لن يستمتع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بفترة تقاعد هادئة بعد انتهاء فترة ولايته في 31 تموز. عوضاً عن ذلك، سيتعين عليه التعامل مع العقوبات الجديدة التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا في 10 آب ضده وضد أربعة شركاء آخرين بتهمة الجرائم المالية والتي يُرجح أنها ارتكبت خلال فترة عمله التي امتدت لثلاثين عامًا في المصرف المركزي.

وبحسب موقع "The National Interest" الأميركي، "تتهم واشنطن ولندن وأوتاوا سلامة "باستغلال منصبه بهدف إثراء الذات والعائلة والرفاق في انتهاك واضح للقانون اللبناني"، وأشاروا إلى أنه "ساهم في تفشي الفساد في لبنان ورسخ فكرة أن النخب في البلاد لا تحتاج إلى الالتزام بنفس القواعد التي تنطبق على جميع اللبنانيين". وأضاف وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، أن الدول الثلاث تعتقد أن سلامة "وضع مصالحه المالية الشخصية وطموحاته فوق مصالح وطموحات الأشخاص الذين خدمهم، حتى مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان"."
وتابع الموقع، "واستهدفت العقوبات أيضاً أفراد عائلة سلامة وشركاء آخرين، بمن فيهم شقيقه رجا وابنه ندي، كما وزوجة الحاكم السابقة آنا كوساكوفا ومساعدته ماريان الحويك. ويُزعم أن رجا استخدم شركات وهمية في جزر فيرجن البريطانية لتحويل ما يقرب من 330 مليون دولار، بمساعدة من قبل الحويك. في غضون ذلك، يمتلك كل من نادي وكوساكوفا شركات في لوكسمبورغ وألمانيا وبلجيكا، مما يسهل عمليات شراء العقارات التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات المرتبطة بأموال مصرف لبنان".
وأضاف الموقع، "إن هذه العقوبات تُعد الأقوى حتى الآن التي طالت سلامة ومعاونيه. حاليًا، هناك قضايا عديدة ضد سلامة في أوروبا، بما في ذلك في لوكسمبورغ وألمانيا وفرنسا وبلجيكا، لمزاعم تشمل الاختلاس وغسيل الأموال والاحتيال والإثراء غير المشروع. وقد صادرت الدول الثلاث الأولى أصولا بقيمة 130 مليون دولار في آذار 2022. كما أنه مطلوب في باريس وبرلين، اللتين أصدرتا مذكرة اعتقال عبر الانتربول في أيار، لكن في الواقع لبنان ليس من الدول التي تسلم رعاياها".
وتابع الموقع، "من جانبه، يحقق لبنان أيضاً مع سلامة، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتم محاسبته داخلياً نظرًا لصلاته بالنخب السياسية في البلاد واطلاعه على الجرائم المالية التي ارتكبوها والتي ولدت مخطط بونزي الأوسع. في الواقع، إن صلات سلامة بالنخب السياسية اللبنانية تجعل توقيت العقوبات مثيرًا للاهتمام. لا تزال بيروت بدون رئيس بسبب الخلاف السياسي المستمر بين الكتل السياسية المتنافسة، وهو وضع يحاول بعض القادة الدوليين معالجته. وفي هذا الإطار، عُقد إجتماع خماسي لممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر والسعودية في 17 تموز في الدوحة، واجتمع مسؤولو هذه الدول بهدف وضع استراتيجية لإنهاء الجمود السياسي في لبنان".
وبحسب الموقع، "في حين أن الولايات المتحدة هي العضو الوحيد الذي فرض عقوبات على سلامة، فإن هذه الخطوة قد تكون بداية لنهج أقوى للقضايا السياسية في لبنان. وتتمتع الولايات المتحدة بقدرة فريدة على الاستفادة من العقوبات الموجهة ضد الأفراد الذين يساهمون في مشاكل لبنان نظرًا لمكانة الدولة كقوة مالية بارزة في العالم. في نهاية المطاف، لا يمكن فصل دور مصرف لبنان، ولا سيما سلامة، عن القضايا التي تواجه النظام السياسي اللبناني الأوسع اليوم. سيلعب المصرف دورًا حاسمًا في الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها والتي نأمل أن تنعش الاقتصاد اللبناني المتعثر".
وتابع الموقع، "قد يكون الهدف من الاجتماع الخماسي العمل على تفعيل المراحل الأولى من النهج الذي نوقش في الاجتماع الأخير في الدوحة، وقد تستخدم مثل هذه الخطة نفوذ دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية وقطر ومصر إلى جانب الضغط الأميركي لإغراء اللاعبين السياسيين الرئيسيين في لبنان للاتفاق على اسم رئيس وحكومة ووزراء ومحافظ البنك المركزي. في الوقت الحالي، يبدو أن فرنسا تقود هذا الجهد من خلال مبعوثها الخاص، جان إيف لودريان، الذي زار البلاد في أواخر حزيران".
وختم الموقع، "إن الطبيعة الفريدة للأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في لبنان تقدم فرصة نادرة لإحداث التغيير. في الوقت الحالي، لا تزال تركيبة أي حكومة مستقبلية غامضة، في ظل عدم معرفة هوية محافظ البنك المركزي القادم. الوقت وحده الكفيل بالإجابة عما إذا كان بإمكان الاجتماع الخماسي أن يحرز بعض التقدم ويساهم في إصلاح النظام اللبناني". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

تقرير لـMiddle East Eye: تمكين إسرائيل من فرض إرادتها سيؤدي إلى نتائج عكسية

ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أنه "مع استعداد الرئيس المنتخب دونالد ترامب وفريقه لتولي منصبه في كانون الثاني 2025، هناك الكثير من التكهنات حول الكيفية التي يعتزمون بها معالجة التحديات الاستراتيجية المتزايدة في الشرق الأوسط، والتي تشمل الحروب المستمرة في غزة ولبنان، وعملية التطبيع المجمدة بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والعداء المحموم مع إيران. إن الفحص الدقيق للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى يشير إلى أن أي تغيير من المرجح أن يكون تدريجيًا وليس تحويليًا".

وبحسب الموقع، "لطالما كانت السياسة الخارجية الأميركية مدفوعة دائما بمزيج من القيم والمصالح الوطنية المتصورة، ومن المرجح أن تعطي إدارة ترامب الثانية الأولوية للمصالح على القيم. ومن المؤكد أنها ستكون أكثر حزما في متابعة ما تعتبره النخبة السياسية في واشنطن، سواء الديمقراطيون أو الجمهوريون، أهدافا رئيسية للأمن القومي الأميركي. أولا، منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948، قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 160 مليار دولار في شكل مساعدات خارجية ودعم دبلوماسي قوي، وكان هذا التحالف غير الرسمي القوي ثابتا في السياسة الخارجية الأميركية بغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض أو الحزب السياسي الذي يسيطر على الكونغرس. وعلى المستوى الرسمي، تؤيد واشنطن، مثلها كمثل بقية دول العالم، حل الدولتين. ولكن لسنوات عديدة، عمل المستوطنون والسياسيون اليمينيون في إسرائيل على توسيع المستوطنات، وفي هذه العملية عملوا على تقويض أسس الدولة الفلسطينية القابلة للحياة".

وتابع الموقع، "ثانيا، في الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب الأولى، نجح الرئيس وفريقه في إقناع الإمارات العربية المتحدة والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وانضمت المغرب والسودان إلى العملية أيضًا. واتبعت إدارة جو بايدن استراتيجية مماثلة وسعت، دون جدوى، إلى تحفيز المملكة العربية السعودية على اتباع النهج عينه".

حرب الظل
وبحسب الموقع، "ثالثًا، منذ الإطاحة بسلالة بهلوي في عام 1979، اعتبرت الولايات المتحدة الجمهورية الإسلامية الإيرانية خصمها الرئيسي في الشرق الأوسط. ولأكثر من أربعة عقود، كانت طهران خاضعة لعقوبات أميركية شديدة وشاملة. وفشلت جهود الرئيس باراك أوباما لاحتواء التوتر مع إيران وإبطاء تقدم برنامجها النووي بسبب نقص الدعم من الجمهوريين والديمقراطيين . وبعد الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018، نفذ ترامب استراتيجية "الضغط الأقصى" ضد إيران. وفي ظل إدارة بايدن، لم يتم رفع العقوبات، على الرغم من أن تطبيقها كان أقل صرامة مما كان عليه في عهد سلفه".
ورأى الموقع أن "إدارة ترامب الثانية سوف تسعى بقوة إلى تحقيق هذه المواضيع العريضة، أي الدعم الثابت لإسرائيل، ومضاعفة الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، والعودة إلى سياسة الضغط الأقصى تجاه إيران. ومع ذلك، فإن الشرق الأوسط لا يتفاعل فقط مع التغييرات في واشنطن، فالديناميكيات الإقليمية التي سيواجهها ترامب في إدارته الثانية تختلف بشكل كبير عن تلك التي كانت موجودة في أوائل عشرينيات القرن الحادي والعشرين. فقد كان الاعتقاد السائد قبل السابع من تشرين الأول 2023 أن إيران وإسرائيل نجحتا في إرساء توازن القوى أو التوازن الاستراتيجي في "حرب الظل" بينهما. وفي الصراع المنخفض الشدة بين الخصمين، كان من المفترض أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله غير مرجحة، نظراً للثمن الباهظ الذي سيدفعه الجانبان. وفي الوقت نفسه، حافظت بعض الدول العربية وتركيا على مستوى من التفاعل الاقتصادي والدبلوماسي مع كل من إيران وإسرائيل".

وبحسب الموقع، "لقد تحطم هذا التوازن الإقليمي الهش للقوى منذ تشرين الأول 2023. وبفضل الدعم الأميركي غير المشروط، وجهت إسرائيل ضربة ثقيلة، ولكنها ليست قاتلة، لحماس وحزب الله، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت لتقديم تقييم دقيق للعمليات العسكرية الإسرائيلية في كل من غزة ولبنان. ومع ذلك، هناك ثلاث نتائج مترابطة واضحة".

إسرائيل كقوة مهيمنة إقليميا
وبحسب الموقع، "أولا، على الرغم من التفوق العسكري والاستخباراتي لإسرائيل، فإن حماس وحزب الله يبديان مقاومة شرسة تسببت في خسائر عسكرية فادحة لإسرائيل. وعلى الرغم من اغتيال العديد من كبار القادة والضربات الجوية المكثفة في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران، لم يلوح أحد بالراية البيضاء. ثانيا، في سعيه إلى الحفاظ على ائتلافه الحاكم والتمتع بالدعم الكامل من واشنطن، اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقف متشددة وفشل في صياغة استراتيجية سياسية، وهو يصر على هزيمة حماس وحزب الله بشكل كامل وإقامة نظام إقليمي جديد. إن اعتماد إسرائيل المفرط على القوة العسكرية أدى إلى عزلها بشكل أكبر في الشرق الأوسط وفي النظام الدولي. ثالثاً، كان لزاماً على القوى الإقليمية الأخرى أن تستجيب لهذه الديناميكيات الاستراتيجية المتغيرة. فقد أدى المستوى غير المسبوق من الدمار في غزة ولبنان واستشهاد الآلاف من المدنيين إلى تأجيج الغضب العربي والإسلامي تجاه إسرائيل".

وتابع الموقع، "على نفس القدر من الأهمية، يعترض الزعماء الإيرانيون والأتراك والعرب بشدة على نظام إقليمي بديل حيث تكون إسرائيل القوة المهيمنة ذات القدرات غير المقيدة لقصف خصومها.لقد فشلت القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، في وقف هذا الإفراط في استخدام القوة العسكرية، وبرزت إسرائيل كقوة مهيمنة إقليمية غير مقيدة. وهناك دلائل متزايدة على أن القادة في طهران وأنقرة والرياض وغيرها من العواصم العربية يعيدون تقييم استراتيجياتهم من أجل مواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية الموسعة وغير المقيدة واستعادة توازن القوى الإقليمي. قال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، مؤخراً إن التغيير المحتمل في العقيدة النووية للبلاد أمر وارد إذا واجهت طهران تهديداً وجودياً. بالإضافة إلى ذلك، تخطط إيران لتوسيع ميزانيتها الدفاعية بشكل كبير للسنة المالية المقبلة. من جانبه، حذر الرئيس رجب طيب أردوغان من أن إسرائيل قد تهاجم تركيا وتعهد بزيادة قدرات بلاده الصاروخية البعيدة المدى".
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • المجر تدعو إلى إعادة النظر بالعقوبات الأوروبية على روسيا
  • فلسطين ترحب بتصويت الأمم المتحدة بشأن حق شعبها في تقرير مصيره
  • تقرير لـMiddle East Eye يكشف.. حزب الله أعاد بناء نفسه
  • تقرير يؤكد فشل جهود مكافحة تغير المناخ للعام الثالث على التوالي
  • لبنان.. الأمم المتحدة تتمسك بحرية قوات اليونيفيل في الحركة والمراقبة
  • الأمم المتحدة تؤكد الاستعداد لتسهيل التوصل لإيقاف إطلاق النار في لبنان
  • تقرير لـMiddle East Eye: تمكين إسرائيل من فرض إرادتها سيؤدي إلى نتائج عكسية
  • الحبس سنة.. عقوبة تعريض حياة أو سلامة الآخرين للخطر طبقًا للقانون
  • الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
  • رحلات الخطوط الإيطالية تعود إلى معيتيقة مطلع 2025