بقلم : حسين الذكر ..
بعد يقيني بعقدة الأوضاع حد الصبر و دعاء الله أن يكون حاضراً ، ويشملنا بلطفه ، اتجهت مباشرة نحو جسر السنك كي أعبره مشياً على الأقدام في أغلب عادتي ، كجزء من استنشاقاتي عبيق بغداد ، تلك الاستنشاقات التي أشعر أنها تتجسد بفيض دجلة وتموجاته وحياته التي يهبها لنا منذ آلاف السنين ، في بعض الأحيان تستوقفني مشاهد نهرية كثيرة ، أو تفاعلات شاطئية ، أو انعكاسات تراثية ، فتأخذني بعيداً للتفكير حد البكاء أحياناً، و لا أدري إن كان ذلك فرحاً أو دمعاً شجيناً يكون فيه صدى المنولوج نحيباً مثخن الصمت .
هنا وقع نظري على عشرات بل مئات الطيور المحلقة فوق سماء النهر تجوب فضاءاته وتبحث عن أسراره ، ومن بينها شد انتباهي ذلك الطائر الأبيض رقيق الحال قصير الساقين ضعيفهما لدرجة أحسست أنه خلق للتحليق ؛ إذ لا قدرة له على الحط على أديم الأرض ، فقد كان ساطع اللون عاكساً الشمس ، باعثاً صور ما يحيط بدجلة وأهلها .
توقفت عند نقطة محددة تربط الإنسان بأخيه الحيوان بعد أن شاهدت امرأة كبيرة السن تقف على قمة الجسر وترمي حبيبات الخبز التي – على ما يبدو – قطعتها واختزلتها في بيتها قبل موعدٍ للرمي بها من أعلى الجسر ، وقد تجمعت طيور النوارس وتكاثفت حول الحبيبات التي تلتقطها ، وهي سابحة في الفضاء ، قبل أن تلتهمها موجات بطون النهر النابضة منذ علم مجهول .
أعجبتني جداً تلك المرأة البغدادية الموغلة في الكبر ، وربما متلبسة الحزن بأقصى درجاته واغترابه .
سألتها عما تفعله ، هل هو طقس ديني أم نذر أم تواصل أم عبث أم لهو أم إحساس بجمال الطبيعة ؟
قبل ذاك توجست أنها لا تجيد لغتي ، أو أنها لا تفهم مقاصدي ، وقد تسيء الظن، ولا تجيبني عن مغزى وفحوى ما تقوم به ، وجوهر الإجابة ما أبحث عنه ؛ كي تعزز جمالات المنظر في خاطري وفكري وضميري .
لم تكن تلك الصورة في أيام ربيع العراقيين وتحسن الأحوال الاقتصادية ، بل كانت في عز العسر الاقتصادي ، والشح المالي إثر معاناةٍ لا تنتهي ، وما يعتصر الناس من تبعاتٍ لا نود الخوض فيها واسترجاعها ؛ كي لا تفسد حلاوة المنظر .
نظرت إلي شزراً ، ثم تجاهلتني كأنها لم تسمع ما أقول ، ولم تعِ مما طلبت شيئاً ..!!
غابت في تواشيح الهبات التي تعيشها بنفس عميق ، وتستمتع بها حد الابتهال والدعاء ، وربما مشاركة السماء لها ، وكأنها تؤدي صلاة النوارس من قمة الجسر ، أو بالأحرى رقبته الممتدة والمعبرة لملايين الأقدام المارة التي تدوسها كل يوم وحين .
لم أكلمها مرة أخرى ، لم أقطع قداسها ، ولم أعكر صفو معراجها نحو ما تحب ، وهي تحط بالأرض فيما تنشد السماء ، وفي لحظة عصية الاستحضار ، قد لا تعود مرة أخرى ، بقيت أراقبها عن بعد مستمتعاً حد الدهشة بما يجري أمامي من مشهد حواري راقٍ بدت فيه مجامع النوارس راقصة مغنية على أنغامِ مقطوعةِ رميِ حبيبات الخبز ، وعلى حين غرة التفت إلي قائلة : ( اسمع يا هذا .. إني هنا ، كلما يشتد بين الضيق أتقرب إلى الله بإطعام هذه النوارس البريئة الطيبة ، فأشعر بسعادة داخلية ، وارتياح ضمير لا يمكن أن أجده في مكان آخر ، لا سيما حين أسهم ، وأساعد النوارس على التهام طعامها ، وهي تعبر عن جوعها وحاجتها وسد رمقها ، وكأنها تدعو لي بكل لقمة وكل قفزة وصرخة .
بصراحة لم تأتِ بجديد ، فقد استنتجت ذلك من صلب المنظر ، وكنت قد سطرته على وريقاتي المحمولة معي دوماً ، حيث كان النورس صديقاً قديماً ألاحظه وأكلمه منولوجياً كلما ضاق صدري من قبل ، لم أبق كما كانت تتوقع ، بل شكرتها وتمنيت لها التوفيق ، ثم أخذت أمضي نحو الشمس تاركاً خلفي جحافل النوارس المحلقة في سماء بغداد ، قبل غروبه بساعات ، وهي تؤدي رقصة المساء بأوكسترا عجوز على الجسر .
بينما كنت أهم بالنزول من منحدر الجسر لاحظت نورساً يحط على عجلة قديمة مثقبة لسيارة قد نقلها الموج من مكان بعيد مجهول الرحم والظهر ، ولا يحمل شهادة صنع أو مصدر استيراد ، مع أنها لم تصلح لأي شيء آخر سوى طوق نجاة لنورس – على ما يبدو قد كسرت قدمه – .. فوقفت أتأمله ، وأتمنى القدرة على مساعدته ، و الغريب أنه كان يراقب المكان من بعيد ، ويستلهم العبرة من فاصلِ معزوفةِ العجوز ، حتى إن بعض النوارس كانت تمر عليه وتطعمه بطريقة خاصة حينما تحط جواره ، وترمي شيئاً لم أرَه ، لكني أستشعره كنوع من المساعدات الذاتية لأسرة النوارس ورحمها ، مع ضعف الحال وانهاك الجسد ، ومد الجناحيين ، إلا أن النورس بدا قوياً لا يموت – كما يحكى عنه في أمهات بطون الكتب – إذ نعتوه بالحياة والتوالد الذاتي ، فكلما صورت العدسات غرقه والتهام بطن الحوت إياه ، حلق مرتفعاً من جديد يصارع الموت فوق صرخات جوع بطن المحيط ؛ ليطير و يندفع بعيداً ، بعيداً جداً عن أعين المراقبين والمتحدين والمطاردين والصيادين ، كأنه يهزأ بما يخلفون ويتخذون ويقررون على الشواطئ .. فالكبرياء نعمة لا يفرط بها النورس ، وإن كان جريحاً أو جائعاً !!
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
مش بخاف .. ياسمين صبري: المجوهرات كل حياتي
أعربت الفنانة ياسمين صبري عن سعادتها بحضور النسخة الخامسة من joy awards 2025 وترشيحها لجائزة أفضل ممثلة عن دورها بفيلم"أبو نسب".
وتحدثت ياسمين صبري على هامش حضورها الحفل عن إطلالتها ، مؤكدة أنها تعشق المجوهرات وتعتبرها كل حياتها ، معلقة: "أنا بحب المجوهرات ومش بخاف من لبس القطع الكبيرة.
وأضافت ياسمين صبري: أنها تفجأت بعد معرفتها انا مرشحة لجائزة أفضل ممثلة عن دورها بفيلم أبو نسب.
وأكدت ياسمين صبري أنها سعيدة بوجودها فى السعودية لأن المستقبل القادم كله للسعودية.
انطلقت منذ قليل النسخة الخامسة من حفل الـ joy awards فى العاصمة السعودية الرياض، حيث حرص عدد كبير من نجوم الفن على التوافد إلى السجادة الخزامية للحفل.
ومن أبرز النجوم الذين حرصوا على الحضور ، هم: هنا الزاهد ، ياسمين صبري ، ياسمين رئيس،نادية الجندي ، نبيلة عبيد ، شيرين رضا.
ومن المنتظر أن يكرّم الحفل أبرز الشخصيات من العالم العربي والعالم عبر تقديم جوائز تكريمية للنجوم والإنتاجات التي استحوذت على قلوب الجمهور على مدار عام 2024.
المرشّحون للجوائز:
الموسيقى
- الأغنية المفضّلة: هيجيلي موجوع، الجو، لماح، وين
- الفنانة المفضّلة: أنغام، أصالة، إليسا، شيرين عبد الوهاب
- الفنان المفضّل: الشامي، عايض، سيلاوي، تامر عاشور
- الصوت الجديد المفضل: خالد الصراف، توليت، وجدان سعيد، راكان آل ساعد
السينما:
- الفيلم المفضّل: جرس إنذار، رحلة 404، ولاد رزق 3: القاضية، شباب البومب
- الممثلة المفضّلة: هنا الزاهد، ياسمين صبري، نور الغندور، خيرية أبو لبن
- الممثل المفضّل: أحمد عز، فيصل العيسى، هشام ماجد، صهيب قدس
المسلسلات الدرامية
- المسلسل الخليجي المفضّل: متحف يدي، شباب البومب، ثانوية النسيم، زوجة واحدة لا تكفي
- المسلسل المصري المفضل: العتاولة، أشغال شقة، كامل العدد+1، نعمه الأفوكادو
- مسلسل بلاد الشام المفضل: العميل، مدرسة الروابي للبنات، لعبة حب، ولاد بديعة
- الممثلة المفضّلة: إلهام علي، هدى حسين، نور علي، سلافه معمار
- الممثل المفضّل: عبد العزيز الشهري، أيمن زيدان، معتصم النهار، سامر اسماعيل
- الوجه الجديد المفضّل: العنود عبد الحكيم، محمد الحربي، نايف البحر، رسيل العتيبي
المخرجون
المخرج السينمائي المفضل: معتز التوني، طارق العريان، فاطمة البنوي، علي الكلثمي
مخرج الأعمال الدرامية المفضل: محمد سامي، أحمد خالد موسى، علي العلي، رشا شربتجي
الرياضة
- الرياضي المفضّل: أحمد حسين، حسام عوار، سالم الدوسري، ياسين بونو
- الرياضية المفضّلة: دنيا أبو طالب، هنا جودة، هتان السيف، سماهر كردي
المؤثّرون
- المؤثّر المفضّل: أبو فلة، نايف حمدان، أسامة مروة، شونق بونق
- المؤثّرة المفضّلة: ضحى العريبي، كادي الجريسي، نارين بيوتي، سارة الورع