العراق يفتح قلبه وحدوده: قصص اللاجئين اللبنانيين تشيد بالكرم
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
4 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: مع صمود الهدنة بين إسرائيل وحزب الله، بدأ اللاجئون اللبنانيون الذين فروا إلى العراق خلال الصراع الأخير العودة إلى ديارهم. في مطار النجف، توافد عشرات اللبنانيين منتظرين رحلاتهم إلى بيروت، حيث تستقبلهم مشاعر مختلطة من الأمل والترقب رغم الدمار الواسع الذي خلفته الحرب.
أم زينب، إحدى النازحات العائدات إلى لبنان، قالت : “الشعب العراقي احتضننا كأهل وليس كغرباء.
علي عبد الله، أحد العائدين إلى جنوب لبنان، تحدث بشجاعة قائلاً: “إذا وجدنا بيوتنا مدمرة، سنفترش التراب ونجلس في أرضنا. لن نترك هذه الأرض مهما كان الثمن.” كلمات تعكس التمسك العميق بالأرض وروح الصمود التي تميز أبناء الجنوب.
من جانبه، قال يوسف بركات، وهو ينتظر رحلته مع عائلته: “العودة إلى الوطن كانت أسرع مما كنا نتوقع. العدو الإسرائيلي ترك دمارًا كبيرًا، لكن بفضل سواعد المقاومة والشعب الصامد تمكنا من الوصول إلى وقف لإطلاق النار. العودة الآن واجب علينا لنواصل البناء.”
الأرقام الرسمية تشير إلى أن أكثر من 20 ألف لبناني لجأوا إلى العراق خلال الحرب، حيث وفرت لهم السلطات العراقية بيئة داعمة.
وفي النجف وكربلاء، قدمت مؤسسات شيعية والحكومة العراقية الدعم اللازم، بما في ذلك إقامة مجانية، رعاية صحية، ووجبات طعام. يقول مسؤول عراقي: “أردنا أن يشعروا بأن العراق هو وطنهم الثاني، وهو ما عبر عنه كثيرون بامتنان واضح.”
علي عبد الله، رب أسرة من جنوب لبنان، اضاف: “العراق فتح أبوابه وقلبه لنا، وقدم كل ما نحتاجه من مأوى ورعاية. حين نعود إلى لبنان، نحمل معنا ذكريات طيبة ودعاءً لهذا الشعب العظيم الذي كان معنا في أصعب الظروف.”
وقد شكر العائدون الكرم العراقي في تصريحات متفرقة.
أم زينب، وهي أم لثلاثة أطفال، قالت: “الشعب العراقي فتح لنا أبوابه، لم نشعر للحظة بأننا غرباء. لن ننسى هذا الكرم ما حيينا.”
ريم بركات، شابة لبنانية كانت تقيم في النجف، تتحدث: “العراقيون أظهروا لنا معنى التضامن الإنساني. من اللحظة الأولى لوصولنا، استقبلونا بحفاوة وقدموا كل ما يمكنهم لمساعدتنا. الكلمات تعجز عن التعبير عن امتناننا لهذا الكرم الكبير.”
ومع تصاعد القتال في سوريا، فضل العديد من اللاجئين انتظار الرحلات الجوية بدلاً من المخاطرة عبر الطرق البرية. يوضح مسؤول في مطار النجف: “نعمل بجهد لضمان عودة العائلات بسلام. هناك نحو 800 لبناني يغادرون أسبوعياً عبر المطار، بينما يختار البعض السفر عبر الحدود إلى سوريا.”
تظل الهدنة في لبنان بارقة أمل للعائدين، لكنها أيضاً اختبار لصمودهم وقدرتهم على إعادة بناء حياتهم وسط مشاهد الخراب. العودة ليست مجرد رحلة جغرافية، بل هي أيضاً خطوة نحو استعادة الهوية والكرامة التي تهدمت مع منازلهم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
تحية إلى الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه
آخر تحديث: 6 يناير 2025 - 10:08 صبقلم:د. بدر العنزي يحيي العراقيون اليوم الاثنين 6 يناير الذكرى الرابعة بعد المئة لتأسيس الجيش، الذي تزامن مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ما يدعو لاستحضار محطات بارزة في مسيرة أحد أقدم جيوش المنطقة العربية في العصر الحديث.وكان للجيش العراقي دور بارز في التمهيد لبناء الدولة العراقية عام 1921، وسجلت له مواقف عالقة في الأذهان منها مشاركته الكبيرة والفاعلة في حرب فلسطين عام 1948، وإنقاذه لبغداد التي عانت من فيضان نهر دجلة 1954، الذي هدد العاصمة العراقية وسكانها، فضلا عن دوره الكبير في الدفاع عن القضايا العربية.ومنذ تأسيس الفوج الأول (فوج موسى الكاظم) للجيش العراقي عام 1921، والعراق يحتفي بهذه المناسبة سنويا. وتشير الدكتورة رجاء حسين حسني الخطاب في كتابها عن تأسيس الجيش العراقي وتطور دوره السياسي (1941_1921)، بأن “تاريخ العسكرية في العراق ضارب في القدم ويخبرنا التاريخ أن أول الجيوش التي عرفها الإنسان تشكلت على هذه البقعة من الأرض، بداية من الممالك السومرية مرورا بالإمبراطورية الأكادية والبابلية وصولا للقرن التاسع قبل الميلاد حين وضع الآشوريون الأسس التي يعرفها العالم اليوم لبناء وتشكيل الجيوش النظامية.” وبنى العراق منذ تأسيسه عام 1921، هذا الجيش على أسس وطنية وقومية، ومارس الفعل القومي عبر مراحل مسيرته وله بصمات شاهدة وحية في التاريخ الحديث وحتى الآن في فلسطين والأردن وسوريا ومصر واليمن والجزائر، وفي الأحواز العربية وبلوشستان، وله بصمات في تدريب عدد كبير من الضباط العرب.وحتى حين كان يتلقون التدرب من الضباط والطيارين والمراتب العراقيين في الأكاديميات العسكرية بمصر وبريطانيا والولايات المتحدة وباكستان وغيرها، كان الضباط والطيارون العراقيون يتميزون عن أقرانهم في جميع الفعاليات التدريبية، وينالون الشهادات التقديرية على هذا التميز. وحين نتحدث عن الجيش العراقي بكل صنوفه فإننا نتحدث عن جيش ترك أثرا وحضورا تاريخيا كبيرا ومهما في كل المشاركات التي حضرها، وهذه مآثر الشهداء في أرض فلسطين لا زالت شاخصة ولا زال التاريخ يتحدث عن بطولات الجيش العراقي على أرضها عام 1948 وعلى أرض الأردن عام 1967، وكانت الطلعة الأولى للطيارين العراقيين في حرب 1973 على (تل أبيب)، واستشهد ستة طيارين عراقيين في اليوم الأول من القتال، ومهد ذلك لتقدم القوات المصرية على أرض سيناء واقتحام خط بارليف (أشار السادات إلى ذلك في أكثر من مناسبة). وكان للجيش العراقي الدور الكبير في إيقاف زحف القوات (الإسرائيلية) على دمشق عام 1973، وشارك في المعركة دون تحضيرات سابقة وأوقف زحف جيش العدو الذي اقترب من أسوار دمشق ورده وأجبره على التراجع والاندحار وكبده خسائر فادحة.ودخلت (إسرائيل) في حالة من الذهول والصدمة بالمشاركة الفاعلة للجيش العراقي في حرب 1973 رغم ما كانت تنفقه من أجل مراقبة تحركاته ومنعه. ورفع الحظر عن برقية إسرائيلية سرية بعد 47 عاما مفادها أن “دمشق كانت تفاحة جاهزة بين أيدينا، لكن الجيش العراقي حرمنا منها.” واستمر جيش العراق بالزحف لتحرير الجولان في معارك طاحنة، ولولا إيقاف القتال من الجانب السوري لتحررت أرض الجولان على يد مقاتلي الجيش العراقي.وتشهد أرض القنيطرة أنها تحتفظ برفات عدد كبير من الشهداء ولازالت المنطقة التي عسكر فيها الجيش العراقي بعد صده قوات العدو تسمى (العراقيات) ومعروفة لدى أهل الشام حتى الان. ومر الجيش العراقي بسلسلة أحداث مفصلية في تاريخه، خاض فيها 16 حربا، حقق فيها علامات مضيئة، لاسيما في الحروب العربية ضد إسرائيل. وجاء العدوان الإيراني على العراق في الرابع من سبتمبر 1980، والرد العراقي في الثاني والعشرين من سبتمبر 1980 على هذا العدوان في حرب استمرت ثماني سنوات. وكان الجيش العراقي قد دخل الحرب وقواته بحدود ثماني فرق عسكرية مع بعض الألوية والأفواج الخاصة، وانتهت الحرب عام 1988 بانتصار العراق عسكريا ومعنويا.غير أن هذا لم يكن يريح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وعملاءهما، فدفعت هذه الدول للقيام بأعمال وممارسات لإلحاق الأذى بالعراق والاقتصاد العراقي، وهو مجهد اقتصاديا من حرب ضروس لمدة ثماني سنوات، فعملت تلك الدول على تقويض الاقتصاد العراقي في حرب واضحة ولكنها غير عسكرية، وكانت الكويت في المقدمة. ونبه العراق عبر كل قنوات التواصل الدبلوماسي والإعلامي ووساطة رؤساء عرب من الدور الخبيث الذي تضطلع به تلك الدول من تآمر على العراق. ولكن استمرار العدوان دفع العراق للدفاع عن نفسه باكتساح الكويت في خطوة رد فعل لم تكن محسوبة النتائج، وبهذا سنحت الفرصة لكل أعداء العراق ليتفقوا على تدميره وتدمير قوته وإمكانياته العسكرية، وهذا ما حصل عام 1991 حيث نجح أعداء العراق وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وإيران.ورغم حجم العدو وإمكانياته وغدر الغادرين والخسائر الكبيرة التي تعرض لها العراق، لكن الجيش العراقي استطاع أن يحقق ضربات صاروخية مهمة في عمق الكيان الصهيوني، واستخدم العدو كل القدرات العسكرية التي مكنته من النيل من الجيش العراقي وتحطيم قدرته وآلته العسكرية من خلال تسيد العدو للأجواء. ويعرف الأعداء جيدا أن العراق سينهض من جديد، فلذلك طوقته من كل الجوانب ففرض عليه حصار قاس حرمه من الدواء ومن الاستيراد والتصدير وألزمه بقيود وقرارات دولية ظالمة ومجحفة بحقه، وغلق كل أبواب وفرص النهوض والتقدم من جديد وبشكل خاص في إعادة بناء الجيش العراقي الذي لحق به دمار كبير في تجهيزاته العسكرية وقدم الآلاف من الشهداء، غير أن العراق وبعمق تاريخه وحضارته، بلد يتحدى المستحيل، واستطاع أن يقاوم الحصار وينهض من جديد بإمكانات أقل ما نقول عنها ضعيفة.وحين لمس الأعداء تنامي النهوض والقدرات وتطورها، سارعوا إلى تقويض النظام من خلال الاحتلال المباشر في أبريل عام 2003، وكان أول قرار لقوات الاحتلال، هو حل الجيش العراقي لإنهاء وجوده وفعاليته وخطره المستقبلي عليهم، وكان أكبر الأهداف باحتلال العراق هو إنهاء الجيش العراقي وإيقاف تأثيره بالمنطقة وبالتالي إيقاف تأثير العراق السياسي الذي بات واضحا بعد عشرين عاما من الاحتلال. ولابد من الإشارة إلى أن أول تشكيل للمقاومة العراقية بعد الاحتلال كان من رجال القوات المسلحة ومجاميع أخرى من المدنيين وكان يقودهم بشكل مباشر الرئيس الراحل صدام حسين.إن الأمانة التاريخية تقتضي ونحن نتحدث عن الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه، التأكيد على السمات التي اتسم بها الجيش العراقي ومنها، الشجاعة الفائقة والمميزة التي يشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، وكذلك الإيمان الذي يمنح المقاتل القدرة على مجابهة العدو حتى أنه امتلك أعلى القدرات العسكرية بأضعف الإمكانيات، كما أنه يمتلك قدرة الإبداع والمناورة والمبادرة. وتتسم الشخصية العسكرية العراقية بالقدرة القيادية الخلاقة، فلذلك برز قادة عسكريون في الميدان أبهروا العدو بإقدامهم، والتف حولهم المقاتلون لقوة تأثيرهم القيادي، ومنهم الراحل عبدالجبار شنشل، والراحل هشام صباح فخري، والراحل إياد فتيح الراوي، والراحل بارق الحاج حنطه، والراحل سلطان هاشم والراحل سعدي طعمة، وقيس الأعظمي، وحسين التكريتي، والراحل ماهر عبدالرشيد، وغيرهم العشرات من القادة الذين حفروا أسماءهم على لوح التاريخ في سفر الجيش العراقي. ولابد أن نؤكد حقيقة تاريخية فريدة، بأن الأفعال العظيمة يصنعها ويقوم بها الرجال العظام الذين يصنعون تاريخ بلدهم، فكانت القيادة الفريدة في تفاصيلها والعميقة في فعلها والتي كان لها الدور المباشر في تنامي ورفع القدرات العسكرية للجيش العراقي، تعود لقيادة الراحل صدام حسين الذي أسس وأرسى كل إمكانيات النجاح والتطور للقدرات العسكرية للجيش العراقي، واهتم بالمقاتل وملبسه وطعامه وعلاجه وعدة قتاله. وقد اهتم الراحل بالمصانع بدءا من صنع الملابس والتجهيزات الأخرى إلى الصناعات العسكرية المتنوعة لتجهيز القوات المسلحة بالكثير من أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والصواريخ القريبة وبعيدة المدى والقطع العسكرية الأخرى، إضافة إلى الأكاديميات العسكرية. وكل هذه الأمور، جعلت الجيش العراقي رابع قوة عسكرية في العالم.إن استعراض مآثر الجيش العراقي لا تسعها مجلدات لأن أفعال هذا الجيش عظيمة وكبيرة عبر مراحل بناءة ومشاركاته في الحروب العربية والعراقية، خاصة الفترة من يوليو 1968 ولغاية الاحتلال في أبريل 2003، ولا يسعنا في هذا الإطار إلا أن نحيي هذا الجيش في ذكرى تأسيسه.