في “سباتة” السياسة السودانية: هل من مخرج بعد رقصة الحرب الاخيرة؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
كتب الدكتور عزيز سليمان – أستاذ السياسة والسياسات العامة
في سباتة السياسة السودانية، يبدو أن الستارة قد تُرفع مجددًا لتكشف نفس الوجوه الراقصة التي قادت البلاد إلى جحيمها، بأقنعتها المعتادة على التنكر وأدوارها المكررة. سقوط نظام البشير كان مشهدًا دراميًا، لكنه لم يكن نهاية الرواية. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: ماذا لو عادت نفس المحاصصات "على عرصات البدايات الاولي"، ونُفذ اتفاق جوبا بآلياته القديمة، وانقسمت السلطة مجددًا بين قوى لا ترى في السودان سوى غنيمة تُقتسم، وبندقية تُشهر لتحقيق المآرب والحفاظ عليها؟
الانتهازيين، الحركات المسلحة، الأحزاب السياسية، والسلطة العسكرية كل منها يتسابق لاقتناص نصيبه من كعكة الحكم في غياب صاحبها " الشعب المكلوم".
المفارقة المؤلمة أن الشعب السوداني، رغم جراحه العميقة، يبدو تائهًا، بعيدًا عن التوحد والتكتل لمواجهة هذا العبث الجماعي. كيف يمكن لبلد ممزق أن ينهض في ظل قوى سياسية وعسكرية تحمل برامجها على فوهة البندقية وعطايا " المزينين"، وليس في عقولها رؤية وطنية حقيقية؟
حكومة المستشارات: البديل المقترح الممكن؟
في مواجهة هذا العبث، يطرح (مركز دراسات الليبرالية والاستنارة) رؤية مغايرة: حكومة المستشارات. حكومة لا تعتمد على المحاصصة، ولا تعيد تدوير النخب الفاشلة، بل تستند إلى العقول والكفاءات المتجردة من المصالح الضيقة
هذه الحكومة لا تهدف فقط إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل إلى إعادة بناء الإنسان السوداني ذاته، وخلق فضاء ديمقراطي جديد، يتيح للشعب أن يحدد مصيره بيديه، بعيدًا عن هزلية "ديمقراطية الصندوق" المستوردة من وستمنستر، والتي لم تثمر سوى الفشل في سياق السودان القائم على ديمقراطية الاسياد والسجادة "المزوارية" واهل الخطوة و "المتمسحين" بتراب حفدة الرسول وأخيرا ديمقراطية الجهلاء أصحاب " الجزلان الكبير" حملة طلسم "الرواية".
الديمقراطية المجتمعية التي نطرحها هي صيغة تُمكّن المواطن من المشاركة الفعلية في صناعة القرار، حيث يُعاد تعريف الديمقراطية بما يتناسب مع خصوصية السودان، بعيدًا عن قوالب استُوردت وفُرضت دون مراعاة للواقع الثقافي والاجتماعي المُنطلقة من الحي والقرية وأصغر وحدات المجتمع وصولا للبرلمان الكبير.
هل من أمل نحي من اجله؟
الإجابة ليست سهلة، لكن إن أراد السودانيون الخلاص من مسرح الإعادة هذا، فإن البداية تكمن في كسر دائرة الخوف وترتيب الكتلة الحرجة لإظهار صوت الشعب الحقيقي، والانحياز للوطن على حساب الحزب، الجهة، السجادة، القبيلة، والذات المتجذرة في وجدان الانسان السوداني والانتصار للقيم الإنسانية على حساب المصالح الفئوية التي اقعدتنا وفتح الباب للأجيال الجديدة لتدير الشأن العام
السودان، إن كان له أن ينهض، فلن يكون عبر ذات السيناريوهات الباهتة المكررة، بل عبر إرادة شعبية تُدرك أن ما بين أيديها أغلى من أن يُباع في سوق الساسة، السلاح والوظيفة، وان ما عند الشعب أعظم وأقيم.
quincysjones@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية السوداني: نشكر مصر على كرم ضيافتها لشعبنا
قال الدكتور علي يوسف، وزير الخارجية السوداني، إنه في أول تصريح له بعد توليه منصبه، سُئل عن المدة التي يحتاجها السودان لتحقيق التحرير والانتصار، فأجاب بأنه يتوقع أن يستغرق ذلك شهرين أو ثلاثة، وهو ما بات السودان قريبًا منه الآن.
وأوضح خلال لقاء خاص مع الإعلامية آية لطفي، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هذا التقدير لم يكن تنبؤًا، بل استند إلى فهم الواقع وإرادة الشعب والجيش السوداني، مشيرًا إلى أن البلاد على وشك القضاء على هذه الظاهرة المرضية الخطيرة التي شبهها بالسرطان الذي أصاب جسد الدولة السودانية.
ووجّه وزير الخارجية السوداني الشكر إلى المسؤولين والشعب المصري والقيادة السياسية على كرم الضيافة والحفاوة التي حظي بها السودانيون في مصر، سواء قبل الحرب أو خلالها، مؤكدًا أن السودان سيعود وطنًا شامخًا وعزيزًا كما كان، بل وأفضل مما كان.
وأكد يوسف أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة تطور ونهضة، مشددًا على أهمية تحقيق السلام المجتمعي والتوافق بين مكونات الشعب السوداني، خاصة أن الشعب هو من دفع ثمن هذه الحرب القاسية. واختتم حديثه بالتفاؤل بعودة الأمور إلى طبيعتها قريبًا.