بقلم : سمير السعد ..

شهدت سوريا في السنوات الأخيرة تحولات كارثية على مختلف الأصعدة، حيث أضحت إدلب وحلب مسرحاً للصراعات الدامية وتوغل الجماعات المتطرفة، مثل “جبهة النصرة”، و”جيش الحق”، و”أنصار الدين”، و”جيش السنة”، و”هيئة تحرير الشام”. جميع هذه الفصائل مصنفة كمنظمات إرهابية على قوائم الأمم المتحدة والعديد من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وكندا.


ما يثير الدهشة أن هذه الجماعات كانت تعمل في السابق تحت راية تنظيم “القاعدة” ثم تحولت للعمل مع “داعش”، مما يعكس تناقضاتها واستراتيجياتها القائمة على استغلال الفوضى لتحقيق أجنداتها. ومن أبرز الأحداث الأخيرة، مقتل محمد الجولاني، أحد أبرز قادتها، والذي سبق أن عمل تحت إمرة الإرهابي أبو بكر البغدادي الذي لقي حتفه عام 2019.
لكن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه هو أين المعارضة السورية التي نادت منذ البداية بالحرية والكرامة؟ كيف اختفت الأصوات التي كانت تدعي أنها تمثل إرادة الشعب السوري أمام تغوّل هذه الجماعات المسلحة؟
أما المجتمع الدولي، فهو مشغول بصراعاته السياسية وحساباته الاستراتيجية، تاركاً سوريا وشعبها بين مطرقة الإرهاب وسندان الدمار. والولايات المتحدة، التي ادّعت محاربة الإرهاب، تُظهر وجهها القبيح بالانتقائية في التعامل مع الأزمات، تاركة الأرض لمزيد من النزاعات والتطرف.
إن ما يحدث في سوريا ليس مجرد أزمة محلية، بل وصمة عار في جبين الإنسانية، ودليل جديد على فشل المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب وإنقاذ الشعوب من براثنه.
إن تلاشي المعارضة السورية التي تدعي المعارضة واختفائها ماهو إلا دليل اني أنها شريك مع تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية ، هنا نطرح تساؤلات عن الدور الذي لعبته القوى الإقليمية والدولية في هذه الكارثة ؟ أين انتم ! . بل تم تمويل وتسليح فصائل تحمل أجندات متطرفة،
المجتمع الدولي، الذي يتشدق بالشعارات عن الحرية وحقوق الإنسان، وقف عاجزاً أو متواطئاً، مكتفياً بالتنديد عبر المنابر دون اتخاذ خطوات حقيقية لوقف هذه المأساة. أما الولايات المتحدة، فقد أظهرت تناقضاً صارخاً في سياساتها، تارة تدعي الحرب على الإرهاب، وتارة تغض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها هذه الجماعات، إذا ما خدمت مصالحها الاستراتيجية.
اليوم، يعاني المدنيون السوريون من حصار مزدوج الأول هو آلة الحرب التي لا تهدأ، والثاني هو الصمت الدولي الذي يقتلهم ببطء. مئات الآلاف من الأرواح أُزهقت، والآلاف اللاجئين هُجّروا، في حين أن العالم يواصل تجاهل هذه المأساة الإنسانية غير المسبوقة.
إن التاريخ لن ينسى هذه المرحلة السوداء، حيث أدار العالم ظهره لسوريا، وتركت قوى الشر تعيث فيها فساداً. لكن الأمل لا يزال قائماً في أن تنهض سوريا من تحت الركام، وأن يعاد بناء وطن يليق بشعب ضحى بالكثير من أجل حريته. إلى ذلك الحين، سيبقى السؤال قائماً: أين المجتمع الدولي من هذه الكارثة؟ وأين الوجه الحقيقي للعدالة الإنسانية؟
في ظل هذا المشهد الكئيب، تبدو محاولات فقط شجب واستنكار وكأنها تنهار تحت وطأة المصالح الدولية، والصفقات السرية، والخطط التي لا تضع السوريين في مقدمة أولوياتها. لقد أصبحت إدلب وحلب، وغيرها من المناطق السورية، ساحات لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية ودولية، بينما يُترك الشعب السوري ليواجه مصيره وحيداً.
ما نشهده اليوم هو صمت مريب من القوى التي تزعم أنها حامية حقوق الإنسان، وصمت أشد قسوة من أولئك الذين تخلوا عن واجبهم الأخلاقي في مواجهة هذا الخراب.
لكن، حتى وسط هذا الظلام، يبقى الأمل في الشعب السوري الذي أثبت على مدى السنوات الماضية صموداً أسطورياً في مواجهة والارهاب والقتل معاً. فالرهان الحقيقي ليس على القوى الخارجية، بل على إرادة السوريين أنفسهم في استعادة وطنهم من أيدي المتطرفين والمحتلين.
المجتمع الدولي مطالب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بتحمل مسؤولياته، والكف عن ازدواجية المعايير. فلا يمكن للإنسانية أن تبقى صامتة أمام هذا الكم من الدماء التي تُراق، وأمام وطن يُدمّر أمام أعين الجميع. إذا كانت هناك ذرة من الضمير العالمي المتبقي، فإن الوقت قد حان للتحرك، ليس بالكلمات، بل بالأفعال التي توفر للسوريين الحماية وحماية أراضيهم التي اغتصبتها الحروب.
سوريا تنادي، فهل من مجيب؟ أم أن صوتها سيظل يختنق تحت أنقاض الحرب والتواطؤ الدولي؟

سمير السعد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المجتمع الدولی

إقرأ أيضاً:

الهند تقر مشروع قانون مثير للجدل بشأن "الأوقاف الإسلامية".. والمعارضة تتهم الحكومة بـ"انتهاك الحقوق"

نيودلهي - وكالات
أقرّ البرلمان الهندي مشروع قانون مثير للجدل يُعيد تنظيم إدارة ممتلكات الأوقاف الإسلامية، التي تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، كانت قد تبرّع بها مسلمو الهند عبر قرون.

وصادق مجلس الشيوخ على مشروع "قانون الوقف (المُعدّل)" بعد يوم واحد من موافقة مجلس النواب عليه، وسط اعتراضات شديدة من أحزاب المعارضة وزعماء الجالية المسلمة، الذين اعتبروا أن التشريع الجديد "غير دستوري" ويشكّل انتهاكًا لحقوق الأقلية المسلمة في البلاد.

في المقابل، تقول الحكومة الهندية إن القانون يهدف إلى تعزيز الشفافية في إدارة ممتلكات الأوقاف، وضمان استخدامها بشكل أكثر كفاءة وعدالة.

وسيُحال مشروع القانون إلى رئيسة الجمهورية للمصادقة عليه قبل أن يصبح ساري المفعول، وسط توقعات بإقرار رئاسي وشيك.

ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إقرار القانون بأنه "لحظة فارقة"، مؤكدًا في منشور على منصة "X" أن "نظام الوقف ظل مرادفًا لانعدام الشفافية والمساءلة لعقود"، مضيفًا أن "هذا التشريع سيُسهم في ترسيخ الحوكمة وحماية حقوق المواطنين".

لكن أحزاب المعارضة رفضت هذا التبرير، معتبرة أن القانون يمثل محاولة جديدة من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم لتقويض حقوق الأقليات، لا سيما المسلمين.

وقال زعيم حزب المؤتمر، ماليكارجون خارج، إن تمرير القانون رغم اعتراض 232 نائبًا في مجلس النواب يكشف عن نهج تعسفي في التشريع، مشيرًا إلى أنه "تم تجاهل المواقف الرافضة من مختلف الأطراف السياسية".

من جانبه، طعن النائب أسد الدين عويسي، زعيم "مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند" وأحد أبرز المعارضين للقانون، أمام المحكمة العليا، بحسب ما أفاد به موقع LiveLaw المختص بالشؤون القانونية.

مقالات مشابهة

  • شهادة حول قصور المجتمع الدولي في السودان
  • وزارة الخارجية: صمت المجتمع الدولي شجع كيان الاحتلال على استئناف حرب الإبادة في غزة
  • الهند تقر مشروع قانون مثير للجدل بشأن "الأوقاف الإسلامية".. والمعارضة تتهم الحكومة بـ"انتهاك الحقوق"
  • بدء فتح الطرقات المؤدية إلى حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، تنفيذاً للاتفاق الموقع بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.
  • «الأغذية العالمي»: نواجه نقص تمويل في سوريا
  • الخارجية تدين استضافة كينيا مؤتمر ثان للمليشيا الإرهابية وتدعو المجتمع الدولي للتصدي لهذا المسلك
  • سوريا تحضر في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن
  • البدري: لا توجد إرادة حقيقية لدى المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة الليبية
  • رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 
  • المملكة تدين أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق 6 مدارس لـ “الأونروا” بالقدس الشرقية