علي جمعة: كلام غير المتخصصين يؤدي بنا إلى حالة من الضباب والتيه
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن تفشي كلام غير المتخصصين في تخصصات دقيقة، ودعوى أن كل أحد من حقه الكلام في كل الأمور تؤدي بنا إلى حالة من الضبابية والتيه، فلا نتمكن من رؤية أية أمر على حقيقته.
وتابع علي جمعة في منشور له: ونتسائل فيما بيننا : هل أخبرنا النبي بهذا الحال العجيب الغريب العظيم ؟ وإذ بحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في علامات الساعة يجيب عن هذا التساؤل حيث قال : (ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا عظامًا يتفاقهم شأنها في أنفسكم، وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا) [ابن حبان].
وأضاف أن هذه الحالة الثقافية التي نمر بها والتي لم تستقر بعد ولم تتحدد مفاهيم كثيرة فيها والتي خرج الرويبضة ليساهم فيها ويتكلم في الشأن العام من التصدر للنصيحة حتى الطبية منها إلى الإفتاء ولو بغير علم مع أنه لم يحفظ آية كاملة إلا في قصار السور إلى تولي المناصب العامة، إلى الكلام في الشيوعية البائدة أو الفن الجديد، إلى من يريدنا أن ننسلخ عن أنفسنا وديننا وتاريخنا إلى من يريد إرهاباً فكريا، إما هو وإما الجحيم، ثم جحيمه هي الجنة، وأن جنته هي الجحيم؛ لأنه دجال من الدجاجلة.
ويقول رسول الله في شأن الدجال : (يخرج الدجال معه نهر ونار، فمن وقع في ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره) [أحمد وأبو داود].
وذكر علي جمعة أن سيدنا النبي علمنا أن نحترم النخبة، وأن نحافظ عليها، وعلمنا كيف نوجدها، فهي توجد بالعلم والكفاءة والصلاح، فليس لأبيض على أسود ولا لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى.
وأشار إلى أنه على أساس تكوين النخبة في المجتمع الإسلامي برزت قيمة من القيم الأصلية في الحضارة الإسلامية، وه «المرجعية»، والتي تعد أحد أهم مكونات عقلية المسلم، وأبرز سمات النموذج المعرفي الإسلامي، التي يُعبر عنها بالتخصصية.
وأوضح أن تلك التخصصية إذا عادت وأصبحت سمة في الثقافة الإسلامية المعاصرة، ومكون حقيقي في عقول المسلمين لحسمت النازعات، وغلقت الأبواب على مبتغي الفتنة والفوضى والإرجاف؛ فإسناد الأمر إلى أهله من المتخصصين يؤدي إلى تنمية المجتمع وتقدمه في كل مجالات الحياة، أما إذا سارت الفوضى إلى حياتنا الثقافية وتكلم كل أحد في كل شيء عم الفساد، وهو ما عبر عنه النبي «بنطق الرويبضة» حيث قال : (تأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله : وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) [الحاكم في المستدرك].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة العلم الأزهر الشريف المزيد المزيد علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى
قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الطاعة أن تعبد الله كما يريد لا كما تريد، وهذه الحقيقة الواضحة يلتف عليها كثير من الناس، في حين أنها هي الأصل في عصيان إبليس الذي قص الله علينا حاله، وأكد لنا الإنكار عليه وعلى ما فعله في كثير من آيات القرآن الكريم.
ونوه عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، أن إبليس لم يعترض على عبادة الله في ذاتها، ولم يكفر بوجوده، ولم يُشرك به غيره، بل إنه أراد أن يعبده سبحانه وحده وامتنع عن السجود لآدم، والذي منعه هو الكبر وليس الإنكار.
واشار الى ان الكبر أحد مكونات الهوى الرئيسية، والهوى يتحول إلى إله مطاعٍ في النفس البشرية، وهنا نصل إلى مرحلة الشرك بالله، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك. قال تعالى في هذا الحوار : (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) .
ضل فريقان فى مسألة الطاعةولفت الى انه في مسألة الطاعة ضل فريقان : فريق أراد الالتزام فزاد على أمر الله وحرّف، وفريق أنكر وفرّط وانحرف.
فالأول أراد أن يعبد الله كما يريد هو؛ فاختزل المعاني وتشدّد وأكمل من هواه ما يريد، وقال: هذا معقول المعنى عندي.
والثاني أراد أن يتفلّت وأن يسير تبع هواه؛ وقال: إن هذا هو المعقول عندي، في حين أنه يريد الشهوات.
وذكر أن ربنا يحدثنا عن كل من الفريقين، وهما يحتجان بالعقل، ولا ندري أي عقل هذا؟ وما هو العقل المرجوع إليه والحاكم في هذا؟ وهما معًا يؤمنان ببعض الكتاب ويكفران ببعض آخر، والقرآن كله كالكلمة الواحدة. قال تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وقال سبحانه : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) وقال سبحانه : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ).
أما الذين يدّعون العقل ويتبعون من حولهم من أصحاب الأهواء، ويغترون بكثرتهم، فهم يتبعونهم في الضلال، ولا ينبغي أن يغتر هؤلاء بالكثر؛ فدور العقل هو الفهم وإدراك الواقع ومحاولة الوصل بين أوامر الوحي وبين الحياة، واستنباط المعاني بالعلم ومنهجه، وليس دور العقل إنشاء الأحكام واختراعها؛ فإن هذا من شأن الله سبحانه وحده. قال تعالى : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).