عربي21:
2025-04-17@09:47:57 GMT

ماذا يجري في سوريا؟

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

خلال أيام قليلة، وبعد أن بقيت ساكنة إلى حد ما طيلة أعوام، انقلبت الساحة السورية إلى مسرح حرب متحركة، تبدو كأنها تجديدٌ لآخر تحرك كبير لجبهات القتال، وهو الذي شهده عام 2016، حين استعاد نظام آل الأسد السيطرة على حلب بدعم إيراني وروسي وبتواطؤ تركي. فها أننا أمام هجوم مباغت مصحوب بانتشار مفاجئ لقوات «هيئة تحرير الشام» وهي الجماعة السلفية الجهادية التي سيطرت على منطقة إدلب في الشمال الغربي السوري منذ عام 2017.



وكما هو معلوم، يعود أصل الجماعة إلى «جبهة النصرة» التي تأسست في عام 2012 بوصفها فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا، ثم أعلنت انشقاقها عن التنظيم تحت اسم «جبهة فتح الشام» في عام 2016، قبل أن تستوعب جماعات أخرى وتصبح «هيئة تحرير الشام» في العام التالي. أما اجتياح «الهيئة» لحلب في الأيام الأخيرة، فقد جرى على حساب جيش النظام السوري المدعوم من قوات إيران وروسيا. وأما الدور التركي، فقد كان تواطؤاً مرة أخرى، لكن في الاتجاه المعاكس هذه المرة، إذ إن «الهيئة» باتت مرتهنة بتركيا التي تشكّل منفذها الوحيد.

فلنحاول إمعان النظر في هذه المعمعة، ولنبدأ إذاً بالدور التركي. عند بداية الانتفاضة الشعبية في سوريا في عام 2011، طمحت أنقرة إلى الوصاية على المعارضة السورية ومن خلالها على البلاد في حال انتصارها، ثم ما لبثت أن تعاونت مع بعض دول الخليج العربية في دعم الفصائل التي رفعت رايات إسلامية عند عسكرة النزاع وتحوّله من انتفاضة شعبية ضد حكم عائلي طائفي استبدادي إلى صدام بين معسكرين رجعيين، انتهزه معسكرٌ ثالثٌ هو الذي شكّلته قوات الحركة الكُردية.

وقد فسحت هذه التطورات المجال أمام خضوع الأراضي السورية لأربع احتلالات انضافت إلى الاحتلال الصهيوني لهضبة الجولان الذي بدأ في عام 1967، وتتألف من الاحتلالين الإيراني (مصحوباً بالقوات الإقليمية التابعة لطهران، وأبرزها «حزب الله» اللبناني) والروسي المؤازرين لنظام آل الأسد، والاحتلال التركي في منطقتين على الحدود الشمالية، والانتشار الأمريكي المؤازر لقوات الحركة الكُردية في الشمال الشرقي في تصدّيها لتنظيم «داعش» وفلوله.

فما الذي جرى خلال الأيام الأخيرة؟ الملاحظة الأولى التي فرضت نفسها هي سرعة انهيار قوات نظام آل الأسد أمام الهجمة، وقد أعاد إلى الذاكرة انهيار القوات النظامية العراقية أمام هجمة تنظيم «داعش» عندما اجتازت الحدود قادمة من سوريا في صيف 2014.
سرّ هذين الانهيارين، فيكمن في العامل الطائفي بصورة رئيسية
أما سرّ هذين الانهيارين، فيكمن في العامل الطائفي بصورة رئيسية، إذ إن السمة المشتركة هي أن الغلبة العلوية في القوات السورية والشيعية في القوات العراقية لم يكن لديها حافزٌ كي تستميت في الدفاع عن المناطق ذات الأغلبية السنّية التي كانت السيطرة عليها منوطة بها والتي قصدها الهجوم.

هذا علاوة على الامتعاض من فشل النظام القائم في خلق ظروف معيشية مشجّعة، لاسيما في سوريا التي شهدت انهياراً اقتصادياً وانتشاراً عظيماً للفقر منذ سنوات. فقد نقلت صحيفة «ذي فايننشال تايمس» يوم السبت الماضي كلاماً معبّراً عن أحد العلويين، قال لها: «إننا على استعداد للدفاع عن قرانا ومدننا، لكنني لست أدري أن العلويين سوف يقاتلون من أجل مدينة حلب… وقد توقّف النظام عن منحنا أسبابا للاستمرار في دعمه».

هذا والأمر الجليّ هو أن «هيئة تحرير الشام» برفقة فصائل أخرى واقعة تحت الوصاية التركية، قرّرت انتهاز فرصة إضعاف السند الإيراني لنظام آل الأسد الناجم عن الخسائر العظمى التي مُني بها الذراع المسلّح الرئيسي لإيران في سوريا، ألا وهو «حزب الله» اللبناني، من جرّاء العدوان الإسرائيلي على لبنان.

وقد انضاف هذا الإضعاف إلى إضعاف السند الروسي الناجم عن انشغال القوات المسلّحة الروسية في غزو أوكرانيا، بما خلق فرصة استثنائية انتهزتها «الهيئة». ومن الواضح أيضاً أن تركيا باركت هذه الهجمة، ذلك أنها منذ عام 2015 وانعطاف رجب طيب أردوغان نحو اللعب على الوتر القومي التركي، مصحوباً بتحالف مع أقصى اليمين القومي التركي، بات هاجسها الأول هو الصراع ضد الحركة الكُردية.

ففي عام 2016، طعنت أنقرة قوات المعارضة السورية في الظهر بفسحها المجال أمام استعادة النظام السوري لحلب بمشاركة إيرانية وروسية لقاء فسح روسيا للمجال أمامها كي تشنّ عملية «درع الفرات» وتنتزع منطقة جرابُلس وجوارها، شمالي محافظة حلب، من القوات الكُردية التي كانت تسود فيها.

وهذه المرة أيضاً، انتهزت أنقرة هجمة «هيئة تحرير الشام» على حلب كي تحرّك القوات السورية التابعة لها ضد القوات الكُردية. وكان أردوغان قد حاول قبل ذلك أن يتصالح مع بشار الأسد، عارضاً عليه دعمه في بسط سيطرة نظامه على المنطقة الواسعة التي تسود فيها الحركة الكُردية في الشمال الشرقي.

بيد أن إصرار الأخير على أن تسلّمه تركيا المناطق التي تسيطر عليها هي على الحدود الشمالية، أجهض المسعى. لذا انقلب أردوغان على آل الأسد من جديد ومنح ضوءه الأخضر لهجمة «هيئة تحرير الشام» مثيراً سخط سندي النظام السوري. فإن «اختلاف وجهات النظر» الذي أشار إليه وزير الخارجية الإيراني لدى زيارته لأنقرة إثر بدء الهجمة، يتلخصّ في أن طهران ترى في «الهيئة» الخطر الأكبر بينما تراه أنقرة في القوات الكُردية.

فبالرغم من عداء مشترك للحركة الكُردية، كانت كل من طهران وموسكو ودمشق قد عقدت هدنة مديدة معها بانتظار أن تتغيّر الظروف بما يسمح لها بمعاودة الهجوم لاستكمال السيطرة على الأراضي السورية، بينما بقيت علاقة أنقرة بتلك الحركة عدائية للغاية بخلاف تعاونها مع «الهيئة» المسيطرة على منطقة إدلب.

أما إسرائيل وأمريكا، فتترقبان بحذر ما يجري على الأرض، إذ إن الطرفين، نظام آل الأسد و«هيئة تحرير الشام» يكادان يكونان متساويين في السوء في نظرهما (على الرغم من مسعى الإمارات العربية المتحدة لتبييض صفحة النظام ومساعي أنقرة لتبييض صفحة «الهيئة») في حين أن هاجس الدولة الصهيونية الرئيسي هو الحؤول دون انتهاز إيران لفرصة هذه المعركة الجديدة كي تعزّز تواجدها العسكري على الأراضي السورية وتجد سبلاً جديدة لمدّ «حزب الله» بالسلاح من خلال تلك الأراضي.

أخيراً، فإن هذه التطورات، بتأجيجها لنار النزاع الطائفي، إنما تُبعد الأفق الوحيد الذي بدا مشجّعاً في السنوات الأخيرة في سوريا وقد تمثّل في الاحتجاجات الشعبية العارمة على تدهور الشروط المعيشية التي شهدتها سوريا منذ عام 2020.

انطلقت تلك الاحتجاجات من منطقة السويداء (ذات الغالبية الدرزية) في الأراضي التي يسيطر عليها النظام، وتحولّت بسرعة إلى المطالبة برحيل بشار الأسد وسقوط النظام، مستعيدة هكذا نهج الانتفاضة الشعبية الديمقراطية غير الطائفية التي شهدتها سوريا في غمرة «الربيع العربي» قبل ثلاثة عشر عاماً.

وبقي لنا أن نأمل أن وحدة المصالح الشعبية المعيشية والتحرّرية سوف تؤدّي يوماً ليس بالبعيد إلى إحياء الثورة السورية الأصلية بما يتيح إعادة توحيد البلاد على الأساس الديمقراطي الذي حلم به روّاد ورائدات الانتفاضة التي انطلقت على مشارف الربيع في عام 2011.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حلب سوريا المعارضة السورية الاحتلال سوريا الاحتلال حلب المعارضة السورية مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة تحریر الشام آل الأسد فی سوریا فی عام

إقرأ أيضاً:

دريد لحام يظهر في مطار دمشق لأول مرة عقب سقوط الأسد.. غياب لأي احتفاء (شاهد)

أثار الممثل السوري دريد لحام موجة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي عقب ظهور في مطار دمشق الدولي لأول مرة منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في أواخر العام الماضي.

وتداول ناشطون في وقت سابق من هذا الأسبوع، لقطات مصورة تظهر عودة لحام المعروف بدعمه الشديد للنظام المخلوع إلى دمشق لأول مرة بعد سقوط الأسد، رفقة أفراد من عائلته بما فيهم زوجته هالة بيطار.

فيديو متداول:

مشاهد من داخل مطار دمشق تظهر عودة دريد لحام إلى #دمشق، وكان قد غادرها اثر سقوط نظام الاسد . pic.twitter.com/EaMiyFuf3N — Abdulrahman Al Hariri (@abdulrahmanpho) April 13, 2025
ووفقا للقطات المصورة، فقد ظهر لحام في صالة الوصول في مطار دمشق دون أي استقبال رسمي أو مظاهر احتفاء من قبل الموجودين من حوله، وهو ما أثار تفاعلا على منصات التواصل الاجتماعي وسط حديث عن "نبذ اجتماعي" للممثل الذي عرف بدعمه لنظام الأسد.

وكان لحام الذي قال في أحد تصريحاته السابقة إنه "يخاف من المخابرات أكثر من الله" ،ظهر في مقطع مصور لأول مرة عقب أيام من سقوط النظام السابق وهروب رئيسه بشار الأسد إلى روسيا، قائلا "مبروك لوطني سوريا ولادتها الجديدة".


وأضاف الممثل السوري "لحتى نضل نحتفل بهذه المناسبة كل عام، لازم نبقى إيد واحدة بكل طوائفنا وانتماءاتنا السياسية، وتكون طائفتنا الوحيدة هي سوريا".

وكان لحام ذكر في تصريحات سابقة أن رئيس النظام السابق حافظ الأسد كان من أشد داعميه في المسرحيات الجريئة، التي كان ينظر لها على نطاق واسع على أنها سياسية متبعة من قبل النظام تهدف إلى "التنفيس" عن الشعب.

ويعرف لحام بكونه من أشد الفنانين الذين دعموا النظام السوري المخلوع لا سيما بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، التي واجهها النظام بوحشية مفرطة ما أسفر عن كارثة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتغييب عشرات الآلاف قسريا، فضلا عن الدمار الواسع في البلاد والانهيار الاقتصادي.

وبعد سقوط نظام الأسد، كانت مواقف الممثلين والإعلاميين والشخصيات البارزة في سوريا محط مثار للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب التقلبات السريعة في المواقف بعد انهيار النظام.


وفي حين أعرب ممثلون معارضون للنظام عن ابتهاجهم بسقوط النظام مثل عبد الحكيم قطيفان ومكسيم خليل وغيرهما، فقد أثار آخرون عُرف عنهم التأييد للنظام جدلا واسعا؛ عقب انقلابهم إلى معارضة النظام، وتراجعهم عن مواقفهم القديمة الداعمة للأسد وحكمه.

كما استمر البعض مثل الممثلة سلاف فواخرجي، في تبني مواقفهم السابقة المناصرة لبشار الأسد ونظامه الذي ارتكب مجازر مروعة بحق السوريين.

وكان الإعلان الدستوري في سوريا نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد "إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون".
لم يتجمع أحد لاستقباله.. لم يلتقط أحدا صورة تذكارية معه.. حتى مجرد تلويح باليد من مكوّع لم يحظى به..

هل تخيلتم يوما أن #دريد_لحام الذي يضعه العُرف الدرامي العربي على رأس الهرم الفني في سوريا منذ سنين طويلة ينتهي به الحال بهذا الشكل؟!

إنها الثورة العظيمة التي غيرت المفاهيم… pic.twitter.com/7LefqcWCPD — Bahaa Dabous (@Bahaa_Dabous) April 14, 2025 النبذ الإجتماعي من أقوى العقوبات . الي تخلفو عن النبي عليه الصلاة والسلام تم عقوبتهم بالنبذ الإجتماعي وكان من أصعب العقوبات عليهم طبعا مع الفرق الكبير لأنهم صحابة كرام . وفي حالة دريد لحام هدا عمره كبير وهدا الي صار رح يكون اكبر عقوبة له . المجتمع ينبذ كل جسم غريب عنه وبيأذيه . https://t.co/CdbP6Ce4SQ — Mohamad Ayyan (Abo 3sal) (@AyyanMohamad) April 15, 2025 تخيل فنان متل دريد لحام وبكل تاريخه.. انتسفت مسيرته كلها وما حدا معبره برجعته.. واقل كلمة بتنقال عنو "صرماية الوطن"
بعمرك لا توقف ضد شعبك واهلك وناسك.. شو ما كان الثمن.. — Kareem (@KareemMk22) April 14, 2025 #دريد_لحام الملقب غوار الطوشي ،
كانت الناس تتقاتل لتأخذ معه صورة ،
الآن الصورة معه أصبحت ذل للشخص ..

سبحان من أعزنا وأذلهم .. pic.twitter.com/4jQviHLUsT — المعتصم بالله الشحود (أساسي) (@almo2tasem91) April 14, 2025 "دون استقبال" #دريد_لحام يعود لسوريا بأول ظهور منذ سقوط الأسد.

صاحب مقولة "كاسك يا وطن" في مسرحية غربة الشهيرة، سيشعر الغربة في وطن ليس فيه آل الأسد، كان ممثلاً وصفيقاً للظلم، للتهجـ.،ـير والقتـ،ـل.. وهنا سقطعت الأقنعة وسقط معها "#غوار" #سرايا #الأردن #سوريا pic.twitter.com/dCahkb5egK — Yousef Tawarh (@TawarhYous61784) April 14, 2025 مقطع دريد لحام وهو بالمطار مكسور مذلول يترقب من حوله ، من افضل المقاطع اللي شفتها بحياتي

الله يزيدكم ذل وهوان ياشبيحة الهارب — . (@quds96i) April 14, 2025 شادي حلوة يبكي على دريد لحام لانه لم يستقبله احد في مطار دمشق

ارهابي يشهد لارهابي pic.twitter.com/n4GEzuIIg2 — عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) April 14, 2025 مشهد #دريد_لحام وهو داخل إلى مطار دمشق، هو أصدق تعبير عن فكرة "النبذ الاجتماعي" ضمن مسار العدالة الانتقالية، لا أحد يتوافد لالتقاط الصورة معه، لا أحد يصفق له أو يشعر بوجوده أو حتى يتعرض له، عاد غريباً مُحملاً بالخزي والعار، وكأنه لم ينادي يوماً "مو ناقصنا إلا الكرامة" لأنه بالفعل… — Yaman Zabad (@YamanZabad) April 14, 2025

مقالات مشابهة

  • حسيبة عبد الرحمن توقع السمّاق المر.. روايةٌ توثق جرائم النظام البائد عبر نصف قرن
  • الدفاع السورية لشفق نيوز: لا وجود لترتيبات مع القوات الأمريكية لانسحابها
  • نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
  • شطب عضوية سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين.. لهذا السبب
  • القبض على أحد مسؤولي نظام الأسد في اللاذقية.. عمل في سجن صيدنايا
  • الوزيرة هند قبوات للجزيرة نت: هكذا ستصلح الحكومة السورية ما أفسده نظام الأسد
  • دريد لحام يظهر في مطار دمشق لأول مرة عقب سقوط الأسد.. غياب لأي احتفاء (شاهد)
  • نواف سلام يجري في سوريا محادثات تصحيح مسار العلاقات
  • مداهمات واحتجاجات.. ماذا يجري في بلدة العبودية؟
  • سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون