يجب على دول الخليج وإيران استغلال "فورة التقارب" التي تشهدها المنطقة الآن بين مختلف الأطراف، والتي توجت بالاتفاق السعودي الإيراني بوساطة صينية ووقف التصعيد في اليمن، لمحاولة إيجاد صيغة لإقرار الأمن والاستقرار البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، مع الاعتراف بأن فكرة تكوين "تحالف بحري" بين مختلف الأطراف لا تزال بعيدة المنال.

ماسبق كان خلاصة تحليل كتبه الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج، ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو، ونشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن".

ويشير الكاتب إلى أن التقاربات الأخيرة، رغم محوريتها، فقد فشلت في تحقيق تحسن ذي مغزى للأوضاع الأمنية في البحر، حيث تصاعدت التفاعلات غير الآمنة بين البحرية الأمريكية والإيرانية ومصادرة السفن التجارية من قبل القوات الإيرانية داخل وحول مضيق هرمز، مما زاد المخاوف بشأن سلامة طرق الطاقة الحيوية.

اقرأ أيضاً

الخليج يبحث عن ضمانات.. تقاربه مع إيران لم يوفر الأمن البحري

استجابات متباينة

وقد اتبعت الولايات المتحدة وشركاؤها العرب الخليجيون التقليديون استجابات سياسية متباينة للتعامل مع هذه التوترات المتصاعدة.

فمن ناحية، اختارت واشنطن نهجًا أمنيًا تقليديًا يعتمد على نشر أصول جوية وبحرية إضافية لتعزيز قدرات الردع الإقليمية،  بينما تبنت دول الخليج العربية موقفًا أكثر ليونة وأقل تهديدًا يهدف إلى تقليل مخاطر التصعيد غير المقصود وإبقاء حوار خفض التصعيد الهش في المنطقة على المسار الصحيح، مع مطالبة الولايات المتحدة في الوقت نفسه باتخاذ إجراءات أكثر قوة. لردع الاستيلاء الإيراني على السفن التجارية.

ويقول الكاتب إن أطرافا خليجية أظهرت  مؤخرًا تصميمًا متزايدًا لتجنب الحسابات الصفرية وتبني موقف أكثر تصالحية في إدارة شؤون الأمن البحري، مثل الإمارات التي انسحبت من القوة البحرية المشتركة، وهي شراكة بحرية بقيادة الولايات المتحدة تضم 38 دولة تقوم بأنشطة أمنية بحرية قبالة سواحل شبه الجزيرة العربية، وينظر إليها على أنها مضادة لإيران.

بعد أيام قليلة، أعلن قائد البحرية الإيرانية، الأدميرال شهرام إيراني، عزم إيران على إطلاق تحالف بحري مع السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق وباكستان والهند بهدف تأمين طرق الشحن الحيوية في. شمال غرب المحيط الهندي.

اقرأ أيضاً

القوة البحرية المشتركة بين إيران والخليج.. هندسة "صينية" للأمن الإقليمي

تقارب بحري

وفي 17 يونيو/حزيران الماضي، خلال أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع إلى إيران منذ عام 2016 ، أبلغ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان ، عن استعداد المملكة للتعاون مع إيران في تحويل الخليج إلى منطقة آمنة للبيئة البحرية للبحارة والسفن التجارية.

بعد ذلك بيومين ، وقعت وكالة الأمن البحري الباكستانية وحرس الحدود الإيراني اتفاقية لتعزيز التنسيق البحري الثنائي، مع التأكيد على أهمية مكافحة الإرهاب وحماية طرق التجارة الإقليمية.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون الطريق إلى تحالف بحري إقليمي كامل سلسًا.

باختصار، لا يزال المشهد الأمني المتقلب في المنطقة، والعجز الكبير في الثقة المتبادلة، وتصورات التهديدات المتباينة عقبات أمام آلية دفاع جماعي فعالة في الخليج، كما يقول الكاتب.

أيضا، فإن  جيران إيران ما زالوا متشككين في صدق المساعي الإيرانية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

اقرأ أيضاً

جنرال أمريكي: التحالف الإيراني الخليجي البحري غير منطقي ويتحدى العقل

إيران كقوة مزعزعة للاستقرار

من خلال التراكم الهائل للأصول البحرية المتطورة وأنظمة الأسلحة المتقدمة، والدعم التقني والعسكري للوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومضايقة أو الاستيلاء على السفن التجارية في عشرات المناسبات منذ منتصف عام 2019 ، قامت إيران بتسليح مياه الخليج لبناء نفوذ إستراتيجي من خلال باستخدام تكتيكات الحرب الهجينة التي فرضت تكاليف باهظة على خصومها مع ضمان درجة من الإنكار.

لذلك، وعلى الرغم من أن حكومة رئيسي تحاول الآن تصوير إيران على أنها باني سلام إقليمي، فإن صورة البلاد كقوة مزعزعة للاستقرار لا تزال تتغلغل بعمق في التفكير الاستراتيجي لدول الخليج العربية، مما يقلل من جاذبية ومصداقية دعوات إيران للانفراج الإقليمي.

ويقول الكاتب إن التصعيد اللولبي الذي جعل المنطقة على شفا مواجهة مسلحة شاملة قد سلطت الضوء على أهمية مجتمع الأمن الجماعي البحري من أجل الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للدول حول مضيق هرمز.

إن الجهود المبذولة لإنشاء مجتمع أمني جماعي على مستوى المنطقة في مسرح معرض للتصعيد وشديد التقلب سيكون حتما عرضة للنكسات وأوجه القصور.

اقرأ أيضاً

انسحاب الإمارات من القوة البحرية الموحدة في الخليج .. ماذا يعني؟

ولضمان نجاحها، يقول الكاتب إنه يجب على الدول المطلة على الخليج أن تمنع اندلاع الاحتكاك العرضي من السيطرة على دفعة خفض التصعيد الأوسع.

فالاحتكاكات الأخيرة حول نزاعات ترسيم الحدود البحرية المستمرة منذ عقود - خلاف إيران مع الكويت والمملكة العربية السعودية حول حقل غاز الدرة والخلاف الإماراتي الإيراني حول جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى - تجسد الاحتكاكات يمكن أن تتسبب في نسف. جهود خفض التصعيد إذا لم يتم التعامل معها ببراعة.

المصدر | ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو / معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: دول الخليج الأمن البحري مضيق هرمز دول الخلیج العربیة الأمن البحری اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

«تايم»: التصعيد الروسي ضد الغرب.. هل نحن على حافة حرب نووية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يشعر العالم بالقلق المتزايد من احتمالية اندلاع حرب نووية مع تصاعد التوتر بين روسيا والغرب، وهنا يسلط الكاتب جورج بيب، مدير سابق لتحليل الشئون الروسية فى وكالة الاستخبارات المركزية، الضوء على المخاطر المتزايدة فى مقال له فى مجلة "تايم".

ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة، على الرغم من التحذيرات والتهديدات الروسية، قدمت لأوكرانيا أسلحة متطورة دون مواجهة رد فعل كبير من موسكو، إلا أن هذا الوضع قد يتغير قريبًا.

حيث يرى بعض الخبراء فى واشنطن أن فوائد تقديم مزيد من المساعدة لأوكرانيا تفوق المخاطر المحتملة، ويشمل ذلك القرار الأخير بإعطاء الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام الأسلحة الأمريكية لشن هجمات على الأراضى الروسية.

ويعتمد تحديد الخطوط الحمراء التى لا يجب تجاوزها على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى يختلف حكمه بشأن ما يمكن لروسيا تحمله اعتمادًا على تقييمه لوضع ساحة المعركة، والنوايا الغربية، والمشاعر داخل روسيا، وردود الفعل الدولية.

ويخشى الكاتب من أن تركيز الغرب على رد فعل موسكو على كل فعل فردى من أفعالهم قد يقلل من تقدير تأثير المساعدات المتزايدة على حسابات بوتين.

تشهد العلاقة بين روسيا والغرب توترًا متصاعدًا، يزداد معه توظيف التهديد النووى كأداة ضغط فى خضم الصراع الدائر فى أوكرانيا.

وتشير المؤشرات إلى أن روسيا مستعدة لتغيير عقيدتها العسكرية بما يتيح لها تخفيف القيود على استخدام الأسلحة النووية. وقد برز ذلك من خلال تصريحات رسمية روسية متكررة تُلوّح باحتمال استخدامها، فضلًا عن إجراء تدريبات تحاكى استخدام أسلحة نووية تكتيكية، ورفع جاهزية ترسانتها النووية.

يُثير هذا التصعيد النووى قلقًا بالغًا فى مختلف أنحاء العالم، خاصةً مع تزايد احتمالية استخدام الأسلحة النووية فى الصراع الدائر فى أوكرانيا.

النووى الروسي
ويشير الكاتب إلى أن هناك نقاشًا داخل روسيا حول كيفية استعادة خوف الولايات المتحدة من التصعيد النووي، بينما يدعو بعض المتشددين إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية ضد أهداف عسكرية، يفضل خبراء آخرون أكثر اعتدالًا اختبار قنبلة نووية أو مهاجمة أصول أمريكية.

وتلعب المخاوف من التدخل الغربى المتزايد فى أوكرانيا دورًا مهمًا فى قرار بوتين بزيارة كوريا الشمالية وإحياء معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين، والتى كانت سارية المفعول قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.

فيما أكدت روسيا، بعد ضربة أوكرانية على ميناء سيفاستوبول باستخدام قنابل عنقودية أمريكية، أن الولايات المتحدة متورطة مباشرة فى الهجوم، مما أدى إلى مقتل مدنيين روس، وهددت بعواقب وخيمة.

وتطرح مقالة بيب سؤالًا مهمًا: هل يناور الروس، أم أنهم على وشك التهور فى مواجهة عسكرية مباشرة؟

وتحذر المجلة من تجاهل المخاطر الحقيقية التى تواجهنا فى إدارة أزمة ثنائية، وتؤكد أن القرارات المتسرعة، مثل نشر عسكريين أمريكيين أو مدربين فرنسيين فى أوكرانيا، قد تدفع روسيا إلى التصعيد.

وتختتم المجلة بتذكيرنا بأن نقاط التحول التاريخية تظهر بعد فوات الأوان، مما يجعل من الصعب تحديدها فى الوقت الحالي.

ويؤكد الكاتب أننا لا نزال قادرين على التأثير على مسار الأحداث، لكنّنا قد نتعثر فى مثل هذه اللحظة الآن.

وتُعد المقالة تحذيرا قويًا من مخاطر التصعيد، وتحث على توخى الحذر والتفكير بعناية فى خطواتنا قبل أن ندفع العالم إلى حافة الهاوية.
 

مقالات مشابهة

  • دول الخليج تهنّئ الرئيس الإيراني المنتخب
  • الرئيس الإيراني المنتخب يتعهد بالسعي لتحقيق الإنجازات وتخطي العقبات وجعل إيران بلداً مزدهراً
  • السوداني للرئيس الإيراني الجديد:العراق وإيران جسدان في روح واحدة
  • بوتين يهنئ بزشكيان: نتطلع لزيادة مستوى التعاون مع إيران بكل المجالات
  • «تايم»: التصعيد الروسي ضد الغرب.. هل نحن على حافة حرب نووية؟
  • الاخوان المسلمون ودولة الأمارات العربية المتحدة (٢)
  • مصر تتسلم قيادة "فرقة العمل 154" للقوات البحرية المشتركة من الأردن
  • «بن داود القابضة» توقع مذكرة تفاهم غير ملزمة مع "المجموعة الإقليمية" في قطر لافتتاح 8 فروع جديدة
  • تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟
  • «دبي البحري» يناقش تحضيرات الموسم الجديد