أغسطس 17, 2023آخر تحديث: أغسطس 17, 2023

المستقلة/- على الرغم من وضع المفوضية العليا للانتخابات في العراق حداً أقصى للإنفاق في الحملات الانتخابية المُقرر انطلاقها قبل ستين يوماً من الانتخابات المحلية (انتخابات مجالس المحافظات)، المنتظرة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تشكّك أطراف سياسية عراقية بإمكانية التزام الأحزاب المتنفذة بتلك الحدود، وسط دعوات لمتابعة مصادر الأموال التي تُصرف في الحملات الانتخابية.

يأتي ذلك في وقت قرّرت فيه المفوضية العليا للانتخابات، الأحد الماضي، تمديد فترة تسجيل المرشحين للانتخابات، وتسجيل التحالفات والأحزاب السياسية لغاية يوم 20 أغسطس/ آب الحالي. وقد أعلنت في وقت سابق عن مشاركة 50 تحالفاً انتخابياً، بينها 33 تحالفاً جديداً.

وعزا رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل، في حديث لصحيفة “العربي الجديد” القطرية و تابعته المستقلة، هذا التمديد إلى “بعض الإجراءات الفنية والقانونية”، لافتاً إلى أنه “لن يؤثر على موعد إجراء الانتخابات إطلاقاً، والمفوضية أنهت الاستعدادات المهمة والضرورية لنجاح العملية الانتخابية، والشهر المقبل سيتم إجراء عملية محاكاة تجريبية استعداداً لها”.

ومن المقرر أن يُجري العراق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013. وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.

تعليمات بشأن الإنفاق في الحملات الانتخابية العراقية
وحددت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، في وقت سابق، تعليمات بشأن الحد الأعلى للإنفاق على الحملات الانتخابية، وذكرت فيها أن مدة الإنفاق الانتخابي تبدأ من تاريخ بدء الحملة الانتخابية ولغاية يوم الصمت الانتخابي، الذي يحدد بقرار من مجلس المفوضين.

والحد الأعلى لإنفاق المرشح الواحد، بحسب التعليمات، هو 250 ديناراً عراقياً (0.19 دولار) يُضرب بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية المرشح عنها. كما أن سقف الإنفاق الانتخابي للحزب والتحالف السياسي هو نفسه المبلغ المخصص للمرشح أي 250 ديناراً مضروباً بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية ومضروباً أيضاً بعدد المرشحين لقائمة الحزب أو التحالف السياسي في الدائرة الانتخابية.

وبالتالي فإن المدينة التي يبلغ عدد ناخبيها 500 ألف سيكون مسموحاً للمرشح عنها الإنفاق بواقع 125 مليون دينار، أي نحو 90 ألف دولار. ويدفع هذا الرقم للتشكيك بالتزام المرشحين بما حددته المفوضية، إذ إن بعض حفلات ومؤتمرات الأحزاب التي تتضمن ولائم وهدايا في أكثر من مكان بوقت واحد تتجاوز هذه الميزانية بكثير.

وفي هذا السياق، قال جميل، لـ”العربي الجديد”، إن “هناك لجاناً مختصة فنية في المفوضية ستعمل على متابعة ومراقبة الإنفاق على الحملات الانتخابية من قبل كل الكتل والأحزاب المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات”، وأضاف أن “أي تجاوز لهذا الإنفاق سوف يعرّض تلك الكتلة للمحاسبة وفق القوانين”.

انتخابات عراقية مختلفة عن سابقاتها
وأكد جميل أن متابعة مصدر أموال الحملات الانتخابية والإنفاق العالي من مهمات وعمل هيئة النزاهة والتي تنسّق مع المفوضية بهذا الملف، لافتاً إلى أن “المتابعة والرقابة ستكون شديدة جداً على ملف الإنفاق على الحملات الانتخابية، كما ستكون هناك متابعة لمنع أي استغلال لموارد الدولة وأموالها في الحملات الانتخابية”.

عماد جميل: أي تجاوز للإنفاق سيعرّض الكتلة للمحاسبة

وفيما اعتبر جميل أن الانتخابات المقبلة “ستكون مختلفة تماماً عن سابقاتها من كافة النواحي الفنية والقانونية”، حذّر من أن “أي مرشح يثبت استغلاله لموارد الدولة وأموالها في الحملات الانتخابية، سيتم استبعاده”. وأشار إلى أن “هناك فرقاً من جهات مشتركة تعمل على متابعة هذا الملف”.

من جهته، قال عضو لجنة النزاهة البرلمانية باسم خشان، لـ”العربي الجديد”، إن “القوى المتنفّذة تعمل دائماً على استغلال موارد الدولة وأموالها بالحملات الدعائية الانتخابية”، موضحاً أنه “لهذا نجد أن هناك إنفاقاً مالياً كبيراً من قبلها في الحملات الانتخابية”. ومقابل ذلك لفت خشان إلى أنه “لا توجد أي رقابة على تلك الصرفيات من قبل الجهات ذات العلاقة”.

الملايين تُصرف على الحملات الانتخابية في العراق
وأشار خشان إلى أن “المال السياسي، الذي تعمل على صرفه بعض الكتل والأحزاب في حملاتها الانتخابية جاء نتيجة الصفقات والسرقات التي حصلت طيلة الفترة الماضية”، لافتاً إلى أن “هناك جهات تصرف ملايين الدولارات بكل حملة انتخابية لها”. وفي السياق، شدّد على أهمية أن تكون هناك مراقبة حقيقية لمعرفة مصدر أموال كل جهة سياسية تشارك في الانتخابات.

باسم خشان: القوى المتنفّذة تعمل على استغلال موارد الدولة

وفي هذا الإطار، اعتبر خشان أن “المجاملات والضغوط السياسية سوف تمنع أي محاسبة حقيقية لأي كتلة وحزب يتجاوز حد الإنفاق على الحملات الانتخابية”. وأضاف أن هناك ملايين الدولارات تُصرف على هذه الحملات في كل انتخابات من دون أي محاسبة أو إجراء تحقيق أو تحرك لمعرفة مصادر تلك الأموال رغم أن الكل يعرف مصدرها، وهي برأيه “من الفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة”.

بدوره، قال المتحدث باسم حركة وعي (حركة سياسية تضم مدنيين)، حامد السيد، لـ”العربي الجديد”، إنّ “الكتل والأحزاب المتنفّذة تعمل على تمويل نفسها وتمويل حملاتها الدعائية للانتخابات من المال العام”، وحوّلت مؤسسات الدولة إلى مكاتب اقتصادية لها، وهو أمر معلوم لدى الجميع، بحسب قوله.

شبهات فساد بملف الإنفاق على الانتخابات العراقية
وأوضح أن “هناك شبهات فساد كبيرة وخطيرة في صرف الكتل والأحزاب المتنفّذة على حملاتها الدعائية للانتخابات”، مشيراً إلى صرف ملايين الدولارات مجهولة المصدر فضلاً عن استغلال موارد الدولة في الدعاية الانتخابية. وأضاف أن هذه الكتل والأحزاب “بدأت بحملات تعبيد الشوارع وغيرها من التصرفات غير القانونية، التي تدفع لمحاسبة تلك الجهات على الخروقات الانتخابية”.

ولفت إلى أنه “في كل انتخابات نسمع عن متابعة الإنفاق المالي للحملات الانتخابية، لكن في الحقيقة لم نجد متابعة حقيقية لهذا الملف ولم نر محاسبة لأي جهة تتجاوز هذا الحد”. وطالب السيد مفوضية الانتخابات والجهات الرقابية الأخرى بـ”متابعة هذا الملف، الذي يمكن من خلاله كشف الكثير من ملفات الفساد والسرقات التي حصلت داخل الدولة العراقية”.

ماهر جودة: قانون الأحزاب رغم تشريعه منذ سنوات، ما زال معطلاً

من جهته، قال المحلل السياسي ماهر جودة، لـ”العربي الجديد”، إن “بعض الكتل والأحزاب تصرف مبالغ خيالية على حملاتها الدعائية الانتخابية، ما يؤكد ضعف المتابعة من قبل الجهات ذات الاختصاص على عمل الأحزاب، رغم أن هناك قانوناً للأحزاب يحتم على الأحزاب كشف مصادر تمويلها”.

وأوضح جودة أن “قانون الأحزاب رغم تشريعه منذ سنوات طويلة، لكنه ما زال معطلاً، كونه يضر بمصالح الكثير من الكتل السياسية، التي ما زال مصدر تمويلها مجهولا”. وأضاف هذه الأحزاب تُنفق ملايين الدولارات على حملاتها الانتخابية وعملها السياسي، فضلاً عن استغلالها موارد الدولة بشكل كامل لمصالحها الحزبية، بحسب تعبيره.

واعتبر جودة أن مفوضية الانتخابات والحكومة العراقية بكافة أجهزتها الرقابية أمام امتحان حقيقي بملف إنفاق الكتل السياسية الأموال الخيالية على الحملات الانتخابية، وذلك “لمعرفة مصدر تلك الأموال، ومنع أي استغلال لموارد الدولة في العملية الانتخابية، ومنع المال السياسي في فرض بعض الإرادات”. ولفت في هذا السياق إلى وجود “شكوك كبيرة لدى الأوساط السياسية والشعبية بالسيطرة على الإنفاق المالي العالي لبعض الكتل والأحزاب في الحملات الدعائية الانتخابية”.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: العربی الجدید فی العراق التی ت

إقرأ أيضاً:

لماذا لا يدعو برّي إلى الحوار في غياب القوّات؟

اصبح من الواضح أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" يعمل على عقد حوار وطنيّ من دون مُشاركة "القوّات اللبنانيّة"، إذ أشار عضو تكتّل "لبنان القويّ" النائب أسعد درغام قبل أيّام قليلة، إلى أنّ فريقه يبحث مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي وبقيّة الأفرقاء في عقد طاولة تشاور بحضور 86 نائباً، للتوصّل إلى توافق وإنهاء الشغور الرئاسيّ.
 
ويبدو أنّ مسعى "التيّار" لم يلقَ دعماً من أغلبيّة الكتل النيابيّة وخصوصاً من قبل برّي، لأنّ الأخير لا يزال يُشدّد على مُشاركة كافة القوى كيّ يكون الرئيس المُقبل بالفعل جامعاً، وكيّ لا يصطدم بمعُارضة قد تُفشل مشاريعه وولايته. غير أنّ هناك مُشكلة ثانيّة تحول دون قيام رئيس المجلس بالدعوة إلى حوار، وهي أنّ الأصوات الداعمة لرئيس تيّار "المردة" لم ترتفع، والكتل الوسطيّة لا تزال تتمسّك بالخيار الثالث بينما النائب جبران باسيل لم ينجح مع "حزب الله" في الوصول إلى نهاية سعيدة بملفيّ الصندوق الإئتمانيّ واللامركزيّة الإداريّة والماليّة، كيّ يُجيّر أصوات تكتّله إلى مرشّح "الثنائيّ الشيعيّ".
 
وترى مصادر سياسيّة في هذا الصدد أنّه لو كان برّي يُدرك أنّ النواب الذين سيحضرون طاولة الحوار سيدعمون فرنجيّة بأغلبيتهم، أو لن يُطيّروا نصاب جلسة الإنتخاب إذا كان رئيس "المردة" سيحصل على 65 نائباً، لكان دعا إليها من دون حضور "القوّات". وتُضيف المصادر السياسيّة أنّ برّي وغيره من الأفرقاء، يكتفون بمُشاركة فريقٍ مسيحيّ وازن إنّ في الحوار او في جلسة الإنتخاب، و"الوطنيّ الحرّ" لم يعدّ ضدّ فكرة ترؤس رئيس البرلمان للتشاور وليس مع التعطيل.
 
أمّا أوساط نيابيّة، فتُشير إلى أنّ الكتل ليست مُتحمّسة لعقد حوارٍ بغياب نوابٍ ينتمون إلى أكثر من كتلة، فالمُشكلة بحسب الأوساط ليست فقط بمعراب، وإنّما بـ"الكتائب اللبنانيّة" و"تجدّد" وغيرهم من نواب التغيير والمستقلّين والمعارضة، الذين يلتقون مع بعضهم في التشديد على الدعوة لجلسات إنتخاب مفتوحة واحترام الدستور والإقتراع بديمقراطيّة.
 
وتلفت الأوساط النيابيّة إلى أنّ برّي لن يدعو إلى الحوار، إذا لم يكن موقف الكتل النيابيّة كافة قد أصبح واضحاً لناحيّة دعم فرنجيّة أو المرشّح الثالث، فهدف "الثنائيّ الشيعيّ" من التشاور هو تأمين التوافق على مرشّحهم وتأمين ظروف إنتخابه. وأيضاً، تقول الأوساط النيابيّة إنّ "الإعتدال الوطنيّ" و"اللقاء الديمقراطيّ" ينتظران تدخّل الخارج وخصوصاً المملكة العربيّة السعوديّة، لكيّ يتّخذا قرارهما النهائيّ بشأن هويّة المرشّح اللذين سيُؤيّدانه.
 
وتُؤكّد الأوساط النيابيّة أنّ "القوّات" ليست وحدها العقبة أمام الحوار، فهناك نوابٌ "رماديّون" ليسوا بعد مع تأييد فرنجيّة وليسوا مع الخيار الثالث إنّ لم يكن "حزب الله" وحركة "أمل" من داعميه. وتُوضح الأوساط أنّ برّي يُريد الخروج بنتائج عمليّة من الحوار، كيّ لا يكون مصيره مُشابهاً للجلسات الإنتخابيّة السابقة، وكيّ لا يُعطي ذريعة لـ"القوّات" بأنّ لا فائدة من التشاور الوطنيّ.
 
وحتّى تأمين كافة العوامل التي ستُنجّح الحوار، فإنّ برّي بحسب الأوساط النيابيّة سيتحجج بمُعارضة نواب "الجمهوريّة القويّة" للتحاور، وسيعمل في الوقت عينه مع حلفائه على زيادة الأصوات الداعمة لفرنجيّة إلى 65، كيّ ينتقل إلى المرحلة الثانيّة وهي عدم تطيير النصاب، علماً أنّ المُعارضة تبتعد شيئاً فشيئاً عن فرض التعطيل، مع انتقال كتلة "اللقاء الديمقراطيّ" إلى الوسطيّة وتأييدها بقوّة للحوار ولمواقف برّي. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • قرابة 152 ألف ناخب يسجلون للاقتراع في الانتخابات البلدية
  • كرموس: تكالة متمسك بضرورة فتح القوانين الانتخابية وإجراء تعديلات عليها
  • لماذا لا يدعو برّي إلى الحوار في غياب القوّات؟
  • تقرير عبري يكشف استعداد الجيش الإسرائيلي لواقع مختلف في غزة قد لا يكون أقل تعقيدا
  • ما هي مصادر تمويل الحملات الانتخابية ومجالات استخدام المال المخصص لها؟
  • سوناك يعلن استقالته من زعامة حزب المحافظين بعد الهزيمة الانتخابية
  • هل سيشهد العراق نزوحاً جديداً؟
  • المناظرات الانتخابية.. فرصة الإقناع والإيقاع بالخصوم
  • اختتام فترة الحملات الدعائية بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية
  • محافظ قنا الجديد: الدولة مهتمة بملف التصالح في مخالفات البناء