اقتصاد العملات الإلكترونية: الاتجاهات واستشراف المستقبل
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
استضاف مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، يوم 13 نوفمبر 2024، الدكتور مدحت نافع، عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، في حلقة نقاشية تحت عنوان “اقتصاد العملات الإلكترونية: الاتجاهات واستشراف المستقبل”. وقد أدار الحلقة د. إيهاب خليفة رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بالمركز، وشارك فيها خبراء وباحثو المركز.
وناقشت الحلقة طبيعة العملات الرقمية ومراحل تطورها وخصائصها وما توفره من مزايا والمخاطر المرتبطة بها، ما يمكن استعراضه على النحو التالي:
صعود غير مسبوق:
شهدت سوق العملات الرقمية صعوداً غير مسبوق في أعقاب إعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية؛ إذ وصل سعر عملة بتكوين لمستوى قياسي عند 87500 دولار، ما يُعد تحولاً كبيراً يحدث للمرة الأولى في تاريخ العملات الرقمية، كما أنه يأتي كترجمة لطبيعة المرحلة المقبلة نتيجة تبني ترامب الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، يضاف لذلك الزخم الذي يتمتع به إيلون ماسك في المرحلة الحالية باعتباره أحد أعمدة الإدارة الأمريكية الجديدة، وأحد أكثر الداعمين لهذه العملات. ويُعد هذا النهج مغايراً تماماً لما كان عليه الوضع في أوقات سابقة؛ إذ كان هناك تيار يسعى لشيطنة العملات المشفرة، باعتبارها وسيلة لغسل الأموال.
وتعتبر العملات الرقمية، هي التطور الطبيعي للنقود التي لم تعد هناك ضرورة لصدورها في صورة ورقية، وعليه يُنظر إلى التحول الرقمي في عملية إصدار العملات باعتباره أمراً طبيعياً، وعلى الرغم من وجود نحو 14 ألف عملة رقمية مشفرة في السوق في الوقت الراهن، من بينها 9 آلاف عملة نشطة؛ فإنها تفتقد للمقبولية، كما لا تتوفر فيها كل وظائف النقود، ولا تصدر عن جهة مركزية.
استثمار غير آمن:
تتميز العملات الرقمية بالندرة واللامركزية في تنفيذ المعاملات، وعدم الحاجة إلى وجود طرف ثالث أو وسيط في المعاملة؛ ومع ذلك لا تصلح أن تكون مجالاً للاستثمار الآمن أو بديلاً للنقود، وذلك في ضوء مجموعة من الاعتبارات من بينها: عدم استقرارها وتعرضها لتقلبات حادة في القيمة؛ مما يجعل استخدامها كوسيلة للتبادل غير عملي، كما أنها لا تصلح لأن تكون مخزناً للقيمة، أو “احتياطياً” موثوقاً؛ وذلك بسبب طبيعة تقلباتها الكبيرة، إضافة إلى أنها تقوم على فكرة ما يعرف بالـــ”بونزي سكيم” (ponzi scheme)؛ بمعنى أن المتعاملين القدامى بوحدات مثل البيتكوين يحصلون على إيرادات كبيرة من دخول متعاملين جدد.
وبالنظر إلى العملة الرقمية كوسيط للاستثمار والمضاربة؛ فإن الاستثمار في الذهب –على سبيل المثال- سيكون أكثر استقراراً وموثوقية، حيث إن تقلباته ومخاطره أقل كثيراً من العملات الرقمية؛ وعليه فإن الاستثمارات في العملات الرقمية لا يمكن وصفها بأنها آمنة، ورغم أن التقلبات الشديدة لهذه العملات تعكس حجم وحدود المخاطر المرتبطة بالاستثمار فيها؛ فإنها تُشير كذلك إلى إمكانية تحقيق أرباح كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة؛ وذلك في ضوء ارتباط المخاطر بالإيرادات.
ويمكن للعملات الرقمية أن تكتسب خصائص النقود متى صدرت عن بنوك مركزية أو تحت رقابتها؛ ما يضفي عليها مزيداً من الشفافية والاستقرار، وهو ما بدأت الصين ودول أخرى في التوجه إليه، كما أن صندوق النقد الدولي بدأ في عملية دعم وتزكية صناع السياسات في تقييم الحاجة إلى إصدار العملات الرقمية. وفي هذا الإطار، قال نافع، إن العملة الرقمية المقترحة يجب أن تُصدر على أساس احتياطي مختلف، مبني على الطاقة وليس على الدولار.
وفي حال الوصول للعملات الرقمية المعتمدة من البنوك المركزية؛ فإن ذلك سوف يسحب البساط من العملات المشفرة التقليدية، ويجعل استخدامها محدوداً وقاصراً فقط على المضاربات والعمليات غير الشرعية والتعاملات المرتبطة بالدول المفروض عليها حظر، كما هو الحال بالنسبة لروسيا وإيران والتي تلجأ إليها في التبادلات التجارية.
الحاجة لعملات طاقية رقمية:
تُعد الطاقة المستخدمة في تعدين العملات الرقمية في الوقت الحالي مهدرة، حتى مع مزاعم بعض المعدنيين بأنهم طوروا آليه لتحويل استهلاك الطاقة في عملية التعدين إلى منتجات خاصة بالذكاء الصناعي خلال الفترات التي ينخفض فيها سعر العملة الرقمية.
وفي المجمل تعتبر الطاقة من الإشكاليات الرئيسية التي تواجه العملات الرقمية، حيث إن الطاقة المستهلكة في تعدين تلك العملات ربما تعادل ما تستهلكه عدة دول، كما أنها تستخدم بكميات كبيرة دون تحقق فائدة أو منفعة ملموسة؛ وهو ما يجعلها طاقة مهدَرة؛ مما يمثل تحدياً بيئياً واقتصادياً كبيراً، ويستدعي ضرورة التفكير في بدائل أكثر استدامة.
وفي هذا السياق، أوصى د. نافع بضرورة تطوير “عملات طاقية رقمية” تعتمد على وحدات الطاقة، مثل وحدة الحرارة البريطانية (BTU)؛ لتصبح أساساً للعملات الرقمية، فبدلاً من الاعتماد على تقلبات سوق الطاقة، ستكون العملات الطاقية مرتبطة مباشرة بقدرة الطاقة المستهلكة، وفي هذه الحال ستتمتع عملة وحدات الطاقة بالانتشار والقبول على الصعيد الدولي، كما ستحظى بقدر كبير من الاستقرار والقابلية للتداول والتخزين.
في الأخير، خلُص النقاش إلى أن من يملك القدرة على توليد طاقة صديقة للبيئة بكفاءة وفعالية، سيكون له النفوذ الاقتصادي والسياسي الأوسع؛ ما يجسد أهمية السيطرة على موارد الطاقة في تشكيل موازين القوى العالمية، وأن العالم في مرحلة انتقالية من الاعتماد على العملات التقليدية إلى العملات الرقمية، والتي ستظل تكتسب أهمية كبيرة ومتزايدة في عالم يسير نحو رقمنة الاقتصاد.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مصر للمعلوماتية: الفتيات الأكثر اقبالا على الفنون الرقمية والتصميم.. و64% من هيئة التدريس سيدات
أكدت الدكتورة ريم بهجت رئيس جامعة مصر للمعلوماتية، أن قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أصبح جاذب للفتيات نظرا لتناسبه مع طموحاتهن ومهاراتهن خاصة الفنية وهو ما تعكسه نسب الطالبات مقابل الطلاب في كلية الفنون الرقمية والتصميم بالجامعة على سبيل المثال، فهن الأكثر اقبالا فمثلا نسبتهن في العام الدراسي الحالي أربع طالبات مقابل طالب واحد، وعلى مستوى الأربع سنوات الدراسية بالكلية تبلغ النسبة ثلاث طالبات مقابل طالب واحد.
وقالت إن هناك تحسن أيضا في نسب الطالبات إلى الطلاب في كلية تكنولوجيا الأعمال، حيث ارتفعت نسبتهن من 21% طالبات بالكلية مقابل 79% طلاب منذ ثلاثة أعوام إلى 36% طالبات مقابل 64% طلاب في العام الدراسي الحالي.
وأضافت أن هذا التحسن في نسب الطالبات انعكس على تمثيل المرأة بين أعضاء هيئات التدريس في كليات الجامعة الأربعة وبين الإدارة العليا للجامعة بنسبة 64 نسبة السيدات من اعضاء هيئة التدريس والباحثات. كما تبلغ النسبة 48% للنساء بين أعضاء هيئة التدريس والإداريين بالجامعة وهو اتجاه نحرص على تعظيمه والارتقاء به في السنوات المقبلة تنفيذا لاهتمام الدولة بالمرأة المصرية وتشجيعها على الوصول إلى اعلى المناصب في جميع القطاعات والأهم زيادة نسب ومعدلات مساهمتها في مختلف أوجه الحياة خاصة العلمية والاقتصادية.
وحول نسب مشاركة الطالبات بكليتي هندسة الاتصالات وعلوم الحاسب أوضحت الدكتورة ريم بهجت أنه بالنسبة لكلية علوم الحاسب فإن نسبة الطالبات تدور حول الـ 30% مع تضاعف أعدادهن أربع مرات حاليا مقارنة بعددهن في العام الدراسي الأول للجامعة، أيضا في كلية هندسة الاتصالات ارتفعت نسبة الطالبات من 13% من اجمالي عدد الطلاب بالكلية منذ ثلاث سنوات إلى 35% حاليا كما تضاعف عددهن ست مرات خلال الفترة الماضية.
وأكدت أن النتائج الدراسية تظهر أيضا النجاح الكبير الذي تحققه الفتيات في دراستهن في كليات الجامعة، وهو ما يفسر تضاعف أعداد الطالبات، بل ونجاح بعضهن في شركات الحصول على شهادات مهنية من جهات دولية رغم أنهن لازلن في سنوات الدراسة مثل الطالبة جنا السيد التي حصلت على شهادة مهنية في تحليل الأعمال Entry Certificate in Business Analysis™️ (ECBA™️) والصادرة عن المعهد الدولي لتحليل الأعمال (IIBA)، مما يؤهلها للعمل في أرقى الشركات العالمية أو تأسيس شركتها الخاصة للاستشارات كما تأمل بعد تخرجها، فهي لازالت طالبة بالفرقة الثانية بكلية تكنولوجيا الأعمال.
وقالت إن النظام الدراسي النظري والعملي الذي تتبناه الجامعة يركز على غرس ثقافة ريادة الأعمال لدى الطلاب بجميع تخصصاتهم، مع تزويدهم بكل المهارات المطلوبة لتشجيعهم على تأسيس شركات أو العمل لخبراء واستشاريين لشركات القطاع الخاص سواء بمصر أو خارجها، وهو ما يثري قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ويزيد من مساهمته في نمو الناتج المحلي المصري.