“أين الضمير العالمي؟ الإرهاب يتوغل والمعارضة السورية تتلاشى”
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
شهدت سوريا في السنوات الأخيرة تحولات كارثية على مختلف الأصعدة، حيث أضحت إدلب وحلب مسرحاً للصراعات الدامية وتوغل الجماعات المتطرفة، مثل “جبهة النصرة”، و”جيش الحق”، و”أنصار الدين”، و”جيش السنة”، و”هيئة تحرير الشام”. جميع هذه الفصائل مصنفة كمنظمات إرهابية على قوائم الأمم المتحدة والعديد من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وكندا.
ما يثير الدهشة أن هذه الجماعات كانت تعمل في السابق تحت راية تنظيم “القاعدة” ثم تحولت للعمل مع “داعش”، مما يعكس تناقضاتها واستراتيجياتها القائمة على استغلال الفوضى لتحقيق أجنداتها. ومن أبرز الأحداث الأخيرة، مقتل محمد الجولاني، أحد أبرز قادتها، والذي سبق أن عمل تحت إمرة الإرهابي أبو بكر البغدادي الذي لقي حتفه عام 2019.
لكن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه هو أين المعارضة السورية التي نادت منذ البداية بالحرية والكرامة؟ كيف اختفت الأصوات التي كانت تدعي أنها تمثل إرادة الشعب السوري أمام تغوّل هذه الجماعات المسلحة؟
أما المجتمع الدولي، فهو مشغول بصراعاته السياسية وحساباته الاستراتيجية، تاركاً سوريا وشعبها بين مطرقة الإرهاب وسندان الدمار. والولايات المتحدة، التي ادّعت محاربة الإرهاب، تُظهر وجهها القبيح بالانتقائية في التعامل مع الأزمات، تاركة الأرض لمزيد من النزاعات والتطرف.
إن ما يحدث في سوريا ليس مجرد أزمة محلية، بل وصمة عار في جبين الإنسانية، ودليل جديد على فشل المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب وإنقاذ الشعوب من براثنه.
إن تلاشي المعارضة السورية التي تدعي المعارضة واختفائها ماهو إلا دليل اني أنها شريك مع تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية ، هنا نطرح تساؤلات عن الدور الذي لعبته القوى الإقليمية والدولية في هذه الكارثة ؟ أين انتم ! . بل تم تمويل وتسليح فصائل تحمل أجندات متطرفة،
المجتمع الدولي، الذي يتشدق بالشعارات عن الحرية وحقوق الإنسان، وقف عاجزاً أو متواطئاً، مكتفياً بالتنديد عبر المنابر دون اتخاذ خطوات حقيقية لوقف هذه المأساة. أما الولايات المتحدة، فقد أظهرت تناقضاً صارخاً في سياساتها، تارة تدعي الحرب على الإرهاب، وتارة تغض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها هذه الجماعات، إذا ما خدمت مصالحها الاستراتيجية.
اليوم، يعاني المدنيون السوريون من حصار مزدوج الأول هو آلة الحرب التي لا تهدأ، والثاني هو الصمت الدولي الذي يقتلهم ببطء. مئات الآلاف من الأرواح أُزهقت، والآلاف اللاجئين هُجّروا، في حين أن العالم يواصل تجاهل هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة.
إن التاريخ لن ينسى هذه المرحلة السوداء، حيث أدار العالم ظهره لسوريا، وتركت قوى الشر تعيث فيها فساداً. لكن الأمل لا يزال قائماً في أن تنهض سوريا من تحت الركام، وأن يعاد بناء وطن يليق بشعب ضحى بالكثير من أجل حريته. إلى ذلك الحين، سيبقى السؤال قائماً: أين المجتمع الدولي من هذه الكارثة؟ وأين الوجه الحقيقي للعدالة الإنسانية؟
في ظل هذا المشهد الكئيب، تبدو محاولات فقط شجب واستنكار وكأنها تنهار تحت وطأة المصالح الدولية، والصفقات السرية، والخطط التي لا تضع السوريين في مقدمة أولوياتها. لقد أصبحت إدلب وحلب، وغيرها من المناطق السورية، ساحات لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية ودولية، بينما يُترك الشعب السوري ليواجه مصيره وحيداً.
ما نشهده اليوم هو صمت مريب من القوى التي تزعم أنها حامية حقوق الإنسان، وصمت أشد قسوة من أولئك الذين تخلوا عن واجبهم الأخلاقي في مواجهة هذا الخراب.
لكن، حتى وسط هذا الظلام، يبقى الأمل في الشعب السوري الذي أثبت على مدى السنوات الماضية صموداً أسطورياً في مواجهة والارهاب والقتل معاً. فالرهان الحقيقي ليس على القوى الخارجية، بل على إرادة السوريين أنفسهم في استعادة وطنهم من أيدي المتطرفين والمحتلين.
المجتمع الدولي مطالب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بتحمل مسؤولياته، والكف عن ازدواجية المعايير. فلا يمكن للإنسانية أن تبقى صامتة أمام هذا الكم من الدماء التي تُراق، وأمام وطن يُدمّر أمام أعين الجميع. إذا كانت هناك ذرة من الضمير العالمي المتبقي، فإن الوقت قد حان للتحرك، ليس بالكلمات، بل بالأفعال التي توفر للسوريين الحماية وحماية أراضيهم التي اغتصبتها الحروب.
سوريا تنادي، فهل من مجيب؟ أم أن صوتها سيظل يختنق تحت أنقاض الحرب والتواطؤ الدولي؟ سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المجتمع الدولی
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للغة برايل: جهود الأزهر الشريف في دعم ذوي الهمم
في يوم الرابع من يناير من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للغة برايل، وهي لغة اللمس التي ابتكرها الفرنسي لويس برايل في القرن التاسع عشر، بهدف تمكين المكفوفين من القراءة والكتابة، ويمثل هذا اليوم فرصة للتذكير بحقوق ذوي الهمم، وتقديرهم كأفراد قادرين على التميز والإبداع رغم التحديات التي يواجهونها. ومن زاوية دينية، يعتبر هذا اليوم فرصة للتأكيد على أهمية دعم هذه الفئة في المجتمع، وهو ما أشار إليه العديد من علماء الأزهر الشريف في مختلف مواقفهم وفتاويهم.
اللغة كأداة للعلم والإبداعيعتبر الإسلام أن العلم والمعرفة حق للجميع، ومن ضمنهم الأشخاص ذوو الهمم. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث النبوية على أهمية العلم للإنسان، وقال في حديثه: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» (ابن ماجه)، لذا فإن تمكين المكفوفين من تعلم القراءة والكتابة من خلال لغة برايل هو استجابة لهذا الواجب الديني الذي يحث على توفير سبل العلم لكل فرد من أفراد المجتمع، بغض النظر عن حالته الجسدية.
جهود الأزهر الشريف في دعم ذوي الهمميلعب الأزهر الشريف، من خلال مؤسساته التعليمية والدعوية، دورًا مهمًا في تعزيز حقوق ذوي الهمم. فقد سعى الأزهر دائمًا إلى تقديم الدعم المعنوي والعلمي لهم، من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية خاصة بهم، وتوفير الكتب الدراسية بلغات خاصة مثل لغة برايل، بما يسهم في تأهيلهم علميًا واجتماعيًا.
وفي خطوة رائدة، أطلق الأزهر في السنوات الأخيرة العديد من المبادرات الخاصة بذوي الهمم، ومنها تعليمهم علوم الشريعة واللغة العربية باستخدام لغة برايل، وهو ما يسهم في نشر الوعي الديني بينهم ويتيح لهم فرصة المشاركة الفعالة في مجتمعاتهم، كما يتم تنظيم دورات تعليمية وورش عمل تهدف إلى تدريب المكفوفين على استخدام هذه اللغة في القراءة والكتابة، مما يفتح أمامهم آفاقًا واسعة للتعلم والتطور.
دعم ديني دائم لذوي الهمميحث الإسلام دائمًا على توفير الرعاية والرحمة لذوي الهمم، وجاءت توجيهات الأزهر الشريف داعمة لهذه المبادئ. فقد أكد العلماء في فتاوى متعددة على وجوب توفير جميع حقوق ذوي الهمم، وأشاروا إلى أن المجتمع المسلم يجب أن يكون رحيماً بهم، وأن يقدم لهم كافة سبل الدعم العلمي والاجتماعي.
وقد قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في تصريحات سابقة: «إن ذوي الهمم هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ويجب أن نوفر لهم كل الدعم لنمكنهم من أداء واجباتهم الدينية والدنيوية على أكمل وجه». وبالفعل، يقدم الأزهر دائمًا يد العون لهذه الفئة، حيث أنشأ في وقت سابق مراكز للدراسات الإسلامية للمكفوفين، التي تتيح لهم تعلم القرآن الكريم والعلوم الشرعية باستخدام لغة برايل.
رسالة دينية في اليوم العالمي للغة برايلإن اليوم العالمي للغة برايل ليس فقط مناسبة للاحتفال بتقدم المكفوفين في مجال التعليم، بل هو أيضًا فرصة للتأكيد على قيمة الدعم الديني والتربوي لهذه الفئة. فالإسلام يعترف بقدراتهم ويسعى دائمًا إلى دمجهم في جميع مناحي الحياة، مما يعزز من إحساسهم بالمساواة والكرامة.
من خلال إيمان الأزهر الشريف بدور العلم في حياة الإنسان، يقدم دعمه الكامل لمبادرات تعليمية متكاملة تساعد في تمكين ذوي الهمم، ليظلوا جزءًا فعالاً ومؤثرًا في المجتمع، فكما يقول الإمام الشافعي: "العلم لا يعدل به شيء"، وتوفير هذا العلم باستخدام لغة برايل يفتح لهم آفاقًا واسعة للتعلم، والمشاركة المجتمعية، والمساهمة في بناء أمة متمكنة بكل أفرادها.
في اليوم العالمي للغة برايل، نؤكد على أهمية الوعي المجتمعي بحقوق ذوي الهمم، وخاصة في مجال التعليم الذي يعد أحد أبرز حقوقهم، ويستمر الأزهر الشريف في تقديم جهوده لدعم هؤلاء الأفراد من خلال المبادرات التعليمية التي تستهدف دمجهم بشكل كامل في المجتمع. نأمل أن يحمل هذا اليوم رسالة أمل لكل مكفوف، ويكون دافعًا لنا جميعًا لتقديم المزيد من الدعم والمساندة لهذه الفئة الغالية.