الاستقلال غير القابل للمساومة
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
أظهر اليمنيون براعتهم في مقارعة القوى الاستعمارية الطامعة في بلادنا قديما وحديثا، وكان الثلاثون من نوفمبر 1967م موعدا جديدا على لتأكيد قدرات الشعب اليمني في اثبات وسام الاستحقاق وإثبات أن اليمن مقبرة الغزاة والمستعمرين.
انهالت الضربات المتوالية على المستعمر البريطاني حتى أيقن استحالة البقاء رغم سياسته في البقاء والسيطرة التي استندت إلى سياسة “فرّق تسد”.
جهز سفنه وطائراته وحمل رايته وجنوده ورحل بعد أن باتت السيطرة المباشرة باهضة الثمن فأعادهم إلى الإمبراطورية التي غابت عنها الشمس، لأن الموقع الاستراتيجي لعدن لا يماثله أي موقع لربط الإمبراطورية بالهند التي تمثل درة التاج البريطاني.
الاستعمار رحل وحصل الاستقلال لكنها مازالت ترفض الإفراج عن وثائق الحقبة الاستعمارية التي مضى عليها المدة القانونية ورغم ذلك تم الإفراج عن معظم الوثائق لكثير من البلدان، ما عدا اليمن وهذا الاحتفاظ وعدم الإفراج يشير ضمنا إلى أن هناك أسراراً لا يمكن السماح بنشرها لما لها من خطورة على مصالحها وسياستها.
الاستعمار الذي رحل بزيه وأنظمته وقوانينه بفضل تكاتف جهود الأبطال والشرفاء والأحرار من أبناء اليمن؛ ترك وراءه من يعبثون بالاستقلال والثورة وهو ما أدى إلى حدوث الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها من التصفيات الجماعية بين رفاق العمل السياسي بسبب الأجنحة داخل الأحزاب والجماعات تحت عناوين قبلية وجهوية وايدلوجية ومناطقية لكن بواجهات تقدمية.
وبين الانفتاح والرأسمالية إلى المذهب الاشتراكي الايدلوجي بكل تفاصيله وأساسياته وبدلا من تحقيق نهضة اقتصادية وتنموية حقيقية تم حصار المواطن بالخدمات الأساسية مما أوجد السخط على الأوضاع وجعله يترحم على عصر الاستعمار والانفتاح.
الاستقلال السياسي لا يتحقق بغير استقلال اقتصادي والتبعية العسكرية والفكرية أثرت على مسار الحراك الثوري بعد الاستقلال وتضاءلت المشاريع التنموية لصالح السيطرة الأمنية والعسكرية.
وبفعل التجاذبات المتناقضة بين النظامين -آنذاك- تأخر تحقيق الوحدة التي كانت الهدف المشترك للثورة اليمنية وأدت المواجهات العسكرية إلى الإساءة إلى الوحدة كمصير وقدر للشعب اليمني.
لعبت العوامل الخارجية أثرا كبيرا في الثورات العربية فهناك الأنظمة الملكية التي تحميها الأنظمة الغربية وهناك الأنظمة الثورية التي تعتمد على القومية والمد القومي وهنا سخرت كل الإمكانات من تلك الأنظمة لمواجهة المد القومي في صراع الأشقاء بعضهم لبعض تحت عناوين اليسار واليمين وثوار ورجعيين وقوميين وإسلاميين في موجة جديدة لضرب مكونات المجتمعات العربية بعضها ببعض وهي رهانات السياسة الغربية الاستعمارية لتنفيذ مخرجات اتفاقية –سايكس بيكو- تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ.
عندما يرحل الاستعمار ويقرر الرحيل فانه يختار من يسلمه مقاليد الحكم والسيطرة حتى يضمن مصالحه وهيمنته حتى في غيابه ورحيله ففرنسا رحلت من أفريقيا وشكلت جيوشا من أبناء تلك البلدان يحمون مصالحها وبريطانيا لا تقل دهاء عنها وخبثا وإجراما.
كان الاستقلال والتحرر الخطوة الأولى لتحقيق الوحدة لكن كلما اقتربت قيادات اليمن في تحقيق الوحدة آنذاك تتدخل العوامل الخارجية بعد أن استقطبت الكثير من القيادات والوجاهات الاجتماعية والشخصيات المؤثرة للعمل على إعاقة إعادة تحقيق الوحدة سواء بالترهيب الذي يبدأ بالتهديد والتصفية كما حدث من تصفية رفيقي النضال الرئيسين إبراهيم الحمدي وسالم ربيع على اللذين أدى اغتيالهما إلى عرقلة الخطوات المتسارعة لتحقيق الوحدة أو بالترغيب بكل أنواع المغريات.
حينما سُئل الرئيس عبدالرحمن الارياني عن سبب تأخير قيام الوحدة من بعد الثورة حتى 22مايو 1990م قال:” جالسين يطحنوا الطحين” بمعنى أن كل خطواتها كانت جاهزة لكنهم تأخروا عن تحقيقها.
الاستقلال تحقق في 30 نوفمبر 1967م والوحدة 22مايو1990م وكان من المفروض أن يلمس الموطن اليمني ثمرات الاستقلال والوحدة لكن تلك الأطراف مارست هوايتها في إدارة المشهد اليمني لتحدث الأزمات والصراعات الممولة من أعداء اليمن، حتى أنها أرجعت كل إخفاق وكل سيئة على الوحدة، ولم يستطع فرقاء العمل السياسي التغلب على تلك المؤامرات مما أدى إلى إعادة الصراعات إلى الواجهة من جديد.
في الماضي كانت القوى الخارجية المعادية لليمن تعمل على تنفيذ سياستها في التمزيق والتجزئة بأساليب مضللة وخادعة ومستترة لكنها اليوم أصبحت لا تخفي نواياها بكل صراحه ووضوح وبأساليب مباشرة.
الاستقلال الذي إراده الأحرار وسعوا اليه أصبح اليوم رهناً بيد أصحاب المصالح وعشاق الثروة والنفوذ الذين لاهم لهم إلا مصالحهم سواء تحققت بمسمى قبيلة أو منطقة أو جهة أو غيرها حيث يستطيع الممول أن يوعز إلى من يمولهم بتنفيذ خططه وأهدافه والحفاظ على مصالحه مهما كانت ولو على حساب الوطن وكرامته وحريته واستقلاله.
فمثلا تستطيع الإمارات أمر وتوجيه مرتزقتها والعاملين معها بالتعاقد مع موانئ دبي للسيطرة على ميناء عدن لمائة سنة وبرسوم رمزية أو بتوجيه شركة بلاك ووتر بتصفية الناشطين المناهضين لها، وكذلك يمكن للسعودية أن توجه العاملين لمصلحتها بالسماح لها بالتمدد في الحدود اليمنية من الربع الخالي حتى الجوف وأيضا بالسيطرة على آبار النفط المشتركة بين البلدين وتصفية من سيعارض ذلك؛ وبإمكانهما معا تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية بنشر الخلافات المذهبية والطائفية والقبلية وتغذيتها.
وإذا لم يقم هؤلاء بالتنفيذ فستيتم الاستعانة بالشبكات الإسرائيلية والأمريكية المتخصصة في هذه الجرائم أو سيقومون بتدمير كل المشاريع التنموية بواسطة الطائرات على أن ذلك لمصلحة اليمن.
مشاريع التجزئة والتفتيت تعمل اليوم بحرية تامة مستفيدة من النظرية الاستعمارية الغربية -الفوضى الخلاقة – لذلك تنشر الانفلات والفوضى في سبيل السيطرة على الشعوب العربية والإسلامية وتستقطب المرتهنين لصالح تنفيذ أجنداتها ومع ذلك فهي لا تحبذ الخسائر على هذه المشاريع بل تستخدم ثروات الشعوب ومواردها ذاتها بسبب وجود من نصبتهم وأوصلتهم إلى سدة الحكم كما هو حال المملكة السعودية والإمارات وغيرهما ممن يعملون على المسارعة في تلبية رغبات اليهود والنصارى دون حاجة إلى وجود قواعد عسكرية أو إعلان احتلال لكن تأمين مناطق الثروات ستقوم بتأمينها اذا رأت عدم كفاءة قوات صهاينة العرب في الحماية حتى أن الإمارات والسعودية أصبحتا تمارسان أسلوب الاستعمار الأمريكي فالإمارات سيطرت على منشأة بلحاف للغاز وسيطرت على جزيرة سقطرى وأتاحت الجنسية الإماراتية لسكانها وسمحت بالسياحة فيها لغير أبناء اليمن واستولت على ميناء عدن ومثل ذلك تفعل السعودية .
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: تحقیق الوحدة
إقرأ أيضاً:
الشباب العماني .. عطاء ومهارات مبتكرة في تحقيق النجاح
يسعى العديد من الشباب العماني إلى تحقيق النجاح في أعمالها بمهارات مبتكرة وقد أعدوا أنفسهم لتنمية معارفهم والتسلح بمهارات المستقبل لبذل المزيد من العطاء ومواجهة التحديات، وفي ضوء ذلك، التقت "عمان" بعدد من الشباب العمانيين، الذين شاركوا رؤاهم حول طموحاتهم المستقبلية وكيفية مواجهة التحديات التي تعترض طريقهم.
يقول حيان بن سعود اللمكي: "كل إنسان يمر بمرحلة صعبة يحاول خلالها أن يوفق بين إمكانياته والظروف المحيطة. لا يمكن أن نتخلى عن شيء نطمح إليه، وأنا أعمل جاهدًا لتحقيق ذلك. أستطيع تجاوز العقبات بفضل دعم أسرتي، وشهادتي العلمية، وتمسكي بكل ما هو مفيد ماديًا ومعرفيًا."
ويضيف اللمكي أنه يطمح إلى تحويل مشروعه الحالي إلى عمل خاص يسهم في زيادة دخله، رغم التحديات المتمثلة في نقص الموارد المالية والخبرة الكبيرة التي يحتاجها، فالريادة المهنية من أقوى المسارات التي يمكن أن يسلكها الإنسان، لأنها تشكل تحديًا وقدرة على صنع تأثير حقيقي في مجاله" مشيرًا إلى أن تطوير الذات والتعلم المستمر من خلال الممارسة والدورات التدريبية يشكلان مفتاحًا رئيسيًا للنمو الفكري.
ويختتم اللمكي حديثه بتأكيده على تأثير الذكاء الاصطناعي في مستقبل الشباب، قائلًا: "الذكاء الاصطناعي يوفر فرص عمل جديدة ويعزز الابتكار وريادة الأعمال، ولكن يجب التعامل معه بحرفية ووعي لضمان الحفاظ على الخصوصية وحماية الحقوق".
أما علي البادي، فيرى أن الشباب اليوم يجمعون بين الوعي بالتحديات والإصرار على صنع الفرص، سواء عبر التعلّم الذاتي أو من خلال المبادرات المجتمعية. ويؤكد على ضرورة توفير بيئة تشجع على الابتكار بدلًا من الخوف من المخاطرة فالتكنولوجيا اختصرت المسافات، ويمكنك بناء مشروع عالمي من غرفتك.
من جانبها، تؤكد سعاد البوسعيدية على أهمية احتضان أفكار الشباب، قائلة: "الشباب لديهم شغف كبير في ابتكار مشاريع حديثة، ولكن يجب تسهيل إجراءاتهم وتحقيق الدعم اللازم لهم كي لا تكون التحديات عائقًا أمام طموحاتهم". هذه الدعوة تشدد على ضرورة وجود آليات دعم حقيقية لتمكين الشباب من تحقيق طموحاتهم المستقبلية.
يشير سليمان بن سالم الحراصي إلى أن التحديات تختلف في مرحلة الثلاثين من العمر، حيث تصبح الأسرة وارتباطاتها هي التي تحدد الأولويات. "في وقتنا الحالي، لا بد من توظيف التكنولوجيا لإيجاد حلول سريعة وفعّالة"، يقول الحراصي، مؤكدًا على ضرورة فتح آفاق جديدة للشباب ودعم مشاريعهم باستمرار.
فيما يوضح ناصر بن محمد الشعيلي أهمية العمل في تحقيق الاستقرار الأسري، مشيرًا إلى أن أكبر التحديات التي يواجهها تكمن في إدارة الوقت بين العمل والأسرة والحياة الاجتماعية. ويضيف الشعيلي: "نحاول دائمًا الاطلاع على تجارب الآخرين وأفكارهم لتطوير مشاريع مبتكرة، عبر حضور دورات تدريبية واستخدام التطبيقات الإلكترونية".
يشارك عماد بن علي العامري تجربته مع التحديات التي يواجهها في مجال الأعمال، ويؤكد أن الاطلاع والقراءة هما مفتاحا النجاح. "من خلال القراءة نتعرف على تجارب الناجحين والعقبات التي واجهوها وكيفية تجاوزها بطرق أسهل"، يقول العامري، مشيرًا إلى رغبته في تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي واللغات الجديدة مثل الصينية والألمانية لتوسيع آفاقه المهنية.
أما حميد بن سالم الهطالي فيؤكد أن التخطيط الجيد وإدارة الوقت من أهم الأساسيات لتحقيق الأولويات في الحياة. ورغم التحديات الاجتماعية والمالية التي قد يواجهها، يرى الهطالي أن "المجتمع أصبح واعيًا ومثقفًا في العديد من المجالات، وأصبح بيئة داعمة للشباب العماني".
وتتفاوت التحديات التي يواجهها الشباب العماني في مسيرتهم نحو النجاح، إلا أن الأمل والطموح يبقيان حاضر دائمًا. من خلال التعلّم المستمر، واستخدام التكنولوجيا بشكل مدروس، يسعى هؤلاء الشباب إلى تحقيق أهدافهم وتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس، ليكونوا جزءًا فاعلًا في تنمية اقتصاد بلادهم وتحقيق تقدمها في المستقبل.