مأساة بكل المقاييس| محلل سياسي: ما يحدث في سوريا مرتبط بلبنان وغزة
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
حالة من التوترات تسود على المشهد في سوريا خلال الأيام الماضية مع سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل مدعومة إقليميا، على غالبية مدينة حلب في شمال سوريا بعد هجوم مباغت بدأ خلال اليومين الماضيين، واستهدف مناطق سيطرة الجيش السوري في شمال وشمال غرب البلاد، ليشكل أوسع تقدم للمسلحين السوريين والمرتزقة منذ سنوات.
في هذا الصدد قال احمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ، إن ما يحدث فى سوريا مأساة بكل المقاييس ، خاصة أن الإشكالية الحقيقية هناك، فى أن قوى دولية واقليمية له قرار فيما يجرى، وبالتالى الوضع هناك يأتى فى إطار لعبة المصالح والنفوذ، لهذا تتشابك الملفات وتتداخل معادلات الحسابات وفقا لأجندة كل قوة فاعلة، فمثلا، إيران تعتبر سوريا قاعدة نفوذ كبيرة ومهمة لها، وفق مخططها الاستراتيجي فى المنطقة، وعلاقتها بأذرعها، وكذلك تركيا التى ترى أنه لابد من وجود صيغة أو تقارب مع النظام ما يضمن لها عودة اللاجئين السوريين، ويضمن لها وجود منطقة آمنة لحماية أمنها القومى فى ظل موقفها من الأكراد فى الشمال السوري.
واضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد " أن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، ودعمها لقوات سوريا الديمقراطية، أو ما تسمى بقوات قسد، ورغبة تل أبيب فى تقليص دور إيران بسوريا وغلق جبهة سوريا أمام حزب الله فى لبنان، غير روسيا أيضا التى تعد سوريا قاعدة نفوذ لها كبيرة، خاصة بعد ما أصبح لها قاعدة جوية فى مدينة حميمم وقاعدة بحرية تطل على البحر المتوسط فى طرطوس، غير حرصها على أن يكون لها دور فى منطقة الشرق الأوسط ، لذا، أعتقد كل هذا يعقد الأمور فى سوريا، ويعزز من تطور الصراع واستمراره.
وتابع: أما ترامب ودوره فيما يحدث في سوريا، اعتقادى، أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات فى النهاية، وأنها لن تتخلى عن تحقيق رغبات إسرائيل وتحقيق ما تريد، لكن شخصية ترامب وفقا لمعطيات الولاية الأولى فى ٢٠١٦ تميل إلى عقد الصفقات والتسويات، وهو ما تؤكده تصريحاته أثناء الانتخابات الرئاسية الأمريكية ٢٠٢٤، وبالتالى من الممكن أن يكون هناك مشروع أمريكى، أو استخدام ورقة سوريا كورقة مقايضة فى الحرب الروسية الأوكرانية، غير أنه اعتقادى أيضا أن ما يحدث فى سوريا مرتبط ارتباط فعلى مع ما يحدث فى لبنان وغزة، فالوصول إلى تسوية فى غزة ولبنان يلقى بظلاله على ما يحدث في سوريا.
واردف: ورغم كل هذا، فالأمر فى النهاية مرهون بالسوريين فى إعلاء الوحدة الوطنية للدولة، والاصطفاف لترتيب البيت السورى، لأنه لا حل جذرى إلا من خلال حوار سورى سورى بعيدا عن أى شئ آخر.
وبحث بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، مع وزير الخارجية والمغتربين بالجمهورية العربية السورية بسام صباغ، التطورات الأخيرة في شمال سوريا خاصة في إدلب وحلب، حيث استمع الوزير عبد العاطي إلى شرح وتقييم الوزير صباغ للتطورات الأخيرة المتلاحقة هناك.
وأعرب وزير الخارجية – بحسب بيان لوزارة الخارجية السبت - عن القلق إزاء منحى هذه التطورات، مؤكدًا موقف مصر الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها.
نزوح أكثر من 14 ألف شخصوكان قد أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "مقاتلي المعارضة" دخلوا أحياء جنوبية وغربية من مدينة حلب دون مقاومة كبيرة من قوات الجيش السوري التي انسحبت من مواقعها، مشيرا إلى أن المقاتلين وصلوا إلى قلعة حلب، أحد أبرز معالم المدينة، دون اشتباكات تُذكر، ما أثار حالة من الهلع بين السكان المحليين.
وأدت المعارك بين التنظيمات المسلحة مع الجيش السوري إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقال ديفيد كاردن نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية "قلقون جداً من الوضع في شمال غرب سوريا. أودت الهجمات المتواصلة على مدى الأيام الثلاثة الماضية بحياة ما لا يقل عن 27 مدنياً، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات". وأضاف "البنية التحتية المدنية والمدنيون ليسوا أهدافا ويجب حمايتهم بموجب القانون الدولي الإنساني".
ورداً على ذلك، أغلقت السلطات السورية مطار حلب وألغت جميع الرحلات الجوية، ووصلت تعزيزات عسكرية إلى المدينة لمحاولة استعادة المناطق التي فقدها الجيش السوري، كما شنت الطائرات الروسية والسورية أكثر من 20 غارة جوية على مناطق في إدلب، ما أدى إلى مقتل شخص، بحسب ما نقله المرصد السوري.
فيما، قالت الفصائل السورية المسلحة إن قواتها سيطرت على مقر قيادة الشرطة في حلب، ومبنى المحافظة والقصر البلدي والساحة الرئيسية وسط المدينة، كما سيطرت على 14 حيا سكنيا غربي وجنوبي ووسط المدينة، بالإضافة لسيطرتها على مدينة سراقب في محافظة إدلب، التي تعد عقدة استراتيجية تربط بين حلب واللاذقية ودمشق.
وأكد مراقبون أن التطورات العسكرية التي تشهدها سوريا سببها ما تردد عن وجود صفقة سرية بين سوريا وتركيا تسمح بموجبها أنقرة لقوات الجيش السوري بالسيطرة على مدن الشمال، ما دفع المسلحون والمرتزقة بالتحرك عسكريا لوأد أى تفاهمات سورية – تركية لتطبيع العلاقات.
وأوضح المراقبون أن هيئة تحرير الشام الإرهابية ترى أن هذا التوقيت مثالي بالنسبة لها حيث تنشغل إيران وروسيا بصراعاتها وخلافاتها مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مؤكدين أن حزب الله لن يكون قادرا على تقديم أي دعم لقوات الجيش السوري في هذا التوقيت مع اعلان اتفاق وقف إطلاق نار بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يعني أن قيادات الحزب اللبناني ستخشى التحرك خارج لبنان خلال هذه الفترة خوفا من الاغتيالات.
وأشار المراقبون إلى أن المتطرف أبو محمد الجولاني قائد جبهة النصرة الإرهابية يحاول استعادة ثقة المقاتلين لا سيما المرتزقة بعد تشكيله لما تعرف بـ"هيئة تحرير الشام" في عام 2017، مؤكدين أن إقامة الجولاني خارج سوريا وتخليه عن العمليات العسكرية لسنوات أفقده الكثير والكثير بين مقاتلي هيئة تحرير الشام.
وقال الجيش السوري، إن الاشتباكات مع المسلحين على جبهتي حلب وإدلب أودت بحياة العشرات من جنوده، مؤكدا أنه أعاد انتشار قواته نتيجة تعدد جبهات الاشتباك مع أعداد كبيرة من المسلحين.
وأشار الجيش السوري إلى أن إعادة انتشار قواته تهدف لتدعيم خطوط الدفاع، وأنه يستعد لشن هجوم مضاد حينما يستكمل وصول التعزيزات العسكرية، مؤكدا أن المسلحين دخلوا أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب دون أن يتمكنوا من تثبيت نقاط تمركز لهم.
واعتبر الكرملين أن هجوم المسلحين يشكل "انتهاكاً لسيادة سوريا"، وأعلن عن تعزيز دعمه العسكري للجيش السوري. وفي المقابل، دعت تركيا إلى وقف الهجمات في إدلب ومحيطها، محذرة من تصاعد التوترات في المنطقة الحدودية.
هيئة تحرير الشاموتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل معارضة صغيرة على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة بمحافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة. وجرى اتفاق لوقف إطلاق نار في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس 2020 بواسطة روسيا الداعمة لسوريا، وتركيا الداعمة للفصائل السورية المسلحة، وأعقب هجوماً واسعا شنّته قوات الجيش السوري بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
وهيئة تحرير الشام وهي جماعة مسلحة متشددة تشكلت في يناير 2017 نتيجة اندماج فصائل متطرفة عدة، وكانت تعرف باسم جبهة النصرة، التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا قبل انفصال الطرفين في يوليو 2016.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على معظم مناطق محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وتديرها من خلال جبهة إدارية تسمى "حكومة الإنقاذ السورية". ويقود الهيئة أبو محمد الجولاني الذي كان يقود جبهة النصرة قبلها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا لبنان الولايات المتحدة المزيد المزيد هیئة تحریر الشام الجیش السوری جبهة النصرة فی سوریا فی شمال ما یحدث فی إدلب
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي فلسطيني لـ"البوابة نيوز": مصر وقطر لهما النصيب الأكبر من التأثير في هدنة غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال محمد جودة، المحلل السياسي الفلسطيني، إن مصر وقطر كان لهما النصيب الأكبر من التأثير باتفاق الهدنة الأخير بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار.
وأضاف جودة في حواره لـ "البوابة نيوز" أن الاتفاق كشف التباينات العميقة بين الفصائل الفلسطينية، خصوصًا بين حركتي فتح وحماس.
وإلى نص الحوار:
شهدت الأوضاع في غزة تطورات متسارعة خلال الفترة الأخيرة، أبرزها اتفاق وقف إطلاق النار، كيف تقيمون دور الوساطات الإقليمية والدولية في تحقيق هذا الاتفاق؟
الوساطات الإقليمية والدولية لعبت دورًا محوريًا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار. مصر وقطر كان لهما النصيب الأكبر من التأثير، نظرًا لوزنهما الإقليمي وعلاقاتهما مع الأطراف المختلفة. مصر، على وجه الخصوص، تعد لاعبًا رئيسيًا في هذا الملف بسبب موقعها الجغرافي ودورها التاريخي في القضية الفلسطينية. لديها القدرة على التواصل مع كافة الأطراف، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وتجري اتصالات مكثفة لنقل الرسائل وتقديم الضمانات. كما أنها تنسق مع القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان عدم تصعيد الأوضاع إلى كارثة.
أما قطر، فهي تقدم الدعم المالي وتساهم في إعادة إعمار قطاع غزة، وتحتفظ بعلاقات قوية مع قيادة حركة حماس، مما يمكنها من تقريب وجهات النظر والتنسيق مع المجتمع الدولي. هذه الوساطات تخفف التوتر وتقلل احتمالات التصعيد، وهو أمر حيوي لحماية المدنيين وضمان الالتزام بالاتفاق.
لكن يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار عمّق حالة الانقسام الفلسطيني. ما تعليقك على ذلك؟
بالفعل، الاتفاق كشف التباينات العميقة بين الفصائل الفلسطينية، خصوصًا بين حركتي فتح وحماس. غياب مشاركة فتح في مفاوضات الاتفاق يبرز غياب وحدة القرار الفلسطيني. فتح انتقدت توجهات حماس وقراراتها المنفردة، خاصة فيما يتعلق بمعركة 7 أكتوبر وما تبعها من نتائج كارثية على غزة.
في المقابل، حماس ترى الاتفاق إنجازًا للمقاومة وتعزيزًا لشرعيتها الشعبية، رغم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع. هذا الانقسام يضعف الحالة الفلسطينية ويجعلها عرضة للتدخلات الخارجية. ما لم يتحقق توافق فلسطيني على قاعدة الشراكة السياسية وبرنامج نضالي موحد، ستظل القضية الفلسطينية في وضع هش.
كيف ترى ردود الفعل الإسرائيلية على هذا الاتفاق؟
هناك انقسام داخل إسرائيل أيضًا، خاصة في الجناح اليميني المتطرف، الذي يرى الاتفاق تنازلاً لحماس. أصوات مثل سموتريتش وبن غفير تضغط على نتنياهو لفض الاتفاق واستئناف الحرب. نتنياهو الآن في موقف صعب؛ إما أن يعود للحرب أو يواجه احتمال إسقاط حكومته والدخول في انتخابات مبكرة قد تنهي مسيرته السياسية.
البعض يرى أن اتفاق وقف إطلاق النار هش ولا يعالج جذور الصراع. ما رأيك؟
أتفق تمامًا. الاتفاق ذو طابع إنساني بحت، يهدف إلى تبادل الأسرى وإدخال المساعدات، لكنه لا يتطرق إلى القضايا الجوهرية مثل الاحتلال والحصار وحقوق الفلسطينيين. دون حل سياسي شامل، سيظل الصراع مستمرًا، وسيكون هذا الاتفاق مجرد تهدئة مؤقتة.
هجوم 7 أكتوبر 2023 أثار جدلاً واسعًا. كيف أثّر على مسار القضية الفلسطينية؟
الهجوم أعاد الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية وأثار نقاشات حول جذور الصراع. كما أنه عرقل مسارات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية بسبب تصاعد التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين.
لكن التداعيات الإنسانية كانت كارثية على غزة، حيث دُمر القطاع بالكامل تقريبًا، وشُرد السكان، وقتل عشرات الآلاف. غزة الآن تواجه نكبة جديدة تفوق نكبة 1948.
البعض يرى أن الهجوم عزز موقف التفاوض لدى الفصائل الفلسطينية. ما رأيك؟
صحيح. حماس نجحت في استخدام ورقة الأسرى الإسرائيليين كورقة ضغط في المفاوضات. العجز الإسرائيلي عن استعادة الرهائن عسكريًا، إلى جانب الضغط الشعبي داخل إسرائيل، أجبر الحكومة الإسرائيلية على التفاوض. الوساطات المصرية والقطرية، بدعم أمريكي، كانت حاسمة في الوصول إلى هذا الاتفاق.
أخيرًا، كيف ترى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين؟
تصريحات ترامب خطيرة وتعيد للأذهان مخططاته السابقة في "صفقة القرن". يبدو أنه يسعى لفرض واقع جديد بالقوة، مما يتطلب موقفًا عربيًا موحدًا بقيادة مصر والأردن. الفلسطينيون يجب أن يكون لديهم موقف حاسم يرفض أي تهجير ويؤكد على حقهم في وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة. وحدة الصف الفلسطيني ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هذه المخططات.