صدر عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد «63» من كل من مجلة «الشرقية» ومجلة «الوسطى»، عن شهر ديسمبر 2024، واشتمل العددان على موضوعات سلطت الضوء على تفاصيل المشهد التطويري المتنامي في المنطقتين الوسطى والشرقية.

مجلة الشرقية
خصص العدد 63 من مجلة الشرقية ملفَّ «إنجاز» لتسليط الضوء على جهود بلدية مدينة خورفكان على صعيد تشجير المدينة، وزيادة رقعة المسطحات الخضراء فيها، حيث أطلقت مشروعات بيئية خضراء كبيرة غطت كل الأماكن بما فيها جبال المدينة الشاهقة، ووجهاتها السياحية وحدائقها العامة، وطرقها وميادينها ومبانيها الحكومية، مما ساهم في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية جاذبة، وجعلها نموذجاً يحتذى بين مدن المنطقة.


ومن اللقاءات المجتمعية نلتقي في «درب القمة» بالدكتور علي مبارك علي بن حنيفة، المولود في كلباء، وهو شخصية تجمع بين عدة مجالات منها التربية والتاريخ والتراث والإعلام، وفي «ملامح أصيلة» نحاور سعيد خدوم الزعابي، وهو من قدماء البحارة في المنطقة الشرقية، وفي «مربي أجيال» نلتقي بالأستاذة مريم محمد الحريثي، وهي مدرسة ومدربة تربية، كما نستضيف في «اشتغال» حليمة أحمد سيف النقبي من خورفكان، وهي حرفية راسخة في صناعة البراقع والتلي، وإعداد الأكلات الشعبية.
كما نتجول في «على الرحب» في شاطئ كلباء، الذي يعد منتزهاً للعائلات وساحة لمحبي الرياضات البحرية، ونتعرف في «تحت الضوء» على البرنامج الحافل لإكسبو خورفكان، حيث استضاف معرضين، أحدهما خاص بالعطور، والآخر بمستلزمات الزفاف، وفي «ميدان» تقرير عن بطولة كأس الاتحاد لبراعم وأشبال الجودو، والتقينا في «على الدرب» بالفتى علي حسن إبراهيم المراشدة، أحد أبرز اللاعبين الناشئين في عالم رياضة الجودو بالمنطقة الشرقية، ونلتقي في «مسار» بمريم العدان، وهي موهبة أدبية صاعدة شغوفة بالتقديم الإذاعي.
كما ضم العدد مقالات تراثية عديدة، من ضمنها لمحة عن حياة خلفان سالم الظنين النقبي في «سيرة»، وذكريات من أيام مدرسة المهلّب في خورفكان.

مجلة الوسطى
أما مجلة الوسطى فركز ملفها للعدد 63 على مشروعات الشارقة للاكتفاء الذاتي من الغذاء العضوي، مثل قمح مليحة ومنتجات ألبان مليحة واستخلاص أولى منتجات عسل النحل في محمية المنتثر، والإعلان عن قرب طرح منتجات مزرعة “طيور فلي” في السوق، ووصول الدفعة الثانية من الأبقار المنتجة لألبان مليحة، حيث تُشرف مؤسسة الشارقة للإنتاج الزراعي والحيواني “اكتفاء”، التابعة لدائرة الزراعة والثروة الحيوانية، على تلك المشروعات الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء العضوي، ويقع أغلبها في المنطقة الوسطى.
وفي الحوارات المجتمعية نلتقي في “درب القمة” بالدكتور سعيد مصبح الكعبي، وهو خبير تربوي ورئيس مجلس الشارقة للتعليم سابقاً، أما في “ملامح أصيلة” فنستضيف فيه الوالد سيف سالم الطنيجي، الذي يروي لنا تاريخ حقبة مهمة في مدينة الذيد، وفي “مسار” نحاور ماجد مطر الطنيجي، مدير الإدارة الهندسية في بلدية مدينة الذيد، فيما نلتقي في باب “اشتغال” براشد خليفة دلموك، ليحدثنا عن تجربته الناجحة في مجال ريادة الأعمال.
وفي التقارير الصحافية يتضمن باب “تحت الضوء” تقريرين منفصلين يرصد الأول أبرز ما حوته فعاليات النسخة السادسة من “معرض المغامرات والتخييم” في اكسبو الذيد، فيما يرصد التقرير الثاني جلسات مؤتمر “استراتيجية الحفاظ على النمر العربي”، الذي نظمته هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة في “سفاري الشارقة”، وفي على “الرحب” نتجول في “عرقوب الراشديات” الواقع في ضواحي مدينة الذيد، الذي أصبح متنفساً لأهل الذيد يخرجون إليه للراحة والاستجمام.
وفي “ميدان” نتائج منافسات النسخة الثالثة من مهرجان صاحب السمو حاكم الشارقة لسباقات الهجن، الذي نظّمه نادي الشارقة لسباقات الهجن، على أرضية ميدان الذيد لسباقات الهجن، وفي «على الدرب» نتعرف على قصة الطفل ناصر سعيد الراشدي مع رياضة القوس والسهم، وفي شأن التراث والشعر النبطي نخصص “ظل الغافة” لهذا العدد للحلقة التلفزيونية التي حملت عنوان: “من عيون الشعر الشعبي الإماراتي”، أما في “سيرة” فنستذكر مآثر المرحوم مطر عبيد بن دلموك الكتبي.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

فلكي من جبال ظفار

 

 

 

علي بن سهيل المعشني أبو زايد

asa228222@gmail.com

 

في قلب جبال ظفار الخلابة، حيث الضباب يغطي قمم الجبال، وتختلط روائح اللبان بنسمات الكوس الجنوبية القادمة من بحر العرب والمحيط الهندي، عاش رجلٌ كسر كل القواعد المعروفة عن الذكاء البشري. إنه الفلكي الشيخ عيسى بن مسعود بن علي جعبوب، الملقب بـ"أوحور"- رحمه الله، الذي أصبح أيقونةً للعبقرية الفطرية في جبال محافظة ظفار. رغم أنه لم يتلقَ تعليمًا نظاميًا وكان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، إلا أن موهبته في الحساب والفلك جعلت الجميع يحترمونه ويعتمدون على حساباته لما يُقرب من 70 عامًا.

النشأة: طفل الجبال الذي اكتشف موهبته مبكرًا

وُلد (أوحور) حوالي عام 1904م شمال منطقة السان بالجبل الأوسط بولاية صلالة. نشأ في بيئة ريفية تُنمّي الذكاء والفطرة السليمة، ومنذ صغره لفت الأنظار بقدرته على إجراء عمليات حسابية معقدة في ذهنه دون استخدام أي أدوات. إذ كان يستطيع حساب عدد أيام السنة ودقائقها وثوانيها، وكذلك دخول المواسم والفصول وخروجها، مثل الخريف والصرب والشتاء والغيض.

كما كان يعرف النجوم لكل فصل (سبعة نجوم)، أي ما يقارب اثنين وخمسين نجمًا في العام، منها أربعة نجوم مناصفة بين الفصول، حيث يدوم كل نجم ثلاثة عشر يومًا. أما النجم الأول والأخير من كل فصل فيُسمى "المناصف"، خاصة مع دخول الخريف الذي يبدأ بستة أيام ونصف من نجم "الشول" وينتهي بستة أيام ونصف من نجم "آليت"، وكذلك الحال في باقي فصول العام الأربعة.

العبقرية الحسابية ومعجزة الذاكرة الرقمية.

تمتع (أوحور) بموهبة نادرة جعلته أشبه بآلة حاسبة بشرية:

- كان يحفظ عدد دقائق وثواني السنة دون أي خطأ.

- كانت لديه القدرة على تقدير أعداد كبيرة من الناس بنظرة واحدة، حتى لو تجاوز عددهم الآلاف.

 

فمثلا في المناسبات الاجتماعية كالأعراس وغيرها، حيث كان الناس يتجمعون، وجرت العادة قديمًا تقسيم الحضور إلى مجموعات متساوية (مثلاً خمسة أشخاص لكل مجموعة، يوضع لهم قسم من اللحم والتمر)، كان الشيخ عيسى (أوحور) بمجرد أن يلقي نظرة سريعة على الحضور، يعرف عددهم ويشير إلى عمال الوليمة أن عدد الأقسام كذا وكذا، وكذلك يطلب من الحضور أن يتحلقوا كل خمسة معًا (عَرفَت).

ومن القصص التي تُروى عنه -رحمه الله- أنه في أحد الأيام نزل من الجبل إلى مدينة صلالة، والتقى هناك بفلكي مشهور كان يمتلك مكتبةً ضخمةً من الكتب عن النجوم والحسابات الفلكية. وعند الحديث عن حساب النجوم بينهما، اختلف الرجلان في تحديد موعد ظهور نجم مُعين (أو موسم)، وكان الفارق بينهما يومًا واحدًا فقط.

بينما استند الفلكي إلى كتبه القديمة، اعتمد (أوحور) على حسابه الذهني فقط. وعندما اشتد الجدال بينهما، قال (أوحور) بثقة: "اذهب وراجع كتبك، ثم نلتقي غدًا". وفي اليوم التالي، بعد مُراجعة دقيقة، اكتشف الفلكي المتعلم أنَّ حسابات (أوحور) كانت صحيحة، مما أثار دهشة الجميع.

أسرار عبقريته: بين الفطرة والملاحظة الدقيقة

رغم أن (أوحور) كان أميًا، إلا أن حياته في جبال ظفار منحته مهارات فريدة:

-الاعتماد على الطبيعة، كان يربط بين حركة النجوم وتغير الفصول، مما ساعده في الحسابات الفلكية.

-الذاكرة السمعية، حيث كان يحفظ التواريخ والأرقام من خلال الاستماع والحفظ منذ عمر مبكر.

-الملاحظة الدقيقة، فقد طور عينًا مدربة لتقدير الكميات والأعداد بسرعة.

حياته الشخصية وإرثه الثقافي

عاش (أوحور) -رحمه الله- حياةً بسيطةً على قمم جبال ظفار، ولم يسعَ للشهرة أو الثروة، وكان شهمًا كريمًا متواضعًا. كما كان مستشارًا حكيمًا، في تحديد مواسم الزراعة ودخول الفصول وخروجها، وكذلك الأشهر والنجوم.

وتُوفي رحمه الله- عام 1994م عن عمر يناهز 90 عامًا، لكن عبقرية هذا الفلكي ستظل تُحكى في المجالس الظفارية ما بقي الدهر.

دروس من حياة الفلكي العبقري الأُمِّيّ

ترك (أوحور) إرثًا ثقافيًا وعلميًا مهمًا في ظفار، يُذكرنا بأن:

1. العلم ليس حكرًا على المتعلمين، فالذكاء الفطري والفراسة قد تنتج عبقريات نادرة.

2. التراث الشفهي قد يحفظ علومًا دقيقة، تتفوق أحيانًا على السجلات المكتوبة.

3. الطبيعة أعظم معلم لمن يتعلم قراءة أسرارها.

اليوم، يُعد (أوحور) جزءًا من الهوية الثقافية لظفار، وشاهدًا على قدرة العقل البشري الذي لا يعرف حدودًا. ربما لو تعلّم (أوحور) في الجامعات، لكان عالم رياضيات أو فلكيًا مرموقًا، لكنه كان فلكي الجبال، الذي تحدى المنطق بأدواته الفريدة: عين ثاقبة، وبصيرة نافذة، وذهن متقد، وقلب متعلق بجبال ظفار.

مقالات مشابهة

  • جامعة محمد بن زايد تسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات
  • النائبة ميرفت عبد العظيم: منظمة الصحة العالمية تسلط الضوء هذا العام على بداية صحية لمستقبل بعيد
  • هيئة التراث تسلط الضوء على تاريخ الجزيرة العربية الخضراء في مؤتمر صحفي غدًا
  • منتدى الاستثمار الرياضي يسلط الضوء على مشروعات البنى التحتية للمَرافق الرياضية
  • منتدى الاستثمار الرياضي يسلط الضوء على مشروعات البنى التحتية للمرافق الرياضية والفرص الاستثمارية فيها
  • محافظ الشرقية يناقش تذليل العقبات أمام تنفيذ مشروعات المياه والصرف الصحي
  • بالفيديو| إضافة 6 مسارات جديدة لمنفذ خطمة ملاحة في مدينة كلباء بالشارقة
  • نكبة جديدة تلوح في الأفق..(البلاد) تسلط الضوء.. إسرائيل ترسخُ احتلالًا طويل الأمد في جنوب سوريا
  • فلكي من جبال ظفار
  • العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها يدخل يومه الـ76: تواصل عمليات التجريف وحرق منازل وهدم أخرى