

اقرأ أيضاًتجديد شهادة الأيزو 17025 للمعمل المركزي بـ «مياه الفيوم»

تدريب 25 صيدلي وكيميائي وفني معمل لرفع مستوى الجودة والاعتماد بمعامل الصحة بالفيوم

عاجل.. «صور» أول معمل بيولوجي لاكتشاف الأورام السرطانية في مصر

مقالات مشابهة

  • أميرة غنيم: تعرّفتُ على الرواية العُمانيّة من خلال رائعة سيّدات القمر لجوخة الحارثية
  • عاجل | القناة 14 الإسرائيلية: السلطة الفلسطينية سلمت إسرائيل منفذة عملية الطعن التي وقعت أمس في بلدة دير قديس
  • لماذا لا يجب تناول الكبدة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل؟
  • بسبب رفع أسعار التعاقدات.. «الصحفيين والمهندسين والمحامين» ترفض احتكار معامل التحاليل
  • موكب الملوك الثلاثة يزين شوارع مدريد.. احتفال سنوي يعيد إحياء التقاليد التوراتية
  • »أسئلة الرواية الفلسطينية«
  • ما هي المعجزة السينمائية الفلسطينية التي وصلت ترشيحات الأوسكار وتحدثت عن غزة؟
  • رئيس مياه القناة: تطهير كامل لشبكات الصرف الصحي بمحافظات الثلاثة
  • “عِلم” تُطلق هويتها المطورة وتتميز بعناصرها الثلاثة الرئيسية “الإنسان والطموح والتقنية”
  • محكمة النقض تنظر طعون المتهمين الثلاثة بإنهاء حياة طبيب الساحل