إذا كان اللبنانيون يفتشون عبر ممثليهم في الندوة البرلمانية عن رئيس عادي للجمهورية فإنهم سيجدون الكثيرين منهم. فالزمن غير العادي ليس لرجال عاديين. أمّا إذا أرادوا البحث عن رجال "فدائيين" فإنهم لن يجدوا من هذا الصنف من الرجال كثيرين. هم قلة أولئك المستعدّون لحمل كرة النار بأيدٍ عارية. وإذا لم يتوافق اللبنانيون، "ممانعين" و"معارضين"، على من تنطبق عليه صفة "الفدائي" فعبثًا يبحثون.
قد يكون قول هذا البعض فيه شيء من الواقعية السياسية، ولكنه يبقى ناقصًا إلى حدّ كبير، خصوصًا أن لرئيس الجمهورية أدوارًا وطنية تتخطّى بأهميتها الصلاحيات الرئاسية المنوطة به وفق اتفاق الطائف. ولكن هذه الأدوار، على أهميتها، تبقى ناقصة إن لم تتكامل مع الأدوار المعطاة بحسب الدستور لكل من رئيسي مجلس الوزراء ومجلس النواب. وما يُقال عن أدوار رئيس الجمهورية التكاملية مع أدوار غيره يمكن قوله عن أدوار الرئاستين الثانية والثالثة، التي تبقى غير مكتملة العناصر بغياب أو تغييب أدوار الرئاسة الأولى، التي تلقى إجماعًا داخليًا وعربيًا ودوليًا على أهميتها في مجال حماية الدستور والزود عن لبنان، وهو من صلب قسم اليمين المأذون له وحده دستوريًا، فضلًا عمّا يشكله من ضمانة رمزية لوحدة اللبنانيين. وقد يكون كلام قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن خير دليل على أهمية موقع الرئاسة، خصوصًا في مثل هذه الحالات الصعبة التي يعيشها لبنان، والتي تحتاج إلى رئيس أقل ما يُقال عنه بأنه يجب أن يكون "فدائيًا" كما كان الرئيس ميقاتي، وهو الذي تحمّل المسؤولية الملقاة على كاهله، ولا يزال، في أصعب مرحلة مرّ بها لبنان.
فلبنان الغد يحتاج إلى هذا النوع من الرجال كرئيس للجمهورية وكرئيس للسلطة التنفيذية. فإذا كان المطلوب أن يكون رئيس الجمهورية "فدائيًا" فإن المطلوب أكثر أن تنطبق هذه المواصفات على رئيس الحكومة العتيد ووزرائها أجمعين. فلا الرئيس الأول في تراتبية المسؤولية قادر على أن يقلع الأشواك لوحده. وكذلك الرئيس الثالث في هذه الهرمية قادر على تحمّل وزر المسؤولية منفردًا. وقد يأتي الحديث عن سلة متكاملة للحل الرئاسي في مكانه الصحيح إذا ما نظر المرء إلى هذه السلّة من زاوية تكاملية الأدوار تمامًا كما هي أدوار أعضاء الجسد الواحد.
وإذا لم يتوافق اللبنانيون هذه المرّة على الشخصية الفدائية لتولي مسؤولية إنهاض لبنان من كبواته ومحنه وكوارثه، والمقصود بهذه "المرّة" جلسة 9 كانون الثاني، فإن الرئاسة ستصبح فعل ماضٍ ناقصًا أو في خبر كان. وإذا لم ينتج عن الجلسة "الكانونية" الافراج عن الرئاسة ورئيسها فإن ما ينتظر اللبنانيين قد يكون أسوأ مما مرّ عليهم حتى الآن. ولهذا السبب تدّخل قداسة البابا علنيًا هذه المرّة. وسيكون لتدّخله نتائج إيجابية، أقّله في المحادثات التي يجريها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
فالانتقال من مرحلة تحديد المواصفات الرئاسية إلى مرحلة طرح الأسماء التي تنطبق عليها هذه المواصفات بات أكثر من ضرورة رئاسية في حال ضمان فتح المجلس النيابي لدورات متتالية وعدم تكرار "تطيير" النصاب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أدوار ا
إقرأ أيضاً:
الطاشناق: على الرئيس المكلّف مقاربة التأليف بمعايير موحّدة
رأت اللجنة المركزية في حزب "الطاشناق" في بيان أنه "كثر في الآونة الأخيرة التداول الإعلامي بشأن التأليف الحكومي، ونشطت التسريبات الانتهازية على وسائل التواصل الاجتماعي، ما اضطر المراجع المعنية إلى نفيها في أكثر من مناسبة، في خضمّ هذه الأجواء الملبّدة، يهمّ اللجنة المركزية للحزب توضيح الآتي: إنّ الحزب، انطلاقًا من ضرورة البدء بإخراج البلاد والدولة والشعب من أتون الأزمات والمحن المتتالية، رأى في ترشيح وانتخاب العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية الخيار الأنسب لضرورات المرحلة. وكان لا بدّ من حكومة تواكب خطاب القسم وتترجمه إلى خطوات إنقاذية عمليّة، لذا كان تكليف الرئيس نوّاف سلام خيارًا طبيعيًّا".
أضاف: "رغم قناعتنا بأنّ كلّ الأحزاب والقوى السياسيّة في لبنان تضمّ قدرات وطاقات مشهود لها بالكفاءة والوطنية ونظافة الكفّ، ورغم تساؤلنا عن الحكمة من استثناء أعضاء الأحزاب من العمل السياسي الحكومي، فمن الممكن أن نتفهّم تحاشي ضمّ الحزبيين إلى الحكومة، والسعي إلى تأليفها من شخصيّات لا انتماء حزبيًا واضحًا لها".
تابع: "غير أنّ ما سبق لا يعني جواز تحوّل التأليف إلى فوبيا من كل من تعاطى الشأن العام، إذ إن المعلوم أن الشعب اللبناني مثقّف ومسيّس إلى حدّ بعيد. كما أنّ شعار تفادي تحويل الحكومة إلى مجلس نيابي أو ملّي مصغّر لا يجوز أن يُترجم إلى إنزال أسماء وشخصيات لا تمت بصلة بالمجتمعات التي تمثّلها، وفرضها على تلك المجتمعات. في مطلق الأحوال، لا يجوز التعاطي بصيغة الصيف والشتاء تحت سقف واحد، والكيل بمكيالين، ويجب معاملة الأطراف السياسية والمذهبية كافة بمعيار ومقاربة واحدة".
أضاف: "إننا نعوّل على العهد لإخراج لبنان من دوّامة الأزمات والمآسي المتلاحقة، وندرك أنه يحتاج إلى حكومة استثنائية لإطلاق دورات الإصلاح وإعادة الإعمار والنهوض المؤسساتي والاقتصادي. لذا، وحرصًا منّا على نجاح الرئيس المكلّف في تأليف حكومة تحظى بثقة مجلس النوّاب بأكثرية مريحة تمكنها من العمل، وبثقة شعبية تحاكي الإرتياح الذي منحه خطاب القسم، فإنّنا ندعو الجميع إلى مقاربة عملية تأليف الحكومة بروحيّة تعاون وتسهيل مهمة رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف".
ختم: "ندعو الرئيس نوّاف سلام إلى مقاربة التأليف بمعايير موحّدة، تضمن مؤازرة القوى النيابية والسياسية والشعبية لمسيرة عمل حكومته العتيدة".