الوزير التوفيق ينفث بشكوى إلى ابن كيران على خلفية جدل"العلمانية"
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
في رسالة متداولة، نفث أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بشكوى إلى عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يتهمه فيها بـ »البهتان والاستعلاء »، على خلفية تصريحه حول « العلمانية »، استغله ابن كيران ليرد على التوفيق في تجمع خطابي عقده حزب العدالة والتنمية نهاية الأسبوع الفائت، مؤكدا -التوفيق- في رسالته على أنه كان على ابن كيران أن يكلمه ويسأله ماذا قال، وماذا أردت أن أقول، وحيث إنه لم يفعل، فإنه حسب نص رسالة التوفيق، ابن كيران استعلى فحادى بالبهتان.
إلى ذلك، كان ابن كيران، قد رد على تصريحات لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أدلى بها في جلسة لمجلس النواب الأسبوع الماضي، قائلا: » إن المغرب دولة إسلامية وليست دولة علمانية »، مؤكدا -التوفيق- على خلفية نقاش سابق دار بينه وبين وزير الداخلية الفرنسي، واصفاً من خلاله المغاربة بأنهم « علمانيون »، إن » المغاربة متمسكون بدينهم ودولتهم الإسلامية التي يقودها أمير المؤمنين ».
وقال ابن كيران في لقاء حزبي مع ساكنة أولاد برحيل والنواحي بإقليم تارودانت أمس الأحد، « إننا لن نتنكر لأنفسنا، والمغاربة لن يتنكروا لأنفسهم، فالمغاربة مسلمون ومتمسكون بدينهم ودولتهم الإسلامية وليست العلمانية ».
وهذا نص الرسالة بالكامل…
رسالة من أحمد التوفيق إلى عبد الإله ابن كيران…
شكوى إلى الله
موجهة، قصد الاطلاع، إلى الأستاذ عبد الإله بنكيران
السيد الرئيس،
شكوت بثي إلى الله وآثرت أن تطلع عليه. بلغني أنك ذكرت كلامي في تجمع حزبي، ونسبت إليّ ما فاتك فيه التبيّن وجانبك اليقين. ذكرت ما فهم منه الناس أنني قلت إن الدولة في المغرب علمانية، وأنا لم أذكر الدولة؛ لأن الدولة دولة إمارة المؤمنين، وأنت تعرف أنني، بفضل الله، خديماً في باب تدبير الدين منذ أزيد من عقدين من الزمن.
السيد الرئيس،
لقد ألزمت نفسك بما لا يلزم، لأن مجرد كلام شخص أو حتى آلاف الأشخاص، لا يفيد في تغيير الحقيقة في مثل هذا الأمر الخطير. أمر لا يحتاج إلى من ينتصب “للدفاع” عنه في المجامع، وأقصد أمر النسبة للدين أو التعلل منه. فالأئمة لها صبغتها ولا تبديل لهذه الصبغة بزعم أو رأي أو تأكيد أو نفي.
أيها الأستاذ الرئيس،
كان عليك وقد نُقل لك ما قيل، أو سمعت كلمات “عجلى” قيلت في البرلمان، كان عليك أن تكلمني وتسألني ماذا قلتُ وما ذا أردت أن أقول، وحيث إنك لم تفعل فإنك قد استعليتَ فحاديتَ بالبهتان.
أيها الرئيس،
إن الشخص الذي حاورته في الموضوع مسؤول نبيه يعرف المغرب، وهو متدين في نفس الوقت، ولكنه يعيش في نظام لا يرى الدين حاجة جوهرية للإنسان يجب أن تحميها الدولة، ولكل وجهة هو موليها.
أيها الرئيس،
إنك رئيس حزب سياسي عصري، والحزب السياسي العصري مقتبس من نظام غربي علماني، وإنك منتخب على أساس تكافؤ أصوات الناخبين بغض النظر عن معتقداتهم وسيرهم، وهذا الأمر مقتبس من نظام غربي علماني. وإنك عندما كنت رئيساً للحكومة قد اشتغلت على نصوص قوانين تخدم المصلحة العقلانية وتُعرض على تصويت البرلمان، وهذا أمر مقتبس من نظام غربي علماني، لأنك لو أردت أن تستشير شيوخ طائفة لأضعت كثيراً من الوقت بسبب خلافاتهم، وقد قمت بتمرير عدد من القوانين بمرجعية وفاق أو قرارات دولية، وهذا الشأن مقتبس من نظام غربي علماني. وقد كان عليك كرئيس للحكومة أن تقتنع بالحريات الفردية كما ينص عليها الدستور وتحميها قواعد النظام العام، وهذا أمر مقتبس من سياق غربي هو سياق العلمانية، وكان من مراجعاتك أيها الرئيس كل ما يتعلق بالمواطنة، وهو مرجع مقتبس من سياق تاريخي علماني، وإن كنا نجده له بعيديا، التفاصيل في تراثنا الديني.
هناك عشرات من الظواهر الأخرى دخلت في حياتنا من اللقاء بهذا النظام وتتبناها بعنوانها الذي هو “التقدم” دون أن نحس بأي غضاضة، ولكي نفهم قبل أن نتوقف عند ما لنا وما لهم يجب أن نظل مستحضرين أن تاريخ الناس، كل الناس، جارٍ في كل الأحوال بقضاء الله وقدره، وسننه، سبحانه، فضاء مفتوح بين سائر في الأرض ونظر.
يجري كل ما ذكر في سياق هذه المملكة في أمن وانسجام لأن إمارة المؤمنين تحمي كليات الدين وقطعيّاته، ولولا ذلك لعشنا العلمانية التي لا مرجع فيها سوى الأغلبية، وأنت كنت مضطراً إلى تحالف حكومي، ولا يفترض أن يكون حلفاؤك فيه على نفس الاقتناع أو الفهم للدين، وهذه خلطة أخرى “طيبة” متأصلة في مطبخ العلمانية.
الواقع أننا نعيش في أوضاع مركبة ليست لنا لا الثقافة ولا الإرادة الصادقة للتميز بقصد فهمها، وقع هذا منذ أن دخل حرف جرنا إلى جملة نظام صنعه الغير كما صنع أسلحة الغلبة، وكان بإمكاننا لو استطعنا أن نغزوه بالأخلاق. أما عدم التميز فهو قصور في النصج السياسي الذي لا يأتينا بالتستر والنفاق.
هكذا أيها الرئيس أقنعتُ محاوري بأن كل القيم العقلانية المتعلقة بالاجتهاد، في حرية، هي التي عليها العمل في سياقنا، سياق حرية الدين التي هي أصل في الإسلام، وإنما النعمة عندنا أن إمارة المؤمنين تحمي تلك القيم المجتمعية من جهة الدولة وتحمي الدين بتيسير العبادات كمطلب أساسي لأغلبية الناس، وهو ما يتوافق مع جوهر تلك القيم العقلانية إلى أقصى حدود الاجتهاد.
السيد الرئيس،
إن الكلام عن العلمانية (Secularism) قد لا يحسنه كل “زعيم”، لأنه مفهوم معقد في الفلسفة السياسية، لم ينته فيه الجدال حتى في بيئته، فهناك لائكية فرنسا (Laïcité) التي جاءت في سياق تاريخ العلاقة المتوترة بين الكنيسة والمجتمع الذي تخففت عنه الثورة الفرنسية، وهي حالة خاصة، وهناك العلمانية التي تأخذ فيها الدولة حاجات الناس الدينية بعين الاعتبار، وهي موجودة في دول غربية أخرى، وأذكر أنني سألت في عام 2008 (انطلاقاً من نفس الاهتمام)، سألت السيد سفير ألمانيا في المغرب عن الرسم الذي تجمعه الدولة رسمياً من الناس للإنفاق على الدين، ففاجأني بأن مبلغه، بالنسبة لعام 2006، هو ثمانية مليارات ونصف مليار أورو.
السيد الرئيس،
ما زلت تذكر، ولا شك، أنني عشت معك أزمة رحيل الأستاذ عبد الله باها. وتذكر أنني قلت لك إن الأحوط في السياسة في بيئهن العامل فيها على النزاهة والنظافة للناس ويقنعهم بإنجازاته بدل أن يلجأ إلى تعريض الدين لضعف الإنسان بتحويله إلى شعارات لمجرد الغواية أو ما نسميه بالاستقطاب. والحالة أن الدين هو الأخلاق بكل تجلياتها ومستوياتها، ابتداءً من النوايا الصادقة، وهذا فهم فطري عند الناس. لذلك تجد بعض أهل ديننا يعجبون بأخلاق بعض أهل بلاد العلمانية. وقد كان جوابك، رداً على “النصيحة”: يظهر لي أن هذا هو ما ينبغي.
السيد الرئيس،
إن السياق المغربي بخلفياته التاريخية ومؤهلاته الحاضرة مبشر بإمكان بناء نموذج يحل عدداً من المشاكل الفكرية للأمة وهي متعثرة في أوحال التخبط في العلاقة بين الدين والسياسة، ولكن الأمر يتوقف على توحيد الله بدل إطلاق العنان للأنانية وهي الشرك الخفي. والحالة أن الله الذي أجرى ويجري أحوال الناس قد أرشدنا إلى فتح البصائر على هذا المشترك الإنساني في سنن الصلاح والفساد.
السيد الرئيس،
نفثت بهذه الشكوى لا لأقنعك، وأنت تعرف أنني لا أريد على المتقولين، بل القصد أن يسمعها “السميع”، وتكون أنت من الشاهدين. وعسى أن يسمعها بعض من سمعوا تشهيرك فيفهموا.
الرباط في فاتح جمادى الثانية 1446
الموافق لثالث دجنبر 2024.
أحمد التوفيق
كلمات دلالية ابن كيران احمد التوفيق العدالة والتنمية العلمانية وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: ابن كيران احمد التوفيق العدالة والتنمية العلمانية وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السید الرئیس أیها الرئیس ابن کیران
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي وقيادته للجمهورية الجديدة
ندرك جميعاً أن مصر قد واجهت خلال العقد الأخير العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وسط أزمات إقليمية ودولية متصاعدة وملتهبه وتزداد يوماً بعد يوم، وفي ظل هذه الظروف، برزت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي باعتبارها حجر الزاوية في إعادة بناء الدولة المصرية وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية والتى كانت فقدتها خلال حكم جماعة الإخوان والتى تسببت في تراجع مكانة "القاهرة" وعملت على شق وحدة الصف الوطني.
ونشهد جميعا بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم وإدارة شؤون الوطن وهو يعمل بكل جهد وعرق لإعادة الأمن والاستقرار مرة أخرى في الشارع المصرى والقضاء على الجماعات المتطرفة التى عملت بشتى الطرق على إسقاط الوطن .
وتمكنت القيادة المصرية بزعامة الرئيس السيسي من إعادة الأمن والاستقرار لكافة ربوع البلاد، و أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بمحاربة الإرهاب، خصوصًا في سيناء، من خلال تعزيز القدرات العسكرية وتنفيذ عمليات نوعية حققت نجاحات ملموسة، ولم تقف انجازات الدولة عند هذا الحد بل تم إطلاق العديد من المبادرات في شتى المجالات والتى غيرت معالم الدولة المصرية للأفضل وتحقيق حياة كريمة للمصريين، فعلى سبيل المثال لا الحصر تم تطوير البنية التحتية و بناء شبكات طرق وكباري حديثة تربط كافة أنحاء الجمهورية وتقلل من الوقت ، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، واستصلاح مليون ونصف المليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وبناء محطات كهرباء عملاقة مثل محطة البرلس، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية.
لقد نجح الرئيس السيسي في تعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا من خلال سياسة خارجية متوازنة، واستعادة دورها كوسيط رئيسي في قضايا الشرق الأوسط، مثل القضية الفلسطينية والأزمات في ليبيا والسودان.
فالسودان الغارق في حروبه الداخلية، و ليبيا الغائب عنها الاستقرار، وإريتريا والصومال اللاتى تعانان من غياب الإستقرار وأزمات متتالية مع إثيوبيا، وهذه فلسطين ولبنان المشتعلة ببارود الاحتلال الإسرائيلي، وصراع المتوسط والأحمر والحروب الدولية على الغاز والبترول والطاقة، وتربص المتربصين بمصر سياسيا وحقوقيا، والتأثر بتوابع الحرب الروسية الأوكرانية وانتشار الأوبئة وتغير المناخ، هذه الأزمات العالمية التي تُطل على الأوضاع الاقتصادية، ونالت من اقتصاديات كبرى كثيرة، تفرض على الشعب المصري حتمية الوقوف خلف القيادة السياسية ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤسسات الدولة، لمواجهة هذه التحديات، خاصة بعدما أعلنت مصر أمام العالم كله تبنيها دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ورفض الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أصحاب الأرض، سواء كان بالإبادة الجماعية بكافة أشكالها، أو بتهجيرهم قسريًا والاستيلاء على حقهم بصور وحشية، في الوقت الذي يقف فيه المجتمع الدولي صامتًا أمام هذه الانتهاكات الغاشمة.
لقد كان إعلان مصر ورئيسها الدعم الكامل للقضية الفلسطينية وإنهاء الحروب بالمنطقة سببًا في وضعها في مرمى الاستهداف الدولي من الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، إلا أن دعم المصريين لقيادتهم وحكومتهم كان الدافع والسبب الرئيسي في الحفاظ على الأمن القومي المصري وحماية حق هذا الشعب في الاستقلال والحرية والكرامة.
ليس هذا فحسب، وإنما كان الدافع لتعزيز الجهود المصرية نحو التنمية المستدامة ونجاح المشروعات القومية ودعم مسار جذب الاستثمار والمستثمرين ومواجهة التضخم وحل أزمة النقد الأجنبي والنقص الدولاري الذي أثر على الأسعار بشكل كبير وكاد أن يتسبب في أزمة اقتصادية كبيرة.
الخلاصة.. إن استقرار هذا الوطن، والحفاظ على أمنه وسلامته، ومواصلة نجاحه في تأسيس الجمهورية الجديدة القائمة على رؤية تنموية مستدامة وشاملة في كافة المجالات والملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق تطلعات الشعب والحكومة والقيادة السياسية في التقدم والازدهار، سيظل وثيق الصلة بوحدة وتماسك أطياف المجتمع حكومة وشعبا وقيادة، فالاصطفاف الوطني هو سر قوة هذا الوطن.