نيويورك تايمز: كيف تحوّل ليونغ من وطني صيني إلى جاسوس أميركي؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
في عملية نادرة لتبادل سجناء، أفرجت الصين، يوم الأربعاء الماضي، عن جاسوس كان قد أُدين بالتخابر مع الولايات المتحدة بعد أن اعتقلته السلطات الصينية في عام 2021. وحُكم عليه لاحقا بالسجن مدى الحياة.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير استقصائي، أن الجاسوس استقل طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة مع مواطنيْن أميركيين كانا محتجزين في الصين، إلى جانب 3 من طائفة الإيغور، وهم أعضاء في مجموعة عرقية تواجه قمعا من قبل الحكومة الصينية.
ونشرت الصحيفة الأميركية تفاصيل عن عملية التبادل، وقالت إن واشنطن أفرجت، في المقابل، عن جاسوسين صينيين أُدين الأول منهما، ويدعى شو يانجون، بالسجن لمدة 20 عاما. أما الثاني فهو جي تشاو تشون، الذي كان يعمل تحت إمرة شو وكان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 8 سنوات.
كما جرى التوقيع على أمر عفو عن مواطن صيني ثالث، وهو جين شانلين -الذي كان مسجونا بتهمة حيازة مواد إباحية للأطفال- في اليوم نفسه الذي صدر فيه الأمر الخاص بالجاسوس شو. وقالت الصين إن الولايات المتحدة سلمتها أيضا هاربا من العدالة.
ليونغ ذو الأوجه المتعددة
وفي التفاصيل، ذكرت الصحيفة أن الجاسوس الذي أطلقت بكين سراحه اسمه جون ليونغ -وهو أميركي من أصل صيني- كان يعمل مخبرا لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) حيث كان يجمع معلومات استخباراتية عن الصين، وفقا لاثنين من كبار المسؤولين الأميركيين.
إعلانوكشفت أن ليونغ كان جاسوسا غير متوقع؛ فعندما كان يعيش في بلدة صغيرة في أوكلاهوما، عرفه الناس كصاحب مطعم سابق وأب. وفي هيوستن، حيث كان يسافر كثيرا، عرفوه كمنظم فعاليات سياسية في المجتمع الصيني النابض بالحياة في المدينة.
وفي الصين، عرفوه محبا للخير ووطنيا ومنظما للعروض الموسيقية، ويتبنى القضايا الرسمية مثل توحيد البر الرئيسي مع تايوان.
لكنه في الواقع كان مخبرا لمكتب التحقيقات الفدرالي، قبل أن تعتقله بكين في عام 2021، بعد أن سافر إلى البر الرئيسي في سن 75 عاما. وهناك حُكم عليه لاحقا بالسجن مدى الحياة، وهي المرة الأولى منذ عقود التي يحاكم فيها أميركي متهم بالتجسس بمثل هذه العقوبة، كما تقول الصحيفة.
وكان ليونغ قد سعى للظهور بصورة فاعل خير، مما أتاح له الوصول إلى دوائر السلطة الصينية. وفي مدينة هيوستن بولاية تكساس، كان يدير مجموعات تروج لمصالح بكين السياسية. وحضر مآدب الدولة الصينية، واحتك بكبار المسؤولين الصينيين، بمن فيهم وزير خارجيتها وسفيرها و3 قناصل عامين لدى الولايات المتحدة. لكن تلك الصورة لم تكن سوى خدعة.
ولربط خيوط القصة غير العادية للجاسوس ليونغ من عمله كصاحب مطعم في بلدة صغيرة إلى سجين في نزاع جيوسياسي عالي المخاطر مع الصين، أجرت نيويورك تايمز مقابلات مع عشرات الأشخاص الذين عرفوه، بما في ذلك أقاربه في الولايات المتحدة وهونغ كونغ، وشركاء العمل في هيوستن ومعارفه في الحي الصيني في نيويورك. كما اعتمد المراسلون على سجلات الشركات والمواد الأرشيفية وغيرها من الوثائق.
مخبر مفيدلكن الصحيفة تقول إن علاقة ليونغ مع "إف بي آي" لا يزال يكتنفها كثير من الغموض، حيث نقلت عن وزارة أمن الدولة الصينية أنه كان يتجسس أثناء وجوده في الصين. غير أن مسؤولين أميركيين قالوا إن ليونغ لم يعمل لدى مكتب التحقيقات الفدرالي لسنوات، وإن المكتب لم يشجعه على القيام بالرحلة.
إعلانويشير تقرير الصحيفة إلى أن ليونغ كانت له علاقة مع بعض المجموعات المؤيدة للصين، من بينها واحدة تابعة للجمعية الوطنية للتوحيد السلمي للصين، والتي اتهمتها إدارة دونالد ترامب في عام 2020 بأنها تسعى لنشر نفوذ بكين "الخبيث" في الولايات المتحدة.
وقال دينيس وايلدر -وهو محلل استخباراتي أميركي سابق في شؤون الصين وزميل بارز في جامعة جورج تاون: "من المعروف أن عملاء الاستخبارات الصينية يستخدمون هذه المنظمات كغطاء لعملياتهم السرية".
ومن جانبه، قال نايجل إنكستر، المدير السابق للعمليات والاستخبارات في جهاز المخابرات البريطانية السري، إن عمل ليونغ مع مثل هذه الجماعات ربما جعل منه مخبرا مفيدا.
أما كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، فقد وصف بكين بأنها تمثل "أكبر تهديد لأمننا الوطني على المدى الطويل".
الصين وأميركا ما فتئتا توجهان لبعضهما تهم التجسس (شترستوك) فخاخ إباحيةوأوردت الصحيفة الأميركية أن جهاز الاستخبارات الصيني كشف أن ليونغ "جمع كمية كبيرة من المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالصين"، وأنه استدرج مسؤولين صينيين إلى غرف فنادق في الولايات المتحدة، ونصب لهم "فخاخا إباحية" في غرف فندقية بالولايات المتحدة، وهو ما اعتبره مسؤولون سابقون وحاليون في "إف بي آي" ادعاء غير صحيح.
كما نشر جهاز المخابرات الصيني -وفق نيويورك تايمز- مقطع فيديو جرى تصويره أثناء احتجاز ليونغ، أعرب فيه عن ندمه على فعلته.
وكانت محكمة صينية قد ذكرت، في عام 2023، أن ليونغ اعتُقل قبل عامين من قبل عملاء أمن الدولة من مدينة سوتشو بمقاطعة جيانغسو جنوب شرقي الصين، التي كان يسافر إليها بانتظام حيث تمكن من التواصل مع المسؤولين هناك.
وأفادت نيويورك تايمز أن اعتقال ليونغ والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لقي ترحيبا في الصين حيث اعتبروه انتصارا، لكن قضيته لم تحظ بتغطية إخبارية تذكر في الولايات المتحدة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فی الولایات المتحدة التحقیقات الفدرالی نیویورک تایمز فی الصین فی عام
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعتقل صيني كشف عن «خطة خطيرة» تستعد كوريا الشمالية لتنفيذها
أعلن ممثلو الادعاء الفيدراليون أن رجلًا صينيًا من كاليفورنيا اعترف بمساعدة النظام الكوري الشمالي في الاستعداد لهجوم في مخطط وصف بـ«المتطور» للحصول بشكل غير قانوني على أسلحة محظورة وتكنولوجيا عسكرية أمريكية، بحسب ما نشرته شبكة «CNN» الأمريكية.
وزعمت وزارة العدل الأمريكية في شكوى جنائية، أن المواطن الصيني شينج هوا وين، المقيم بشكل غير قانوني في مدينة أونتاريو بولاية كاليفورنيا، تآمر مع مسؤولين من كوريا الشمالية للحصول على مواد محظورة قبل السفر إلى الولايات المتحدة كطالب في عام 2012.
وألقت السلطات الأمريكية القبض على «وين» الذي تجاوز مدة تأشيرته وظل في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، يوم الثلاثاء من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI».
التحضير لهجوم ضد كوريا الجنوبيةوخلال المقابلات مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال «ون»، إنه يعتقد أن الحكومة الكورية الشمالية تريد الأسلحة والذخيرة وغيرها من المعدات العسكرية للتحضير لهجوم ضد كوريا الجنوبية.
وقال ممثلو الادعاء الفيدراليون، إن الحكومة الكورية الشمالية دفعت لـ«وين» 2 مليون دولار، للحصول على هذه العناصر.
زي الجيش الأمريكي مطلوب لدى «كوريا الشمالية»قال «وين» للمحققين إن النظام الكوري الشمالي كلفه أيضًا بالحصول على الزي العسكري في الولايات المتحدة، الذي سيستخدمه الجيش الكوري الشمالي لاحقًا لإخفاء جنوده من أجل تنفيذ هجوم مفاجئ على كوريا الجنوبية.
ويتمركز آلاف من العسكريين الأمريكيين في كوريا الجنوبية للمساعدة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وقال مسؤولون في وزارة العدل الأمريكية إن الاعتقال لا علاقة له بالاضطرابات السياسية الداخلية التي اندلعت يوم الثلاثاء وسط إعلان الأحكام العرفية والاشتباكات خارج البرلمان الكوري الجنوبي.
من تكساس إلى لوس أنجلوس ثم كوريا الشماليةوزعم ممثلو الادعاء أن المواطن الصيني، أنشأ شركة تصدير في تكساس، حيث تم شراء الأسلحة النارية والذخيرة ونقلها إلى منطقة لوس أنجلوس، ثم تم تعبئتها في النهاية في حاويات شحن تحمل بيانات جرد مزيفة لشحنها إلى كوريا الشمالية في عام 2023.
وأثناء تنفيذ مذكرة تفتيش في منزل «وين»، صادرت السلطات الأمريكية 50 ألف طلقة ذخيرة، ومعدات متطورة لكشف المواد الكيميائية، وأداة تستخدم لكشف أجهزة التنصت، والتي يزعم «وين» أنه ينوي شحنها أيضًا إلى كوريا الشمالية.