سودانايل:
2025-04-18@20:07:46 GMT

سودان ما بعد الحرب

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

الان وقد حدث ما حدث ، وما حدث هو الأسوأ علي الاطلاق في تاريخ السودان الحديث ، فحرب عبثية أشعلت لكي تستمر بضعة ايام ، ها هي تدخل شهرها الخامس كحفرة يسمونها حفرة جهنم اشتعلت في تركمنيستان أثناء التنقيب علي الغاز ولم تنطفيء حتي يومنا هذا .
والسؤال الذي يدور في زهن كل سوداني لماذا ؟ لماذا اشتعلت هذه الحرب اللعينة وبهذا الجنون العبثي ، والذي كان وكأنه علي موعد مع آلهة الخراب اليونانية، ليدمر عاصمة كان جل سكانها يعيشون فيها بالكاد مستوري الحال ، لتصبح بين ليلة وضحاها مسرحا لعمليات عسكرية برية وجوية ، لا يجد فيها المواطن المدني غير أن يكون ضحية في شكل لاجيء او نازح او جريح او قتيل او منهوب او ساكن يكتوي بلظي هذه الحرب العبثية اللعينة .


يري ماركس ان اهم ما يحرك التاريخ هو الصراع الاقتصادي ، وسواء اتفقنا معه بالكلية او اختلفنا بالكلية لابد أن نعترف بأن للاقتصاد أهمية كبري في تحريك التاريخ للأمام.
يعاني المواطن السوداني العادي منذ ولادة دولته وخصوصا في اطرافه وهوامشه من ضنك العيش بصورة او باخري، ومن تنمية غير متوازنة ومن حروب عبثية دفعت بالكثيرين الي النزوح الي الخرطوم ، حتي صارت المدينة تحوي ربع سكان السودان .
تمددت الخرطوم افقيا حتي تداخلت مع ولايات اخري مثل الجزيرة والنيل الأبيض من شدة النزوح إليها من الأطراف والهوامش. واصبحت الخرطوم نفسها تعاني من هذا التمدد في شكل نقص في الخدمات وسؤ في بنيتها التحتية ، وتدهور في صحتها العامة حتي اذا جاءت كارثة الحرب كانت الكارثة اكبر من ان يتخيل الجميع ، فها هي معظم الوزارات والمرافق الحكومية تتعطل ومعظم البنوك تنهب ومعظم المصانع تدمر بعد أن تنهب ٠ وها هي اقاليم السودان المختلفة تستورد حتي ماء الصحة من الدول المجاورة.
كل هذه الحقائق تضعنا امام سؤال يشكل تحد خطير ، لابد أن يشترك في الإجابة عليه كل السودانيين ويتمثل هذا السؤال في : هل يريد السودانيون العودة بعد الحرب الي سودان ما قبل الحرب ؟
في اعتقادي المتواضع أن الإجابة ستكون قطعا لا ، ولكن كيف لنا أن نبني سودان ما بعد هذه الحرب حتي لا نعود مرة اخري الي الدوامات التي قادت في نهاية المطاف الي هذه الحرب.
نحتاج في السودان الي دولة حقيقية قوية مبنية علي القانون متجهة بكلياتها الي خدمة المواطن وتنمية الوطن بعيدة عن الايديولوجات العبثية ذات الشعارات الرنانة والتي تقود اصحابها في نهاية المطاف الي الاصطدام بالاخر المختلف حتي وان كان ثمن هذا الاصطدام الوطن باكمله ، وحتي لو تمت التضحية بالمواطن المغلوب علي أمره.
عندما قام مهاتير محمد بتنمية بلاده ماليزيا لم يعلن انه يساري ام يميني ولم يعلن انه إسلامي او علماني وإنما اتجه نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية وها هي ماليزيا الان لا وقت لها لمثل هذه المماحكات والتي لا تولد الا انقساما وخرابا.
فسودان ما قبل الحرب كان يسير وفق اللا خطة واللا هدف . لدينا تجارة يربح منها التجار اكثر من ٥٠ % دون رقيب او حسيب وفوق هذا لدينا نظام ضراءبي ضعيف ، يعرف معظم التجار كيف يتهربون منه ، فتزداد الطبقات الغنية غني وتزداد الطبقات الفقيرة فقرا وتهميشا.
لدينا صناعة معظمها عبارة عن تعبئة وتغليف ، فتخيل عزيزي القاريء ونحن في دولة زراعية لا نصنع الصلصة إنما تاتينا جاهزة ثم تقوم مصانعنا بتعبءتها ثم نكتب علي العلبة صنع في السودان.
لدينا زراعة ولكنها أقرب للبداءية فلا شركات ضخمة تقوم بالاستثمار في اراضينا الشاسعة السهلة الصالحة للزراعة وإنما هي اجتهادات مزارعين كثير منهم يصل الي السجون في نهاية الموسم الزراعي .
لدينا قطاع صحي متهالك ، سرب معظم امكانيته للقطاع الخاص الذي يعالج المواطنيين بعدما يقطع من لحمهم الحي ، وغالبا ما يتوفي المريض فتكون ميتة وخراب ديار .
لدينا قطاع تعليمي متهالك ايضا سرب معظم طاقاته الي القطاع الخاص فزادت الهوة بين الطبقات وزاد الغبن والشعور بالظلم بين المهمشين وما نهب الخرطوم بهذه الطريقة البشعة الا حصاد هذه الفروق الطبقية الوخيمة.
استعرضت معكم عزيزي القاريء هذه الأمثلة دون اسهاب او تطويل لكي أوضح أن سودان ما قبل الحرب لا يجب أن يعود وإنما نريد دولة قوية تقوم علي مباديء قانون صارم لا مجاملة فيه ولا محسوبية ، قاءم علي خطة تنموية شاملة ، وسموه بعد هذا الاسم الذي تريدون فلا يفرق عندنا أن يكون اسلاميا او علمانيا يمينيا كان او يساريا .
أمجد هرفي بولس
wadharfee76@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

أزمة إنسانية تدخل عامها الثالث في السودان

أزمة إنسانية تدخل عامها الثالث، حيث جدد مسؤولون في الأمم المتحدة وفي واشنطن الدعوة لوضع حد للحرب في السودان، في حين كشفت لجنة إغاثة دولية عن تقديرات مفزعة لعدد المفقودين جراء الحرب.

وقال المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة إن الوقت قد حان للمضي في مسار سياسي يشمل الجميع وينهي الصراع ويحول دون معاناة الشعب، مضيفا أن "المدنيين في السودان يتأثرون بتداعيات صراع رهيب ولا حل عسكريا للأزمة".

من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إن "معاناة شعب السودان فادحة وعلى الطرفين ومن يدعمهما إنهاء الحرب".

وكانت الأمم المتحدة أعربت أمس عن قلقها العميق إزاء خطر "تفكك" السودان، وذلك بعد إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الثلاثاء تشكيل حكومة منافسة في الذكرى الثانية لاندلاع الحرب.

وقد أدانت الحكومة البريطانية بدورها هذا الإعلان، معتبرة أنه "ليس الحل" للحرب التي تمزق البلاد منذ عامين، وقالت إن "اتفاق سلام جامع بقيادة المدنيين أمر ضروري للحفاظ على وحدة السودان

 

المصدر : الجزيرة 

كلمات دالة:السودانالحربسلام

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

رولا أبو رمان

عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.

انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...

الأحدثترند أزمة إنسانية تدخل عامها الثالث في السودان حماس تؤكد: لن نسلم سلاح المقاومة شركة فورد موتور..سترفع أسعارها في ظل استمرار الرسوم رسائل تهنئة بعيد الفصح للأطفال معظمهم قتلوا حرقاً..عشرات الشهداء بغارات إسرائيلية على قطاع غزة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • الخرطوم في قلب الحرب: عامان على انهيار مركز السلطة في سودان ما بعد الاستعمار
  • رب ضارة نافعة
  • أزمة إنسانية تدخل عامها الثالث في السودان
  • مجموعة السبع تدعو إلى وقف فوري للحرب في السودان
  • الإمارات توجه نداءً عاجلاً من أجل السلام في السودان
  • دولة محطمة.. الحرب في السودان تدخل عامها الثالث
  • إدانة أمريكية للإمارات لدعمها الحرب في السودان
  • هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة 
  • اليونيسف: عامان من الحرب في السودان حطّما ملايين الأطفال
  • عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو تصاعد الأزمة الإنسانية