aloomar@gmail.com
بقلم عمر العمر
أطراف الاقتتال وأنصاره يجفلون من الحقيقة الوحيدة الشاخصة من تحت ركام الحرب ورمادها. فلا أحد يتكهن بموعد نهاية هذه الحرب الآثمة ومَن الخارج منها منتصراً. لكن الجميع يدركون أن الشعب هو الخاسر الأكبر، مثلما يجمعون على تصاعد كلفة فاتورةالحرب كلما اتسع مداها في الزمان والمكان.
*****
بغض النظر عن أثقال كفة كل جانب في ميزان الجرائم فالخطيئة المشتركة الكبرى تتجسدفي التواطوء على اقتراف إنقلاب ٢٥ اكتوبر. فهو صندوق باندورا . إذ أطلق كل الشرور الراهنة.فمن عند ذلك المنحنى هبطنا من فردوس الحلم السلمي الديمقراطي إلى جحيمالاحتراب الإثني الجهوي. ذلك الإنقلاب الأحمق أضاع من بين أيدينا مفتاح بوابة حداثية لنهضة تاريخية صممت الجماهير نسقها العام بالبذل ،بالدم والصبر. صحيح لم يكن الشعب قبل الانقلاب الخسيء داخل إطار وحدة التجانس الشامل في الغايات والآليات. لكنه كان متماسكاً داخل ذلك الإطار مشبّعا بطموح الذهاب إلى الأمام نحو الإستقرا ر دوما. فإذا المباغتة تأتي من معقل الحذر الدائم. انقلاب عسكري يلوّح بشعارات راجفة ليس للانقلابيين أنفسهم قناعة بتردادها. تلك المغامرة الغادرة لم تخنق فقط أكمام زهور الثورة ، أوتكتفي بحفر قبور طموحات الثوار ، أو شق أخاديد الفرقة الوطنية ،بل أقحمت الشعب بأسره في هجير الأهوال والتهجير ،كما عرّضت مؤسسات الدولة برمتها إلى التدمير.إنه - الإنقلاب -ردة إلى أسخم المنزلاقات المدمرة في التاريخ السوداني .
*****
أسوأ ما انتجه إنقلاب أكتوبر هو النكوص بالشعب والوطن إلى أرجوحة الإرتداد بينالحاضر والماضي .فلمّا عايش الشعب محنة الضيق في الحياة اليومية إبان سني البشير العجاف - زمن استباحة المال العام واحتكار الامتيازات والقمع الباطش -ظل الشارع ينادي دعاة الإسلام السياسي بإرجاع الوطن إلى ما قبل الإنقاذ. تحت وطأة إحباط ما بعد إنقلاب٢٥ اكتوبر أمسى الشعب ينادي الإنقلابيين بإعادته إلى ماقبل الإنقلاب.بل تمنى البعض الردة إلى زمن الإنقاذ.لم يعد طوال هذه الحقبة من يتطلع إلى بشارات للمستقبل.هذه هيالمحنة في أكثر صورها قتامةً. البؤس يحقق أرقاما قياسية إبان هذه الحقبة الكالحة فثُلُثُ السودانيين في مدارات النزوح وأكثر من الثلثين يكابدون شبح مجاعة ربما تتجاوز حدتها ما يصنفها التاريخ ب(مجاعة سنة ستة) -١٣٠٥ للهجرة- أبشع فواصل الحقبة المهدية.
*****
نعم ،اتسم أداء حكومة حمدوك بالكثير من التردد على المستوى القيادي كما على الصعيدالوطني. نعم لم ينج الأداء العام من الأخطاء لكن التجربة التاريخية أكدت صدق مقولةالسياسي البارع محمد احمد محجوب ؛معالجة اخطاء التجربة الديمقراطية ممارسةُ مزيدمن الديمقراطية.التاريخ شاهدٌ حاضرٌ على سوء دوافع وقصد ونتئج أفعال الإنقلابيين . فكلفة أخطاء حكومة حمدوك لا توازي مثقال ذرة من شرور إنقلاب اكتوبر البغيض. لو تسلّح قليلٌمن الرجال بشيءٍ من الشجاعة لأمكن إحهاض الإنقلاب الأرعن ولأصلحنا حال سلطة الثورةولتفادى البلد النكبة ولتجنب الشعب مهزلة الشتات المبكية و دفن الموتى بين الأنقاض وفي العراءمجردين من الاكفان ومن طقوس الصلاة والبكاء عليهم.
*****
مقارنة بكل مهابط الإنكسار القاتمة في تاريخنا تشكل الحقبة الراهنة المتداعية عن الإنقلاب الآثم أكثرهن قعودا ،فسادا ،إجراماً و توحشاً. في الذاكرة السودانية عدد من المدائن المخربة بأيدينا إبان حقبٍ متباعدة. من ذلك سوبا، أربجي ، الحلفاية و شندي. لكن الإنقلابيين وحدهم خربوا أكثر مما فعل أسلافهم عبر تلك المهابط التاريخية المتباينة. هذا الانقلاب الأسود لم يعطّل فقط حركة الانتاج بل دمّر بُناها التحتية ،الوسطى والفوقية.أكثر منذلك تهتُكاً خرّب دولاب حركة الأجيال بإرباك مسارات الدراسة والتعليم . فرغم قول عدد من المؤرخين ،بينهم محمد عبد الرحيم، بتوقف التعليم بصورة شاملة في عهد المهدية .إلا أن الثابت استبدال المهدي وخليفته دولاب التعليم الاستعماري ب منهاج و ثقافة الثورةالسودانية.
*****
أما عظمُ أزمة شرور انقلاب اكتوبر فيتجسّد في غياب الحد الأدنى من أي رؤية للخروجمن ظلام النفق العتم الخانق حيث حُشر الشعب
نقلا عن العربي الجديد
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي السوداني : مرحلة الأعمارتتطلب تضافر الجهود وعلينا الاستعداد لها
قال البروفيسور محمد حسن دهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي السوداني، إن كل الجامعات الحكومية والخاصة تمكنت من مواصلة العمل في ظل الحرب على الدولة من قبل مليشيا الدعم السريع المتمردة.
وأشار إلى أن تكاتف الجميع أسهم في تحقيق استمرار العملية التعليمية في ظل ظروف استثنائية الا اننا تمكنا من تخريج عدد كبير من الطلاب.
جاء ذلك لدى مخاطبته اليوم بجامعه البحر الأحمر، اجتماع لجنة القبول لاجازة إعداد المخططة لمؤسسات التعليم العالي الذي نظمته وزراة التعليم العالي والبحث العلمي، مهنئا القوات المسلحة والقوات المساندة لها بالانتصارات التي تحققت والتي تحقق الأمن والاستقرار، مشيدا بوزارة الماليه التي أسهمت في توفير الدعم الذي عاد إلى نسبة 100٪100 وهذا يسهم فى تخفيف الأوضاع على العاملين في مؤسسات التعليم العالي.
وأضاف دهب أن هناك متأخرات سيتم دفعها اعتبارا من الشهر القادم يتم تسديدها كل شهر لمدة ثلاثه أشهر، مؤكدا أن هذا العام سيشهد استقرارا في الأوضاع المالية.
وفيما يتعلق بأمر المبعوثين أبان أن الفتره القادمة ستشهد مخاطبة جهات مختصة لمعالجة هذا الأمر، مضيفا اهمية استمرار البحث العلمي لأنه سيحقق التطور والنماء لكل المجتمعات مشيرا إلى اهمية تحرك الجامعات للبحث عن طرق فتح منح لاستمرار البحث العلمي.
وطالب بالتكاتف والتعاضد من أجل التطور، متوقعا ان الفترة القادمة صعبة خاصة وان نهاية الحرب تبدأ بعدها مرحله الأعمار وهي تحتاج إلى جهد كبير، مؤكدا أن فكرة تكوين لجنة لإعادة إعمار الجامعات سترى النور قريبا،
بروفيسور عبد القادر البدري مدير جامعه البحر الأحمر، أكد العزم على مواصلة عملية التعليم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وان مستقبل الطلاب يجب أن يكون فوق كل اعتبار
وشارك في الاجتماع مديرو الجامعات الحكومية والخاصة ودار نقاشا مستفيضا حول اهمية توحيد الجهود للعودة بالتعليم العالي بصوره أفضل بعد أن دمرت الحرب البنية التحتية لمؤسسات التعليم العالي.
وطالب بروفيسور دهب باهمية الاستفادة من التجارب التي نتجت عن الحرب وذلك من خلال خلق بدائل بإستمرار لمواجهة كل الظروف الصعبة التى واجهت التعليم العالي، حيث يتطلب الأمر وجود مكاتب في الولايات تسهل العمل بصوره أفضل في حالة الطواريء.