بطبيعته الوقحة والجائعة، لم يتوانَ جيش العدوّ الإسرائيلي عن مدّ يده على مقدّسات سامية. فبضحكة "صفراوية" قرر عناصر الجيش الإسرائيلي تدنيس كنيسة دير الشهيد ماما للروم الأرثوذكس في بلدة دير ميماس الجنوبية، في إستهزاء فاضح وبشع. وكأن ألم دير ميماس غير كافٍ، أتى البعض ليتّهمها بالعمالة والتواطؤ مع الجيش الإسرائيلي، والإذعان والإستسلام.

لن يتحدّث هذا المقال عن دير ميماس الجميلة بزيتونها العريق وأهلها الطيبين، ولا عن تاريخها في النضال بوجه العدوّ الإسرائيلي الذي لا يحتاج منّة من أحد كي يفرض نفسه. إنّما سيروي واقعاً أليماً أجبر هذه البلدة على المقاومة مجدداً، لتّتهم أخيراً بالعمالة وهي التي تمّ التنكيل بأقدس مقدّساتها، بينما رضخ أهلها بقوّة الواقع والسلاح، إلى أمر البقاء داخل منازلهم وعدم تحريك ساكن في وقت كان فيه الإسرائيلي يسرح ويمرح في شوارع بلدتهم.

وما زاد من هول الألم، اقتحام جنود إسرائيليين من وحدة العمليات الخاصة في لواء غولاني الكنيسة الأرثوذكسية في دير ميماس وتدنيسها من خلال إحياء عرس ساخر داخلها.

مشاعر كبيرة من الغضب
وفي هذا الإطار، أعرب رئيس جمعية "دير ميماس يونايتد" السابق كريس حاصباني، عن خشيته الدائمة من إعادة تدمير دير مار ماما كما حصل في حرب الـ2006، إذ بالنسبة إليه ولكثر ممّن يتحدّرون من دير ميماس، فكلّ ما يتعلّق بهذه البلدة يبدأ مع دير مار ماما وينتهي عنده.

كما أشار في حديث إلى "لبنان 24" إلى أن الدير يضمّ 36 أيقونة فسيفساء تروي قصّة الإنجيل بكامله، لافتاً إلى عدم رضاه كما كثيرين عن وجود مسلّح داخل البلدة، وازداد الأمر فداحة مع دخول الجيش الإسرائيلي إلى دير ميماس فزاد الخوف على الدير.

وقال حاصباني: "عندما سرّب الفيديو من قبل "زعران" الجيش الإسرائيلي، شعرنا بمشاعر كبيرة من الغضب، وكأن المسيح صلب مجدداً في ظل استهزائهم من طقوسنا الدينية المقدّسة، إلا أنه في الوقت عينه امتلأت نفوسنا بأمل كبير وإصرار على إعادة إعمار كل ما تمّ تدميره في ظلّ الخراب الكبير الذي عاثه جنود العدوّ في الدير.

وفي حين أكد حاصباني أن أهالي دير ميماس هم دوماً مع أبناء وطنهم بوجه الغريب، شددّ في هذا الإطار على الرفض القاطع للسير بمشاريع تقررها فئة معينة من البلد من دون أن تأخذ برأي الفئات الأخرى.

وقال: "البلدة دفعت فواتير باهظة على مدار عشرات السنوات فنزفت عمرانياً وسكانياً واقتصادياً".

كما لفت إلى أن الأهالي متفائلون بعودة الجيش إلى البلدة التي ستبقى تحت رايته على الرغم من أن الخوف دبّ في نفوسهم مع توغّل الجيش الإسرائيلي، آملاً بأن تكون هذه الحرب الأخيرة التي تمرّ على لبنان وجنوبه.   وفي هذا الإطار، دان حاصباني "استفراد جهة حزبية وطائفية معروفة بقرار الحرب والسلم وفرضه على الآخرين وعدم التزامها بالقرار 1701 وتواجدها بمحيط ديرنا وعلى أرضنا".

إتهامات بالعمالة
لم يعد مستغرباً إطلاق الإتهامات بالعمالة يميناً ويساراً على كل من اختلف رأيه مع الآخر، فقد بات هذا الأمر موضة في زمن الحرب. إلا أن المستغرب، هو أنه كيف يمكن لبلدة تضمّ قلّة قليلة من الأشخاص وفي ظل انعدام المواد الأساسية، أن تقف بوجه هذا العدوّ بمفردها؟

وعن هذه الإتهامات، أكد رئيس بلدية دير ميماس د. جورج نكد أن "بعض الأبواق التي تسكن خارج البلاد تتهمنا بالعمالة لأننا لم نقف بوجه الإسرائيليين على حدّ تعبيرها، وبعد اتصالهم هاتفياً بي طالبين عدم خروج الأهالي من منازلهم".

وقال لـ"لبنان 24": "كيف يمكننا أصلاً مواجهة هكذا عدوّ وكل من كان  في البلدة يقتصر على حوالي  15 شخصاً لا إمكانية لديهم للمواجهة؟"، مشيراً إلى أن أهالي دير ميماس من الأكثر وطنية ومسالمة، وكل ما يهمّهم هو سيطرة الجيش على بلدتهم.

وعن الواقع اليوم في البلدة، أشار نكد إلى أنه مقبول بشكل عام في ظلّ وجود الجيش من خلال بضع دوريات يقوم بها.

إلا أن المشكلة الأساس بالنسبة لنكد هي عدم توفر المياه، مؤكداَ في الوقت عينه أن العمل جارٍ مع شركة المياه لحلّها، كما أن وضع الكهرباء ليس أفضل، هي التي كانت تصل إلى البلدة عن طريق كفركلا التي تضررت كثيراً جرّاء الحرب، ما دفعه إلى طلب تحويل الخطوط من برج الملوك.

وأشار إلى أن عدد العائلات في دير ميماس اليوم ارتفع إلى 15 عائلة، كاشفاً عن أضرار جسيمة في المدافن وخراب في دير مار ماما، مع تدمير 3 منازل.

وأعرب نكد عن خشية الأهالي من قطف الزيتون بسبب احتمال اصطدامهم بعناصر الجيش الإسرائيلي، الذي لا يمكن توقع تحرّكاته أو الخطوات التي سيقوم بها، وبالتالي يفضّل الأهالي البقاء في بيوتهم.

لكلّ من تعنيه دير ميماس، ولكلّ من لم يتسنّ له التعرف إلى هذه البلدة سوى عن طريق أخبار الحرب المؤلمة، ولكلّ من لم يزرها منذ مدّة طويلة: لا تنسوا أن أرضها وزيتونها المباركين بانتظاركم بعد انتهاء الحرب. وإلى ذلك الحين، سيبقى ديرها شاهداً على كل فظائع أولئك الذين "لا يدرون ما يفعلون".          
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی دیر میماس إلى أن

إقرأ أيضاً:

غزة - الجيش الإسرائيلي نفذ 94 غارة أدت لاستشهاد 184 فلسطينيا

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ، مساء اليوم السبت 4 يناير 2024 ،، أن الجيش الإسرائيلي نفذ أكثر من 94 غارة جوية خلال 72 ساعة، استهدفت مدنيين عزلا في محافظات القطاع، ما أدى إلى مقتل 184 فلسطينيا وإصابة عشرات آخرين.

وقال الإعلام الحكومي في بيان صحفي تلقت سوا نسخه عنه: "في تصعيد خطير وغير أخلاقي كالعادة، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 94 غارة وقصفا وجريمة على مدار الـ72 ساعة الماضية، استهدفت المدنيين العزل والمناطق السكنية في محافظات قطاع غزة وفي مدينة غزة على وجه الخصوص وبشكل وحشي ومتعمد".

وأضاف: "الهجمات أسفرت عن استشهاد أكثر من 184 فلسطينيا، بينهم عشرات الشهداء لم تصل جثامينهم إلى المستشفيات نتيجة تدمير البنية التحتية وتعذر الوصول إليهم تحت الأنقاض، وبسبب منع الاحتلال لسيارات الإسعاف والدفاع المدني والطواقم الطبية وفرق الإغاثة والطوارئ الوصول لهذه الجثامين ولعشرات الجرحى".

وتابع المكتب الإعلامي الحكومي: "هذه الجرائم تُمثل انتهاكا صارخا لكل القوانين والأعراف الدولية، وتندرج ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في قطاع غزة".

ولفت إلى أن "الاحتلال يستخدم سياسة الأرض المحروقة، حيث يقوم بنسف مربعات سكنية كاملة بمن فيها من سكان، متسببا في تدمير عشرات المنازل على رؤوس ساكنيها، مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، بمن فيهم النساء والأطفال".

وأوضح: "هذه الهجمات المتعمدة تأتي ضمن سلسلة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، حيث يُمارس سياسة القتل الجماعي والتطهير العرقي في محاولة لترهيب شعبنا الفلسطيني وتهجيرهم قسرا من أرضهم".

وطالب المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي ومجلس الأمن "بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتدخل الفوري لوقف العدوان ومحاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية".

كما دعا الأمم المتحدة إلى "إرسال فرق تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الجرائم البشعة، وتقديم مرتكبيها للعدالة".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية حماس تكشف : هذا ما تركز عليه جولة المفاوضات الحالية بالدوحة غزة : إسرائيل تدمر مستشفيات الشمال وتحرم 40 ألفا من الرعاية حماس تعلن استئناف المفاوضات في الدوحة اليوم الأكثر قراءة ذوو الأسرى : نتنياهو يفشل عمدا إنجاز صفقة التبادل مصطفى: التحديات التي تواجهنا تتطلب وحدتنا الخارجية : إسرائيل تسعى لتحويل غزة لأرض محروقة غير قابلة للحياة تفاصيل اجتماع وزير خارجية قطر مع وفد حماس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • وزير الجيش الإسرائيلي يُهدّد بالانسحاب من اتفاق لبنان
  • رئيس حزب شاس الإسرائيلي: مجيء المسيح وحده سيحل قانون التجنيد
  • غزة - الجيش الإسرائيلي نفذ 94 غارة أدت لاستشهاد 184 فلسطينيا
  • تمركز وقطع طريق... إليكم ما فعله الجيش الإسرائيلي في الجنوب
  • قذيفة مدفعية تستهدف بلدة جنوبية... هذا ما فعله الجيش الإسرائيلي
  • إستهدف منزلاً... الجيش الإسرائيلي يتوغل من مارون الراس إلى بنت جبيل
  • الجيش الإسرائيلي يواصل توغله شرق دير البلح والبريج وسط قطاع غزة
  • بالصور... شاهدوا ما قام به العدوّ الإسرائيليّ اليوم في بلدة جنوبيّة
  • الجيش الإسرائيلي يتوغل في جنوب لبنان
  • الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لاقتحام وتدمير موقع تحت الأرض في سوريا