الجزيرة:
2024-12-05@02:13:18 GMT

مريم.. صوت الأميرات في غزة

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

مريم.. صوت الأميرات في غزة

في قلب الحصار والحرب، حيث يطغى القصف والدخان على سماء غزة المنكوبة، تحمل مريم قوش قلمها، فهو آخر ما تبقى من أجنحة الإرادة. مريم، الشاعرة الفلسطينية التي حُرمت من تحقيق حلمها بالمشاركة في برنامج "أمير الشعراء" في أبو ظبي، لم تكن مجرد شاعرة تسعى للمنافسة، بل صوتًا يمثل معاناة مئات الآلاف من سكان قطاع غزة المحاصرين، حيث أصبح السفر حلما بعيد المنال، والأحلام رفاهية غير ممكنة.

اجتازت مريم المقابلة الأولى للبرنامج بنجاح، وتم اختيارها من بين مئات الشعراء لتكون ضمن قائمة الأربعين، لكن العدوان الدائر في غزة كان بالمرصاد. معابر مغلقة وأحلام محاصرة. "بات الحلم والسفر مستحيلا"، تقول مريم، واصفة واقعًا قاسيا فرضه الحصار والجغرافيا والسياسة.

ورغم الجراح التي لم تبرأ بعد، خصوصا بعد فقدان والدها، حاولت مريم أن تكسر جدران الحصار بالطريقة التي تعرفها: بالشعر. "حاولت أن أطرق الخزان بصوت قصيدتي"، تقول مريم، مستعيدةً صورة الأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني، لتجعل من صوتها رسالةً صادقة تعبر عن الألم والأمل، وتجعل غزة حاضرة رغم كل شيء.

لم تكن تجربة مريم سهلة، فقد أجرت المقابلات عبر الإنترنت المتقطع، واستغرقت دقائق العرض المعدودة ساعات طويلة بسبب تقطع الاتصالات. ومع ذلك، تثني مريم على جهود منظمي البرنامج ولجنة التحكيم الذين أظهروا صبرا وتفهما. هذا الدعم أضاف لمسة من الأمل إلى تجربة مريم، رغم أنها لم تكتمل.

الشاعرة الفلسطينية مريم قوش خلال مشاركتها عن بعد في مسابقة شاعر المليون (صفحة الشاعرة في فيسبوك)

لم تكن مريم تسعى فقط لتمثيل نفسها، بل كانت تأمل أن يكون شعرها سفيرا لصوت قطاع غزة وفلسطين، صوتا يذكر العالم بأن القضية الفلسطينية ليست فقط مأساة سياسية، بل أيضا إنسانية وثقافية. تقول "أتمنى أن تكون غزة وفلسطين حاضرةً في قصائد الشعراء، فهي القضية الأولى للوطن العربي الكبير، وللشعر وللإنسان".

إعلان

قصتها ليست مجرد قصة شاعرة تسعى لتحقيق حلمها في عالم الشعر، بل هي حكاية معاناة يومية يعيشها سكان غزة. في كل سطر من قصائدها تختبئ معاناة شعب بأكمله، وفي كل محاولة منها للصعود على المسرح، يظهر صمود شعب يرفض أن يُمحى صوته. ورغم الحرب والحصار، تحلق كلماتها، تحمل أوجاع شعبها وأحلامهم، لتؤكد أن الشعر، حتى في أحلك الظروف، قادر على صنع أجنحة جديدة تطير فوق جدران الحصار.

الحرب والموت.. صداقة غير مختارة

التجول في نصوص مريم ويومياتها عبر حسابها في فيسبوك يعطيك صورة شاملة عما تعيشه غزة وأهلها. ففي أحد نصوصها المؤثرة، تصف مريم اللحظة التي تصادقت فيها مع الموت، تقول "تصادقتُ والموت، وصرت أخبر الوقت المغسول بترياق الفناء أنني لست أخشى عبوره". هذه العبارة تكشف حجم الألم الذي تعيشه غزة، حيث يختلط الموت بالحياة بشكل يومي. مريم ليست فقط شاهدة على الحرب، بل هي إحدى ضحاياها، كأنما أصبح الإنسان هناك مسرحًا لمعارك لا تهدأ.

تعكس يوميات مريم معاناة أهل قطاع غزة مع أبسط مقومات الحياة. تتحدث عن خبز ملوث بالدود والعفن، وعن طوابير تمتد كجروح مفتوحة في قلب المخيم، وعن ثلاث نساء لقين حتفهن في ازدحام للحصول على رغيف. تسأل مريم الخبز في مرارة "هل ثمنك يا ابن السنابل دمنا ونزفنا؟". إنها كلمات تنضح بالحزن، لكنها أيضًا تحمل إدراكًا عميقا بواقع غزة المأساوي.

تتحدث مريم عن والدها الذي رحل شهيدًا ليس فقط بسبب المرض، بل أيضًا بسبب الحصار. تتذكر كيف توفي في الغربة وهي عاجزة عن الوصول إليه، وودعته عبر مكالمة فيديو. تقول: "أكثيرٌ علينا نحن الغزيين أن نودع أحبابنا الذين يرحلون؟ أكثيرٌ علينا أن نموت بين أحبابنا؟". هذه الكلمات تختصر مأساة الحصار الذي يحرم الفلسطينيين حتى من وداع أحبائهم، فقد كان إغلاق معبر رفح سببا في حرمانها من وداع والدها شخصيا بعدما سافر للعلاج في مصر.

إعلان شهيد "يرتجف" من البرد

في إحدى صور الحياة اليومية التي ترسمها مريم، تصف طفلة في مخيم النصيرات تقتحم مشغل خياطة وتصرخ "لا أريد ثيابًا، أريد بطانية كبيرة، أخي استشهد قبل قليل، لا أريد لأخي أن يرتجف من البرد". هذه الحكاية تلخص قسوة الحياة في غزة، إذ حتى الموتى لا يُسمح لهم بالراحة.

رغم كل هذا الألم، تحاول مريم قوش أن تجعل من شعرها نافذة للأمل. مشاركتها في برنامج "أمير الشعراء"، التي توقفت بسبب الحرب، كانت محاولة لكسر جدران الحصار بطريقة مختلفة. تحاول أن يكون شعرها رسالة للعالم فحواها أن غزة ليست مجرد مأساة، بل هي أيضًا مكان للأحلام والإبداع.

غلاف كتاب "حديث المساء" على بسطة التوابل وفق ما نشرته الشاعرة مريم قوش في صفحتها (مواقع التواصل)

تسلط تجربة مريم الضوء على التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في غزة. ومن خلال شعرها ونصوصها، أعطت صوتًا لضحايا العدوان الإسرائيلي، ورسمت صورة حية للحياة تحت القصف والحصار. وتوفر كلماتها لمحة عن الصعوبات اليومية التي يواجهها سكان غزة، من نقص الغذاء إلى صدمات الحرب إلى القتل الهمجي اليومي الذي تمارسه آلة الدمار الإسرائيلية.

لم تستطع مريم قوش صعود مسرح "أمير الشعراء" في أبو ظبي بسبب الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل. لكنها، وسط الركام والدمار، صنعت من قلمها تاجًا يليق بأميرات غزة الصابرات. مريم لم تخطُ على خشبة المسرح، لكنها خطّت بقصائدها ونصوصها صورة حية عن نساء غزة: النازحات في الخيام، والأمهات اللواتي يحتضن أطفالهن في البرد، والشهيدات اللواتي نلن التكريم الأعظم عند ربهن!..

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

في يومهم العالمي.. 70 ألف معاق في غزة بسبب الحرب

في ظل تواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة لمدة تزيد عن 14 شهراً متتالياً، فإن الإحصائيات التي تصدر عن وزارة الصحة والمنظمات الدولية، تشير إلى أرقام تقريبية لعدد الشهداء والجرحى والمتضررين جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة.
 
بدوره، قال مدير وزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش لقناة "الجزيرة" إن هناك 70 ألف معاق في قطاع غزة بسبب الحرب.

اقرأ ايضاً9 شهداء في سلسلة غارات إسرائيلية جنوب لبنان.. ومخاوف من انهيار الهدنة

وتأتي تصريحات البرش في ظل اليوم العالمي لذوي الإعاقة التي أعلنته الأمم المتحدة.

وأضاف البرش أن "عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع دليل واضح على أن الاحتلال يرتكب إبادة جماعية".

بدورها، تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية أن العدد الإجمالي لضحايا الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي تشنها على قطاع غزة لا يزال غير نهائي نتيجة استمرار الحرب ووجود آلاف الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض.
 

اقرأ ايضاً4 مجازر إسرائيلية في غزة ترفع حصيلة الشهداء.. وعملية جديدة للمقاومة

المصدر: الجزيرة + وكالات


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند في يومهم العالمي.. 70 ألف معاق في غزة بسبب الحرب 10 شهداء بقصف إسرائيلي على مناطق في قطاع غزة الإعلان عن حصيلة محدثة "شبه نهائية" لشهداء لبنان استئناف رحلات جوية بين مشهد والدمام.. ما علاقة ضريح الإمام "الرضا"؟ أوكرنيا: تصدينا لمحاولات روسية عبور نهر أوسكيل شرق البلاد Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • أستاذ هندسة يكشف المخاطر التي تهدد الدلتا والإسكندرية بسبب الاحتباس الحراري
  • عضو مجلس السيادة السوداني: نشكر مصر على استقبال النازحين بسبب الحرب
  • خارجية السودان ومصر.. تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتا بسبب الحرب
  • في يومهم العالمي.. 70 ألف معاق في غزة بسبب الحرب
  • بسبب الشغل.. مريم سعيد صالح تتصدر التريند «صور»
  • بسبب حرب غزة ولبنان.. موجة هجرة غير مسبوقة من إسرائيل
  • البرهان : الحرب في السودان ستظل مستمرة بسبب الدعم الخارجي
  • المرتزقة في جيش إسرائيل أعدادهم والمنظمات التي تجندهم
  • البحث عن (سعود) في قوافي الشعراء