على كرسيه المتحرك
شعر
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الأزهري
(مهداة الى أصحاب الهمم، في اليوم العالمي للإعاقة-الثالث من ديسمبر)
على هذا الكُرْسِيِّ المُتَحَرِّكِ
وَجْهُكَ مُبْتَسِمٌ أَبَدًا،
يُوحي بالفِ رَوَايَةٍ... وَرَوَايَةٍ
وَجْهُكَ مُبْتَسِمٌ أَبَدًا،
فَوْرَاءكَ أَلْفُ حِكَايَة... وَحِكَايَة
وَأَنْتَ عَلَى هَذَا الكُرْسِيِّ المُتَحَرِّكِ،
عَلَى هذا العَجَلِ الدُّوَّارِ!
يحملك المشوار
لتَأْتِي إِلَى صَفِّي دَوْمًا، بِوَجْهٍ مَرِحٍ،
أُرِيدُ أَنْ أَسْبِرَ أَغْوَارَه
كَيْفَ شُعُورُكَ وَهَذَا الكُرْسِيُّ المُتَحَرِّكُ؟
هَل مِن أَحَدٍ يُدْرِكُ أَسْرَارَه؟
أَشْعَلْتَ فِي قَلْبٍ يَتَعَاطَفُ الفَ سؤالٍ وسؤال
بل أَشْعَلْتَ شَرَارَه
لَكِنَّ فِي ذهني فُضُولٌ وَفُضُول
لِأَنِّي أَرَاكَ كِتَابًا بَيْنَ يَدَيَّ.
بَل أَرَاكَ فُصُولًا وَفُصُولْ
كَيْفَ؟
لِمَاذَا؟
تَبْدُو سَعِيدًا طُولَ اليَوْمِ؟
فَمَن يُصَدِّقُنَا فِيكَ القَوْلَ؟
لَكِنِّي...
وَذَلكَ أكبرُ ظَنِّي...
أَنِّي...
قَد أَدْرَكْتُ عَنكَ كَثِيرا،
عَرَفْتُكَ كَيْفَ تَرْسُمُ أَهْدَافَكَ
تَعْمَلُ فِي الدَّرْسِ بِجِدٍّ مَوْفُور
وَجْهُكَ ضَاحِكٌ...
وَهَذَا يَدْفَعُنِي لِأَخْمِنَ أَحْلَامَكَ
كَالنَّسْرِ تَحَلِّقُ فَوْقَ سَمَاءِ مِن نُورٍ
وَجْهُكَ مُبْتَسِمٌ يَدْفَعُنِي لِأَقُولَ:
إنْ هذا الكُرْسِيَّ المُتَحَرِّكَ
مَا هُوَ إِلَّا عَرْشٌ وَأَنْتَ مَليِكٌ
هَذَا الكُرْسِيُّ المُتَحَرِّكُ أَثِيرٌ جِدًّا عِندِي
فِي الطَّرِيقِ أَرَاكَ إِلَى الفَصْلِ
دَوْمًا عَلَى عَجَلٍ
أَتَسَاءَلُ كَيْفَ تَتَغَلَّبُ -يَوْمِيًّا- عَلَى هَذِي الفَوْضَى!
وَبِهَذَا الْقَدْرِ الْمُتَدَفِّقِ مِن عَزْمٍ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ
أَرَاكَ جَدًّ سَعِيدٍ، وَأَنْتَ تَهْزِمُ قَدَرَكَ،
فَأَنْتَ قَوِيٌّ وَتُدْرِكُ قَدْرَكَ
أَنْتَ قَوِيٌّ...
فَضَعْ قَدَمَيْكَ عَلَى هَذَا الأَسْفَلَتِ واتركْ أَثَرَكَ
الْوُجُوهِ سَعِيدَةٌ حول كُرْسِيِّكَ المُتَحَرِّكِ
تَتَسَابَقُ تَدْفَعُ بِالْكُرْسِيِّ إِلَى أَعْلَى الدَّرَجِ
مَرْفُوعًا عَلَى الأَكْتَافِ - مَلِكٌ أَنتَ - بِلَا حَرَجٍ
أَحِسُّكَ فِي قَلْبِي، فَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ يا هذا الإِنْسَانُ؟
تَمْنَحُ الأَفْرَاحَ بِلَا ثَمَنٍ
تُوَزِّعُهَا عَلَى كُلِّ الأَكْوَانِ
تَأْتِي وَتَجْلِسُ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ بِرَزَانَة
دَوْمًا تَجْلِسُ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ بِرَزَانَة
تَسْتَمِعُ إِلَى كُلِّ مَقَالٍ
وَتَطْرَحُ سُؤَالًا تِلْوَ سُؤَالٍ
تَحْرِصُ عَلَى تَدْوِينِ الْمَعْلُومَات
لِتُشْرِكَ أَصْحَابَكَ وَتُعَوِّضَهُمْ مَا فَات
لِذَلكَ كُنتَ الْأَفْضَلَ بَيْنَ الْأَقْرَانِ
أَخْلَاقُكَ رَائِعَةٌ، أَخْلَاقُ الْفَنَّان
لَنْ تَفْلُتَ مِن نَظَرِي أَبَدًا وَمَهْمَا كَان
أَرَاكَ تُقَاتِلُ دَوْمًا...
وَبِقُوَّةٍ تَتَابِعُ دَرْسَكَ لَيْلَ نَهَارٍ
لِتُحَقِّقَ حَظًّا بَيْنَ الْأَقْرَانِ،
كَمْ أَنَا فَخُورٌ بِكَ وَبِكُرْسِيِّكَ المُتَحَرِّكِ
أَنْتَ الْأَكْثَرُ إِلْهَامًا لِي يَا أَرْوَعَ مَخْلُوقٍ،
يَا أَجْمَلَ إِنْسَانٍ
aahmedgumaa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ا الک ر س ی الم ت ح ر ه ذ ا ال
إقرأ أيضاً:
في ذكري رحيل محجوب شريف. الحلقة ٤ الاخيرة
*********
كان “محجوب شريف” وقبل ان يصاب بداء الرئة الذي أقعده عن الحركة الواسعة لعدة سنوات ماضية يحب جدا عمل الخير الميداني والتطبيقي، حيث أسس في الثورات البعيدة بام درمان مؤسسة أو منظمة (رد الجميل) التي كان يستقطب من أجلها العفش المتهالك الذي ترميه الأسر في أركان الحوش أو في المخزن، فيشجعهم على التبرع به ليصنع من ذلك الأثاث بواسطة الصبية المشردين أثاثاً جديداً يمكن تسويقه ومساعدة هؤلاء الصبية والأطفال واسرهم النازحين بريع بيعه لسد حاجاتهم وحاجات أسرهم الحياتية، وقد نذر نفسه لهذه الخدمة كما كان ناشطاً في تأسيس جمعية مرضى الفشل الكلوي للأطفال بطريقة لا تخطئها العين.
ظل “محجوب شريف” يلبي دعوة الجاليات السودانية في الدول العربية والأوروبية، فيستغل الفعاليات ورحلات العلاج لجمع المزيد من الدعم لمنظمته الخيرية التي صنع بها المستحيل فوضع بصمته القوية في خارطة العمل الطوعي لسنوات طويلة وبلا إعلام مصاحب اوجلب دعم رسمي مكتفياً بمساهمات الخيرين داخل الوطن وخارجه .
وإننا حين نعيد ذكري الأستاذ “محجوب شريف”، ندعو الله تعالى بأن يتقبله القبول الحسن، ذلك أنه هو الإنسان البسيط الذي لم نره يسبب أذى في حياته كلها لأحد، ولم نعرفه مترفعاً ولا متعجرفاً ولا متعالياً كشأن العديد من المثقفاتية والسياسيين الذين يملأون الدنيا ضجيجاً وبلا طحين.
إننا حين نتذكرك يا “محجوب” يا “شريف” فإننا نظل نردد معك وبعدك:
يا شعباً تسامى …. يا هذا الهمام
تشق الدنيا ياما .. وتطلع من زحاما
زي بدر التمام
تدي النخلة طولا … والغابات طبولا
والأيام فصولا .. والبكري الغمام..
ورحم الله شاعر الشعب “محجوب شريف”.
abulbasha009@gmail.com