يبقى طوفان الأقصى فارقًا في تاريخ الصراع مع العدو منذ النكبة، ويبقى أهمّ ما يميّزه طول أمده، ومنه فقد انتهى عصر المعارك الجژئية على الهامش، وبدأ عصر الصراع العلنيّ المفتوح.
من هنا يُفهم كيف أن سماحة السيد حسن – سلام الله عليه – قد وضع مفهوم “النصر بالنقاط” عنوانًا لهذه المرحلة من تاريخنا!
لهذا فلا ينبغي عليك الوقوع في فخ المنطلقات السهلة للتفسير، لأنّ كلّ ما تستسهله في قراءة آنيات الطوفان سينطوي في الأغلب على خطأ.
ومن المنطلقات السهلة المتداولة، مثلًا، أن تفتّش في يوميات حرب الطوفان عن مفهوم “النصر الحاسم” أو- في المقابل- الهزيمة الكاملة.
واللبس في قراءة الطوفان- في الأغلب- نتاجٌ لاختلاف التجربة، وتشظّي الساحات، وعلى نحوٍ ينطبق معه مفهوم: يومٌ لك ويومٌ عليك، فرحٌ لك وحزنٌ عليك، حادثٌ لك وآخر عليك؛ فيما يبقى الثابت أن الحرب ما زالت في مجملها مفتوحة، والصراع مستمر!
وعلى اختلاف التجربة عن سابقاتها بالنسبة لأجيال ما بعد النكبة، فإنّ الطوفان وفقًا لمقاييس القرآن هو المفترض، فيما كانت معاركنا السابقات ضد يهود محض خروجٍ عن المطلوب، وعصيانٍ للأوامر الإلهية كان من شأنه- مع الوقت- تصعيب المهمة.
ولو كانت الحرب بيننا ويهود منذ النكبة مفتوحة، لما وجدنا اليوم في أمتنا من ينحاز إلى جواره، ولما تمّ خداع الأجيال لعقودٍ طوال، وتنشئتها على مغالطات أن التطبيع مع اليهود ممكن، وأن التعايش مقبول، والسلام مع أراذلها مُفترض.
بدون الطوفان كان بمقدور صفقة القرن أن تمر، والفتنويات في الأمة تتصعّد، وكان من المطلوب أن تغرّكم اللّحى، ويغرّر عليكم حكامكم المرذولون، وجيوشكم الممسوخة، وإعلامكم الأوسخ من بواقي خنزيرٍ متعطّن.
ولكشف عوار الأمة، واستكشاف منافقيها، والتأليف بين قلوب أحرارها رجال الرجال بعد أن كانوا “أعداء”، فلا بدّ أن تكون الحرب مع عدوّنا الحقيقيّ مفتوحة، وهذا بلا مراءٍ أعظم وأجلّ وأكبر انتصارات الطوفان التي تتراكم على نحوٍ يومي!
وإذا كانت الدعايات قبل الطوفان قد حرفت من وعيك البوصلة، فأنت الآن، وبالتأكيد، تعرف عدوّك! وتفهم مخطّطاته! وتقرأ العلاقات بين ساحات عالمنا الإسلاميّ واحدة!
وإذا كنت من قبل الطوفان لا تفهم مبدأ وحدة الساحات كما ينبغي، فأنت لا تحتاج الآن لنابغة؛ لتفهم ارتباط ما يحدث في سوريا بما يخطط له في لبنان، وارتباطهما معًا بفلسطين!
أن تفهم كيف أن تحركات أذناب العدوان في اليمن، في المخا كان تحركهم أو مارب، من أتباع طارق أو من أزلام عيدروس؛ يرتبط أيضًا بما يحدث في فلسطين.
وأن تفهم كيف أن داعش وإن غرّك منها قبل الطوفان ما غرّك، محض زنّارٍ تخفّى بلحية، وأنّ فقهاء الجهاد بالسيف إبان ربيع سوريا، هم ذاتهم دعاة الجهاد بالسنن في شتاء فلسطين.
بعد هذا فينبغي عليك أن تقرأ كل المشهد، وأن تفهم بأنّ الإيلام مبدئيًا من مفترضات الصبر في المفهوم القرآني، إذ لا معنى للصبر ما دمت لا تستشعر الإيلام!
لكنهم في الضفة الأخرى يألمون كما تألمون، وترجون من الله- في المقابل- ما لا يرجون ولهذا فلا تستمع- على الإطلاق- لمن يقدّم إليك نصف المشهد!
ومن حيث السرديات تحديدًا، فلولا معول الطوفان، بالذات، لما كان في مقدورنا تحطيم سرديّات كثيرة!
وإذا تساءلت عن تكلفة الدم، المصاحبة!
فبالتأكيد أن تكلفة التطبيع مع العدو أكبر!
وكل الفرق أن دمك الآن لا يذهب سُدى، إنّك وإن تقتل فعلى يد عدوّك الحقيقي، في معركةٍ يسيل فيها- أيضًا- دمه!
وأمّا بالتطبيع معه فإنّ دمه سيبقى معصومًا، فيما تسيل دماؤنا جميعًا في حروبنا البينية التي لا تنتهي، وبمنأى عن مآلاتها فإنّه يحصد النصر الخالص منها، وبلا تكلفة!
ليحتفظ بعد إنهاكنا بميزة توجيه الضربة الأخيرة، وعلى أرواحنا المهزومة بالتطبيع فإنه لن يقرأ حتى الفاتحة؛ ولولا طوفان الأقصى لما كان من الميسور إقناع الناس بحقائقها أعلاه، ربّما لافتقارنا من قبله للمثال المفهوم التوضيحي! وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية
#سواليف
حذر المسؤول العسكري السابق في #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، #إسحق_بريك، من أن تجديد #الحرب في قطاع #غزة سيكون بمثابة “القشة التي ستقصم ظهر البعير”، مؤكدًا أن “إسرائيل” لن تتمكن من هزيمة حركة #حماس، بل ستتعرض لخسائر كارثية على كافة الأصعدة.
وقال بريك الذي تولى عدة مناصب قيادية هامة في جيش الاحتلال، إن بنيامين نتنياهو، يعاني من جنون العظمة لأنه لا يفهم ولا يلاحظ القوة الحقيقية لجيش الاحتلال الصغير والمتهالك. مضيفا: لقد كانت له يد في تقليص حجم الجيش طوال فترة حكمه كرئيس للوزراء، ومسؤوليته واضحة تماما.
وأضاف أن جيش الاحتلال البري الصغير منتشر الآن في عدة قطاعات بما في ذلك غزة، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، وهو غير قادر على الانتصار حتى في قطاع واحد.
مقالات ذات صلة مسؤولون إسرائيليون يكشفون: ترامب لن يسمح لنتنياهو بتخريب قضية الأسرى 2025/03/09وحذر من أنه إذا استأنف #نتنياهو #الحرب في قطاع #غزة، فسوف تكون القشة التي ستقصم ظهر البعير في علاقات الاحتلال مع العالم وكذلك مع الدول العربية، بالإضافة إلى #الكارثة التي ستلحق بدولة الاحتلال على كافة الأصعدة، الداخلية والخارجية.
ورأى أن “نهج رئيس الأركان الجديد إيال زامير بمهاجمة قطاع غزة بقوة أكبر وبقوة وقضاء وقت أقل في الميدان لن يكون فعالا، لأن الاستيلاء على الأراضي على السطح لن يؤدي إلى سقوط حماس، والأمر الأكثر أهمية هو أن الجيش لا يملك قوات محترفة بالحجم المناسب لتفجير الأنفاق وإسقاط حماس، وهذا يدل على أن الجيش فشل، على مدى عام وربع من القتال، في القضاء على حماس أو تفجير مدينة الأنفاق.
وأشار إلى أن حصار المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بهدف الضغط على حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة سيؤدي إلى العكس تماما، وأن أول المتأثرين بهذا الأمر هم الأسرى الإسرائيليين في الأنفاق؛ وسوف يقتلهم الجوع قبل أن نتمكن من إعادتهم إلى المنزل.
وقال إن إسرائيل سوف تخسر الأسرى إذا خرج جيش الاحتلال لمحاربة حماس مرة أخرى وسوف نتكبد خسائر بشرية، وستفقد إسرائيل شرعيتها في العالم بالكامل، ولن يتبقى لها سوى صديق واحد هو الولايات المتحدة، ومع كل هذا، فإن ترامب، بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، لديه القدرة على إدارة ظهره لإسرائيل في ثانية واحدة، تمامًا كما فعل مع أوكرانيا، وستبقى إسرائيل حينها وحيدة في العالم لأنها وضعت كل ثقتها في شخص واحد فقط، رئيس الولايات المتحدة، الذي أصبح الجميع يعرفون بالفعل تعرجاته في قراراته.
وأضاف أن نتنياهو يواصل المقامرة على وجود “دولة إسرائيل”، وهو لا يحرك ساكنا لإعادة بناء وتوسيع الجيش، فهو لا يعقد مناقشات أمنية تضع خططاً مستقبلية للسنوات المقبلة، لأنه مشغول بالمناوشات والتصريحات الجوفاء التي لا تمت للواقع بصلة على مر الزمن. هذا رجل يكافح من أجل بقاء مقعده السياسي، ولا شيء أكثر من ذلك.
وقال إن كل من يشارك من المستويين السياسي والعسكري في قرار تجديد الحرب دون أن يكون له القدرة على الحسم، حتى قبل إعادة بناء الجيش وتوسيعه، سيتحمل مسؤولية ثقيلة مع كل التداعيات المترتبة على ذلك.