أصحاب الإرادة الصلبة في لبنان: صمود يتحدّى الحرب والإهمال
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
في خضمّ الظلمات التي تلفّ لبنان، حيث تتراقص ألسنة اللهب وتصدح أصوات الانفجارات، يظهر لنا نورٌ ساطعٌ من إرادةٍ صلبة، نورٌ يشعّ من قلوب اشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة يرفضون الاستسلام، ويصرّون على الحياة مهما كانت الظروف قاسية.. عادة، عندما يحتفل العالم بأصحاب الإرادة الصلبة، تُضاء شموع الإصرار في زوايا قلوبهم التي لا تنطفئ، لكن في لبنان، حيث الحرب تُلقي بظلالها الثقيلة، يصبح هذا اليوم مناسبة تتجاوز الاحتفال إلى صرخة إنسانية مدوية.
فبينما تحترق الحدود الجنوبية بنيران العدو الإسرائيلي، تتضاءل الأصوات التي تدعو إلى احتضان هؤلاء الأبطال الذين يواجهون تحديات الحياة يوميًا بشجاعة صامتة.
على مدى أيام الحرب وحتى ما قبل الحرب، كان اصحاب الارادة الصلبة في لبنان يحاربون لأجل حياة لائقة كريمة لهم في لبنان، والأمر لا يتوقف عندهم، لا بل عند المراكز الخاصة التي أصلا كانت تحارب من أجل تأمين برامج المعالجة والمستلزمات الخاصة التي تعتبر مكلفة بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي الذي ضرب البلاد منذ 5 سنوات. فهذه المراكز التي تعتبر شريان حياة بالنسبة إليهم اضطرت إلى تقليص خدماتها بشكلٍ واسعٍ جدًا بسبب النقص الكبير في الامدادات. وهذا ما تؤكّد عليه مرام الحاج، والدة نايا، التي فقدت سمعها منذ أن كانت طفلة بسبب مرض السحايا التي سلبها نعمة السمع.
تقول مرام لـ"لبنان24"، التي كانت تعيش بالقرب من المناطق التي تتعرض للقصف أنّ ابنتها كانت همّها الاول والاخير خلال الحرب.. كيف لا، وهي التي كانت تحمل ابنتها وتهرب بها إلى خارج المبنى مع كل إنذار، ومع كل صاروخ.. تقول مرام أن نايا لم تكن تسمع الاصوات لكنّها كانت ترانا نركض من غرفة إلى أخرى وتتيقن أنّ هناك تحذير أو غارة.. هكذا على مدى أكثر من 60 يومًا، كانت نايا تراقب من دون أن تعي ما يحصل، وترافق ذلك مع تدهور حالتها الصحية، إذ لم تستطع الأم أن تؤمّن الدواء اللازم خلال فترة الحرب، كما انقطع الاتصال تماما مع الجمعية التي كانت ترعاها.
في هذا السياق، تقول نوال، وهي إحدى المتطوعات في جمعية تهتم بأصحاب الإرادة الصلبة لـ"لبنان24" أنّ هذه الحرب فاقمت من أوضاع المعوقين في لبنان، وأشارت إلى أنّ الأمر لم يقتصر فقط على تراجع خدمات الجمعيات، إنّما تعدّاه لخسارة هؤلاء مقدمي الرعاية، الذين إما استشهدوا أو نزحوا.
وأكّدت نوال أن عددًا كبيرا من مراكز الرعاية توقفت عن تقديم خدماتها، والخوف الاكبر على الاطفال الذين كانوا يتابعون علاجهم، إذ توقفوا فجأة لأكثر من 55 يومًا.
وحسب آخر الأرقام، يمثل الاشخاص أصحاب الارداة الصلبة ما بين 10 إلى 15% من إجمالي عدد السكان، أي ما يقارب 910 آلاف نسمة حسب الامم المتحدة، معتبرة أن أصحاب الارادة الصلبة في لبنان يعانون من تهميش واسع وإقصاء وعنف على نطاق واسع في المنزل وخارجه.
وعلى الرغم من هذه التحديات، ومن قلب هذا الظلام، يبرز نور الإرادة. أولئك الأبطال الذين لا يعرفون الاستسلام، يعيدون تعريف الصمود، لا فقط في أجسادهم، بل في أرواحهم التي لا تقبل الانحناء. في يومهم العالمي، هم ليسوا بحاجة إلى شفقة أو مجاملات، بل إلى شراكة حقيقية، إلى فرص تمكين تنقلهم من الهامش إلى صلب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قصة صمود.. دبابة إسرائيلية تعتقل أبو صفية الذي دفن ابنه في ساحة كمال عدوان
ووفقا لفقرة من حلقة 3-1-2025 من برنامج "فوق السلطة"، فإن هذا المشهد لاعتقال أبو صفية بواسطة دبابة إسرائيلية يختزل قصة طبيب قضى 3 أشهر في قلب المعركة، رافضًا مغادرة مرضاه رغم القصف المتواصل.
وعُرف أبو صفية بنداءات الاستغاثة اليومية التي كان يطلقها من داخل المستشفى، رافضًا أوامر الإخلاء المتكررة حتى بعد أن تعرض المستشفى للقصف والحرق.
وفي محاولة لكسر إرادته، استهدف الاحتلال ابنه وقتله بدم بارد، لكن الطبيب الفلسطيني واصل مهمته بعد أن دفن ابنه في ساحة المستشفى، مؤكدًا أن "الرسالة أكبر من الألم وأن الوطن يستحق التضحية".
وفي آخر تصريح له قبل اعتقاله، أكد أبو صفية أن صمود قطاع غزة يستحق كل التضحيات، منتقدًا تخاذل المجتمع الدولي عن حماية المدنيين. وقال إن فقدان المال والممتلكات يهون أمام فقدان الابن، لكنه شدد على أن ذلك لن يؤثر في عزيمة الشعب الفلسطيني وتطلعه إلى الحرية.
وبينما يحتجز الاحتلال الدكتور أبو صفية في معتقل مجهول، تبقى قصته شاهدة على تضحيات الطواقم الطبية الفلسطينية التي تواصل عملها الإنساني رغم كل المخاطر، مؤكدة أن الحرية، كما قال، "تستحق كل هذا الصمود وهذه التضحيات".
3/1/2025