غزة- على بوابة ملعب فلسطين وسط مدينة غزة، تنغمس الأقدام بالوحل عند المدخل، وعلى اليسار تلال من القمامة، وعلى الناحية الأخرى حيوانات ربطها أصحابها النازحون بأعمدة الكهرباء المنقطعة منذ أكثر من عام، بينما رائحة مياه الصرف الصحي تفوح في المكان.

وعلى مدّ البصر، تنتشر مئات الخيام في مشهد يُعيد لذاكرة الفلسطيني مأساة النكبة الأولى، وفي المنتصف رجال بسطوا حصيرة يصلون عليها، بينما يستلقي عليها آخرون، يولّون وجوههم إلى فضاء السماء الرحب هربا من ضيق الخيام المعتمة.

وبين الأزقة، تنتشر الملابس المغسولة التي تُعلقها السيدات على حبال موصولة بين الخيام المتقابلة، وعلى مدخل إحداها وقف 3 أطفال توائم، أحضرت لهم أمهم صحنا كبيرا من طبق المجدرة، كانت قد أحضرته من تكية شبه يومية يقيمها فاعلو الخير للنازحين في الملعب، قسّمت الأم الطعام على أطباق لأطفالها الذين هرعوا إليها، بعد أن قضوا ليلتهم جوعى.

أم أمير نزحت مع أبنائها إلى المخيم بعد مقتل ابنها واعتقال زوجها (الجزيرة) فقد مركّب

تحدثت الجزيرة نت لأم أمير وهي تطعم أطفالها، وفي مستهل حديثها قاطعها ابنها أمير وفمه ممتلئ بالطعام قائلا "أخذوا أبوي…"، ثم قال أخوه جود بصوت أعلى "وقتلوا أخوي"، لتلخص هذه الكلمات الأربع على لسان الطفلين حكاية عائلة قلبت إسرائيل حياتها خلال يومين.

وتشرح أم أمير للجزيرة نت تفاصيل قصتها، وتقول "ولدتُ طفلي محمد بعملية جراحية قيصرية، وفي اليوم التالي طالبنا الاحتلال بإخلاء مستشفى كمال عدوان، فأمرني الأطباء بالخروج وتركه في الحضانة باعتبارها آمنة ومحمية"، لكنها لم تكن تعلم أن استجابتها لمطلب الأطباء يعني تسليمه للموت، حيث عطّل الاحتلال أنابيب الأكسجين، فاختنق أطفال الحضّانة ولقي محمد حتفه.

وتضيف "بعد انتهاء حصار المستشفى، تواصلت إدارته معنا لأخذ ابني، فأحضره زوجي بالكفن الأبيض!"، فكانت صدمة ارتعدت منها الأم التي لم تشف بعد من جرح ميلاد طفلها، الذي وصفته بقولها "كان كالخروف بياضا ووزنا، له عينان مسحوبتان على وجه دائري كالبدر"، ثم صمتت برهةً قبل أن تنفجر باكية "حفرنا حفرة عند باب الدار ودفنّاه، لم نحسن دفنه حتى، يا ليتني أحضرته معي ودفنته بجواري!".

أبناء أبو أمير يكثرون السؤال عن أبيهم ويتطلعون لعودته (الجزيرة)

وبعد يومين من مأساة فقدهم ابنهم، قرر أبو أمير النجاة بعائلته والنزوح من شمال قطاع غزة، ولم يخطر بباله أن النجاة لن تكتب له، فقد اختطفه الاحتلال أثناء عبورهم الحاجز العسكري، فاضطرت الأم لإكمال الطريق مع أبنائها الثلاثة، وهي تضغط على جرح عمليتها الملتهب، وتتساءل "زوجي مزارع، ليس له شأن بالتنظيمات، لو كان عسكريا كما يقولون هل يتجرأ على العبور؟!". 

إعلان

وصلت أم أمير مع أطفالها إلى الملعب الذي توجه له النازحون من الشمال، وبدأت البحث عما يعينها وأطفالها على البقاء من طعام وشراب وخيمة، وبقيت على حالها إلى أن التقت والدتها مصادفة في ذات المكان، فانضمت لـ20 فردا من عائلتها في خيمة لا تتجاوز مساحتها 15 مترا مربعا، يتكدسون فيها ليلا وينامون على 4 فرشات في مساحة لا تسمح لأجسادهم بالتقلب.

تقول أم أمير "أستطيع احتمال كل شيء وكله يهون ولكن أعيدوا لي زوجي، فلا أقوى وحدي على صغاري، أرتعدُ في كل مرة ينادون فيها عليه كلما احتاجوا شيئا ولم يجدوه"، سألت الجزيرة نت التوائم الثلاثة عن أكثر ما يتمنونه، فأجاب أحدهم "أريد دجاجا"، ورد آخرُ أنه يشتهي اللحم، أما شقيقتهم الثالثة فقالت "هاتوا لي أبوي".

سعيد شلاش يقضي ساعات خارج الخيمة وهو يطيل التفكير بكيفية تأمين الطعام والعلاج لأطفاله (الجزيرة) أعيدوني إلى جباليا

وحيدا على باب خيمته مادا قدمه المصابة، يترقب سعيد شلاش غليان الشاي المنصوب على موقد الحطب وسارحا فيه، ليخرجه سؤال الجزيرة نت "كيف الحال؟" من حالة صمته، وبعد تنهيدة طويلة أجاب "كما ترين، والحال يغني عن المقال"، فأصحاب الخيام يرون أن الكلمات لا تصف معاناتهم، وما يعيشونه أعقد من أن ترويه الألسنة أو تدونه اللغة.

خلال حديث شلاش للجزيرة نت لم يتوقف صوت صراخ طفله من داخل الخيمة، خرجت زوجته وهي تحمله قائلة "طفلٌ عمره أيام يريد الرضاعة ولا حليب لدي، لم آكل إلا خبزة فارغة منذ أمس"، فيعقب الزوج بقوله "أرأيت حالنا، كيف يمكن لي أن أتصرف الآن؟ لقد خرجت من جباليا مُجردا من مالي لا أملك فلسا واحدا".

وبصوت مختنق وعينين انحبست فيهما الدموع، ألح الرجل على الجزيرة نت للدخول لرؤية ولده الآخر، فإذا بطفل ممدد على فراش في الخيمة المعتمة، مادا قدمه المغروسة بها أسياخ البلاتين، يشرح الأب حال ابنه "لا ينام من الألم، يحتاج مسكنات، يحتاج علاجات، يحتاج طعاما كي يتشافى، وأنا لا أستطيع توفير أي شيء له".

"ما الذي تطالب به الآن؟" سألته الجزيرة نت، ليجيب "أعيدوني إلى جباليا، أريد العيش عيشة كريمة تليق بإنسانيتي، لا عيشة البهائم التي نحياها اليوم!".

تبدو العودة إلى الديار أمنية عالقة في صدور كل من هم في هذا المكان على اختلاف أعمارهم، حتى الطفلة أمل التي اعترضت طريق الجزيرة نت عند زقاق خيمتها، حيث كانت تحمل عودا خشبيا وبنصف جلسة ترسم شكلا على رمل المخيم، وعندما سألتها الجزيرة نت ماذا ترسم؟ أجابت "بيت، أريد العودة إلى بيتي في جباليا، لست سعيدة في هذا المكان".

النازحون يكافحون بشكل يومي للحصول على الطعام والمياه وتدبير شؤون حياتهم (الجزيرة) "عيشة مأساوية"

لأول مرة ينادي النازحون على الجزيرة نت للحديث معهم، كمن يحمل همّا يريد البوح به أو التنفيس عنه، فبمجرد المرور من جانب سعاد التي تخبز أرغفةً على الحطب بمحاذاة خيمتها، فتحت كفها الممتلئ بآثار الموقد وقالت "تسألون عن عيشتنا؟ إنها تشبه هذا الشيء الأسود".

إعلان

تلتهب في عينيها نظرات حادة ترجمتها بقولها "أمي امرأة طاعنة في السن، تعاني أمراض البرد باستمرار، وليس لديها ملابس شتوية وليس لدي مال لأشتري لها".

وبجوارها إسلام الوحيدي التي أوضحت للجزيرة نت اعتمادهم على شراء ثياب البالة المستخدمة، المعروضة على بوابة الملعب، والتي تباع بأسعار زهيدة، وتضيف "العيش في الخيمة مأساوي ومذل".

تقول إسلام إنها أجبرت وعائلتها على النزوح بعد تدمير الاحتلال مربعهم السكني في بيت لاهيا، ومع كل خطوة كانوا يبتعدون فيها عن بيتهم "كانت أرواحهم تنسل من أجسادهم" كما تقول، كما اختطف الاحتلال أخاها الثاني بعدما كان قد اعتقل شقيقها الأكبر الصحفي نضال الوحيدي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكغيرها من النازحين، وصلت عائلة إسلام إلى الملعب بعد السير لساعات في طرق وعرة بين الدبابات الإسرائيلية، فاضطر كثير منهم لترك كل أحمالهم والنجاة بأرواحهم، وعقب وصولهم بأيام اشتدت الرياح وأمطرت السماء، فوجدوا أنفسهم عراة أمام زمهرير البرد الذي ينخر عظامهم.

حلول يبتكرها النازحون لمنع تسرب مياه الشتاء لداخل الخيام (الجزيرة) خيام هشة

تصف أم حسن للجزيرة نت ليلة الشتاء الأولى حين استيقظوا على سيول تتدفق عليهم وهم نيام، ما دفعها للفّ أطفالها بالألحفة وإيقافهم على حجارة في منتصف الخيمة القماشية التي تؤرجحها الرياح، وتقول "هل يمكنكم تصور أن يقض الشتاء مضجعك فتحرم النوم لأنه أغرق فراشك، ولا تعرف أين ولا كيف يمكنك حماية أطفالك منه؟"، وتضيف "يا رب اجعله شتاء خفيفا غير مؤذ!".

ورصدت الجزيرة نت ابتكار الغزيين حلولا لتفادي تدفق مياه الأمطار إلى داخل خيامهم، فأحدهم رفع أرضية الخيمة بطبقاتٍ من الرمل قبل نصبها لتصير أعلى من أرض الملعب، وآخر جلب بلاطا من بيوت مدمرة حوله وبلّط أرض الخيمة، بينما آخرون حوّطوا خيامهم بأكياس رملية كبيرة لتحول دون دخول الماء، أما الأسقف فوضعوا النايلون لمحاولة منع تسرب المياه، إلا أنه رغم كل هذا لا شيء يحول دون تسربها من منفذ لم يحسبوا له حسبانا في كثير من الأحيان.

إعلان

وبات من المعلوم أن الخيام لا تصلها الكهرباء، ولا يمتلك النازحون مالا لشراء بطاريات وتوفير إنارة مصباح على الأقل، فهم يعتمدون على الشموع أو على مصابيح هواتفهم المحمولة، التي يقومون بشحنها من نقاط شحن الهواتف والأجهزة في المناطق المحيطة.

كما تبدو الخيام كغرف متجاورة يفصل بين كل واحدة وأخرى مسافة لا تزيد على مترين، لذا فالهمس هو لغة الحوار السائدة، كما تعاني السيدات من انعدام الخصوصية، وتقول أم محمد للجزيرة نت وهي زوجة أسير وأم لـ5 فتيات: "حين يحل الليل ونضيء مصباح الإنارة يصبح قماش الخيمة الرقيق كاشفا لنا ولتحركاتنا داخلها، ما يضطرنا لتعليق ثيابنا على حبال بمحاذاة أطرافها لتسترنا".

كما تنعدم هذه الخصوصية في طوابير الانتظار، التي لا تقتصر على التكية وتعبئة المياه، فالوصول إلى المرحاض أيضا يحتاج طابورا وانتظارا طويلا، وهو ما دفع الكثير من السيدات لتقنين طعامهن لعدم الاضطرار للوقوف والانتظار فترة طويلة لدخول المرحاض.

رغم شح مواد التنظيف وضعف الخيام يحرص النازحون على نظافة خيامهم (الجزيرة) ربات الخيام

تفرش الأمهات أرض الخيمة بالحصائر أو السجاد أو البطانيات، لتفادي الجلوس أو العيش على التربة الرملية، ويجمعن على أن المهمة الأصعب هي الحفاظ على نظافة الأرضية مع كل قدم تطأ الأرض الموحلة في الخارج.

وأثناء التجوال في المخيم، تتبعت الجزيرة نت مجرى ماء وصابون متسرب من أسفل قماش خيمة، على مدخلها قدر كبير من الماء منصوب على موقد حطب، ويعلو من داخلها صوت طفل يصيح مرتعشا "برد يا ماما برد"، فاستأذنت الجزيرة نت أم مصعب بالدخول، والتي كانت قد أوقفت طفلها على حجر كبير داخل الخيمة لتسكب عليه الماء الذي تتشربه رمال الخيمة، وتقول "هذا هو الاستحمام الأول منذ 10 أيام، فلا مكان مخصص للاستحمام، ولا نمتلك منظفات ولا حطب لتسخين المياه".

منطقة مخصصة للوقوف والاستحمام داخل الخيمة (الجزيرة)

وبما أن حمامات الملاعب تخلو من الأماكن المخصصة للاستحمام، كان لافتا أن جلّ "ربّات الخيام" يخصصن زاوية للاستحمام داخل الخيمة، وقد تعددت أشكال ذلك، فإحدى السيدات توقف أطفالها في وعاء العجن الكبير وتسكب عليهم الماء، وأخرى تخصص مربعا تحدده بحجارة بعلوٍ محدد كي لا يتسلل الماء للخيمة، وأخريات يوقفنهم على حجارة أو بلاط في زاوية الخيام.

إعلان

أمّا لتفادي مشي الأطفال ليلا لمسافة طويلة للوصول إلى المراحيض، فيحفر الرجال حفرة عميقة لقضاء الحاجة فيها بمحاذاة الخيمة، أو يقضونها في دلاء ثم يقومون بتنظيفها في الصباح!

كل الذين قابلتهم الجزيرة نت، كانوا في يومٍ من الأيام يمتلكون بيوتا دافئة وغرفا خاصة وجدرانا تسترهم، لكن الاحتلال الإسرائيلي جردهم من كل شيء، فأعادهم إلى مرحلة الصفر، لا يملكون من الحياة إلا ما يحفظ لهم أنفاسهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات داخل الخیمة الجزیرة نت للجزیرة نت أم أمیر

إقرأ أيضاً:

عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)

"غزة الشهداء والأبطال.. غزة هي فلسطين، دمائها سالت من أجل فلسطين والمسجد الأقصى، فتحية لغزة وأطفال غزة ونساء غزة وشهداء غزة" هكذا عبّر الأسير المحرّر، أحمد بديع، عن سعادته بمُعانقة الحرية، فيما ذرفت عينيه الدموع ألما.

وبكثير من الفرحة الممزوجة بفيض من الألم، وبالرّغبة الملحّة للبكاء الطويل، كشف أسرى كُثر، بعضهم قبع في سجون الاحتلال الإسرائيلية لقرابة نصف قرن، فأفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، جرّاء وقف إطلاق النار على غزة، عن جُملة ممّا واجهوه من تحدّيات نفسية واجتماعية وأيضا اقتصادية، كانت قاسية.



في هذا التقرير، رصدت "عربي21" عدّة مقاطع فيديو، توثّق بالصوت والصورة اللحظات الأولى  التي عانق فيها الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم، لشمس الحرية في غزة والضفة الغربية.


حكايات موجعة
مشاهد كثيرة، تسارع تداولها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تميط اللّثام عن وجع فلسطيني آخر، ظلّ خامدا، يرتبط بالأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما عايشوه من آلام، قد لا تعبّر عنها الكلمات؛ فيما تصرخ نظراتهم بالكثير من الوجع على الرغم من الابتسامة البادية على شفاههم.

عزمي نفاع، هو أسير جريح محرّر من سجن عوفر، لم يكن يتوقّع أن يتنفس هواء الحرية مرة أخرى خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي، يروي لحظة الإفراج عنه، بصوت حزين يختلط فيه البكاء: "نادى عليا السجان، قُلت له نعم؟ وأنا ظننت أنه بسبب الأكل، لكن بعد أن تأكدت من خروجي شعرت براحة نسبية، لأننا كنا نترقّب الأخبار داخل السجن وكان لدينا أمل في إنهاء الحرب في غزة".

"ما شاء الله عنه كان قد الحمل وقد الإصابة، أهم اشي إني ألمسه إلي 9 سنين وأربع شهور مش لامسته".

- والدة الأسير عزمي نفاع، في انتظار ابنها.
يذكر أنه تم إعلان اعتقاله مصاباً بإصابة خطيرة بعد نفي ارتقائه في عام 2015، ليحكم عليه بالسجن 20 عاماً، وقد تعرض للإهمال الطبي طوال فترة أسره pic.twitter.com/KLDXKmaSCj — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 25, 2025
وعلى خلفية أصوات المستقبلين، الصّادحين بقول: "الله أكبر"، تابع الأسير الفلسطيني المُفرج عنه: "أخرجوا الناس المحكوم عليهم بالمؤبد يوم الأربعاء الماضي، وفي تمام الساعة الخامسة صباحا كنت مستيقظا، وأشعر أن اسمي موجود معهم بالقائمة".

وأوضح نفاع، وهو يرتعش بين الفرحة والحزن البادي على محياه: "كل أسير منّا لديه دائما شعور بالخوف من ألاّ يفرج عنه، وأنا أتمنى أن تنتهي الحرب وينتهي الحصار ويعيش أهل غزة في أمن واستقرار".

"نمت بغرفة ستي.. صحيت الصبح وشفت الشمس، شعرت إني بحلم وصاحي على العدد"

-المحرر عزمي نفاع من جنين يروي مشاعر أول ليلة في أحضان عائلته بعد قضائه 10 أعوام في سجون الاحتــلال. pic.twitter.com/3Q6tdk4XNE — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 27, 2025
"جوّعونا بس احنا شبعانين"
عقب سنوات طويلة من الأسر، وما يُصاحبه من تعذيب والكثير من الانتهاكات الماسّة بحقوق الإنسان التي تُمارس على الأسرى الفلسطينيين داخل أسوار سجون الإحتلال الإسرائيلي، تأتي لحظة الإفراج، لتفيض معها كافة الأوجاع الدّفينة. وترسم معها أيضا ملامح عرس وطني في المدن والقرى الفلسطينية. 

يقول الأسير المحرر، ناجي بشارات: "جوّعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا"، مردفا: "علينا أن نترحم على شهدائنا الذين سقطوا على هذه الأرض، ولن ننسى شهدائنا وعلينا الدعاء لهم دائما لأنهم ضحوا بأرواحهم من أجلنا".

"يا ريت فقدت روحي ولا فقدت قائدي الســـنوار"..

كلماتُ المُحرر ناجي بشارات (كان محكوماً بـ3 مؤبدات)، لكن المقاومة حررته بصفقة التبادل. pic.twitter.com/Y4fBv4Qblv — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 25, 2025
من جهته، يكشف الأسير المحرّر، أحمد موسى، بنبرة حزينة: "نرسل قبلة على جبين كل أم شهيد فلسطيني ضحى من أجل هذه اللحظة التاريخية، وتحية لكل شهيد ولبحر ورمال غزة".

موسى، الذي قضى خلف القضبان 13 عاما، من أصل 27 عاما كان محكوما بها في سجون الاحتلال، شدّد على ضرورة توحيد الصفوف والجهود والتجمع حول القضية الفلسطينية، وأن يسأل الجميع الله سبحانه وتعالى لتحرير كامل الأرض الفلسطينية لأهلها.

#صور قبل وبعد الاعتقال ..
صور توضح ماذا فعل الاحتلال الصهيوني بملامح الأسرى الجميلة بكل وحشية.
"الأسير عزمي نفاع ، و الأسيرة إسراء الجعابيص والفتى الجريح محمد التميمي " pic.twitter.com/4ztZIfGzTt — عزيز | Aziz (@bdlksa) October 15, 2018 ????حشد كبير من الأهالي في استقبال الأسرى المحررين في #رام_الله ضمن صفقة التبادل المبرمة مع المقاومة الفلسطينية.

????الأسير #سائد_فايد من #قلقيلية يلتقي نجله بعد 20 عام من الاعتقال في سجون الاحتلال.#طوفان_الأحرار #فلسطین pic.twitter.com/j4nhYO7H6v — Ahmad Farhat | أحمد فرحات (@AhmadAc7890) February 1, 2025
رسائل صمود وإقبال على الحياة
رغم بكائه المُستفيض ألما، على فُقدانه لزوجته وابنته، جلس أسير محرّر على الرّصيف طلبا من الله الصّبر والرّضا؛ في مشهد انتشر كالنار في الهشيم على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وخلّف دعما معنوي واسع مع وجع الأسرى المحررين بعد سنوات طوال.

أسرى غزة يُطلق سراحهم ولا يجدون من يستقبلهم.
في هذا المشهد، يخبر الأب ابنه الأسير المحرر باستشهاد جميع أفراد أسرته.
كثير من أسرى غزة حالتهم مشابهة، والله إن القلب ليفجع .

حتى فرحة الحرية حرمنا منها. . pic.twitter.com/4fufrmLhqn — Tamer | تامر (@tamerqdh) February 1, 2025 "من العزل.. من نصف متر.. إلى الحرية وإلى السماء".. المحرر محمد العارضة. pic.twitter.com/RJmx2kHamH — ق.ض ???? (@qadeyah_) January 29, 2025
أما والدة الأسير محمد العارضة، قد احتلّت السعادة وجهها بإطلاق سراح نجلها المقيد حريته في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 24 عاما، تقول: "أنتظره كل يوم منذ 24 سنة، وكنت أموت وأسمع صوته".

في خضمّ مشاهد الأسى ارتسمت الفرحة على وجوه الأسرى ومستقبليهم، في صورة جسّدت ما يوصف بـ"الصمود الفلسطيني"، وفي إشارات صارخة للإقبال على الحياة واستمرار النضال والمُقاومة حتى التحرر الكامل.


وفي سياق متصل، وثّقت مقاطع فيديو، مُختلفة، خلال الأيام القليلة الماضية، بأنامل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من قلب شمال غزة، لما آل إليه الوضع في الشمال، بعد ما وصف بـ"العودة المصغّرة" لأهله، ممّن كانوا قد هجّروا سلفا.

ومن المقاطع التي حظيت باهتمام رواد التواصل الاجتماعي، ومن قلب غزة وصلت للعالم، ما أظهرت لصمود شباب غزة، وهم يزيحون الرّكام عن منازلهم التي وجدوها قد سوّيت بالأرض. بوسائل بسيطة وبقبضة رجل واحد، أزيح البعض من الركام، لتوضع الخيام، إعلانا للإصرار عن الحياة، والحق في البقاء.

مقالات مشابهة

  • الخيمة في شتاء الجازر ..حنين إلى الماضي واحتفاء بذكريات الترحال
  • الجزيرة ترصد عودة مظاهر الحياة في مدينة الخرطوم بحري
  • مزيد من التعنت.. الاحتلال يتعمد تأخير دخول الخيام لقطاع غزة
  • حكومة الجزيرة: تشغيل جميع الخدمات في المناطق والمدن التي تم تحريرها
  • الاحتلال يتعمد تأخير إدخال الخيام والكرفانات إلى غزة.. فيديو
  • مشاهد عودة النازحين السودانيين إلى ولاية الجزيرة تتصدر منصات التواصل
  • الجزيرة ترصد وصول شاحنات الغاز إلى شمال غزة
  • بالفيديو| "اليوم" ترصد تطورات وظائف المستقبل التي تنتظر الخريجين 
  • عربي21 ترصد حكايات وشهادات موجعة من معاناة الأسرى الفلسطينيين (شاهد)
  • الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان