يمانيون../
في ضوء الحرب الصهيونية على محور المقاومة، خاصة على لبنان، وقبلها الاعتداءات “الإسرائيلية” شبه اليومية على سورية، والتي اشتدت وتيرتها خلال الحرب الأخيرة على “بلد الأرز”، بهدف محاولة إضعاف المقاومة في لبنان، من خلال ضرب خطوط إمدادها عبر الأراضي السورية، وذلك وفقًا للحسابات الصهيونية، في هذا التوقيت بالذات، وجد النظام التركي الفرصة سانحةً لإعادة “الاستثمار السياسي بالمجموعات التكفيرية الإرهابية المسلحة” المنتشرة في الشمال السوري، من خلال دفع الإرهابيين في اتجاه مدينة حلب وأرياف محافظتي إدلب وحماه، على اعتبار أن روسيا منشغلة في الحرب مع أوكرانيا، وأن المقاومة تولي الشأن اللبناني والدفاع عن لبنان، أولى أولوياتها، في محاولةٍ تركيةٍ لفرض واقعٍ ميدانيٍ جديدٍ في سورية، يعزز موقع أنقرة وأوراقها التفاوضية في سورية والمنطقة، قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، البيت الأبيض، في بداية العام المقبل، كي يكون النظام التركي حاضرًا بقوةٍ في أي تسويةٍ مقبلةٍ قد تنهي مسلسل المأساة الذي تعاني منه المنطقة، وربما إعادة “تشكيلها” مجددًا.

كذلك، لا ريب أن تركيا ستستخدم التمدد الإرهابي التكفيري المستجد في الشمال السوري، للضغط على دمشق، لإعادة تطبيع علاقاتها الثنائية مع أنقرة، وفقًا لشروط الأخيرة، وقبل إنهاء احتلالها لأجزاء من الأراضي السورية، والكف عن دعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقوّض الاستقرار السوري، الأمر الذي ترفضه الحكومة السورية رفضًا قاطعًا.

ولا ريب أيضًا، أن تمدد التكفيريين المذكور، يشكّل نقطة تقاطعٍ بين النظام التركي والكيان الصهيوني، فكلاهما يحاولان عرقلة “المشروع السياسي المقاوم” في المنطقة، تحت مسمى “نشر الاعتدال”، وذلك من خلال إضعاف الدور السوري في دعم حركات المقاومة في المنطقة، تحديدًا من خلال ضرب خطوط إمداد المقاومة الإسلامية في لبنان، عبر الأراضي السورية، وهذا الأمر عبّر عنه بوضوحٍ رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إثر موافقة حكومتة على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان أواخر الشهر الفائت.

وتتقاطع هنا أيضًا مصلحة الولايات المتحدة التي تقتضي بضرب كل الحركات والتيارات المعادية “لإسرائيل”، والممانعة لهيمنة واشنطن على قرار شعوب هذه المنطقة ومصيرها. بناء على كل ما تقدم، خرجت المجموعات الإرهابية المسلحة التي تأتمر بأمر النظام التركي من جحورها، وتقدمت نحو حلب وأرياف حماه وإدلب. ولم يتنصل هذا النظام منها، وأعطى لنفسه الذريعة

بتحريك هؤلاء الإرهابيين، بعد اتهامه سورية، روسيا، وإيران أنها لم تلتزم بمقرارات “اتفاق آستانا”، لذا كان تركيز الناطق باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي، على العامل الكردي، إذ قال إن بلاده: “تتابع عن كثب التطوّرات التي تدفع إلى توتّرات، يمكن أن يستفيد منها الإرهابيون (الأكراد) الموجودون في منطقتَي منبج وتل رفعت”.

وأضاف أن “اتفاقات آستانا تنصّ على تنظيف المنطقة من الإرهابيين أي (التنظيمات الكردية)، وهو ما لم تطبّقه الجهات الراعية لآستانا، الأمر الذي يضاعف قلقنا”. وكان وزير الخارجية التركية حاقان فيدان قد اعتبر أن “تمدد الإرهابيين في الشمال السوري سينهي الإرهاب في الداخل والخارج”، في إشارةٍ قويةٍ إلى سعي أنقرة للانتهاء من مسألة وجود “قوات سورية الديمقراطية” في شرق الفرات ومناطق تل رفعت ومنبج.

ميدانياً، تنفي مصادر سياسية سورية علمها بالأسباب المباشرة التي أدت إلى سيطرة المجموعات التكفيرية على مدينة حلب. ولكنها تعتبر أن “الانفتاح العربي على دمشق، ومشاركتها في لقاءات آستانا، دفعها إلى تخفيف بعض الإجراءات الحربية، كتسريح عددٍ كبيرٍ من الجنود الاحتياطيين، وبالتالي تراجع عديد القوات المسلحة المنتشرة على الأرض، لذا فقد استغل رعاة الإرهاب هذا الظرف، ودفعوا عدد كبير من الإرهابيين إلى حلب عبر مناطق خفض التصعيد التي تقتصر على نقاطٍ أمنيةٍ مخصصة لمراقبة تنفيذ اتفاق “خفض التصعيد على الأراضي السورية 2017″، برعاية كل من روسيا وإيران وتركيا”. وترى المصادر عينها أن “تخفيف الإجراءات الحربية، قد يكون السبب الذي دفع قوات الجيش والأمن إلى الانسحاب من حلب أيضًا”.

يذكر أن مطار حلب الدولي، والقواعد الجوية في محافظة حلب هي خارجة عن الخدمة في الوقت الراهن.

في الشأن الميداني أيضاً، تؤكد مصادر ميدانية أن الهجوم السوري- الروسي الجوي المعاكس على تجمعات المسلحين وأوكارهم، بدأ فعليًا ليل السبت الفائت. وركزت القوات البرية على تطهير محافظة حماه من الإرهاب”، لافتة إلى أن انسحاب المسلحين من الريف الحموي في اتجاه محافظتي حلب وإدلب، دليل واضح على أن ليس لديهم العديد الكافي للانتشار في الشمال السوري والوسط أي (محافظة حماه).

في النتائج، يبدو أن هناك مصلحةً مشتركةً لغالبية القوى المؤثرة في سورية، مما حدث مؤخراً من تطوراتٍ ميدانيةٍ في الشمال، لعلها تدفع إلى تغيير المشهد الراهن في سورية، من خلال إعادة تحريك المسار السياسي فيها، خصوصًا إذا إتجهت الإدارة الأميركية المقبلة نحو تطبيق خطة سلام في الشرق الأوسط، لذا صار لزامًا عليها التخلص من الإرهابيين. كذلك قد تعيد سورية وروسيا وضع ملف الوجود التكفيري المسلح في إدلب، على طاولة البحث، بعد التمدد التكفيري المذكور آنفًا.

كذلك قد تستغل “إسرائيل” ومن خلفها الولايات المتحدة التطورات الأخيرة في سورية، كي تمارسا الضغط على دمشق، لقطع خطوط إمداد المقاومة في لبنان. ومن النتائج أيضًا، الالتفاف العربي حول سورية، وإن يكن بالموقف، خلافًا لما كان عليه الوضع في العام 2011.

العهد الإخباري – حسان الحسن

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی الشمال السوری الأراضی السوریة النظام الترکی فی سوریة من خلال

إقرأ أيضاً:

ما الفصائل المسلحة التي تهاجم النظام في شمال سوريا؟ وماذا حققت؟

الهجمات المتواصلة في شمال سوريا هي الأكبر من نوعها في البلاد منذ انحسار رقعة العمليات العسكرية لصالح قوات النظام السوري في البلاد، وبينما تغيب الحدود التي ستكون عليها خرائط السيطرة في الأيام المقبلة تثار تساؤلات عن أسماء الفصائل التي تتولى قيادة العمليات على الأرض وخلفياتها وطبيعة مقاتليها.

وسيطرت هذه التشكيلات العسكرية حتى الآن على مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية من حيث كثافة السكان.

وبعدما عملت خلال الأيام الماضية على تأمين ما حققته في الميدان، من خلال السيطرة على المطارات الواقعة في أرياف حلب، وكذلك الأمر بالنسبة للأكاديميات والثكنات العسكرية تسعى الآن لدخول مدينة حماة وسط البلاد.

كيف بدأت قصة الهجوم؟

الهجوم الذي أفضى عن خروج حلب وكامل أريافها عن سيطرة النظام السوري بدأ الأربعاء الفائت، تحت شعار "ردع العدوان"، وقادته فصائل مسلحة أطلقت على نفسها "إدارة العمليات العسكرية".

وكان هذا الهجوم انطلق أولا من الأرياف الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال غربي البلاد، من أطراف محافظة إدلب والأطراف الغربية لمحافظة حلب، واستهدف بالتحديد أولا الدخول إلى حلب والسيطرة على أحيائها. وهو ما حصل بالفعل.

وفي المقابل، وبعد دخول فصائل "ردع العدوان" إلى حلب، التي توصف بالعاصمة الاقتصادية، شنت فصائل مسلحة أخرى هجوما من الجهة الشرقية للمدينة، ووضعته ضمن نطاق شعار "فجر الحرية".

وبينما كانت الأطراف الأولى تعمل على تمشيط أحياء حلب وتستكمل عملياتها العسكرية للسيطرة على حدود إدلب الإدارية بدأت الأطراف الأخرى بالإعلان عن السيطرة على مواقع "استراتيجية" من مطارات وثكنات وغيرها، قالت إنها كانت تخضع لسيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية وقوات النظام السوري.

"وقعت بالفخ".. مستشار خامنئي يستهدف تركيا بتصريحات حادة استهدف كبير مستشاري المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، تركيا ووزير خارجيتها هاكان فيدان بتصريحات حادة واصفا أن أنقرة "وقعت في فخ إسرائيل وأميركا". ما هي فصائل "ردع العدوان"؟

يوضح الباحث في شؤون جماعات ما دون الدولة، عمار فرهود، أن الفصائل التي تقود الهجوم في كل من حلب وإدلب وحماة تنقسم على غرفتي عمليات: "ردع العدوان"، "فجر الحرية".

وتتألف إدارة العمليات الأولى مما يعرف بـ"غرفة عمليات الفتح المبين"، وبعض الفصائل التابعة لتحالف "الجيش الوطني" السوري، المدعوم من أنقرة.

ينضوي في "الفتح المبين" كلا من فصائل: "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية)، "فيلق الشام"، "جيش الأحرار"، "حركة أحرار الشام"، "جيش العزة"، الذي كان سابقا ضمن إطار "الجيش السوري الحر".

ويتحالف مع الفصائل المذكورة مجموعات أخرى من "الجيش الوطني"، بينها "الجبهة الشامية"، "حركة نور الدين الزنكي"، وفصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي كانت محسوبة سابقا أيضا على "الجيش السوري الحر".

ويضيف فرهود لموقع "الحرة": "الأعمال العسكرية لا تشمل فقط هيئة تحرير الشام. هي رأس حربة الهجوم مع فصائل إسلامية أخرى بسبب طبيعة التدريب الذي تلقاه مقاتلوها في السابق، فضلا عن العقيدة المختلفة".

ويتابع: "كما أن تحرير الشام غير قادرة على تغطية كل محاور القتال"، ولذلك ينتشر على الأرض مقاتلون من فصائل عسكرية أخرى مناهضة للنظام السوري، وجزء كبير منهم من أبناء المنطقة (يشمل ذلك حلب وحماة وإدلب).

شمال سوريا.. كيف حولت "المسيّرات" دفة الصراع ضد الأسد؟ قبل بدء هجوم الفصائل المسلحة في شمال سوريا فرض النظام السوري وقواته مشهدا عسكريا على طول خطوط الجبهات وفي عمق المناطق الخارجة عن سيطرته، واستخدم بذلك طائرات مسيّرة انتحارية، منها ما كان يصيب الهدف بدقة وأخرى ترمي القنابل والقذائف من الجو. ماذا عن "فجر الحرية"؟

في المقابل تتبع فصائل غرفة عمليات "فجر الحرية"، التي تشن الهجمات من جهة مدينة حلب الشرقية لتحالف "الجيش الوطني السوري"، المدعوم من تركيا.

وتولت هذه الفصائل منذ يوم السبت مهمة الهجوم على مواقع السيطرة المشتركة بين قوات النظام السوري والوحدات الكردية في ريف حلب.

ومن بين تلك المواقع تل رفعت ومطار منغ، العسكري ومطار كويرس. وهذه المناطق خرجت بكاملها عن سيطرة النظام والمسلحين الأكراد بشكل نهائي.

وتضم غرفة العمليات المذكورة كلا من فصائل: "فرقة السلطان مراد"، "فرقة السلطان سليمان شاه"، "فرقة الحمزة"، "جيش الإسلام" وفصيل "الجبهة الشامية"، بحسب الباحث السوري فرهود.

وكانت هذه الفصائل قد تحالفت منذ عام 2017، وتلقت دعما من تركيا، وشنت عدة عمليات عسكرية كان أبرزها ضد تنظيم داعش ضمن إطار عملية "درع الفرات".

ونفذت عملية "غصن الزيتون" في 2018 والتي انتهت بالسيطرة على مدينة عفرين ومحيطها.

وفي عام 2019 شنت عملية عسكرية مع الجيش التركي في شمال شرق سوريا، وتمكنت من السيطرة على مدينتي تل أبيض ورأس العين.

أين وصلت الفصائل الآن؟

فيما يتعلق بحلب سيطرت الفصائل المسلحة بقسميها على كامل المدينة ومحيطها، ومطارها الدولي، وتمكنت من وصل كامل أريافها، من الجهة الشمالية، والغربية، والجنوبية، والشرقية.

وكذلك الأمر بالنسبة لإدلب، إذ تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على كامل حدودها الإدارية.

وعلى صعيد حماة فتشهد المحافظة معارك "طاحنة" في الوقت الحالي، بحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وتحاول فصائل "إدارة العمليات العسكرية" الآن اختراق دفاعات قوات النظام السوري من 3 محاور قتالية، في مسعى للدخول إلى مدينة حماة وسط البلاد.

مقالات مشابهة

  • التلفزيون السوري: عدد القتـ.لى بين الإرهابيين تجاوز 1600 شخصا خلال أسبوع
  • الجيش السوري يخوض اشتباكات عنيفة مع الإرهابيين شمال شرق حماة
  • كيف تابع اليمنيون “فجر نصر الله” في لبنان؟
  • العمليات اليمنية تشدد الخناق على “إسرائيل” وتجعل الاستفراد بغزة مستحيلاً
  • تركيا = “إسرائيل” في المِلف السوري والمتغيرات الإقليمية
  • ما الفصائل المسلحة التي تهاجم النظام في شمال سوريا؟ وماذا حققت؟
  • ماذا يحدث في سوريا الآن؟ سيطرة على معاقل الإرهابيين في إدلب
  • العدوان على سوريا
  • ضربات جوية سورية ـ روسية على تجمعات الإرهابيين بريف حلب الشمالي