لماذا يرفض بوتين التخلي عن سوريا؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
رأت الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي نيكول غرايفسكي أن التزام روسيا بسوريا لم يتزعزع، بعدما سيطرت الفصائل الإرهابية المسلحة على حلب بشكل سريع.
ما كانت روسيا لتسعى إلى مثل هذا الترتيب لو لم تكن ضعيفة عسكرياً
إن تقدم المتمردين السوريين بقيادة هيئة تحرير الشام لا يعكس تدهور الاهتمام الروسي، لكن تدهور القوات البرية المتعددة الجنسيات التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
Regarding Russian activities in North Africa and the Sahel, I cannot overstate how critical Syria’s military facilities are to the Kremlin’s logistical operations.
If Assad’s regime were to collapse, it would deal a crippling blow to Putin’s regional ambitions, effectively… pic.twitter.com/x4FhYOngGE
وكتبت غرايفسكي في مجلة "ذا أتلانتيك" أن سوريا مهمة لموسكو لأن التدخل هناك سنة 2015 سمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعكس رواية التراجع الروسي التي ترسخت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. لن تكون روسيا بعد الآن ما تجاهلها الرئيس باراك أوباما آنذاك بأنها "قوة إقليمية" متراجعة، بل ستكون راعية حاسمة لحكم الأسد، وعلى هذا النحو، هي ستعيد كتابة دليل التدخل الخارجي في الشرق الأوسط. إن التدخلات التي قادتها الولايات المتحدة، مثل غزو العراق وحملة حلف شمال الأطلسي في ليبيا، حطمت الدول وأفرزت فوضى. كان لروسيا تأثيراً معاكساً إذ حافظت على السيادة السورية والنظام الإقليمي.
وأرسلت موسكو بعض وحدات العمليات الخاصة والشرطة العسكرية والمستشارين وفرق المدفعية إلى سوريا. لكن لاستعادة الأراضي من المتمردين، اعتمدت بشكل شبه كامل على شبكة من القوات المدعومة من إيران، ومن ضمنها الحرس الثوري ووحدات الحشد الشعبي العراقية وميليشيات فاطميون الأفغانية وزينبيون الباكستانية وحزب الله.
وفي نهاية المطاف، سعى الكرملين إلى بناء الجيش العربي السوري كقوة قتالية محترفة قادرة على تأمين الحكومة السورية بشكل مستقل. وبدا نهج روسيا مستداماً - حتى في 2022، عندما أطلقت روسيا غزوها الكامل لأوكرانيا، وعدلت وجودها العسكري في سوريا حسب المقتضى. أعادت موسكو نشر بعض الطائرات ونظام الدفاع الجوي إس-300 في أوكرانيا، لكن قاعدة حميميم الجوية ظلت تعمل بشكل كبير. الأهم من ذلك هو أن الكرملين قلص وجوده الضئيل على الأرض، واعتمد بشكل أكبر من ذي قبل على القوات المدعومة من إيران التي نقل إليها بعض مراكز قيادته. تغيرات
غيّر غزو أوكرانيا موقف موسكو في الشرق الأوسط بطريقة أخرى وفق الكاتبة. فمنذ انخراطها في سوريا، كانت موسكو توازن بدقة بين مطالب إيران وإسرائيل. في 2018، وافقت على إبقاء القوات الإيرانية على بعد نحو 50 ميلاً من مرتفعات الجولان. وبدأ غزو أوكرانيا بتحويل هذا التوازن، حيث دفع اعتماد موسكو على الطائرات الإيرانية بدون طيار إلى التقرب أكثر من المحور التابع لطهران.
Turkey-backed jihadist offensive in Syria is prompted by Israel’s weakening of Iran & their proxy Hizballah. A strategic dilemma for Putin who can’t afford to cede any influence in Syria to Turkey & is expected by his arms suppliers in Tehran to save Assad. Can he spare… pic.twitter.com/MtJgZ6ti7z
— Rɪᴄʜᴀʀᴅ Kᴇᴍᴘ ⋁ (@COLRICHARDKEMP) December 1, 2024
ولم يمثل أي من هذا مشكلة كبيرة لروسيا إلى أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ثم مع امتداد الصراع في غزة إلى المنطقة المحيطة، صعدت إسرائيل من استهداف مستودعات الأسلحة في سوريا إلى القضاء بشكل منهجي على أصول وأفراد إيران وحزب الله وهم من ذوي القيمة العالية هناك. ولم يعد بإمكان روسيا أن تظل محايدة تجاه الضربات الإسرائيلية في حين تعمل على تعميق اعتمادها على القوات البرية المدعومة من إيران. وتفاقم الوضع مع تآكل حزب الله بسبب الهجوم الإسرائيلي على لبنان والذي كان في نهاية المطاف إحدى القوى التي اعتمدت عليها موسكو للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا.
لكن هذه النكسات لن تدفع روسيا إلى الخروج من سوريا. فلدى الكرملين الكثير على المحك. استغل تدخله في سوريا كرافعة لإعادة بناء نفوذه في الشرق الأوسط، كما ضمنت موسكو عقوداً اقتصادية مربحة لإعادة إعمار سوريا.
ومن المرجح أن تحاول روسيا أيضا التفاوض مع تركيا، التي تدعم بعض الفصائل المسلحة. فمنذ يوم السبت، تجنبت موسكو بشكل غير معهود انتقاد تركيا بشأن أنشطة المتمردين. ويشير هذا التقييد الذاتي إلى أن روسيا تستعد لمبادرة دبلوماسية - ربما مبادرة تسمح لروسيا بالحفاظ على وجودها في بعض أجزاء سوريا، مع استيعاب المصالح التركية في الشمال الغربي.
وما كانت روسيا لتسعى إلى مثل هذا الترتيب، لو لم تكن ضعيفة عسكرياً. لم تفقد قوات الوكلاء الإيرانيين قوتها وحسب؛ فقوات الفصائل المسلحة في سوريا مجهزة ومنسقة بشكل أفضل بكثير مما كانت عليه سنة 2015. وإذا استمرت في التقدم إلى حمص من موقعها الحالي في حماه، فستفصل عملياً القواعد الروسية في اللاذقية وطرطوس عن الانتشار المتواضع لموسكو في أماكن أخرى من سوريا. ليست مجرد أرض لا يرى الكرملين أن الحرب في أوكرانيا تحل محل طموحاته في الشرق الأوسط، وذلك لأن سوريا ليست مجرد موقع عسكري. هي حجر الزاوية في مطالبة روسيا بوضع القوة العظمى، ومسرح يمكنها من تثبيت نفوذها الدبلوماسي وروايتها المضادة للتدخل الغربي. ربما تعدل موسكو تكتيكاتها لكن التخلي عن سوريا يعني التنازل عن شيء أثمن بكثير من الأرض: الموقف الذي اكتسبته روسيا بجهد كبير، كوسيط قوة لا غنى عنه في الشرق الأوسط.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا المدعومة من إیران فی الشرق الأوسط فی سوریا
إقرأ أيضاً:
روسيا تعلن دعمها للسلطة السورية بشكل غير مشروط لاستعادة الاستقرار في البلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت الرئاسة الروسية الكرملين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجرى اتصالا هاتفيا بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان.
وأضاف الكرملين في تصريحات نقلتها فضائية "القاهرة الإخبارية" اليوم الاثنين، أن بوتين وبزشكيان ناقشا القضايا الراهنة المتعلقة بتطوير التعاون بين روسيا وإيران في مختلف المجالات.
وأوضح الكرملين أن بوتين وبزشكيان أكدا أهمية تنسيق الجهود ضمن صيغة أستانا لحل الوضع في سوريا، مؤكدين على دعم موسكو وطهران غير المشروط للإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية لاستعادة الاستقرار في البلاد.