وكأن المسيح صلب مجدداً... دير ميماس المقاوِمة تتّهم بالعمالة!
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
بطبيعته الوقحة والجائعة، لم يتوانَ جيش العدوّ الإسرائيلي عن مدّ يده على مقدّسات سامية. فبضحكة "صفراوية" قرر عناصر الجيش الإسرائيلي تدنيس كنيسة دير الشهيد ماما للروم الأرثوذكس في بلدة دير ميماس الجنوبية، في إستهزاء فاضح وبشع. وكأن ألم دير ميماس غير كافٍ، أتى البعض ليتّهمها بالعمالة والتواطؤ مع الجيش الإسرائيلي، والإذعان والإستسلام.
لن يتحدّث هذا المقال عن دير ميماس الجميلة بزيتونها العريق وأهلها الطيبين، ولا عن تاريخها في النضال بوجه العدوّ الإسرائيلي الذي لا يحتاج منّة من أحد كي يفرض نفسه. إنّما سيروي واقعاً أليماً أجبر هذه البلدة على المقاومة مجدداً، لتّتهم أخيراً بالعمالة وهي التي تمّ التنكيل بأقدس مقدّساتها، بينما رضخ أهلها بقوّة الواقع والسلاح، إلى أمر البقاء داخل منازلهم وعدم تحريك ساكن في وقت كان فيه الإسرائيلي يسرح ويمرح في شوارع بلدتهم.
وما زاد من هول الألم، اقتحام جنود إسرائيليين من وحدة العمليات الخاصة في لواء غولاني الكنيسة الأرثوذكسية في دير ميماس وتدنيسها من خلال إحياء عرس ساخر داخلها.
مشاعر كبيرة من الغضب
وفي هذا الإطار، أعرب رئيس جمعية "دير ميماس يونايتد" السابق كريس حاصباني، عن خشيته الدائمة من إعادة تدمير دير مار ماما كما حصل في حرب الـ2006، إذ بالنسبة إليه ولكثر ممّن يتحدّرون من دير ميماس، فكلّ ما يتعلّق بهذه البلدة يبدأ مع دير مار ماما وينتهي عنده.
كما أشار في حديث إلى "لبنان 24" إلى أن الدير يضمّ 36 أيقونة فسيفساء تروي قصّة الإنجيل بكامله، لافتاً إلى عدم رضاه كما كثيرين عن وجود مسلّح داخل البلدة، وازداد الأمر فداحة مع دخول الجيش الإسرائيلي إلى دير ميماس فزاد الخوف على الدير.
وقال حاصباني: "عندما سرّب الفيديو من قبل "زعران" الجيش الإسرائيلي، شعرنا بمشاعر كبيرة من الغضب، وكأن المسيح صلب مجدداً في ظل استهزائهم من طقوسنا الدينية المقدّسة، إلا أنه في الوقت عينه امتلأت نفوسنا بأمل كبير وإصرار على إعادة إعمار كل ما تمّ تدميره في ظلّ الخراب الكبير الذي عاثه جنود العدوّ في الدير.
وفي حين أكد حاصباني أن أهالي دير ميماس هم دوماً مع أبناء وطنهم بوجه الغريب، شددّ في هذا الإطار على الرفض القاطع للسير بمشاريع تقررها فئة معينة من البلد من دون أن تأخذ برأي الفئات الأخرى.
وقال: "البلدة دفعت فواتير باهظة على مدار عشرات السنوات فنزفت عمرانياً وسكانياً واقتصادياً".
كما لفت إلى أن الأهالي متفائلون بعودة الجيش إلى البلدة التي ستبقى تحت رايته على الرغم من أن الخوف دبّ في نفوسهم مع توغّل الجيش الإسرائيلي، آملاً بأن تكون هذه الحرب الأخيرة التي تمرّ على لبنان وجنوبه. وفي هذا الإطار، دان حاصباني "استفراد جهة حزبية وطائفية معروفة بقرار الحرب والسلم وفرضه على الآخرين وعدم التزامها بالقرار 1701 وتواجدها بمحيط ديرنا وعلى أرضنا".
إتهامات بالعمالة
لم يعد مستغرباً إطلاق الإتهامات بالعمالة يميناً ويساراً على كل من اختلف رأيه مع الآخر، فقد بات هذا الأمر موضة في زمن الحرب. إلا أن المستغرب، هو أنه كيف يمكن لبلدة تضمّ قلّة قليلة من الأشخاص وفي ظل انعدام المواد الأساسية، أن تقف بوجه هذا العدوّ بمفردها؟
وعن هذه الإتهامات، أكد رئيس بلدية دير ميماس د. جورج نكد أن "بعض الأبواق التي تسكن خارج البلاد تتهمنا بالعمالة لأننا لم نقف بوجه الإسرائيليين على حدّ تعبيرها، وبعد اتصالهم هاتفياً بي طالبين عدم خروج الأهالي من منازلهم".
وقال لـ"لبنان 24": "كيف يمكننا أصلاً مواجهة هكذا عدوّ وكل من كان في البلدة يقتصر على حوالي 15 شخصاً لا إمكانية لديهم للمواجهة؟"، مشيراً إلى أن أهالي دير ميماس من الأكثر وطنية ومسالمة، وكل ما يهمّهم هو سيطرة الجيش على بلدتهم.
وعن الواقع اليوم في البلدة، أشار نكد إلى أنه مقبول بشكل عام في ظلّ وجود الجيش من خلال بضع دوريات يقوم بها.
إلا أن المشكلة الأساس بالنسبة لنكد هي عدم توفر المياه، مؤكداَ في الوقت عينه أن العمل جارٍ مع شركة المياه لحلّها، كما أن وضع الكهرباء ليس أفضل، هي التي كانت تصل إلى البلدة عن طريق كفركلا التي تضررت كثيراً جرّاء الحرب، ما دفعه إلى طلب تحويل الخطوط من برج الملوك.
وأشار إلى أن عدد العائلات في دير ميماس اليوم ارتفع إلى 15 عائلة، كاشفاً عن أضرار جسيمة في المدافن وخراب في دير مار ماما، مع تدمير 3 منازل.
وأعرب نكد عن خشية الأهالي من قطف الزيتون بسبب احتمال اصطدامهم بعناصر الجيش الإسرائيلي، الذي لا يمكن توقع تحرّكاته أو الخطوات التي سيقوم بها، وبالتالي يفضّل الأهالي البقاء في بيوتهم.
لكلّ من تعنيه دير ميماس، ولكلّ من لم يتسنّ له التعرف إلى هذه البلدة سوى عن طريق أخبار الحرب المؤلمة، ولكلّ من لم يزرها منذ مدّة طويلة: لا تنسوا أن أرضها وزيتونها المباركين بانتظاركم بعد انتهاء الحرب. وإلى ذلك الحين، سيبقى ديرها شاهداً على كل فظائع أولئك الذين "لا يدرون ما يفعلون".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی دیر میماس إلى أن
إقرأ أيضاً:
اشتباه بتجسس سموتريتش على الجيش الإسرائيلي وحصوله على تسريبات
كشفت هيئة البث الإسرائيلية، مساء الأحد، عن اشتباه أعضاء في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت"، بأن وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، يتجسس على الجيش ويحصل على تسريبات غير قانونية.
ونقلت الهيئة عن مصادر عسكرية إسرائيلية لم تسمها، أنه "يشتبه في أن قائد فريق التخطيط العملياتي بالقيادة الجنوبية (قطاع غزة ضمن نطاق عملها) العميد (احتياط) إيريز وينر، من يسرّب المعلومات إلى سموتريتش".
وأضافت المصادر أن "سموتريتش حضر بعض اجتماعات "الكابينت" وهو يمتلك معلومات مسبقة عن الخطط العسكرية في غزة".
وأوضحت أنه "وصل أحيانا إلى الاجتماعات ومعه عروض تقديمية مطبوعة من الجيش، تتضمن معلومات لم تُعرض خلال جلسات الكابينت".
وحتى الساعة 18:45 "ت.غ" لم يصدر تعقيب من سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف"، بشأن ما ذكرته هيئة البث الرسمية.
وبدعم أمريكي ارتكب الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وحوّل الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصره للعام الـ18 على التوالي، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيه، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة الإسرائيلية مساكنهم.