في خضمّ الظلمات التي تلفّ لبنان، حيث تتراقص ألسنة اللهب وتصدح أصوات الانفجارات، يظهر لنا نورٌ ساطعٌ من إرادةٍ صلبة، نورٌ يشعّ من قلوب اشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة  يرفضون الاستسلام، ويصرّون على الحياة مهما كانت الظروف قاسية.. عادة، عندما يحتفل العالم بأصحاب الإرادة الصلبة، تُضاء شموع الإصرار في زوايا قلوبهم التي لا تنطفئ، لكن في لبنان، حيث الحرب تُلقي بظلالها الثقيلة، يصبح هذا اليوم مناسبة تتجاوز الاحتفال إلى صرخة إنسانية مدوية.

فبينما تحترق الحدود الجنوبية بنيران العدو الإسرائيلي، تتضاءل الأصوات التي تدعو إلى احتضان هؤلاء الأبطال الذين يواجهون تحديات الحياة يوميًا بشجاعة صامتة.

على مدى أيام الحرب وحتى ما قبل الحرب، كان اصحاب الارادة الصلبة في لبنان يحاربون لأجل حياة لائقة كريمة لهم في لبنان، والأمر لا يتوقف عندهم، لا بل عند المراكز الخاصة التي أصلا كانت تحارب من أجل تأمين برامج المعالجة والمستلزمات الخاصة التي تعتبر مكلفة بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي الذي ضرب البلاد منذ 5 سنوات. فهذه المراكز التي تعتبر شريان حياة بالنسبة إليهم اضطرت إلى تقليص خدماتها بشكلٍ واسعٍ جدًا بسبب النقص الكبير في الامدادات. وهذا ما تؤكّد عليه مرام الحاج، والدة نايا، التي فقدت سمعها منذ أن كانت طفلة بسبب مرض السحايا التي سلبها نعمة السمع.

تقول مرام لـ"لبنان24"، التي كانت تعيش بالقرب من المناطق التي تتعرض للقصف أنّ ابنتها كانت همّها الاول والاخير خلال الحرب.. كيف لا، وهي التي كانت تحمل ابنتها وتهرب بها إلى خارج المبنى مع كل إنذار، ومع كل صاروخ.. تقول مرام أن نايا لم تكن تسمع الاصوات لكنّها كانت ترانا نركض من غرفة إلى أخرى وتتيقن أنّ هناك تحذير أو غارة.. هكذا على مدى أكثر من 60 يومًا، كانت نايا تراقب من دون أن تعي ما يحصل، وترافق ذلك مع تدهور حالتها الصحية، إذ لم تستطع الأم أن تؤمّن الدواء اللازم خلال فترة الحرب، كما انقطع الاتصال تماما مع الجمعية التي كانت ترعاها.

في هذا السياق، تقول نوال، وهي إحدى المتطوعات في جمعية تهتم بأصحاب الإرادة الصلبة لـ"لبنان24" أنّ هذه الحرب فاقمت من أوضاع المعوقين في لبنان، وأشارت إلى أنّ الأمر لم يقتصر فقط على تراجع خدمات الجمعيات، إنّما تعدّاه لخسارة هؤلاء مقدمي الرعاية، الذين إما استشهدوا أو نزحوا.

وأكّدت نوال أن عددًا كبيرا من مراكز الرعاية توقفت عن تقديم خدماتها، والخوف الاكبر على الاطفال الذين كانوا يتابعون علاجهم، إذ توقفوا فجأة لأكثر من 55 يومًا.

وحسب آخر الأرقام، يمثل الاشخاص أصحاب الارداة الصلبة ما بين 10 إلى 15% من إجمالي عدد السكان، أي ما يقارب 910 آلاف نسمة حسب الامم المتحدة، معتبرة أن أصحاب الارادة الصلبة في لبنان يعانون من تهميش واسع وإقصاء وعنف على نطاق واسع في المنزل وخارجه.

وعلى الرغم من هذه التحديات، ومن قلب هذا الظلام، يبرز نور الإرادة. أولئك الأبطال الذين لا يعرفون الاستسلام، يعيدون تعريف الصمود، لا فقط في أجسادهم، بل في أرواحهم التي لا تقبل الانحناء. في يومهم العالمي، هم ليسوا بحاجة إلى شفقة أو مجاملات، بل إلى شراكة حقيقية، إلى فرص تمكين تنقلهم من الهامش إلى صلب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان ا کانت

إقرأ أيضاً:

مجدي مرشد: العاشر من رمضان شاهد على قوة الإرادة والتحدي لمصر

تقدم الدكتور مجدي مرشد رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب الأسبق بالتهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى يوم الشهيد وذكرى انتصارات العاشر من رمضان .

برلماني: يوم الشهيد ونصر العاشر من رمضان ذكريات محفورة في وجدان الأمةبرلمانية الوفد: نستلهم من قصص شهدائنا العزيمة والإصرار وحب الوطنالبرلمان يوافق على تشكيل المجلس الأعلى لتنمية مهارات الموارد البشريةهل يحمي قانون العمل الموظفين من التحرش والتنمر؟ البرلمان يقر إجراءات استثنائية

وقال مرشد - في تصريح اليوم - إن شهداء مصر الأبرار نستلهم منهم معانى التضحية والفداء، ونستمد من تضحياتهم العزم موجها التحية لأبطال القوات المسلحة والشرطة البواسل قادة وضباطا وجنوداً وأفراداً، على دورهم فى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار للدولة المصرية، وجهودهم فى مواجهة الإرهاب، والذين ستظل بطولاتهم وتضحياتهم عالقة فى أذهان كل المصريين على مر التاريخ.

قوة الإرداة والتحدي

وأوضح مرشد او  يوم العاشر من رمضان عام 1973 ، شاهدا على قوة الإرداة والتحدي لمصر وشعبها ، حيث كان شاهدا على إطلاق شرارة حرب أكتوبر 1973 التي تعد واحدة من أهم المعارك العسكرية في العصر الحديث ، أعلى خلالها أبطال القوات المسلحة الإرادة الوطنية وحرروا الأرض بدمائهم.

ولفت مرشد إلى أن تزامن يوم الشهيد باحتفالات العاشر من رمضان فرصة للتأكيد على أن النصر لا يأتي إلا بالتضحيات، وأن الشهداء هم الذين يصنعون التاريخ وان ما نعيشه الآن من أمن وسلام بفضل تضحيات الشهداء

مقالات مشابهة

  • مجدي مرشد: العاشر من رمضان شاهد على قوة الإرادة والتحدي لمصر
  • البابا فرنسيس: نحن بحاجة إلى ”معجزة الحنان“ التي ترافق الذين هم في محنة
  • نقيب معلمي المدارس الخاصة في لبنان: تكريم المعلم الحقيقي يكون بتأمين حقوقه
  • غزة… أهناك حياة قبل الموت؟ أنطولوجيا شعرية توثق صمود الروح
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • مرام البلوشي: عقلي لا يستوعب أن أظهر للجمهور وأقول كبسولي.. فيديو
  • «صمود» يؤكد ضرورة تضمين قضايا النساء في أي عملية لوقف الحرب
  • جنازة الطفلة يسرى ببركان تتحول إلى مسيرة احتجاجية ضد التهميش والإهمال
  • أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها
  • إنجاز علمي غير مسبوق.. تحويل الضوء إلى مادة صلبة فائقة