د.حماد عبدالله يكتب: (أيام وذكريات فى بيت الله الحرام)
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
فى حديث مع أصدقاء أعزاء،لبيت دعوة لزيارة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فى المدينة المنورة،وكذا بيت الله الحرام فى الكعبة المشرفة.
ولم يأخذ منى القرار وقتًا فورًا قررت الذهاب،خاصة وأن نظام الزيارة يتطلب حيازتي (لفيزا الولايات المتحدة الأمريكية)،فيزا "تشنجن" لدول الإتحاد الأوربي والحمد لله متيسر لدى تلك الشروط.
وفى طائرة الخطوط السعودية كانت رحلتى إلى "المدينة المنورة" والتى وصلت إليها قبل صلاة الظهر حيث نزلت (بفندق أوبروى) وهو الذى تعودت أن أقيم فيه منذ عرفت طريقي إلى بيت رسول الله "عليه أفضل الصلاة والسلام"، وفورًا توجهت إلى المسجد النبوي ومكثت ضمن حشود الزائرين،وكانت الدعوات والتوجهات إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم "بالشكر على قبول دعوتنا للزيارة.
والدعاء للبنات والحفيدات والأصدقاء الأحياء منهم والأموات، وللمصريين ولبلادنا بأن يديم علينا الستر والإستقرار والتوفيق.
ومضى اليوم الأول فى صلوات مستمرة، وكذلك ما تسنى لى أثناء زيارة "قبر الرسول عليه الصلاة والسلام" (ومابين قبره ومنبره) فى الروضة والحنين الدائم إلى هذا المكان لا ينقطع أبدًا، فرغم تعدد الزيارات إلا أن الإحساس بالإنتماء إلى المكان والإرتياح لقضاء أكبر وقت بين جنباته لا ينقطع أبدًا.
"يا حبيبى يا رسول الله" فى هذا المكان كان وجودك وحياتك وكنت تحب هذا المكان وتعشقه،وإنتقل هذا العشق وهذا الحب إلينا إلى محبيك، ما أجمل أن تقضى فى روضة "رسول الله عليه الصلاة والسلام" ساعات نقرأ ما تيسر من أيات القرأن الكريم شيىء من الخيال الرائع، أدعوا الله أن يرزق المسلمين جميعًا بهذه الزيارة.
وبعد صلاة الفجر، والإحرام وصلاة الجمعة كان طريقى إلى (قطار المدينة-مكة السريع) والذى لآول مرة أستخدمه فى الإنتقال من "المدينة المنورة" إلى "مكة المكرمة".
محطة القطار على أحدث الطرز المعمارية وأعتقد أن تصميمها للمرحومة المعمارية (زها حديد).
والقطار شيىء رائع لا يقل عن مثيله فى أوربا،وخاصة(الريشة الحمراء) خطوط تربط ما بين الدول الأوربية الغربية، وسرعة تجاوزت ال 300 كيلومتر فى الساعة، وضيافة فى القطار على مستوى جيد، وصلت مكة خلال ساعتين ودقائق.
وفى المسجد الحرام حيث وصلت قبل صلاة العشاء وفورًا بعد أن تجدد (الوضوء) فى فندق الساعة الشهير(بفيرمونت)أخذت طريقى لقضاء العمرة، طوافًا وسعيًا وأن (للأسف الشديد)لم إحتمل إستكمال الطوفان سعيًا على الأقدام !! فإتخذت الكرسى المتحرك بسائقه، لكى أقضى خلال ساعتين كل المناسك ما بين طواف وسعي ما بين (الصفا والمروة) (والنظر إلى الكعبة) عبادة وحب فى الله عز وجل.
ولعل ما يشد المسلم فى هذا المكان الشريف هو أن الجميع نساء ورجال وأطفال يسعون فى أرجاء الكعبة المشرفة،وكأنها بيتنا جميعًا بيت الله العلى العظيم، وأخذتنى الذاكرة وأنا متعلق بالنظر للكعبه الشريفه لذكرى دخولها والمشاركة فى غسيلها عام 2012م.
حينما لبيت أيضًا الدعوة إلى المشاركة فى غسيل الكعبة وأذكر حينما مثلت داخل الكعبه، لم أجد شيئًا يفسر هذا التوتر العظيم الذى إجتاحنى، حيث هذه البقعه من الأرض ( تحت العرش العظيم ).
حيث مكثت فى صلاه ركعتين بكل ركن من أركان الكعبه الأربع، وظل شريط من الشخصيات فى حياتى منهم من توفاهم الله وعلى رأسهم "أمي وأبي وزوجتي وأختي وأخي ألف رحمه عليهم وفى رضوان الله مثواهم إن شاء الله.
وأصدقائى الراحلون والذين قضوا معى عمر طويل وتقبلهم الله برحمته الواسعه بإذن الله ،لم أعرف كيف ورد هذا الشريط السينمائي فى عقلي وذهني وأنا(أجهش بالبكاء ) وأنا أسجد لله شاكرًا وحامدًا وداعيًا لمن سبقونا فى رحابه بالرحمه والمغفرة والعفو من الله.
ولم يسعنى فى ذلك الوقت إحساسي وإداركي بالزمن الذى قضيته داخل الكعبه المشرفه ومن (زاملوني) فى هذه اللحظات الرائعة إلا أصوات "الهمهمة والجهش بالبكاء" هو الغالب على جو (الحجرة الإلهية) والتى تميزت بالبساطة فى سماتها حيث غطيت حوائط تلك الحجرة "بالقماش الإسطبرك الأخضر المصنوع بالجاكارد" والمرتفعه حوال مترين وبقيه الحوائط مغطاة بالرخام الأرابيسكاتو) والأرضية من (الكرارة) والوزرات من "الرخام الأخصر الهندي" ،وأعمدة ثلاث(من الخشب الموجنى" ترفع سقف الكعبه ومدلى منها بعض الأواني النحاسية القديمة.
تلك الذكريات الجميله والخالدة والراسخة فى ضميري وذهني وعقلي لم تذهب أبدا.
هكذا وأنا أمام الكعبة تذكرت كل تلك التفاصيل،وأنهيت يومي الثالث فى الزيارة لكي أعود إلى القاهرة المحروسه ،طالبًا من الله أن يرزقنى ويرزق كل من يقرأ هذا المقال بزيارة مماثلة لأقدس الأماكن على سطح الأرض !!
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: هذا المکان رسول الله
إقرأ أيضاً:
خصوصية جبل الطور وتجلي الله تعالى عليه لسيدنا موسى.. تعرف عليها
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (لماذا تجلى الله على جبل الطور وكلَّم عليه سيدنا موسى عليه السلام دون بقية البقاع المباركة الأخرى؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن اختصاص الله تعالى لأيِّ مخلوق من مخلوقاته بفضيلة أو ميزة، هو محضُ فضلٍ وتكرُّمٍ من الله تعالى، فهو سبحانه يفضل ما يشاء ويختار، واختصاص جبل الطور بالتجلي دون بقية البقاع الطاهرة من باب هذا التَّفضُّل والتكرم والتذكير بما وقع فيها من الآيات كما جعل له فضائل متعددة.
وأضاف أن جبل الطور من جبال الجنة، وهو حرز يحترز به عباد الله المؤمنين من فتنة يأجوج ومأجوج، وهو كذلك من البقاع التي حرَّمها الله على الدجال، وقد تواضع جبل الطور لله فرفعه واصطفاه، وهو الجبل الوحيد الذي وقع عليه تكليم الله لنبيه موسى عليه السلام.
وتابعت: جرت حكمة الله تعالى وإرادته أن يفاضل في خلقه بما يشاء وكيفما شاء، فمن البشر: فضَّلَ الأنبياءَ والرسل والأولياء على سائر خلقه، ومن البلاد: فضَّل مكةَ المكرمة والمدينة المنورة على سائر البلدان -على ما ورد فيه التفاضلُ بينهما-، ومِن الشهور: فضَّل شهرَ رمضان على ما عداه من الأشهر، وكذا الأشهر الحرم، ومِن الليالي فضَّلَ ليلةَ القدر على سائر الليالي، ومِن الأيام فضَّلَ يومَ عرفات على سائر الأيام، ومن الجبال: فضَّلَ جبلَ الطور بتجليه عليه، والكلُّ خلقُ الله سبحانه وتعالى، يفعل فيه ما يشاء ويحكم فيه بما يريد.
وقد خصَّ الله نبيه موسى عليه السلام بأنه كلمه تكليمًا، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (7/ 280، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾(الأعراف~144) الاصطفاء: الاجتباء، أي فضَّلتُك، ولم يقل على الخَلْق؛ لأنَّ من هذا الاصطفاء أنه كلَّمه، وقد كلَّم الملائكة وأرسله وأرسل غيره، فالمراد ﴿عَلَى ٱلنَّاسِ﴾ المرسل إليهم] اهـ.
أما عن تخصيص الله سبحانه وتعالى جبل الطور بالتجلي عنده دون بقية البقاع المباركة، فكان تشريفًا لهذه البقعة وتكريمًا وتذكيرًا لما وقع فيها من الآيات.
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (17/ 58): [قوله تعالى: ﴿وَٱلطُّورِ﴾ [الطور:1] الطور اسم الجبل الذي كلَّمَ الله عليه موسى، أقسم الله به تشريفًا له وتكريمًا وتذكيرًا لما فيه من الآيات، وهو أحد جبال الجنة] اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَرْبَعَةُ أَجْبَالٍ مِنْ أَجْبَالِ الْجَنَّةِ، وَأَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، فَأَمَّا الْأَجْبَالُ: فَالطُّورُ، ولُبْنَانُ، وطورُ سَيْنَاءَ، وطورُ زَيْتًا، وَالْأَنْهَارُ مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَالنِّيلُ، وَسَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ» أخرجه الطبراني في "معجمه الأوسط"، وابن شبة في "تاريخ المدينة"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق".
ومما يُبيِّن فضل جبل الطور ما جاء في حديث الدجال الطويل، أنَّ هذا الجبل سيكون حرزًا لعباد الله المؤمنين من فتنة يأجوج ومأجوج، وذلك في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» رواه مسلم في "صحيحه".
وكما سيُمنع يأجوج ومأجوج من دخول الطور، كذلك ورد في الحديث الشريف أن الله تعالى حرمه على الدجال، فقد جاء في "المسند" للإمام أحمد، و"المصنف" للإمام ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في "الفتن"، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال عن الدجال: «لَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ، وَمَسْجِدَ الْمَقْدِسِ وَالطُّورِ».
وجاء في بعض الآثار أنَّ الجبل تواضع لله تعالى، واستسلم لقدرته، ورضِيَ بقضائه ومشيئته، فلما تواضع الجبل لله تعالى ناسب أن يتجلى الله تعالى لسيدنا موسى عليه السلام عليه، ويكلمه عنده دون بقية الجبال، فقد أخرج الإمام أحمد في "الزهد"، وأبو نُعيم في "الِحلية"، وعبد الرزاق الصنعاني في "التفسير"، وأبو الشيخ الأصفهاني في "العظمة" بإسنادٍ حسنٍ عن نوفٍ البكالي، قال: "أوحى الله إلى الجبال إني نازل على جبل منكم فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع وقال: أرضى بما قسم الله لي، قال: فكان الأمر عليه".
وأوضحت أن هذه الفضائل تضاف إلى الفضيلة الكبرى المذكورة في القرآن الكريم من تكليم سيدنا موسى عنده، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمًا﴾ [النساء: 164]، وكما في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ [الأعراف: 143]، وكما في قوله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم: 52].