روسيا تعزز تواجدها العسكري في ليبيا بالسيطرة على 3 قواعد جوية.. ما التداعيات؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
أثارت التقارير العسكرية الواردة حول قيام روسيا بتوسيع وتعزيز تواجدها العسكري في شرق ووسط ليبيا بعض التساؤلات عن دلالة الخطوة وما إذا كانت موسكو سترفض مغادرة الأراضي الليبية بعد إنفاقها الملايين على قواعد عسكرية هناك.
وكشفت صحيفة "التليغراف" البريطانية عن قام روسيا بتطوير إنشاءاتها العسكرية وزيادة أسلحتها في 3 قواعد جوية في ليبيا خلال 2024 وحده، مؤكدة خلال تقرير تحليل بيانات بصور الأقمار الصناعية، أن روسيا طورت المرافق في قاعدة براك الشاطئ وجددت مهبط طائرات مكّن الطائرات العسكرية من الهبوط في القاعدة.
"طرد حفتر وإبعاده"
وأكدت الصحيفة البريطانية عبر تقريرها التحليلي أن الطائرات العسكرية الروسية تواصل الهبوط والمغادرة من قاعدتي براك الشاطئ والجفرة في ليبيا، ما يشير إلى أن عمليات تسليم الإمدادات مستمرة، كما أنها أخضعت قاعدة "القرضابية" الليبية لعمليات تجديد واسعة للمدرجات وعملت على تحصينها وتعزيز الدفاعات المحيطة.
وأشارت التليغراف إلى أنه "وفقا لمعهد تحقيقات "سينتري" الأمريكي العسكري فإن قوات حفتر تحتاج أن تطلب الإذن من روسيا للوصول إلى هذه القواعد الجوية أو الهبوط فيها أو الإقلاع منها رغم أنها قواعد جوية على أراضي ليبية"، وفق معلوماتها.
ويأتي هذا التوسع وسط مطالبات دولية وأمريكية بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا خاصة مرتزقة "فاغنر" الروسية، ووصف الدول السبع لما تقوم به روسيا في ليبيا أنه "نشاطات خبيثة" يجب مقاومتها وإبعاد موسكو عن أزمة ليبيا.
فهل أصبحت مهمة إزاحة روسيا وطردها من ليبيا أمرا مستحيلا؟ وما دلالة هذه التعزيزات العسكرية الآن؟
"استعدادات لمواجهة أمريكا"
من جهته قال المستشار السياسي السابق لحفتر والمحلل السياسي الليبي، محمد بويصير إن "القصة ليست تطوير مزاجي من قبل موسكو بل هي استعدادات عسكرية كاملة للمواجهة مع أطراف الصراع الأخرى التي تريد إبعادها، خاصة مع استمرار الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية ومعها أتباعها في الغرب وبين روسيا وتحالفها الصيني الإيراني الذي يريد تغيير النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب"
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما يحدث في ليبيا ليس بعيدا عما يحدث في باقي الدول، فالحرب في أوكرانيا مثلا تعبر عن هذا الصراع القطبي، ولأنها وصلت إلى مرحلة حرجة يمكن أن تنزلق إلى مواجهة نووية يخسر فيها الجميع، فقد اختار الطرفان "أميركا وروسيا" التصعيد الأفقي بدلا من التصعيد الرأسي أي نقل المعركة إلى التخوم، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي التخوم، لذلك فتحت جبهة سوريا التي تمثل تجسيد واضح لانتقال الصراع إلى الشرق الأوسط، وفق تقديراته.
وتابع: "وفي شمال إفريقيا حيث التواجد العسكري الروسي في ليبيا يهدد بطن أوروبا الرخوة، يبرز اهتمام الغرب بتطور هذا الوجود وأتوقع أن تفتح جبهة جديدة في ليبيا، وتعزيز التواجد ليس من قبل روسيا فقط، فالغرب والأمريكان أيضا يدربون قوات ليبية محلية ويسلحونها ليوم المواجهة"، وفق تعبيره.
"تصرف منعزل يزعج حفتر"
في حين رأى الكاتب والصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهوساي أن "هذه التعزيزات وتوسع التواجد ليست جديدة، فطالما يتصرف الروس بشكل منعزل عن أي جهة محلية والتنسيق يكون فقط في جوانب بعينها مثل بعض المواد الغذائية الأساسية وأيضا عند الخروج في دوريات خارج هذه القواعد أو التنسيق الضروري في الرحلات الجوية التي تأتي إلى هذه القواعد وليس التي تخرج منها متجهة نحو إفريقيا.
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "العلاقات الروسية ممتازة الآن مع أغلب الأطراف الليبية وهناك تدريبات يشرف عليها الروس خارج القواعد الجوية المذكورة تقام في العادة في أماكن تدريب مخصصة مع إقامة فارهة للجنود الروس"، بحسب كلامه.
واستدرك قائلا: "لا شك أن القيادة العامة (حفتر) ليست سعيدة بعدم إحاطتها حول ما يجري في هذه القواعد بشكل منعزل عنهم وهو أمر مزعج لا شك لهم، لكن الروس لا يمكن أن يشركوا أحدا فيما يتعلق بعملهم داخل هذه القواعد والخدمات التي تقدمها لنفوذ موسكو في الخارج، وحفتر يعرف هذا جيدا لذلك يتجنب قدر الإمكان الصدام مع الروس من أجل هذه النقاط وإن كان ينزعج منها وتشعره بنوع من المهانة وعدم قدرته على السيطرة على كل شيء"، وفق تعبيراته.
"تنسيق روسي - أمريكي غير معلن"
لكن خبير العلاقات الدولية والأكاديمي الليبي، أسامة كعبار رأى من جانبه أن "روسيا تعزز من تواجدها في ليبيا، كون الأخيرة بوابة إفريقيا تاريخيا، والطموحات الروسية كبيرة في أفريقيا، وفي بداية تواجدها في قاعدة الجفرة، تمكنت روسيا من طرد فرنسا من العديد من الدول الأفريقية، النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وعززت من تواجدها في السودان دعما لقوات "حميدتي".
وأكد لـ"عربي21" أن "التوسع الروسي يدل على أن ليبيا مهمة في الاستراتيجية الروسية للأمن القومي، وأحداث سوريا ولعب روسيا دور على استحياء يدلل على أن هناك تفاهمات، وخاصة أن الاعتراض الأمريكي على تواجد الروس في ليبيا هو اعتراض أدبي أمام حلفائهم الأوروبيين، ولا يبرز أي إصرار أمريكي على مغادرة قوات موسكو".
وتابع: "تعزيز التواجد، مع التحولات المهمة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الانفراجة المرتقبة في الحرب الروسية-الاوكرانية، لصالح روسيا، يشير إلى أن هناك تفاهمات بين أميركا وروسيا بالمقام الأول، وتركيا أيضا، فواشنطن لن تعترض على موسكو طالما أن المصالح الأميركية غير مهددة، وهذا ما حدث في دول الساحل والصحراء، تم طرد فرنسا وتقاسمت أمريكا وروسيا النفوذ"، بحسب تحليله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية روسيا ليبيا فاغنر ليبيا روسيا طرابلس شمال أفريقيا فاغنر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه القواعد فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
بعد تهديد ترامب للشرق الأوسط.. ما الدور الذي تقوم به القواعد العسكرية الأمريكية؟
بعد مطالبة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أمس الاثنين، بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة "فوراً" قبل 20 كانون الثاني/يناير القادم. تسأل البعض عما يهدد به ترامب الشرق الأوسط.
ففي منشور على حسابه عبر منصة "تروث سوشيال"، قال ترامب: "الجميع يتحدثون عن الأسرى، الذين يتم احتجازهم ضد إرادة العالم أجمع في الشرق الأوسط، إلا أن كل هذا مجرد كلام ولا يوجد فعل!".
وهدد ترامب قائلاً: "إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم يدفع ثمنه في الشرق الأوسط".
واعتبارا من 20 كانون الثاني/يناير المقبل، يتوجه ترامب وحكومته الجديدة لإدارة البلاد، بعد فوزه الشهر الماضي على مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية.
واختتم ترامب بالقول: "سيتعرض المسؤولون عن هذه الفظائع لضربة أقوى من أي ضربة شهدها التاريخ الطويل والحافل للولايات المتحدة... أطلقوا سراح الأسرى الآن!".
وبعد هذا التهديد٬ يطرح السؤال هل من الممكن أن يستغل ترامب القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط في تنفيذ هذا التحذير؟ وهو ما يدفعنا للحديث عن الدور الذي تقوم القواعد العسكرية في المنطقة.
30 ألف جندي
يتمركز نحو 30 ألف جندي أمريكي بشكل دائم في عشرات القواعد العسكرية المنتشرة في أكثر من 15 دولة في الشرق الأوسط وفقًا لأرقام وزارة الدفاع الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، تتغير أعداد الجنود بحسب المناسبات والظروف، مع وجود ترسانة ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة.
كما تتواجد الأساطيل الحربية الأمريكية بشكل دائم في المياه المحيطة بالمنطقة، مع تعزيزات مؤقتة في أوقات التوتر والأزمات.
وخلال فترة ولاية الرئيس السابق باراك أوباما بين عامي 2008 و2016، اتجهت الولايات المتحدة نحو تخفيض وجودها العسكري في الشرق الأوسط، حيث انخفض عدد القوات الدائمة من 74 ألفاً في عام 2008 إلى 28 ألفاً في عام 2016.
ولم يكن الرئيس السابق دونالد ترامب متحمساً للعمليات العسكرية الخارجية. لكن الأزمة المتصاعدة مع إيران منذ عام 2019 أجبرت الولايات المتحدة على تعزيز قواتها مجدداً للحفاظ على مصالحها في المنطقة.
ومنذ عام 2019 دعمت أمريكا استراتيجية التركيز على القوات الجوية والبحرية وفرق المارينز، في حين قلصت عدد قواتها البرية في المنطقة.
وتحصل القوات الأمريكية على تسهيلات واسعة تشمل المناورات العسكرية المشتركة، وحق استخدام المجال الجوي والموانئ والمطارات والمعسكرات، بالإضافة إلى خدمات الوقود والصيانة وتخزين الأسلحة في معظم دول المنطقة. هذه التسهيلات تمنح القوات الأمريكية حرية ومرونة كبيرة في الحركة برا وجوا وبحرا.
حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية
تهدف الولايات المتحدة من وجودها العسكري إلى حماية مصالحها في المنطقة، والقضاء على ما تسميه "الجماعات الإرهابية"، ودعم حلفائها الإقليميين، وإجراء التدريبات والمناورات العسكرية وتقديم المشورة. كما تعمل على تأمين تدفق المساعدات العسكرية الحيوية للاحتلال الإسرائيلي.
كما دعمت أمريكا وجودها العسكري في المنطقة بأساطيل حربية ضخمة، منها الأسطول السادس في البحر المتوسط، والأسطول السابع في المحيط الهندي وبحر العرب. تتمركز هذه الأساطيل بشكل دائم في البحار المحيطة بالمنطقة، وتحمل ترسانة كبيرة من الأسلحة، وتضم قوات بحرية وبرية وجوية.
وعززت واشنطن هذا العدد دعمًا للاحتلال الإسرائيلي بعد معركة "طوفان الأقصى" التي استهدفت مستوطنات غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بنشر حاملة الطائرات الهجومية "يو إس إس جيرالد فورد"، التي ترافقها قوة بحرية تضم نحو 5 آلاف من جنود البحرية ومجموعة من الطائرات الحربية والطرادات والمدمرات.
كما ألحقت بحاملة الطائرات "آيزنهاور"، التي تعمل بالطاقة النووية وتحمل على متنها حوالي 5 آلاف جندي. يمكن لحاملة الطائرات حمل ما يصل إلى 9 أسراب من الطائرات، بما في ذلك مقاتلات وطائرات هليكوبتر وطائرات استطلاع، بالإضافة إلى الطرادات ومدمرات الصواريخ.
وأرسلت الولايات المتحدة أيضًا إلى المنطقة 900 عنصر من وحدات التدخل السريع، بهدف دعم جهود الردع الإقليمية وتعزيز قدرات حماية القوات الأمريكية. وضعت نحو 2000 فرد في حالة استعداد عالية للانتشار، وعززت أنظمة الدفاع الصاروخي في المنطقة.
الميزة العسكرية الأمريكية وتأثيراتها
ووفقا لدراسة المقدم في القوات الجوية الأمريكية٬ والزميل العسكري في معهد واشنطن٬ ناثان أولسن٬ فتتمثل أكبر ميزة عسكرية دائمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط في إمكانية الوصول وبناء القواعد والحق في عبور المجالات الجوية.
حيث يمتلك الجيش الأمريكي جنود ينتشرون في جميع أنحاء المنطقة ويشاركون في التعاون الأمني مع الشركاء الإقليميين. غالباً ما يضمن الوجود العسكري الكبير إمكانية وصول الولايات المتحدة إلى القادة العسكريين والمدنيين الرئيسيين، مما يسمح بالحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية في أوقات التوترات الدبلوماسية أو الاقتصادية.
وأضافت الدراسة أن الولايات المتحدة، تتمتع بفضل العلاقات المبنية عبر الأنشطة العسكرية الإقليمية، بقدرة لا تضاهى على الحصول على تصاريح سريعة لإمكانية الوصول وعبور المجالات الجوية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، إمكانية الوصول المباشر إلى قناة السويس التي تمنحها الحكومة المصرية غالباً للبحرية الأمريكية لتمكينها من المرور العاجل. هذا يمكن القوات الأمريكية من إجراء مجموعة واسعة من المهمات في المنطقة خلال مهلة قصيرة.
تبديد الشكوك وتعزيز الشراكات
ويرى الباحث أن المستقبل يعتمد على إمكانية وصول الولايات المتحدة وبناء قواعدها وحقها في عبور المجالات الجوية في المنطقة على نجاحها في تبديد الشكوك حول التزامها المستمر بأمن شركائها. لذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لاحتواء الأنشطة الإقليمية والنووية لإيران، ومساعدة شركائها على الرد بالمثل على الأعمال العدوانية. هذا يتطلب إقامة شراكات حقيقية كما هو موضح في "استراتيجية الأمن القومي" لإدارة بايدن.
قواعد مدى الحياة
في العقد الأخير من القرن العشرين، تحول الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط إلى طابع دائم ومنظم، مع إنشاء قواعد عسكرية تضم قوات دائمة، بدلاً من التسهيلات المؤقتة التي كانت محدودة النطاق.
وشكلت حرب الخليج الثانية عام 1991 نقطة تحول رئيسية، حيث نشرت الولايات المتحدة أكثر من 500 ألف جندي في السعودية ضمن عملية "درع الصحراء"، التي شارك فيها إجمالاً 697 ألف جندي أميركي، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع الأميركية.
وأدت هذه التحولات إلى تمكين الولايات المتحدة من إنشاء قواعد عسكرية استراتيجية في المنطقة، ما أتاح لقواتها تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق، تشمل الهجمات البرية والبحرية والجوية.