ما أن حصل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية، الذي ما زال دخوله مسار التطبيق في فترة، أقصاها 60 يوماً، يشهد تعثراً بسبب استمرار الأعمال العسكرية الإسرائيلية، ولو بشكل منخفض ومحدود، مقارنة مع ما قبل إنجاز الاتفاق، حتى انفجرت الحرب مجدداً في سوريا. بعيداً عن النظريات التآمرية والاختزالية والتبسيطية لتفسير هذا الوضع، فإن الترابط الواقعي والموضوعي بين هذه «الساحات» وترابطها، أياً كانت العناوين التي يعطيها هذا الطرف أو ذاك لهذا الترابط، وأياً كانت درجاته، سمة أساسية في المسرح الاستراتيجي في المشرق.
.. ومسرح يتأثر ويؤثر بشكل كبير في «لعبة الأمم» في الشرق الأوسط. صحيح أن سوريا الدولة لم تشارك في استراتيجية «وحدة الساحات»، ولكن سوريا الجغرافيا كانت جزءاً من مسرح المواجهة بين «جبهة الإسناد» وإسرائيل. وللتذكير، ساهم الدور الروسي الموازي والموازن للدور الإيراني في إطار التحالف الثنائي الداعم الأساسي للسلطة في سوريا، في دعم الخيار السوري في البقاء خارج استراتيجية «وحدة الساحات». الهجوم الكبير والمفاجئ الذي شنّته الفصائل المعارضة المسلحة، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، التي تحظى بدعم كبير، ولو بدرجات متفاوتة بين أطرافها من قبل تركيا، وذلك للاستيلاء على مناطق واسعة في مدينة حلب، وكذلك التقدم في منطقة إدلب، ثم نحو مدينة حماة وما حقّقته من تغيير في موازين القوى على الأرض، يؤشر إلى عودة الحماوة والتسخين في المسرح الاستراتيجي السوري. يحصل ذلك بعد فترة طويلة من الاستقرار، ولو المتوتر... جملة من العوامل شكّلت المناخ الدافع والمحفز لإعادة خلط الأوراق في السباق على لعبة بناء النفوذ في المسرح الاستراتيجي السوري، بما لذلك من مكاسب على الصعيد الإقليمي الشرق أوسطي، من الخليج إلى البحر الأحمر، إلى البحر الأبيض المتوسط.
من هذه العناصر في العودة إلى التسخين على «المسرح السوري»: أولاً الضعف النسبي لإيران وحلفائها في سوريا بعد انشغالها بالحرب الإسرائيلية على الجبهة اللبنانية، التي تشمل مساحة جغرافية واسعة واستراتيجية من الأرض السورية من دون أن يعني ذلك أن إيران، ومعها حلفاؤها، مستعدة للتخلي عن الورقة الاستراتيجية الهامة التي تشكلها سوريا. الأمر الذي فتح الباب أمام أعداء إيران، وأمام بعض أصدقائها لمحاولة الاستفادة مما حصل، لتحقيق مزيد من المكاسب على «المسرح السوري».
ثانياً ازدياد الانشغال الروسي بالأزمة الأوكرانية، وبأولوية هذه الأزمة، من دون أن يعني ذلك تراجع الاهتمام الاستراتيجي بسوريا.
وثالثاً الوضع الراهن قدّم فرصة ذهبية لتركيا لتعزيز دورها وموقعها من خلال حلفائها في سوريا، التي تشكل المنطقة الشمالية الغربية فيها أهمية استراتيجية حيوية لتركيا، خاصة بعد فشل محاولات المصالحة السورية - التركية، التي قامت بها موسكو، والحديث عن دور عراقي ناشط للتوسط بين الطرفين. ثلاثي آستانة (الروسي، الإيراني، التركي) استطاع إدارة العلاقات بين أطرافه بشأن سوريا منذ بدء نشاطه التشاوري عام 2017، ولكن التغيرات الحاصلة على صعيد الإقليم أعادت خلط الأوراق، ليس بين الخصوم فقط، بل بين الحلفاء أيضاً، مع التذكير بأن هنالك سيولة واسعة تطبع هذه العلاقات، مع اختلاف الأولويات الأساسية. الاجتماع الذي سيحصل بين ثلاثي آستانة على هامش منتدى الدوحة قريباً سيشكل محاولة لاحتواء الموقف عبر التوصل إلى تفاهمات عملية انتقالية. تفاهمات قد لا تستطيع الإقلاع مع العوامل الجديدة التي أشرنا إليها سابقاً.
أخيراً، لا بد من التذكير بأن استقرار سوريا مصلحة عربية أساسية وحيوية، ولا بد من مبادرة عربية ناشطة تجاه إيران وتركيا، وتجاه القوى الدولية الفاعلة، بغية العمل على تحقيق الاستقرار في سوريا، الذي هو لمصلحة الاستقرار في الإقليم. إنه أمر ليس من السهل تحقيقه، ولكن أكثر من الضروري الانخراط في مبادرة فاعلة لتحقيقه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حرب سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله فی سوریا
إقرأ أيضاً:
آخر تطورات الصراع بين قوات النظام والمعارضة في سوريا
تواصل المجموعات المسلحة المعارضة التي سيطرت على معظم حلب وإدلب بأكملها تقدمها في مدينة حماة.
وقالت سائل إعلام محلية، أنه وقعت اشتباكات عنيفة في ريف حماة وسقطت بعض البلدات في أيدي القوات المناهضة للنظام، فيما يستعد لهجوم مضاد.
وأضافت أن هناك جهود دبلوماسية بشأن الصراع حيث قد عقد اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية في الدوحة لبحث الصراع في سوريا، والخارجية القطرية إنهم يعملون بشكل مشترك مع تركيا وحلفاء إقليميين آخرين لإنهاء الصراعات في سوريا.
وتابعت أن الطائرات الروسية يواصل قصف مناطق المعارضة بالتعاون مع الطائرات الحربية السورية. كما وبدأت وحدات حماية الشعب الإرهابية بالانسحاب من الأجزاء الشمالية الشرقية من حلب.
بيان من إيران: “سنرسل جنوداً إلى دمشق إذا طلبت ذلك”
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريح للصحافة القطرية إن طهران ستفكر في إرسال قوات إلى سوريا إذا طلبت دمشق ذلك، كما أعلن عرقجي أنه يعتزم زيارة روسيا لبحث الأزمة السورية، لكنه لم يحدد موعداً محدداً للزيارة.
الصراعات في دير الزور
وشنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي يعتمد عمودها الفقري تنظيم YPG الإرهابي، هجوماً لإخراج قوات النظام والفصائل المدعومة من إيران من 7 قرى شرق الفرات بمحافظة دير الزور.
ومن المعروف أن الجماعات المدعومة من إيران لها حضور كثيف في المنطقة بدءاً من مركز مدينة دير الزور وحتى منطقة البوكمال القريبة من الحدود السورية العراقية.
إدلب أصبحت بالكامل في أيدي المعارضة
وسيطرت الجماعات المسلحة المناهضة للنظام، بقيادة هيئة تحرير الشام، على معظم مدينة حلب في 30 تشرين الثاني/نوفمبر.
وسيطرت المعارضة على منطقة خان شيخون في 30 تشرين الثاني/نوفمبر وسيطرت على جميع أنحاء إدلب.